يا ليلة في آخر الشهر

يا ليلة ً في آخر الشّهر

​يا ليلة ً في آخر الشّهر​ المؤلف عبد الغفار الأخرس



يا ليلة ً في آخر الشّهر
 
قد جئتِ بعد الصَّوم بالفطر
كشف الصباح لنا حوادثها
 
وتكشّفت عن مضمر الغدر
أصبحتُ منها غير مفتقر
 
أبداً إلأى حرس على وكر
هجمت عليَّ بحادث جلل
 
وهجومها من حيث لا أدري
خطبٌ ألمَّ ويا لنازلة ٍ
 
طلعت عليَّ به مع الفجر
في ليلة ليلاء تحسبها
 
يوم الفراق وليلة القبر
ما جنّ حتى جنّ طارقه
 
طرق المبيت بطارق الشر
وأظن أن الشمس ماكسفت
 
إلاّ لتكشف بعدها ضري
ولقد أقمت مقام ذي سفه
 
صعبَ المقامُ به على الحر
في منزل أخذوا مساحته
 
يوماً فما أوفى على شبر
يا مؤجري داراً سرقتُ بها
 
لا فزتَ بعد اليوم بالأجر
لولا الضرورة كنتَ مرتحلاً
 
عنها وكنت نزلت في قفر
دامي العيون على أُصَيبيَة ٍ
 
سوء الحظوظ وأوجه غر
ماعندهم صبر على أمل
 
يرجونه في العر لليسر
 
لم يفرحوا بغلائل حمر
من كل مبتهج بكسوته
 
طرب الشمائل باسم الثغر
ناموا وما انتبهوا لشقوتهم
 
إلاّ انتباه الخوف والذعر
يتلفَّتون إلى غلائلهم
 
فدموعهم من فقدها تجري
ضاقت بهم بغداد أجمعها
 
واليوم ضاق لضيقهم صدري
ونظيرة الخنساءِ مكثرة
 
بالنوح باكية على صخر
ولقد عجبت لها ويعجبني
 
أمران ما اتفقا على أمر
أبكي على حظٍّ منيت به
 
وهي التي تبكي على القدر
هذا وتضحكني مقالتها
 
كيف البقاء بنا مع الفقر
فكأنما كانت وأين لها
 
في نعمة موصوفة الخير
هل كنت قبل اليوم في سعة
 
وملابس من سندس خضر
أو ما ذكرت العمر كيف مضى
 
لا كان ذاك العمر من عمر
إذ تذكرين جلاجلاً سرقت
 
ولقد نسيت الجوع في شهر
 
خمص البطون حواني الظهر
صفرٌ يسؤوك ما عرفت بهم
 
من شؤم وقع حوادث غير
وعددت ألف قضيّة سلفت
 
تطوى الضلوع بها على الجمر
ما أنكرت منهنّ واحدة
 
فلطمتها بأنامل عشر
وعذرتها وعذلت عاذلها
 
والعذل بيَّنَ بَيِّنَ العذر
وقع البلاء فلم يفدْ جزع
 
فتعلّلاً بعواقب الصبر
بعد الرجاء بموطن خشن
 
يلقي الكارم بجانب وعر
بَلَدٌ كبارُ ملوكِه بَقَرٌ
 
صاروا ولاة النهي والأمر
 
فبات يرعى الفرقدين والسها
لا يفقهون حديث مكرمة
 
فيهزّهم نظمي ولا نثري
أصبحتُ أشقى بين أظهرهم
 
فكأنني أصبحت في أسر
 
حتى يريك النعل في الصدر
وإذا سألتهم بمسألة ٍ
 
بخلوا ولو بقلامة الظفر
ذهب الذين أنال نائلهم
 
وأعدّهم من أنفس الذخر
إنْ ساءَني زمنٌ سرِرت بهم
 
وكفيت فيهم صولة الدهر
ومدحتهم وشكرت نعمتهم
 
بغرائب الأبيات من شعري
ولئن شكرت بمثلها أحداً
 
فأبو الجميل أحقّ بالشكر
لم يبق من أهل الجميل سوى
 
عبد الغني ونيله الوفر
إلاّ تداركني برحمته
 
إني إذاً وأبي لفي خسر
وترحّلت بي عن مَباركِها
 
ولاّجة في المهمه القفر
ومبدّد الأموال مهلكها
 
بالمكرمات لخالد الذكر
قسماً به وجميل مصطنع
 
من فضله قسماً لذي حجر
لولاه ماعلق الرجاء ولا
 
عرف الجميل بأهل ذا العصر
ما زال أندى من مجللّة
 
بالقطر تملي سائر القطر
فانشر ثناءك ما استطعت على
 
عبق العناصر طيب النشر
مزجت محبته بأنفسنا
 
مثل امتزاج الماء والخمر
لفضائل شهد العدو بها
 
ومناقب كالأنجم الزهر
درعٍ يقي من كل نائبة
 
لا ما يقي من البرد والحر
أمعللَّي بحديثه كرماً
 
حَدِّثْ ولا حرج عن البحر
وإذا أثابك من مكارمه
 
فمثوبة في الأجر والفخر
أدعو له ولمن يلوذ به
 
في العالمين دعاء مضطر
أنْ لا يزال كما أشاهده
 
كالبدر أو في رفعة البدر