يا قطار الليل سر وارق الصعابا

يا قطار اللّيل سر وارق الصّعابا

​يا قطار اللّيل سر وارق الصّعابا​ المؤلف إبراهيم المنذر


يا قطار اللّيل سر وارق الصّعابا
وانهب الأرض سهولاً وهضابا
أنت كالطّود على الطّود مشى
أنت كالحّية تنساب انسيابا
أضرم النّيران أضعافاً ولا
تخشى في السّير جنوحاً وانقلابا
إنّ عين الله ترعانا ومن
غيره راعٍ متى نودي أجابا
يا قطار اللّيل أمست بيننا
صلةٌ تجعلنا اليوم صحابا
أنت تمشي وأنا أمشي إلى
غايةٍ تسمو انتماءً وانتسابا
فيك نارٌ وبصدري مثلها
وكلا النّارين تزداد التهابا
إن خبت نارك لا تجزع فمن
نار صدري تلزم السّير وثابا
يا قطار اللّيل حمصٌ هدفي
أقطع البيد إليها والشّعابا
حبّذا حمصٌ وأهلوها ومن
سكنوا في القلب إخواناً قرابا
قد حملت العطر أشواقاً لهم
ونقلت الودّ طيباً وملابا
نفحاتٌ من ربى لبنان حاملةً
خير التّحيّات خطابا
إقرأوا ما في فؤادي لكم من
ضيا عينيّ ينصبّ انصبابا
إنّما العين سراج القلب كم
فضحت عينٌ فؤادًا يتصابى
إن يكن قد شاب رأسي كبراً
ما وهى عزمي ولا قلبي تابا
أنا كالسّيف اليماني كلّما
شحذته حادثات الدّهر طابا
بأبي صرحٌ رعته نخبةٌ
خلقهم كالعنبر الفواح طابا
أدبٌ جمٌّ وعلمٌ ناضجٌ
وحديثٌ كعصير الشّهد ذابا
ولديهم من رجال العلم من
عزّزوا الآداب أصلاً واكتسابا
وصغارٍ أبصروا النّور على
يد أهل النّور لا يخشون عابا
كزغاليل القطا طهراً وكالبلبل
الشّادي سؤالاً وجوابا
إيه يا حمص أعيدي ذكر من
غالبوا الأحداث في الشّام غلابا
جدّدي أمجادهم واستيقظي
واجعلي أهليك هاماً لا ذنابى
نهض العالم من غفلته وحسام
النّور قد شقّ السّحابا
كم سعى الجاهد للعتق ولم
يحكم السّير فبالخذلان آبا
جمع النّاس له عدّتهم مثلما
شدّوا له الخيل العرابا
سجنوا جاعوا نفوا ماتوا أسً
ولكم أرجوحةٍ شدّت رقابا
كلّ هذا بغية استقلالهم وهم
لم يبلغوا إلاً انتدابا
ليس يكفي أن نرى تاريخنا
ضارباً في قمّة المجد قبابا
بل علينا القدوة المثلى بمن
ملأوا الشّرق جهادًا وطلابا
ليس في دنياك حظٌّ عبثاً
إنّما الحظّ لمن شقّ العبابا
من سعى أدرك ما يبغي ومن
نام في معترك العمران خابا
لم تنل ما تبتغيه أمّةٌ
وعليها ضرب الذلّ حجابا
سطّر التّاريخ من أمجادها
سوراً مذهبةً باتت خرابا
ضاعت الآراء في وحدتها
واختلاف العلم أولاها اضطرابا
وغدت آمالها آلامها ليتها
كانت عذاباً لا عذابا
كلّما مرّت على بال امرئٍ
أغمد التّذكار في الصّدر حرابا
يا بنيّ اتّخذوا قوّادكم مثلاً
أعلى ومنهاجاً صوابا
واخدموا أوطانكم خدمة من
يحسب الموت لديها مستطابا
واذكروا المعروف في كلّيّةٍ
فتحت في حمص للإصلاح بابا
حقّق الله بكم آمالها
وحبا أربابها الغرّ الثّوابا