يا راحلين وهم في القلب سكان

يا راحلينَ وهم في القَلب سكَّانُ

​يا راحلينَ وهم في القَلب سكَّانُ​ المؤلف ابن معصوم المدني


يا راحلينَ وهم في القَلب سكَّانُ
هل غير قلبي لكم مأوى وأوطان
خذوا من الأرض أنى شئتم نزلاً
فأنتم في سويدا القلب قطان
وأنت يا حادي الظعن التي ظعنت
فيها العشية أقمارٌ وأغصان
بالله إن لم يكن بدٌ لمن ظعنوا
من منزل بالحمى تأويه أظعان
فعُجْ بشرقيِّ وادي الرَّمل من اضم
حيث الغضا والأضى والرند والبان
لعلهم أن يحلوا منه منزلةً
كانوا يحلونها والدهر جذلان
أيَّامَ أختالُ في بُرد الصِّبا مَرَحاً
والعمرُ غضٌّ وصفو العيش فَيْنانُ
لا أوحش الله من ناءٍ تؤرقني
ذكراه وهو خليُّ البال وَسْنانُ
أذوى وريق شبابي بعده ظمأٌ
وغصنه من مياه الحسن ريان
حيَّا به الله يوماً روحَ عاشقه
فإنَّما هو للأرواح رَيحانُ
قد جل في حسنه عن أن يقاس به
ظبيٌ وبدرٌ وأغصانٌ وكثبانٌ
لله كم فيه من حُسنٍ يُدِلُّ به
لو كان يشفع ذاك الحسن إحسان
يا عاذلي في هواه لا ترم شططاً
دعني فعذلك شانٌ والهوى شان
والله ما جادل العذال عاشقه
إلاَّ وقام له بالحسنِ بُرهانُ
وأين من سمعيَ اللاَّحي وزُخرفُهُ
ولي من الحبِّ سلطانٌ وشيطانُ
وليلةً بات بدري وهو معتنقي
فيها سروراً وبدرُ الأُفق غَيرانُ
فظل ينقع من قلبي غليل جوىً
إذ كانَ من قبل إعراضٌ وهجرانُ
حتى بدا الفجر فارتاعت كواكبها
كأنها نقدٌ والفجر سرحان
فقام يَثني قواماً زانَه هَيَفٌ
كأنَّه بمُدام الوصل نَشوانُ
وراح والدمع من أجفانه دررٌ
ورحت والدمع من جفني عقيان
لله أزمانُ وصلٍ قد مضَت وقضت
أن لا تعود بها ما عشت أزمان
مرت فلم يبق لي إلا تذكرها
وذكر ما قد مضى للوجد عنوان
فيا زمانَ اللِّوى حيِّيتَ من زمنٍ
ولا أغب اللوى والسفح هتان