يوم أتى بنسيم الريح موسوما
يوم أتى بنسيم الريح موسوما
يومٌ أتى بنسيم الرِّيح موسوما
مباركٌ بزمام المُلك مزموما
المهرجان الذي كانت تبجِّله
ملوك تبجيلاً وتعظيما
فاليمن طائرُه والسعد طالعُه
تفاؤلاً يوجب الزلفى وتنجيما
جاءتك عافيةٌ فاز الأنامُ بها
فوزاً عظيماً فمخصوصاً ومعموما
من بعدما شَنَّقَ الإرهاقُ أنفسَهم
وضُرِّمَت جمراتُ الخوف تضريما
وَعكُ الأمير وقاه اللَه كلَّ أذىً
أنشا سحاباً من الأحزان مركوما
لم يبق في الأرض لا روحٌ ولا بدنٌ
إلا وقد كان من حُمّاك محوما
حُمّاك نغَّصتِ اللذات فانقلبت
من التنغُّص غِسليناً وزقُّوما
حتّى حسبنا نسيمَ الريح صار لظىً
يشوي القلوب وصار الظلُّ يحموما
قسمتَ حُسناك بين الناس كلِّهمِ
فصار وَعكُك بين الناس مقسوما
لقد أبارَت قلوبَ الناس من جزعٍ
أنفاسُ كربٍ يُفَكِّكنَ الحيازيما
فقد كفى اللَه ما خافوا وما حذروا
فعاد مستبشراً مَن كان مهموما
من بعدما اصفرَّ وجهُ العيش حين رأى
خدَّ السرور بكفِّ الحزن ملطوما
وأقبل الجودُ كالولهان حين بدا
دمعُ المكارم والإحسانِ مسجوما
كانت لعلَّتك الدنيا على وجلٍ
خوفاً وكان لك الإسلامُ مغموما
سبحان مَن كشف البلوى وفرَّجَها
من بعدما صمَّم المكروهُ تصميما
فنحمد اللَه في تجديد نعمته
حمداً يحقِّق للتجديد تتميما
هذا الأمير ابن يزدادَ الذي ملأت
آثارُه وأياديه الأقاليما
والناس قد علموا مقدارَ سيرته
منهم وزادهم الإشفاقُ تعليما
يا عصمة الدين والدنيا وزينتها
لا زلتَ من نكبات الدهر معصوما
وكيف لا يتمنّى الناسُ كلُّهم
حياةَ مَن قد أماتَ الجورَ واللُّوما
عدلُ الأمير وإحسانُ الأمير هما
رَدّا الزمانَ عن الأحرار مخصوما
لا تعد مَنَّك دنياً أنت واحدُها
إذ كان شبهُك في ذا الدهرِ معدوما
صارت بك البصرة المأوى وقد غَنِيَت
وصار معنومها في الناس معنوما
عهدي بها وهي إقليم الشقاق فقد
صَيَّرتَها أنت للتأليف إقليما
فزادك اللهُ تمكيناً ومقدرةً
وزاد أنفَ الذي عاداك ترغيما
صَيَّرتَ حُسناك حتماً منك مفتَرَضاً
فصار حبُّك مفروضاً ومحتوما
صنائعٌ لك في الدنيا مشهَّرةٌ
تكاد بالشكرِ أن يفُصِحنَ تكليما
زحزحت عن كلِّ مظلومٍ ظُلامَتَهُ
فصار مالُكَ للراجين مظلوما
فحين حُكِّمتَ في الدنيا وزخرفها
حَكَّمتَ دِينك في دنياك تحكيما
أقبلتَ تخدم تقوى اللَه مجتهداً
فصرت باليمن والإقبال مخدوما
يستنشق الناس طِيباً إن ذكِرتَ لهم
كأنَّ أسماعهم صارت خياشيما
يا مَن إذا ما رأى المحرومُ طلعتَه
فلن يُرى ذلك المحروم محروما
لا زال ركنك موطوداً تُشيِّده
ولم يزل ركنُ مَن ناواك مهدوما
من رام يبغيك لم يظفر ببغيته
حتّى يرى الزِّنج في ألوانهم رُوما
اني لأكتم حاجاتٍ تُثَقِّلني
وأثقلُ السقمِ سقمٌ كان مكتوما
ما حيلة العبد في إذكار سيِّدِه
بعد التغافلِ عمّا كانَ معلوما
بَينا أُؤمِّل أن أزداد نافلةً
حتّى مُنِعتُ الذي قد كان مرسوما
والموت أجمل بالإنسان منزلةً
من أن يُرى بخِطام الذلِّ مخطوما
لِم أخَّرَ الكاتبُ الإنجازَ في عِدَتي
وكيف لا يجعل التأخير تقديما
هذا على أنَّه المرضيُّ مذهبُه
في السرِّ والجهر تعديلاً وتقويما
قد هذَّبَته بتقويمٍ صرامَتُه
وزاده النصح تهذيباً وتصريما
ولا يُلام فتىً يحتاط منتصحاً
ليس احتياطُ الفتى في النصح مذموما
لكن أرى المطلَ داءً في تطاولِهِ
وبالعناية يُلقى الداءُ محسوما
هل غير إحسانِ فعلٍ أو إساءَته
يبقى جزاؤهما في الصُّحف مرقوما
لا خير في القول معسولاً مذاقَتُه
حتّى إذا اختبروه كان مسموما
لا بدَّ من نفثة المصدور ينفثها
لولا الكلام لكان القلب مكلوما