وقفت على دار لمية غيرت

وَقَفتُ عَلى دارٍ لِميَّةَ غَيَّرَت

​وَقَفتُ عَلى دارٍ لِميَّةَ غَيَّرَت​ المؤلف محمد بن عثيمين


وَقَفتُ عَلى دارٍ لِميَّةَ غَيَّرَت
مَعالِمَها هوجُ الرياحِ النَواسِف
فَأَسبَلَتِ العَينانِ دَمعاً كأنهُ
جُمانٌ وَهى من سلكِهِ مُتَرادِف
أُسائِلُها عَن فَرطِ ما بي وَإِنَّني
بِعُجمَةِ أَحجارِ الدِيارِ لَعارِف
لِعَهدي بِها بيضٌ أَوانِسُ كَالدُمى
غَرائِرُ عَمّا لا يحلُّ صَوادِفُ
إِذا ما سَحَبنَ الأَتحمِيَّ تَمايَلَت
غُصونُ النَقا مالَت بِهنَّ الرَوادِف
وَفيهِنَّ مِقلاقُ الوِشاحِ كَأنَّها
قَضيبٌ إِذا ماسَت من البانِ وارِفُ
أَلا لَيتَ شِعري أَينَ مِنّي مَزارُها
وَقد حالَتِ الصُمّانُ دوني وَواصِف
أَظَلُّ نَهاري أَنكُتُ الأَرضَ واجِماً
وَفي كَبدي بِاللَيلِ تُحمى المَراصِفُ
وَأَجهدُ يومَ البَينِ أَن يَظهَرَ الهَوى
وَقد أَعلَنَتهُ الساجِماتُ الذَوارِفُ
وَإِنّي وَإِن كانَت إِلى الغَورِ نِيَّتي
لَفي الرَبرَبِ النَجدِيِّ لِلقَلبِ شاغِفُ
أَقولُ لِرَكبٍ يَمَّموا قُلَّةَ الحِمى
عَلى شَدقَميّاتٍ طَوَتها التَنائِف
قِفوا حَدِّثوني عَن أَجارِعِ رامَةٍ
عَسى أَنبَجَسَت فيها السَحاب العَواطِفُ
وَهل أَمرَعَت أَجراعُ لَعلَع بَعدَنا
وَهل رُدِّدَت فيها اللُحونُ الهَواتِفُ
سَقى هَضَباتٍ بعدَ ما وانَ في الحِمى
من المُزنِ ثَجّاحُ العَزاليِّ واكِف
وَجادَ رُبوعاً بِاللِوى كلُّ مُطفِلٍ
أَجشُّ هَزيمٍ وَدقُهُ مُتَرادِفُ
فَلي سَكنٌ ما بَينَ مُلتَفِّ دَوحِها
يَعزُّ عَليهِ أَن يَطولَ التَقاذُف
يَظَلُّ إِذا أَضمَرتُ لِلبَينِ نِيَّةً
يُرامِقُني وَالدَمعُ هامٍ وَذارِفُ
خَليلَيَّ وَدَّعتُ التَصابي وَقُوِّضَت
مَآربُ لي في رَبعهِ وَمواقِفُ
وَأذَّنَ صُبحُ الشَيبِ في لَيلِ لِمَّتي
فَفِئتُ وَلكِني عَلى اللَيلِ آسِفُ
وَباعَدَ مَن كُنّا نُسَرُّ بِقُربِهِ
وَآخرُ مَطوِيٌّ عَليهِ اللَفائِفُ
رِجالٌ وَأَوقاتٌ وَشَرخُ شَبيبَةٍ
مَضوا وَزمانٌ بِالحَبيبُ مُساعِفُ
فَقُل ما تَشا في مُهجَةٍ قَد تَصَدَّعَت
بِلَوعَةِ مَوتورٍ بِما أَنا واصِفُ
جَعَلتُ سَميري حينَ عَزَّ مُسامِري
دَفاتِرَ أَملَتها القُرونُ السَوالِفُ
فَطَوراً أُناجي كُلَّ حَبرٍ مُوَفَّقٍ
إِذا ما دَعا لَبَّت دُعاهُ المَعارِفُ
وَطَوراً كَأَنّي مَع زُهَيرِ وَجَروَلٍ
