يا بيت عاتكة الذي أتعزل

يَا بَيْتَ عَاتِكَة َ الَّذِي أَتَعزَّلُ

​يَا بَيْتَ عَاتِكَة َ الَّذِي أَتَعزَّلُ​ المؤلف الأحوص


يَا بَيْتَ عَاتِكَةَ الَّذِي أَتَعزَّلُ
حَذَرَ العِدَى، وَبِهِ الفُؤَاد مُوَكَّلُ
أَصْبَحْتُ أَمْنَحُكَ الصُّدُودَ وَإِنَّنِي
قَسَماً إِلَيْكَ، مَعَ الصُّدُودِ لأَمْيَلُ
ولقدْ نزلتَ منَ الفؤادِ بمنزلٍ
مَا كَانَ غَيْرُك وَالأَمانَةِ يَنْزِلُ
ولقدْ شكوتُ إليكَ بعضَ صبابتي
ولِمَا كَتَمْتُ مِنْ الصَّبَابَةِ أَطْوَلُ
فصددتُ عنكَ، وما صددتُ لبغضةٍ
أَخْشَى مَقَالةَ كاشِحٍ لاَ يَعْقِلُ
هَلْ عَيْشُنَا بِكَ فِي زَمَانِكَ رَاجِعٌ
فلقدْ تقاعسَ بعدكَ المعتلِّلُ
إِنِّي إِذَا قُلْتُ اسْتَقَامَ يَحُطُّهُ
خلفٌ، كما نظرَ الخلافَ الأقبلُ
لوْ بالَّذي عالجتُ لينَ فؤادهِ
فأبى يلينُ بهِ للانَ الجندلُ
وتحنُّبي بيتَ الحبيبِ أودُّهُ
أُرْضِي البَغِيضَ بِهِ حَدِيثٌ مُعْضِلُ
وَلَئِنْ صَدَدْتُ لأَنْتَ، لَوْلاَ رِقْبَتِي
أهوى منْ اللاَّئي أزورُ وأدخلُ
إِنَّ الشَّبَابَ وعَيْشَنَا اللَّذَّ الَّذِي
كنَّا بهِ زمناً نسرُّ ونجدلُ
ذَهَبَتْ بَشَاشَتُهُ وَأَصْبَحَ ذِكْرُهُ
حزناً يعلُّ بهِ الفؤادُ وينهلُ
إِلاَّ تَذَكُّرَ مَا مَضَى وَصَبَابَةً
مُنِيَتْ لِقَلْبِ مُتَمَّمٍ لاَ يَذْهَلُ
أَوْدَى الشَّبَابُ وَأَخْلَقَتْ لَذَّاتُهُ
وَأَنَا الحَزِينُ عَلَى الشَّبَابِ المُعْوِلُ
يبكى لما قلبَ الزَّمانُ جديدهُ
خَلَقاً، وَلَيْسَ عَلَى الزَّمَانِ مُعَوَّلُ
وَالرَّأْسُ شَامِلُهُ البَيَاضُ كَأَنَّهُ
بعدَ السَّوادِ بهِ الثَّغامُ المحولُ
وَسَفِيهَةٍ هَبَّتْ عَلَيَّ بِسُحْرةٍ
جهلاً تلومُ على الثَّواءِ وتعذلُ
فَأَجَبْتُهَا أَنْ قُلْتُ: لَسْتِ مُطَاعَةً،
فَذَرِي تَنَصُّحَكِ الَّذِي لاَ يُقْبَلُ
إنِّي كفاني أنْ أعالجَ رحلةً
عُمَرٌ وَنَبْوَةَ مَنْ يَضَنُّ وَيَبْخَلُ
بِنَوَالِ ذِي فَجْرٍ تَكُونُ سِجَالُهُ
عمماً، إذا نزلَ الزَّمانُ الممحلُ
مَاضٍ عَلَى حَدَثِ الأُمُورِ كَأَنَّهُ
ذو رونقٍ عضبٌ جلاهُ الصَّقيلُ
تبدي الرّجالُ، إذا بدا إعظامهُ
حذرَ البعاثِ هوى لهنَّ الأجدلُ
فَيَرَوْنَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِمْ سَوْرَةً
وفضيلةً سبقتْ لهُ لا تجهلُ
متحمِّلٌ ثقلَ الأمورِ، حوى له
سَبْقَ المَكَارِمِ سَابِقٌ مُتَمَهِّلُ
وَلَهُ إِذَا نُسِبَتْ قُرَيْشٌ مِنْهُمُ
مجدُ الأرومةِ والفعالُ الأفضلُ
وَلَهُ بِمَكَّةَ، إِذْ أُمَيَّةُ أَهْلُهَا،
إِرْثٌ إِذَا عُدَّ القَدِيمُ، مُؤَثَّلُ
أغنيتْ قرابتهُ وكانَ لزومهُ
أَمْراً أَبَانَ رَشَادَهُ مَنْ يَعْقِلُ
وسموتُ عنْ أخلاقهمْ فتركتهم
لنداكَ، إنَّ الحازمَ المتحوِّلُ
ولقدْ بدأتُ أريدُ ودَّ معاشرٍ
وَعَدُوا مَوَاعِدَ أُخْلِفَتْ إِذْ حُصِّلُوا
حَتَّى إِذَا رَجَعَ اليَقِينُ مَطَامِعِي
يَأْساً، وَأَخْلَفَنِي الَّذِينَ أُؤَمِّلُ
زايلتُ ما صنعوا إليكَ برحلةٍ
عجلى، وعندكَ عنهمُ متحوَّلُ
وَوَعَدْتَنِي فِي حَاجَتِي فَصَدَقْتَنِي
ووفيتَ إذْ كذبوا الحديثَ وبدَّلوا
وشكوتُ غرماً فادحاً فحملتهُ
أخرى يربُّ بها نداكَ الأولُ
فلأشكرنّ لكَ الَّذي أوليتني
شُكْراً تَحُلُّ بِهِ المَطِيُّ وَتَرْحَلُ
مِدَحاً تَكُونُ لَكُمْ غَرَائِبُ شِعْرِهَا
مبذولةً، ولغيركمْ لا تبذلُ
فإذا تنخَّلتُ القريضَ فإنَّهُ
لكمُ يكونُ خيارُ ما أتنخَّلُ
أثني عليكمْ ما بقيتُ فإنْ أمتْ
تَخْلُدْ غَرَائِبُهَا لَكُمْ تَتَمَثَّلُ
ولعمرُ منْ حجَّ الحجيجُ لبيتهِ
تهوي بهمْ قلصُ المطيَّ الذُّملُ
إِنَّ کمْرَأً قَدْ نَالَ مِنْكَ قَرَابَةً
يَبْغِي مَنَافِعَ غَيْرِهَا لَمُضَلَّلُ
تعفو إذا جهلوا بحلمكَ عنهمُ
وتنيلُ إنْ طلبوا النَّوالَ فتجزلُ
وتكونُ معقلهمْ إذا لمْ ينجهمْ
مِنْ شَرِّ مَا يَخْشَوْنَ إِلاَّ المَعقِلُ
حتَّى كأنَّكَ يتَّقى بكَ دونهمْ
منْ أسدِ بيشةََ خادرٌ متبسِّلُ
وَأَرَاكَ تَفْعَلُ مَا تَقُولُ، وَبَعْضُهُمْ
مذقُ الحديثِ يقولُ ما لا يفعلُ
وأرى المدينةَ ينَ صرتَ أميرها
أَمِنَ البَرِيءُ بِهَا وَنَامَ الأَعْزَلُ