وفى لي الحظ الذي كان يغدر

وفى لي الحظُّ الَّذي كانَ يغدرُ

​وفى لي الحظُّ الَّذي كانَ يغدرُ​ المؤلف مهيار الديلمي


وفى لي الحظُّ الَّذي كانَ يغدرُ
وصحَّ ليَ الدَّهرُ الّذي كانَ يتغيرُ
وسالمي صرفُ القضاءِ وبيننا
فلولُ المواضي والقنا المتكسِّرُ
وحسَّنتُ ظنِّي في الزَّمانِ وأهلهِ
فأصبحتُ أرجو وصلَ منْ كنتُ أحذرُ
وعرَّفني فيمنْ رأى غايةَ العلا
فطالبها بالسَّعيِ كيفَ يشمِّرُ
وكيفَ يغارُ الحرُّ منْ ثلمِ مجدهِ
فيدعمهُ بالمكرماتِ ويعمرُ
حنُّواً وفي قلبِ الزَّمانِ قساوةٌ
ورعياً لحقّي وابنُ أمّي يخفرُ
ورفداً هنيئاً تستقلُّ كثيرهُ
وودّاً وما تسني منَ الودِّ أكثرُ
عطاؤكَ كافٍ واعتذاركَ فضلةٌ
وغيركَ لا يعطي ولا يتعذّرُ
وفيتَ لآباءٍ تكلَّفتَ عنهمُ
فضائلَ ما سنُّوا الفخارَ وسيَّروا
كرامٌ طواهمْ ما طوى النَّاسُ قبلهمْ
وأنتَ لهمْ منْ ذلكَ الطيِّ منشرُ
مضوا سلفاً واستخلفوكَ لذكرهمْ
خلوداً فلمْ يخزِ القديمَ المؤخرُ
وأبقوا حديثاً طيِّبا منكَ بعدهمْ
وقدْ علموا أنَّ الأحاديثَ تؤثرُ
وزنَّاهمُ بالنَّاسِ بيتاً وأنفساً
فزلَّتْ موازينٌ وزادوا وثمّروا
وجئتَ بمعنى زائدٍ فكأنّهمْ
وما قصَّروا عنْ غايةِ المجدِ قصَّروا
وإنْ أبا ابقاكَ مجداً لعقبهِ
وإنْ عبطتهُ ميتةٌ لمعمِّرُ
أقولُ لركبٍ كالأجادلِ طوَّحتْ
بهمْ قامصاتٌ كالأهلَّةَ ضمّرُ
على قممِ البيداءِ منها ومنهمُ
إذا خفقَ الآلُ الملاءُ المنشَّرُ
رمتْ بهمْ الحاجاتُ كلَّ مخوفةٍ
إذا سارَ فيها النَّجمُ فهوَ مغرِّرُ
إذا الليلةُ العمياءُ منها تصرَّمتْ
تولاَّهمُ يومٌ منَ التِّيهِ أعورُ
رأوا رزقهمْ في جانبٍ متغذِّرا
تطاولهُ أعناقهمْ وهي تقصرُ
خذوا منَ زعيمِ الملكِ عهداً على الغنى
وردُّوا المطايا فاعقلوها وعقِّروا
دعوا جانبَ البرِّ العسوفِ وحوِّموا
عل البحرِ بالآمالِ فالبحرُ أغزرُ
ولا تحسبوا أفعالَ قومٍ ذللتمُ
عليها كما تروي الأسامي وتذكرُ
فما كلُّ خضراءَ منَ الأرضِ روضةٌ
ترادِ ولا كلُّ السَّحائبِ تمطرُ
ببغدادَ في دارِ السلامَ محجبٌ
على عادةِ الأقمارِ يخفى ويظهرُ
إذا كتمتهُ رقبةٌ أو مكيدةٌ
وشى بمعاليهِ العطاء المشهَّرُ
كريمٌ يرى أنَّ الغنيَّ تركهُ الغنى
وأنَّ اتقاءَ الفقرِ بالفقرِ مفقرُ
غلامٌ إذا ما عدَّ أعدادَ سنّهِ
ويومَ قضاءَ الحزمِ شيخٌ موقَّرُ