وَطَوراً يُناجيني مُلوكٌ غَطارِفُ
تَسَلَّيتُ عَن كُلٍّ بِتِذكارِ عُصبَةٍ
لَهُم في العُلا مَجدٌ تَليدٌ وَطارِفُ
بِها لَيلُ سادوا مَن يَليهِم وَمن نَأى
كُهوفٌ حَصيناتٌ إِذا اِضطُرَّ خائِفُ
مَطاعيمُ في اللأوى مَطاعينُ في الوغى
بُحورُ نَدىً لا يَجتَويهِنَّ غارِفُ
رَبيعٌ لِأَقوامٍ جَفَتهُم بِلادُهُم
إِذا اِستَحكَمَت غُبرُ السِنينَ الجَواحِفُ
يَعولونَهُم فَضلاً وَلا صِهرَ بَينَهُم
وَلا نَسَبٌ يُدنيهِمُ أَو تَعارُفُ
يُنَسّونَهُم أَخدانَهُم وَدِيارَهُم
فَكم أَرمَلٍ في أَدهَمِ الفَضلِ راسِفُ
لِيَهنِ بَني الشَهمِ الغَضَنفَرِ قاسِمٍ
مَآثِرُ تَبقى ما تَخلَّفَ خالِفُ
أُولاكَ بَنو خَيرٍ لهُ إِن أَرَدتَهُ
وَإِن كانَ شَرّاً فَالأُسودُ الزَوالِفُ
وَلَأيٍ لهُم لكِن لِمَن حلَّ في الثَرى
مَزيدُ اِختِصاصٍ بي وَما ثَمَّ عاطِفُ
سَقى اللَهُ قَبراً حلَّهُ سَيبَ رَحمَةٍ
وَلَقّاهُ فَوزاً يَومَ تُتلى الصَحائِفُ
لَقَد بانَ مَحمودُ النَقيبَةِ لَم يَكُن
بِطائِشِ لُبٍّ وَالسُيوفُ رَواعِفُ
وَلي بَعدَهُ وُدٌّ بِأَروَعَ ماجِدٍ
أَبِيٍّ لِخَلّاتِ الكِرامِ مُحالِفُ
إِذا الرائِدُ الزَهافُ أَخفَقَ سَعيُهُ
وَضاقَت بِأَربابِ المَواشي النَفانِفُ
هُنالِكَ إِمّا رافِدٌ أَو مُمَوِّلٌ
يَلوذُ بهِ الهُلّاكُ بادٍ وَعاكِفُ
كَذا الرَوعُ إِن أَبدى نَواجِذَ عابِسٍ
وَخَفَّت حُلومٌ وَاِستُطيرَت شَراسِفُ
تَرى قَسَماتِ الأَريَحِيِّ اِبن قاسمٍ
تَهلَّلُ نوراً وَالوُجوهُ كَواسِفُ
وَإِن قيلَ عَبد اللَهِ وافى لِمُشكَلٍ
تَبَجَّحَ مَضهودٌ وَفاءَ مُخالِفُ
أَلَم تَرَهُ يُعطي الجَزيلَ مِنَ اللُها
وَيَقتَحِمُ الأَهوالَ وَهيَ مَخاوِفُ
فَقُل لِاِمرىءٍ يَسعى لِيُدرِكَ شأوَهُ
رُوَيدَكَ دونَ المَجدِ فيحٌ صَفاصِف
تَعَشَّقتَ أَمراً في كفِّ سَيِّدٍ
فَهَيهاتَ تَأتي فِعلَهُ أَو تُناصِفُ
فَما المَجدُ إِلّا قُنَّةٌ في مُمَنَّعٍ
وَدونَ اِرتِقاها مُعضِلاتٌ مَتالِفُ
وَدونَكَ أَبياتاً شَوارِدَ في المَلا
تُهَزُّ إِذا تُتلى لَهُنَّ السَوالِفُ
أَوابِدُ إِلّا في مَديحِكَ أُنسُها
نَوفِرُ إِلّا عَن عُلاكَ عَوازِفُ
وَأَسحَنُ خَتمٍ لِلنِّظام إِذا اِنتَهى
صَلاةٌ وَتَسليمُ الإِلهِ المُضاعَفُ
عَلى المُصطَفى الهادي الأَمينِ وَآلهِ
وَأَصحابهِ ما طافَ في البَيتِ طائِفُ