يا من رأى البرق على الأنعم

يا من رأى البرق على الأنعم

​يا من رأى البرق على الأنعم​ المؤلف الشريف الرضي


يا من رأى البرق على الأنعم
يَطْوِي بِسَاطَ الغَسَقِ المُظْلِمِ
محمرة منه كفاف الدجى
نَضْحَ جِرَاحِ الفَرَسِ الأدْهَمِ
قام نساء الحي يقبسنه
نَاراً مِنَ الإيمَاضِ لمْ تُضْرَمِ
تطاول المنجد ضنا به
وقد عطا للبلد المتهم
حَتّى رَمَى الإصْبَاحَ في لَيْلَةٍ
لفت إزار الرجل المحرم
لا جَازَ مَغْنَاهُمْ بذاتِ النّقَا
قَطْرُ الغَوَادِي وَطِلالُ السُّميّ
وَلّوْا عَلى قَلْبي عَنِيفَ الجَوَى
يُعَاقِبُ القَلْبَ، وَلَمْ يُجرِمِ
الله في طرفٍ بكم دامعٍ
دامٍ، وَقَلْبٍ بِكُمُ مُغْرَمِ
لا يَتْعَبُ العَاذِلُ في حُبّهِمْ
قَدْ ذَهَبَ السّهْمُ بقَلْبِ الرّمي
عيني مع اليقظى غراماً بهم
وَعَينُ مَنْ يَلْحَى معَ النُّوَّمِ
لولا قوام الدين ما استوسقت
أعناقها في السنن الأقوم
ولا أينا النّجم ذا خفية
من قارع الحافر والمنسم
يغير للمجد إذا غيره
أغَارَ للسّلّةِ وَالمَغْنَمِ
لا يصحب الأغماد من لم تزل
سيوفه في حلل من دم
لِلَّهِ نَعْلٌ حُذِيَتْ في العُلَى
أخمص ذاك العارض المرزم
يودّ لو أصبح شعسا لها
نِجَادُ عُنْقِ المَلِكِ الأعْظَمِ
أغَرُّ مِنْ غُرٍّ رَبَوْا في العُلَى
وأفصحوا بالكرم الأعجم
بنوا على مضطربات القنا
بِنَاءَ عِزٍّ غَيرِ مُسْتَهدِمِ
تُشَبّ بِالمَنْدَلِ نِيرَانُهُمْ
لِطَارِقِ اللّيْلِ، وَلَمْ يُظْلِمِ
لا يدفع الأضياف منهم إلى
مَمْنُونِ زَادٍ وَقِرًى مُعتِمِ
قَلّتْ عُيُونُ النّاسِ عَنْ نَيلِهم
فَعَوّذُوا مِنْ أعْيُنِ الأنْجُمِ
أساود تنتجها في العلى
أسد إلى أمثالها تنتمي
فيخرج الأرقم من ضيغم
ويخرج الضيغم من أرقم
سُمّيَتِ الغَبرَاءُ في عَهْدِهِمْ
حمراء من طول قطار الدم
تحمرّ منها كلّ مخضرّة
كأنَّ لا نبت سوى العندم
كل فتى يفضح أطواقه
وجه مضيء الجيد والملطم
للبشر في ديباجه لامع
طِرَازُ عَصْبِ اليَمَنِ المُعْلَمِ
قوم رباط الخيل في دورهم
كالبهم في غامد أو يقدم
مِن كُلّ مَحبوكِ القَرَا مِحصَفٍ
أُمِرّ فَتْلُ الرّسَنِ المُبْرَمِ
كأَنّه ينظر مستوجساً
ربيئة قام على مخرم
مَتَى أرَاهَا كَذِئَابِ الغَضَا
تُحَرِّضُ الهَائِبَ بِالمُقْدِمِ
أعنة الفرسان أعرافها
عجلى عن المسرج والملجم
من فارس يحمل أسد الشرى
لمُلتَقَى يَوْمِ رَدًى أيْوَمِ
ترمي جبال لثلج من قدحها
نَارَ الوَغَى بالشّرَرِ المُضْرَمِ
أرْعَنُ قَدْ كَدّرَ مَاءَ الحَيَا
