يا واحدا في الفضل حالفني ندى
يا واحداً في الفضلِ حالفني ندى
يا واحداً في الفضلِ حالفني ندى
يدِهِ محالفةَ النّدى لمحلِّقِ
فازتْ منايَ بهِ وقرتْ أضلعي
هاتيكَ لم تُخفقْ وذي لم تَخْفقِ
فاضتْ لهاهُ وأطرفتْ في نوعها
أذهبنَ مذهبَ مغربٍ أو مغرقِ؟
إن يكسُ عطفي فالسماءُ بجودها
تكسو الربى خلعَ النباتِ المونقِ
أما نداهُ فكوثرٌ وفناؤهُ
عَدْنٌ وهذا الزيُّ من إستبرَقِ
ما زالَ يُظهرُ فيَّ آيةَ جودِهِ
حتى كساني بالسحابِ الأزرقِ
زَارَتْ سحائِبُهُ البقاعَ حفاوةً
حيثُ السحابُ معَ الثرى لا يلتقي
إني سجعتُ حمامةً بمديحهِ
فأفادني لونَ الحمامِ الأورقِ
ولقَدْ تمرَّسَ بي مَلِيّاً بحرُهُ
حتى تبينَ درهُ في منطقي
يا جودَهُ بَلَّغْتَني ما أشتهي
وملكتَني وكفيتَني ما أتَّقي
كنْ موسماً لمطامعي، أو ميسماً
في جبهتي، أو مغفراً في مفرقي
يعطي ويحذو حذروهُ ابنٌ ماجدٌ
أخْذَ الرّبيعِ عن الغمامِ المغدقِ
ما حيلتي بِنَداكُما وقد التقى
بحرا سماحٍ في مجالٍ ضيقِ
ماذا التأنقُ في السماحةِ خففوا
عنكمْ وعنْ هذا اللسانِ المرهقِ
ما المزنُ إلا محسنٌ لكنكمْ
حزتمْ شفوفَ المحسنِ المتأنقِ
أثْقَلْتُماني إنّما بيَ خَجْلةٌ
من أن أقول لهبةِ الجودِ ارفقي
قومٌ إذا ارتجلوا المكارمَ نمقوا
ما لا تنمقهُ رويةُ ملفقِ
أعْطَيتَها صُفراً كأنَّ بوارقاً
زارتْ يدي لكنها لمْ تقلقِ
حيَّيْتَ آمالي بطاقةِ نَرجسٍ
أدرَكتُ نَفْحَتها بِغيرِ تَنَشُّقِ
نورتَ مني حالةً دهماءَ لوْ
مسحَ الصباحُ أديمها لم تشرقِ
بَيَّضتَ عُمرِي كلَّهُ وأعدتَهُ
برّاً فما هوَ بالعقوقِ الأبلقِ
أذهَبْتَ عني الجدبَ حتى خفتُ أن
أنمى إلى الأدبِ انتماءَ الملصقِ
ولَّيتَ إحلالي لواحظَ نائمٍ
و رأيتَ خلاتي بلحظِ مؤرقِ
و رأيتَ بي ضنكاً وهونَ بضاعةٍ
فهززتَ عِطفَ منفِّسٍ ومنفِّقٍ
استخلص ابنُ خلاصٍ الهِممَ التي
فتنَ النجومَ بأسعدٍ وتألقِ
صَدَقَتْ مخايلُ جودِهِ ونشتْ كما
تبدُو تباشيرُ الصباح المُشرقِ
لا مثل جودٍ يضمحلُّ كأنهُ
بُشرى هلالِ الفطرِ غيرَ محقَّقِ
كالطودِ لكن فيهِ هزةُ عاطفٍ
كالليثِ لكنْ فِيهِ شيمةُ مُشفقِ
كالظلَّ إلا نورهُ وثبوتهُ
كالشمسِ إلاّ في لظاها المحرقِ
أحيا الصحابةَ والدايةَ عصرهُ
وأماتَ مَغربُهُ حديثَ المَشْرِقِ
يا أهلَ سبتةَ هذه السيرُ التي
أبدتْ فضائلَ مَن مضى في من بقي
و ضحتْ ولمْ تعثر يدا متتبعٍ
مثل الحروفِ لمسنَ فوقَ المهرقِ
يلقاكَ بَيْنَ وزَارتيهِ وبِشرِهِ
كالسيفِ راعَ بمضربينِ ورونقِ
تجني المَعالي من رسومِ عُلاهُ ما
تجني الصنائعُ من حدودِ المنطِقِ
و إذا تعرضهُ الحسودُ فمثلما
يتعرضُ البرهانَ قولُ ملفقِ
أدركتُ سؤلي مِنْ نَداكَ شهامةً
ومدائِحي في نجدِ مجدكَ ترتقي
ما لاحَ سرُّ الدهرِ قبلكَ إنما
كانَ الزمانُ كمامةً لمْ تفتقِ