يخيل لي برق من الثغر لامع

يخيل لي برق من الثغر لامع

​يخيل لي برق من الثغر لامع​ المؤلف ابن نباتة المصري


يخيل لي برق من الثغر لامع
فيسبقه غيثٌ من الجفن هامع
ويرفع طرفي للصبابة قصةً
فتجري على عاداتهن المدامع
بروحيَ من قال الرقيب لحسته
على كل حين من وصالك مانع
ومن كل يومٍ في هواها متيم
يموت ولوامٌ عليه تنازع
تدافعني فيها الوشاة عن الأسى
ومالشهودِ الدمع والسقم دافع
وذي عذلٍ في الحب لا هو ناظرٌ
إلى حسن من أهوى ولا أنا سامع
مضى في الهوى قيس وقد جئت بعده
فها أنا للمجنون في الحبّ تابع
تذكرني الورقاء بالرمل معهداً
فهل نجم أوقاتي على الرمل طالع
وتشدو على عيدانها فتثير لي
كمائن وجدٍ ضمنتها الأضالع
وذكرى شهابٍ كان لي من ورائه
إلى مالكٍ لي في الصبابة شافع
وأوقات أنس بين شادٍ وشادنٍ
كما اقترح اللذات راءٍ وسامع
وكأس لغيري أصفر من نضارها
ولي من لمى المحبوب للهمّ فاقع
تعوضت عنها بارتشاف مديرها
كما حرمت منها عليّ المراضع
وقضيتها أوقات لهوٍ كأنما
عفا الدهر عنها فهو يقظان هاجع
زمان الهوى والفودُ أسود حالكٌ
وعصر الصبى والعيش أبيض ناصع
إذا ابيض مسودِ العذار فانما
هو الصبح للذّات بالليل قاطع
لعمري لقد عاد النعيم لفاقدٍ
وقد طلعت للشام نعم المطالع
وزارة شمسيّ الثنا يعتلى به
محلّ ويدنو نوره والمنافع
هنيئاً لأفق الشام يا شمسَ مصره
بأنك بالتدبير للشام طالع
وأنك لا كالشمس ظلك سابغٌ
ولكن لأهل الزيغ وقدك قامع
وأنّ نماء الخلق والرزق لم يزل
الى الشمس عن إذن من الله راجع
وأنك يا موسى لذو القلم الذي
تهشَ به أهل الحيا وتدافع
عصاً لبلاد الشام فيها مآرب
ومن يدك البيضاء فيها صنائع
فراعنة الكتاب عن ظلمنا ارجعوا
فقد جاء موسى والعصا والقوارع
وذو الهيبة اللاتي بها يزع الورى
و ما ثمّ إلا خوفك الله وازع
اذا المرء خاف الله خافت من اسمه
أسود الفلا والعاديات الرواتع
لنعم الوزير الباسط اليد أنعماً
وأدعية للملك جذلان وادع
أخو الزهد والتدبير اما تهجدٌ
واما يراع ساجدُ الرأس راكع
ولو لم يجدنا غيث جدواه جادنا
بفضل دعاه شائع الغيث ذائع
تقصر أفكار العدى عن خداعه
ويخدعه في الجود من لا يخادع
أنا ابن كثيرٍ في رواية جوده
ومن كلّ بأسٍ عاصم ثم نافع
يقوم مقام النيل في مصر فضله
اذا جرّت الاقلام تلك الاصابع
ويغني عن الأنواء في الشام عدله
وعدل الفتى للخصب نعم المزارع
أتانا وقد ضنَّ السحاب بقطره
فجاد وأجدى نيله المتدافع
ولما وجدنا للثراء زيادةً
علمنا بأن الشام للخير جامع
كذا فليدبر دولةً ورعيةً
وزيرٌ لجمع المال والجود بارع
ألم ترني من بعد ذلٍ وفاقةٍ
بظلّ نداه والعناية راتع
ألم ترني في طوق نعماه ساجعاً
ولا عجبٌ إنّ المطوق ساجع
وسابق ظني لا الوسائل قدمت
ولا قربتني من حماه الشفائع
وعجّل معلومي وما كنت واصلاً
الى ربعه والشهر للشهر رابع
وأصلح مني ظاهراً ثم باطناً
فلا أنا عريانٌ ولا أنا جائع
إليك ابن تاج الدين در مدائح
بداية مهديها اليك بدائع
واني وان باكرت بالمدح منشدا
لداع باستار الاجنة ضارع
نباتي لفظ قد حلا وتكررت
اليك به للانام المطمع
وقد كان من حيث الاضاعة ضائعاً
فها هو من حيث التضرع ضائع
تقول رياض المزهرات لزهره
بلينا وما تبلى النجوم الطوالع
لك الله في كل الامور مؤيد
يمدك بالدهر الذي هو طائع
ولا ترفع الأيام ما أنت خافض
ولا تخفض الايام ما أنت رافع