يوم خريف
يوم خريف
وقف الكون شاخصا في سكون
وتراءى لخاطري كالحزين!
وشخوص الأحداث يغرقها الصمت
فتبدو كباهتات الظنـون
وكأن الزمان ساوره الحزن
فأغفى اغفاءة المستكين
وكأن الأفلاك أجهدها السير
فناءت بحمل عبء القرون!
وكأن الأقدار أرخت يديها
وتراخت عن صرفها للشئون
وقف الكون ساهما ليس يدري
أين يمضي؟ وأين لو شاء يمضي؟
طالما دار بالأنام وداروا
بين رفع من الحياة وخفــض!
ثم ماذا؟، تساءل الكون: ماذا؟
أ حياةٌ ما بين غزْل ونقضِ؟
أيما غاية تؤم إليها
أي قصد قضيتهُ أو سأقضي؟
تعب ضائع وجهد غبين
ومصير مقنع ليس يرضي!
وسرى اليأس والخمول إليه
فتراخى في سيره كالبليد!
وتمشى الهمود في كل شيء
مشية الداء بالأسى والكنود
فإذا الدوح في وجوم كئيب
وإذا الطير في ذهول شريد
وإذا الزهر في الرياض أسـيف
كصغار الأيتام في يوم عيد
وإذا بالزمان يعطو كسيحاً
كأسير يساق نضو القيود!
وكأن السماء والأرض، مرضى
برِماتـ بثِقلة العُوّاد!
وترى السحب في السماء تغشّي
ناظريها كصفحة من رماد
وترى الأرض كالكظيم من الحزن
ثكولا تسربلت بالحداد!
والفناء المريض طاف عليها
طائف منه في ثنايا الرقاد
كل شيء يرنو إلى كل شيء!
كسجين يرنو إلى الجلاد
مأتم صامت يهوّم فيهِ
شبح اليأس والقنوط العقيم
ليس موت وليس ثَم حياة
كل شيء في صمته كالسقيم
والوجوم الذي يغشّي عليها
كاسف البال ممعن في الوجوم!
وخفوق الأرواح أبطأ نبضاً
كخفوق النجوم خلف السديم
أسبلت عينها الحياة سآماً
واستنامت لليأس والتسليم!