آثار البلاد وأخبار العباد/الإقليم الثاني



الاقليم الثاني


هو حيث يكون ظلّ الاستواء في أوّله نصف النهار إذا استوى الليل والنهار قدمين وثلاثة أخماس قدم وآخره حيث يكون ظل الاستواء فيه نصف النهار ثلاثة أقدام ونصف وعشر سدس قدم يبتدىء من المشرق فيمرّ على بلاد الصين وبلاد الهند والسند ويمرّ بملتقى البحر الأخضر ويقطع جزيرة العرب في أرض نجد وتهامة والبحرين ثمّ يقطع بحر القلزم ونيل مصر إلى أرض المغرب.

ويكون أطول نهار هؤلاء في أوّل الإقليم ثلاث عشرة ساعة وربع الساعة وآخره ثلاث عشرة ساعة ونصف وربع وأوسطه ثلاث عشرة ساعة ونصف وطوله من المشرق إلى المغرب تسعة آلاف وثلاثمائة واثنا عشر ميلا واثنتان وأربعون دقيقة وعرضه أربعمائة ميل وميلان واحدى وخمسون دقيقة ومساحتها مكسرا ثلاثة آلاف ألف وستّمائة ألف ميل وتسعون ألف ميل وثلاثمائة وأربعون ميلا وأربع وخمسون دقيقة وأمّا المدن الواقعة فيها فسنذكرها مرتّبة على حروف المعجم ما انتهى خبرها إلينا والله المستعان.

الأبلق


حصن السّموأل بن عاديا اليهودي الذي يضرب به مثل الوفاء والحصن يسمّى الابلق الفرد لأنّه كان في بنائه بياض وحمرة وهو بين الحجاز والشام على تلّ من تراب والآن بقي على التلّ آثار الأبنية القديمة بناه أبو السموأل عاديا اليهودي. يقال : أوفى من السموأل.

وكان من قصّته أن امرأ القيس بن حجر الكندي لمّا قتل أبوه مرّ إلى قيصر يستنجده على قتلة أبيه وكان اجتيازه على الأبلق الفرد فرآها قلعة حصينة ذاهبة نحو السماء وكان معه أدراع تركها عند السموأل وديعة وذهب.

فبلغ هذا الخبر الحرث بن ظالم الغسّاني فسار نحو الأبلق لأخذ الدروع فامتنع السموأل من تسليمها إليه فظفر بابن السموأل وكان خارج الحصن يتصيّد فجاء به إلى أسفل الحصن وقال : إن دفعت الدروع إليّ وإلّا قتلت ابنك! فقال السموأل : لست أخفر ذمّتي فاصنع ما شئت! فذبحه والسموأل ينظر إليه وانصرف الملك على يأس! فضرب العرب المثل في الوفاء. وقال السموأل :

بنى لي عاديا حصنا حصينا
وماء كلّما شئت استقيت
رفيعا تزلق العقبان عنه
إذا ما نابني ضيم أبيت
وأوصى عاديا قدما بأن لا
تهدّم يا سموأل ما بنيت
وفيت بأدرع الكنديّ إني
إذا ما خان أقوام وفيت


أجأ وسلمى


جبلان بأرض الحجاز وبها مسكن طيّء وقراهم. موضع نزه كثير المياه والشجر. قيل : أجأ اسم رجل وسلمى اسم امرأة كانا يألفان عند امرأة اسمها معروجا فعرف زوج سلمى بحالهما فهربا منه فذهب خلفهما وقتل سلمى على جبل سلمى وأجأ على جبل أجأ ومعروجا فسميّت المواضع بهم وقال الكلبي : كان على أجأ أنف أحمر كأنّه تمثال إنسان يسمّونه فلسا كان طيّء يعبدونه إلى عهد رسول الله فلمّا جاء الإسلام بعث رسول الله عليّ بن أبي طالب في مائة وخمسين من الأنصار فكسروا فلسا وهدموا بيته وأسروا بنت حاتم.

ينسب إليها أبو سليمان داود بن نصير الطائي الزاهد العابد ؛ قيل إنّه سمع امرأة عند قبر تقول :

مقيم إلى أن يبعث الله خلقه
لقاؤك لا يرجى وأنت قريب
تزيد بلى في كلّ يوم وليلة
وتبقى كما تبلى وأنت حبيب

كان ذلك سبب توبته. وقيل : إنّه ورث من أبيه أربعمائة درهم أنفقها ثلاثين سنة وصام أربعين سنة ما علم أهله أنّه صائم. وكان حرّازا يأخذ أوّل النهار غداءه معه إلى الدكان ويتصدّق به في الطريق ويرجع آخر النهار يتعشّى في بيته ولا يعلم أهله أنّه كان صائما. وكان له داية قالت : يا أبا سليمان أما تشتهي الخبز؟ قال : يا داية بين أكل الخبز وشرب القنيت أقرأ خمسين آية! وقال حفص بن عمر الجعفي : إن داود الطائي مرّ بآية يذكر فيها النار فكرّرها في ليلة مرارا فأصبح مريضا فوجدوه مات ورأسه على لبنة سنة خمس وستّين ومائة في خلافة المهدي.