تمرَّنَ طفلاً بالسِّيادةِ مرضعا
يدرُّ عليهِ خلفها ويوفِّرُ
لهُ من مقاماتِ الملوكِ صدورها
يقدِّمُ فيها إذنهُ ويؤخرُ
زعيماً على التَّدبيرِ لاهو حاجةً
يعانُ على أمرٍ ولا هوَ يؤمرُ
لهُ منْ سرايا رأيهِ ولسانهِ
إذا نازلَ الأقرانَ جيشٌ مظفَّرُ
وأهيفُ يسري في العظائمِ حدُّهُ
ومنظرهُ في العينِ يضوي ويصغرُ
ترى الرزقَ والآجالَ طوعَ قضيَّةٍ
تخطُّ على أمريهما وتسطِّرُ
ومرٌّ على الشُّحناءِ حلوٌ على الرِّضا
وللضيمِ يحلو لي فلا يتمرَّرُ
ضحوكٌ إذا حكمتهُ متطلقٌ
وأشوسُ إنْ نازعتهُ متنمِّرُ
كفى الملكُ ما استكفتْ لحاظٌ جفونها
وأغناهُ ما أغنى عنِ الكفِّ منسرُ
وقامَ لهُ بالنُّصحِ يثبتُ رجلهُ
على زلقٍ فيهِ الفتى يتعثرُ
فإنْ شكرتَ كفٌّ بلاءَ مهنَّدٍ
قضى نذرها فالملكُ لا شكَّ يشكرُ
لكَ اللهُ مولى نعمةٍ ومفيدها
وغارسها منْ حيثُ تزكو وتثمرُ
ومستعبداً حرَّ القلوب وفاؤهُ
وحرَّ الكلامِ مالهُ المتيسِّرُ
جرى الخلفُ إلاَّ في علاكَ فأبصرَ ال
مقلِّدَ فيها واستقالَ المقصِّرُ
وقالَ بقولي فيكَ كلُّ محدثٍ
يرى أنَّني ما قلتُ إلاَّ وأخبرُ
وعنَّفَ قومٌ حاسديكَ جهالةً
وذمُّوا وهمْ بالحمدِ أولى وأجدرُ
إذا عرفوا الفضلَ الّذي حسدوا لهُ
فتلكَ لهمْ مجدٌ يعدُّ ومفخرُ
أعاذكَ منْ عينِ الكمالِ الّذي قضى
بهِ لكَ قسماً فهويقضي ويقدرُ
ولا غشيتَ ظلماءُ إلاّ وفجرها
برغمِ العدا عمّا تحبونَ يسفرُ
فما تصلحُ الدّنيا ومنْ غيركمْ لها
أميرٌ مطاعٌ أو وزيرٌ مدبِّرُ
ولا عدمَ المدحُ الموفّى أجورهُ
بكمْ وهو في قومٍ سواكمْ مسخَّرُ
مواسمُ في أبياتكمْ بعراصها
تحطُّ وعنها في الثَّناءِ تسيَّرُ
تناوبكمْ منهُ سحائبُ ثرَّةٌ
تروحُ على أغراضكمْ وتبكِّرُ
تسوقُ مطاياها رياحٌ زكيَّةٌ
بما حملتْ منْ وصفكمْ تتعطَّرُ
إذا عرضتها الصُّحفُ شكَّ رواتها
أوشيُ حريرٍ أمْ كلامٌ محبَّرُ
تفيدُ قلوبَ السَّامعينَ توقُّرا
لها واهتزازاً فهي تصحي وتسكرُ
إليكَ زعيمَ الملكِ لانتْ رقابها
وذلَّتْ وفيها عزَّةٌ وتغشمرُ
رأتكَ لها أهلاً فلانَ عصيُّها
لديكَ وقالتْ في فنائكَ أُحشرُ
إذا زاركَ النيروزُ عطلاً فإنَّهُ
يطوِّقُ منْ أبياتها ويسوِّرُ
وغاليتَ في أثمانها فشريتها
ربيحاً فظنَّ الغمرُ أنَّكَ تخسرُ
إذا المرءُ أعطاني كرائمَ مالهُ
ليأخذَ شعري فهو منِّي أشعرُ