و ذكرتها فبكيت من المي

و ذكرتها فبكيت من المي

​و ذكرتها فبكيت من المي​ المؤلف بدر شاكر السياب


و ذكرتها فبكيت من المي

كالماء يصعد من قرار الارض نز الى العيون دمي

و تحرقت قطراته المتلاحقات لتستحيل الى دموع

يخنقني فأصك اسناني لتنقذف الضلوع

موجا تحطم فوقهن و ذاب في العدم

دخان في القلب يصعد

ضباب من الروح يصعد

دخان ضباب

و انت انخطاف وراء البحار و انت انتحاب

و نوح من القلب كالمد يصعد

ودمع تجمد

و غصت به الاه في الحنجره

ذكرتك يا كل روحي و يا دفئ قلبي اذ الليل يبرد

و يا روضة تحت ضوء النجوم بقداحها مزهره

و ذكرت كلتنا يهف بها و يسبح في مداها

قمر تحير كالفراشة و النجوم على النجوم

دندن كالاجراس فيها كالزنابق اذ تعوم

على المياه و فضض القمر المياها

و كأن جسمك زورق الحب المحمل بالطيوب

و الدفء وز المجداف همس في المياه يرن آها

فآها و النعاس يسيل منك على الجنوب

فينام فيه النخل تلتمع السطوح بنومهن إلى الصباح

أواه ما أحلاك نام النور فيك و نمت فيه

و الليل ماء و النباح

مثل الحصى ينداح فيه و أنت أول وارديه

هو الصيف يلثم شط العراق

بغيماته ذاب فيها القمر

و توشك تسبح بيض النجوم لولا برودة ماء النهر

و هف شراع لأضلاعه في الهواء اصطفاق

و غنى مغن وراء النخل

يغمغم يا ليل طال السهر

و طال الفراق

كأن جميع قلوب العراق

تنادي تريد انهمار المطر

و صعدت نحوك و النعاس رياح فاترات تحمل الورقا

لتمس شعرك و النهود به تموت

حينا و تلهث في النوافذ من بيوت

ألقاك في غرفاتها و أشد جسمك فار و احترقا

أني أريدك اشتهيك أمس ثغرك في رساله

طال انتظاري و هي لا تأتي و تحترق الزوارق و التخوت

في ضفه العشار تنفض و هي لاهثة ظلاله

عل الرياح حملن منك لها رسالة

لم تبخلين علي بالورقات بالحبر القليل و سحبه القلم الصموت

إني أذوب هوى أموت

و أحن منك إلى رساله