وعد الزيارة طرفه المتملق

وَعَدَ الزّيارَة َ طَرْفُهُ المُتَمَلِّقُ

​وَعَدَ الزّيارَة َ طَرْفُهُ المُتَمَلِّقُ​ المؤلف بهاء الدين زهير


وَعَدَ الزّيارَةَ طَرْفُهُ المُتَمَلِّقُ
وتلافُ قلبي من جفونٍ تنطقُ
إنّي لأهْوَى الحُسنَ حيثُ وَجَدتُه
وَأهيمُ بالقَدّ الرّشيقِ وَأعشَقُ
وَبَلِيَّتي كَفَلٌ عَلَيهِ ذُؤابَةٌ
مثلُ الكثيبِ عليهِ صلٌّ مطرقُ
يا عاذلي أنا منْ سمعتَ حديثهُ
فعَساكَ تَحنُو أوْ لَعَلّكَ تَرْفُقُ
لوْ كنتَ منا حيثُ تسمعُ أوْ ترى
لرأيتَ ثوبَ الصبرِ كيفَ يمزقُ
ورأيتَ ألطفَ عاشقينِ تشاكيا
وعجبتَ ممنْ لا يحبّ ويعشقُ
أيسومني العذالُ عنهُ تصبراً
وحياتهِ قلبي أرقّ وأشفقُ
إنْ عنفوا أوْ خوفوا أو سوفوا
لا أنثني لا أنتهي لا أفرقُ
أبداً أزيدُ معَ الوصالِ تلهفاً
كالعِقدِ في جِيدِ المَليحَةِ يَقلَقُ
ويَزيدُني تَلَفاً فأذكُرُ فِعْلَهُ
كالمسكِ تستحقهُ الأكفُّ فيعبقُ
يا قاتلي إني عليكَ لمشفقٌ
يا هاجري إني إليكَ لشيقُ
وَأذاعَ أنّي قد سَلَوْتُكَ مَعشَرٌ
يا رَبِّ لا عاشُوا لذاكَ وَلا بَقُوا
ما أطْمَعَ العُذّالَ إلاّ أنّني
خوفاً عليكَ إليهمُ أتملقُ
وَإذا وَعدتُ الطّرْفَ فيك بهَجعَةٍ
فاشهَدْ عليّ بأنّني لا أصْدُقُ
فعلامَ قلبكَ ليسَ بالقلبِ الذي
قد كانَ لي منهُ المُحبُّ المُشفِقُ
وَأظُنّ خَدَّكَ شامِتاً بفِراقِنا
فلقدْ نظرتُ إليهِ وهوَ مخلقُ
ولقدْ سعيتُ إلى العلاءِ بهمةٍ
تقضي لسعيي أنهُ لا يلحقُ
وسريتُ في ليلٍ كأنّ نجومهُ
من فرطِ غيرتها إليّ تحدقُ
حتى وَصَلتُ سُرَادِقَ الملكِ الذي
تَقِفُ المُلُوكُ ببابِهِ تَستَرْزِقُ
وَوَقَفتُ من مَلِكِ الزّمانِ بِمَوْقِفٍ
ألفيتُ قلبَ الدهرِ فيهِ يخفقُ
فإليكَ يا نجمَ السماءِ فإنني
قد لاحَ نَجمُ الدّينِ لي يَتَألّقُ
الصالحُ الملكُ الذي لزمانهِ
حسنٌ يتيهُ به الزمانُ ورونقُ
مَلِكٌ يُحَدّثُ عَنْ أبيهِ وَجَدّهِ
سندٌ لعمركَ في العلى لا يلحقُ
سَجَدَتْ لهُ حتى العُيُونُ مَهابَةً
أوما تراها حينَ يقبلُ تطرقُ
رحبُ الجنابِ خصيبةٌ أكنافهُ
فلَكَمْ سَديرٌ عندَها وَخَوَرْنَقُ
فالعيشُ إلاّ في ذراهُ منكدٌ
وَالرّزْقُ إلاّ من يَدَيهِ مُضَيَّقُ
يا عزَّ منْ أضحى إليهِ ينتمي
وَعُلُوَّ مَنْ أمسَى بهِ يَتَعَلّقُ
أقسمتُ ما الصنعُ الجميلُ تصنعٌ
فيهِ وَلا الخُلْقُ الكَريمُ تَخَلّقُ
يدعو الوفودَ لمالهِ فكأنما
يدعو عليهِ فشملهُ يتفرقُ
أبداً تحنّ إلى الطرادِ جيادهُ
فَلَها إلَيهِ تَشَوُّفٌ وتَشَوُّقُ
يُبدي لسَطوَتِهِ الخَميسُ تَطَرّباً
فالسُّمرُ تَرْقُصُ وَالسيوفُ تُصَفّقُ
في طَيّ لامَتِهِ هِزَبْرٌ باسِلٌ،
تحتَ العَريكَةِ منه بَدرٌ مُشرِقُ
يروي القنا بدمِ الأعادي في الوغى
فلذاكَ تثمرُ بالرؤوسِ وتورقُ
يمضي فيقدمُ جيشهُ من هيبةٍ
جيشٌ يغصّ بهِ الزّمانُ وَيَشرَقُ
ملأ القُلُوبَ مَهابةً وَمحبّةً
فالبأسُ يرهبُ والمكارمُ تعشقُ
ستجوبُ آفاقَ البلادِ جيادهُ
ويرى لهُ في كلّ فجٍ فيلقُ
لَبّيْكَ يا مَنْ لا مَرَدّ لأمْرِهِ
وإذا دعا العيوقَ لا يتعوقُ
لَبّيْكَ يا خَيرَ المُلوكِ بأسرِهمْ
وَأعَزَّ مَن تُحدَّى إليهِ الأيْنُقُ
لَبّيكَ ألْفاً أيّها المَلِكُ الذي
جَمَعَ القُلوبَ نَوالُهُ المُتَفَرّقُ
وعَدَلْتَ حتى ما بها مُتَظَلّمٌ
وَأنَلْتَ حتى ما بها مُستَرْزِقُ
أنا مَن دعَوْتَ وَقد أجابك مُسرِعاً
هذا الثّناءُ لَهُ وهذا المَنطِقُ
ألفيتُ سوقاً للمكارمِ والعلى
فعَلِمتُ أنّ الفَضْلَ فيهِ يَنفُقُ
يا منْ إذا وعدَ المنى قصادهُ
قالتْ مواهبهُ يقولُ ويصدقُ
يا مَنْ رَفَضْتُ النّاسَ حينَ لَقيتُهُ
حتى ظننتُ بأنهمْ لم يخلقوا
قَيّدْتُ في مِصرٍ إلَيكَ رَكائِبي
غَيري يُغَرِّبُ تارَةً وَيُشَرِّقُ
وَحَلَلتُ عندكَ إذ حَللتُ بمَعقِلٍ
يلقى لديهِ ماردٌ والأبلقُ
وتيقنَ الأقوامُ أني بعدها
أبداً إلى رتبِ العلى لا أسبقُ
فرُزِقْتُ ما لم يُرْزَقوا وَنَطَقْتُ ما
لم ينطقوا ولحقتُ ما لم يلحقوا