يامنة لذ بها السكر
يَامِنَّة َ لَذَّ بِهَا السكرُ
يَامِنَّةَ لَذَّ بِهَا السكرُ
لا ينقضي منّي لها الشكرُ
فَلقَ الدُّجَى بِعمودهِ الفخرُ
وبَكى الندى وتَبَسَّمَ الزَهْرُ
وتنفسَ النسرينُ عنْ عبقٍ
منهُ بأذيالِ الصبا عطرُ
والوقتُ قدْ لطفتْ شمائلهُ
فصفا ورقَّ وراقتِ الخمرُ
فانهضْ على قدمِ السرورِ إلى
شمسٍ يَطوفُ بكاسِهَا بدرُ
بكرٌ إذا ما الماءُ خالطها
مِنهَا تولدَ لؤلؤٌ نَثرُ
عذراءُ ما لَبني الخْلاعةِ عَنْ
خلعِ العذارِ بحبّها عذرُ
نفسٌ مِنَ الياقوتِ سائلةٌ
روحٌ ولكنْ جسمها تبرُ
تَبْدُو بَرَافِعُهَا فَتحْسبُهَا
برداً تلظّى تحتهُ جمرُ
نورٌ يكادُ فؤادُ شاربها
للعينِ مِنهاينجلي السرُّ
لطفتْ فخلنا ذاتَ جوهرها
فَنِيَثْ وقامَ بِنَفْسِهَا السِرُّ
وكأنَّ سرَّ المومياءِ لها
فِيها لكسرِ قلوبنا جبرُ
وكأنما راووقُهادَنفٌ
أجرى عقيقَ دموعهِ الهجرُ
ومُهفهفٍ كالشمسِ طلعتُهُ
بالجيدِ مِنهُ كَواكبٌ زُهْرُ
شُغفتْ بقامتِهِ القَنَا فَلِذَا
ألوانها لشحوبها سمرُ
بوشاحهِ معنى عبارتهِ
رَقَّتْ وَدَقَّقْ شَرْحَهَا الْخَضْرُ
وبلحظهِ وفؤادِ وإمقهِ
سُكْرٌ لَهُ بِكِلَيْهِمَا كَسْرُ
باتتْ تضاحكني براحتهِ
رَاحٌ كَأَنَّ حَبَابَهَا ثَغْرُ
فَأَرَضْتُهُ بَعْدَ الْجِمَاحِ بِهَا
حتى تسهّلَ خُلقهُ الوعر
نَظَمَ الْهَوَى عَقْدَ الْعِنَاقِ لَنَا
وَمِنَ الْعَفَافِ تَضُمُّنَا أُزْرُ
رفعَ الشبابُ حجابَ أوجهنا
ومنَ الفتوّةِ بيننا سترُ
ولكمْ عرجتُ إلى محلِّ عُلاً
فوقَ السماكِ وتحتهُ الغفرُ
بمطهّمٍ مثلِ الظليمِ إذا
مَا شَدَّ قُلْتُ بَأَنَّهُ صَقْرُ
تدري المها أنْ لا نجاةَ لها
منهُ ويعلمُ ذلكَ العفرُ
فَإِذَا لَهُ آجَالُهَا عَرَضَتْ
عرضتْ لها آجالها الحمرُ
مثلُ الرياحِ رواحُ أربعةٍ
شهرٌ وسيرُ غدوّها شهرُ
كَمُلَتْ صِفَاتُ الصَّافِنَاتِ بِهِ
فبذاتهِ لجميعها حصرُ
يَجْرِي وَيَجْرِي الْفِكْرُ يَتْبَعُهُ
فيفوتُ ثمَّ ويحسرُ الفكرُ
وَيَكَادُ أَنْ يرِدَ السَّمَاءَ إِذَا
ظنَّ المجرّةَ أنها نهرُ
أطلعتُ منهُ سهمَ حادثةٍ
يرمي بهِ عنْ قوسهِ الدهرُ
حَتَّى بَلَغْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ بِهِ
فَبَلَغْتُ حَيْثُ يُرَفْرِفُ الْنَسْرُ
حيثُ العلا ضربتْ سرداقهُ
فيهِ وحلَّ المجدُ والفخرُ
حيثُ التقى والفضلُ أجمعهُ
تأوي إليهِ ويأمنُ البرُّ
فَوَثِقْتُ مُنْذُ حَلَلْتُ سَاحَتَهُ
أنْ لا يحلَّ بساحتي فقرُ
ما زالَ يقذفُ لي جواهرهُ
حتى علمتُ بأنّهُ بحرُ
يُجْدِي نَدىً وَيُفيدُ مَسْئَلَةً
فَنَوَالُهُ وَكَلاَمُهَ دُرُّ
فوقَ الخصيبِ محلُّ رفعتهِ
وبهِ الخويزةُ دونها مصرُ
كَمْ مِنْ أَيَادِيهِ لَدَيَّ يَدٌ
ما ينقضي منّي لها الشكرُ