في مزنه بالرهج الأقتم
يوم يود القرن لو أنهُ
يزيد في الرّمح من المعصم
كم قلة ممتنع طودها
إلاّ عَلى ذِي الجُدَدِ الأعْصَمِ
قد أمست الخيل ضيوفاً بها
للوعل العاقل والقشعم
ثَلَّمتَهَا كَيداً، وَكَمْ شابَكَتْ
أيْدِي المَقادِيرِ وَلَمْ تُثْلَمِ
يخال باقي روق أطوادها
باقيَ أنياب فم الأهتم
قد ينفذ الحلم على غرزة
بمحفظات الغادر المجرم
وطول نزف النغب يفنى به
غمر جمام الغدق المفعم
أقدم للحين ويا ربما
أجلَى الوَغى، وَالغُنْمُ للمُحجِمِ
يسلم كعب الرمح مستأخراً
ويوقع الأقدام باللهذم
ما كان إقداماً ولكنه
تسرع العير على الضيغم
وَلّى، وَقَدْ أرْدَفَ هَدّارَةً
يَقْظَى عَلى اللّيْلِ لَغُوطَ الفَمِ
لا يُؤمَنَنْ، بَعدَ كَلالِ الشَّبَا
كَمْ صَائِلٍ بالسّاعِدِ الأجْذَمِ
قد يهلك النسر وفي ريشه
عون الردى الجاري مع الأسهم
يثمّرُ المال ويأبى الغنى
إلا من الذابل والمخذم
لا يَدْخَرُ الضّيغَمُ مِنْ قُوتِهِ
ما يدّخر النمل من المطعم
لا تَستَشِرْ غَيرَكَ في كَيّهَا
قد بلغ الداء إلى الميسم
وَاخطُبْ على سَيفِكَ بِكرَ العُلَى
فقد تملأت من الأُيّم
حُسَامُكَ النّصْرُ، فَصَمّمْ بِهِ
وَدِرْعُكَ الإقْبَالُ، فَاستَلْئِمِ
لا يصلح الناس لأربابهم
غير بياض السيف والدرهم
يا مُلْبِسِي النُّعْمَى التي أوْرَقَتْ
عُودي مِرَاراً وَكَسَتْ أعظُمي
وَمُطْلِعي في رَأسِ عَادِيّةٍ
تَخْسَأُ طَرْفَ الجَذَعِ الأزْلَمِ
نَزْعُ العُلَى عَنّي كَإلْبَاسِهَا
وَالغُنْمُ بالبَذْلَةِ كَالمَغْرَمِ
أُكْرَمُ عَنْهَا، وَبِهَا مَرّةً
كِلاهُمَا عِنْدِي مِنَ الأنْعُمِ
وَكَيْفَ نَوْمُ المَرْءِ مِنْ تَحتِهِ
دونَ الكَرَى مُضْطَرَبُ الأرْقَمِ
بَينَ خِصَافَيْ نَعْلِهِ شَوْكَةٌ
إنْ شَدّدَ الوَطْءَ عَلَيها دَمي
فأملك بها رقي وحرّر بها
عُنقي، وَرِقُّ الحُرّ للمُنْعِمِ
وَحُزْ بِهَا مَا بَقِيَ العُمْرُ لي
صَفَاءَ قَلْبي، وَصَفَايَا فَمي
غوثك منها ياغياث الورى
قد ثقل العبءُ على المهرم
صونوا بها عرضي ووجهي معا
صونهما في الزمن الأقدم
لا تحسبوا أني على جرأتي
أحجمت حتى ضاق لي مقدمي
ما لان عودي في يدي غيرها
يوماً ولا خار على معجم
عَطْفاً عَلَينَا أنْ يَقُولَ امرُؤٌ:
إن علوق المجد لم ترأم
يخدع بالشهد مذاق الفتى
وَرُبّمَا آلَ إلى العَلْقَمِ
عظيمة ناديت من ثقلها
بالبَازِلِ النّاهِضِ بِالمُعْظَمِ
عادات إحسانك أمثالها
قَدْ لَؤُمَ الدّهْرُ بِهَا، فاكرِمِ
وطل وصل واعف وهب وانتقم
وابق ودم واعل وثب واسلم