يامن أغار عليه من غلائله

يامَنْ أغارُ عليه من غلائِله

​يامَنْ أغارُ عليه من غلائِله​ المؤلف ابن الرومي


يامَنْ أغارُ عليه من غلائِله
ومَنْ أرِقُّ عليه من خلاخلِهِ
أما تغار على ودَّي لصحبتهِ
أما ترقُّ لقلبي من بلابله
ظبيٌ يرى كُلَّ وجهٍ من مَخاتلنا
ونَدَّريه فنْعمى عن مَخاتِلِه
نحتالُ فيه فينجو من حبائلنا
ونحن نَنْشَبُ تترى في حَبائله
فظٌّ نُميط الأذى عنه فيُتعسنا
وليس في السيفِ عفوٌ عن صياقلهِ
لاتعجبا أن دمعاً فاض عن حُرَقِ
ماء أفاضته نار من مراجله
أراق دمعي هوى ظبيٍ أراق دمي
يا للقَتيل بكى منْ حُبّ قاتلِه
ما للمُعنَّى مُلَقَّى من عَواذِله
ما يستحقُّ المُعنَّى من عَواذلِه
إن الوزيرَ غدا وَصّالَ قاطِعِه
فاعمدْ إليه ودعْ قطّاع واصلِهِ
يَمَّمَ أبا الصقرِ إن اللَّه فَضَّلَهُ
وفات كل نظيرٍ في فضائله
من كُلّ طُولٍ وطَوْلٍ في شمائله
وكلّ جودٍ وجَوْدٍ في أناملهِ
إذا ارتدى السيف لم يُمسكْ بقائمهِ
ليستقلَّ ولم يخططْ بسافلهِ
سيفٌ تردّ سيفٌ غيرُ ذي طَبَعٍ
كأنما الرمحُ يمشي في حمائلهِ
لاشيءَ أقربُ حيناً من مُناضِلِه
أو من مُطاعنه أو من منازلهِ
من لا يرى المال إلا هَمَّ خازنهِ
ولايرى الزادَ إلا ثِقْل آكلهِ
مما حفظناه من أمثال حكمتِه
لن يملكَ المال إلا كفُّ باذله
مِنْ كُلّ كُفءٍ فقير من فضائلهِ
وكل عافٍ غنيٌ من فواضلهِ
خِرْقٌ يشحُّ على صُغَرى محامِدِهِ
كيما يشح على كُبرى طوائله
غيرانُ حينَ يحامي عن مكارمهِ
كالليث كادحَ ليثاً عن حلائلهِ
تلقاه عند مُباراة النظير له
كالسّيلِ دافعَ سيلاً عن مَسايلهِ
مُنابذٌ لأعاديه وثروتِه
كلا الفريقين يرمي في مَقاتلهِ
يُكشّفُ الدهرَ عنه في تصرفِه
عن نُصلٍ قَلَعيّ من مناصِلِه
كأنه بين أحوالٍ تَدَاوَلُه
بدرٌ تهاداه شتىً من مَغازله
أحيا به اللَّهُ قوماً بعد هُلكهمُ
وأهلك الله قوماً في غوائلهِ
كالبحرِ أروى بني الدنيا وأغرقهم
فهم رِواءٌ وغَرْقى في سواحلهِ
أضحى الملوكُ وأضحينا نحمّلُه
تحميل منْ ليس يُخشى وهْيُ كاهلهِ
عليه أثقالُ أمرِ اللهِ يحملُها
والناس يالك من عبءٍ وحاملهِ
كأنه وحدَه جيشٌ له لَجَبٌ
صواهل الأرض شتى من صواهله
فللرعاة أحاظٍ من نصائحِهِ
وللرعايا أَحاظٍ من نوافِلهِ
ترى دعاوَى قومٍ فوق حاصلِهِم
وما دعاويه إلا دونَ حاصلهِ
للأريحية مشيٌ في مفاصلِه
وليس للراح مشيٌ في مفاصله
ذو الفضلِ في دهرِه لا عند ناقصهِ
بل عندَ كاملِه بل عندَ فاضلهِ
ياكوكبَ الدهر قِدْماً في غياهبه
يامَعْلمَ الدهر قدْماً في مَجاهله
أصبحتَ في الذروةِ العليا من شرف
منازلُ الناسِ شتًّى في أَسافله
فهم أنابيبُ رُمحٍ أنت عاملُهُ
لابل سنانُ طرسٍ فوقَ عاملهِ
يامَعْقِلاً غيرَ مخشيٍّ غوائلُهُ
لمنْ أتته الدواهي من معاقلهِ
أنت المخاطبُ لا يُهدَى لسائلهِ
سُوءَ استماع ولا يصغى لعاذله
أماترى الدهرَ قد ألقى كلاكله
على امرىء بينكم مُلْقىً كلاكله
يا آلَ هَمّامِهِ يا آلَ مُرَّته
يا شيبانه يا آل وائله
مالي حُرِمتُ وحُظَّ الناسُ كلهُمُ
ممن ذنوبيَ خيرٌ من وسائله
أعيذُ عدلك أن يُلفَى بحضرتِه
خصمي وحقي مغلوبٌ بباطله
ماحَقُّ ميدانِ مجدٍ أنتَ صاحبهُ
إجراءُ ناهقِةِ قُدّامَ صاهِلِه
سائلْ بيَ الشعرَ إني من مَصاعبهِ
فإن أبيتَ فهبني من أَزامِله
أُعيذُ مُزنك أن يشقَى ببارقهِ
شَيْمي وتسعدُ أقوامٌ بوابِله