و بقيت أدور

​و بقيت أدور​ المؤلف بدر شاكر السياب


و بقيت أدور

حول الطاحونة من ألمي

ثوارا معصوبا كالصخرة هيهات تثور

لكني أعجز عن سير ويلاه على قدمي

و سريري سجني تابوتي منفاي إلى الألم

و إلى العدم

و أقول سيأتيني يوم من بعد شهور

أو بعد سنين من السقم

أو بعد دهور

فأسير على قدمي

عكاز في يدي اليمنى

عكاز بل عكازان

تحت الإبطين يعينان

جسما من أوجاع يفنى

طللا يغشاه مسيل دم

و أسير أسير على قدمي

لو كان الدرب إلى القبر

الظلمة و الدود الفراس بألف فم

يمتد أمامي في أقصى أركان الدنيا في نحر

أو واد أظلم أو جبل عال

لسعيت إليه على رأسي أو هدبي أو ظهري

و شققت إلى سقر دربي و دحورت الأبواب السودا

و صرخت بوجه موكلها

لم تترك بابك مسدودا

و لتدع شياطين النار

تقتص من الجسد الهاري

تقتص من الجرح العاري

و لتأت صقورك تفترس العينين و تنهش القلبا

فهنا لا يشمت بي جاري

أو تهتف عاهرة مرت من نصف الليل على داري

بيت المشلول هنا أمسى لا يملك أكلا أو شربا

و سيرمون غدا بنتيه وزوجته دربا

و فتاه الطفل إذا لم يدفع مترا كم إيجار

انثرني ويك أباديدا

و افتح بابك لا تتركه أمام شقائي مسدودا

و لتطعم جسمي للنار