يا موقد النار بالهندي والغار
يا مُوقدَ النّار بالهِنْديّ والغارِ
يا مُوقدَ النّار بالهِنْديّ والغارِ
هَيّجتَ لي حَزَناً يَا مُوقِدَ النّارِ
بينَ الرّصافةِ والمَيدانِ أرقُبُها
شُبّت لغانيةِ بيْضاءَ مِعطارِ
هَاجَتْ ليَ الرّيحُ مِنْها نَفحَ رائِحةٍ
أحيت عظامي وهَاجَتْ طولَ تَذكاري
يا فوزُ! أنْتِ التي جَشّمتِني رَقصاً
يبري المَهاري بتَرحالٍ وتسيارِ
غِبتُمْ وَغِبْنَا فَلَمّا كانَ أوبُكُمُ
أبنا فنحنُ وأنتمْ رَهنُ أسفارِ
وما أرى اثنين حَالَ النّاسُ بينهما
مثلي ومثلكِ في جَهدٍ وإضرارِ
تَشكو الفِراقَ ويشكوهُ وما اجتمعا
يوماً ولا افْتَرقا إلاّ بِمقدارِ
وما يرى في وصالِ اثنينِ قد شُغِفا
مَا لَمْ يَميلا إلى الفَحْشاء، من عارِ
إذَا تَعَمّدْتُكُمْ جاوزتُ بابَكُمُ
كيْ لا تكونوا لإقبالي وإدباري
أخبّرُ النّاس أني قد سلوتكمُ
والله يَعلمُ ما مكنونُ إضماري
ما تَطعَمُ النومَ عيني من تذكّرِكُمْ
فما أنامُ إذا ما نام سُمّاري
أخلُو إذا هجَعَ النُّوَّامُ كلُّهُمُ
فَمَا أُسامِرُ إلاّ عامِرَ الدَّارِ
لكُلّ جفنٍ على خدّي على حدةٍ
طريقةٌ دمعها مُستَوكفٌ جارِ
استمطِرُ العَينَ لا تفنى مدامعُها
كأنّ يَنبوعَ بحرٍ بينَ أشفاري
ليتَ المَهذّبَ عبدَ اللّه خالصتي
ومن لدَيهِ مِن الإخوانِ حُضّاري
مِنْهُم حُمَيدٌ وَدَاودٌ وَصَاحِبُهُ
و الأخْنَسيّ وبشرٌ وابنُ سيّارِ
قَومٌ هُمُ خَنْدَقُوا لي في قُلوبِهِمُ
على الحصونِ فأخْلَوْهَا لأسْراري
مَن كانَ لَمْ يَرَ مَشغُوفاً بَرَاهُ هوىً
فَلْيَأتِني يَرَ نِضواً عَظمُه عار
ينسَلُّ عنّي قمِيصي مِن ضَنى جَسدي
ولَوْ شدَدتُ على الجِلْبابِ أزراري
ما يَنقَضي عجبي من جَهلِ حاسدةٍ
كانَتْ بذي الأثل من خدني وأنصاري
سَمّتْ ولِيدَتَها فَوزاً مُغَايَظةً
عذرتُ لوْ لطمَتني ذاتُ إسوارِ
وما يَزالُ نِساءٌ مِن قرابتها
مِن كلّ ناحيةٍ يَهتِكنَ أسْتاري
وقَدْ صَبَرتُ على قَومٍ مُنيتُ بِهم
وما تَكَلّمتُ إلا بعد إعذارِ
أنَا وعَمُّكِ مِثْلُ المُهرِ يَمنَعُهُ
مِن قُوتِه مَربِضُ المستأسدِ الضاري
لَوْ كُنتَ يا عَمها حَرّانَ سَرَّكَ أن
تحيَا بإظماء إيرادٍ وإصْدارِ
فما أخو سفَرٍ فب البيد مُرْتَهَنٍ
قَدْ كانَ في رُفَقٍ شتّى لأمصارِ
أخطَا الطَّريقَ وأفنَى الزادَ وانقطعَتْ
عَنْهُ المَناهِلُ في تَيهاء مِقفارِ
يّدعو بصوتَ شجيّ لا أنيسَله
قد غابَ عنه أنيسُ الأهلِ والجارِ
لَوْ جُرّعَ الماءَ لاسْتَطْفَاهُ مَوقِعُه
من الحشى من لَظّى فيهِ وتَسعارِ
حتى تبيّنَ أنْ لا دلْوَ حاضِرةٌ
ولا رِشاءٌ ولا عَهدٌ لآثارِ
دَلّى عِمامتَه حتّى إذا انقشَعَتْ
غَمامةُ الماء عَنْ عَذبٍ ومَوّارِ
أهوى يُقلّبها في الماء مُغتبطاً
يَكُرُّها فيهِ طوراً بعدَ أطوارِ
حَتّى إذا هُوَ روّاهَا وأخرَجَها
وقالَ قَد نلتُ يُسراً بعدَ إعسار
وجرّها صَوّبَتْ في البئرِ راجعة
ً واستبَلَتْ نفسُه الدّنيا بإكشارِ
يوماً بأجهدَ منّي حينَ تَمنعُني
لغيرِ جُرمٍ لُبَاناتي وأوطاري