وينسب إليها أبو تمام حبيب بن أوس الطائي الشاعر المفلق فاق على كلّ من كان بعده بفصاحة اللفظ وجزالة المعنى ؛ قيل إنّه أنشد قصيدته في مدح المعتصم :

ما في وقوفك ساعة من باس
تقضي ذمام الأربع الدّرّاس

فلمّا انتهى إلى المديح قال :

إقدام عمرو في سماحة حاتم
في حلم أحنف في ذكاء إياس
قال بعض الحاضرين : مه! من هؤلاء حتى تشبّه الخليفة بهم؟ فأطرق أبو تمام هنيّة ثمّ رفع رأسه وقال :
لا تنكروا ضربي له من دونه
مثلا شرودا في النّدى والباس
فالله قد ضرب الأقلّ لنوره
مثلا من المشكاة والنّبراس

فتعجّب الخليفة والحاضرون من قدرته على الكلام فولّاه الموصل.

وحكى البحتري أنّه دخل على بعض الولاة ومدحه بقصيدة قرأها عليه قال : فلمّا تمّمتها قال رجل من الحاضرين : يا هذا أما تستحي تأتي بشعري وتنشده بحضوري؟ قلت : تعني أن هذه القصيدة لك؟ قال : خذها! وجعل يعيدها إلى آخرها. قال : فبقيت لا أرى بعيني شيئا واسودّ وجهي فقمت حتى أخرج فلمّا شاهد مني تلك الحالة قام وعانقني وقال : الشعر لك وأنت أمير الشعراء بعدي! فسألت عنه قالوا : هو أبو تمام الطائي.

وينسب إليها حاتم الطائي وكان جوادا شاعرا شجاعا إذا قاتل غلب وإذا غنم نهب وإذا سئل وهب وكان أقسم بالله أن لا يقتل واحد أمّه وكان يقول لعبده يسار إذا اشتدّ كلب الشتاء :

أوقد فإنّ اللّيل ليل قرّ
والرّيح يا واقد ريح صرّ
عسى يرى نارك من يمرّ
إن جاءنا ضيف فأنت حرّ

وقالوا : لم يكن يمسك إلّا فرسه وسلاحه.

وحكي أنّه اجتاز في سفره على عترة فرأى فيهم أسيرا فاستغاث بحاتم فاشتراه من العتريّين وقام مقامه في القدّ حتى أدّى فكاكه.

ومن العجب ما ذكر أن قوما نزلوا عند قبر حاتم وباتوا هناك وفيهم رجل يقال له أبو الخيبري يقول طول ليله : يا حفر اقر أضيافك! فقيل له :مهلا ما تكلّم من رمّة بالية! فقال : إن طيّئا يزعم أنّه لم ينزل به أحد إلّا قراه! فلمّا نام رأى في نومه كأن حاتما جاء ونحر راحلته فلمّا أصبح جعل يصيح : وا راحلتاه! فقال أصحابه : ما شأنها؟ قال : عقرها حاتم بسيفه والله وأنا أنظر إليها حتى عقرها! فقالوا : لقد قراك! فظلّوا يأكلونها واردفوه فاستقبلهم في اليوم الثاني راكب قارن جملا فإذا هو عديّ بن حاتم فقال :أيّكم أبو الخيبري؟ قالوا : هذا. فقال : إن أبي جاءني في النوم وذكر شتمك إيّاه وأنّه قد قرى براحلتك أصحابك وقال في ذلك أبياتا وهي هذه :

أبا الخيبريّ وأنت امرؤ
حسود العشيرة شامها
لماذا عمدت إلى رمّة
بدوّية صخب هامها
تبغي أذاها وإعسارها
وحولك غوث وأنعامها
وإنّا لنطعم أضيافنا
من الكوم بالسّيف نعتامها

وأمرني ببعير لك فدونكه! فأخذه وركبه وذهب مع أصحابه.

وقال ابن دارة لمّا مدح عديّا :

أبوك أبو سفّانة الخير لم يزل
لدن شبّ حتّى مات في الخير راغبا
به تضرب الأمثار في النّاس ميّتا
وكان له إذ كان حيّا مصاحبا
قرى قبره الأضياف إذ نزلوا به
ولم يقر قبر قبله قطّ راكبا


ارام


مدينة بأرض الهند فيها هيكل فيه صنم مضطجم يسمع منه في بعض الأوقات صفير فيرى قائما فإذا فعل ذلك كان دليلا على الرخص والخصب في تلك السنة وإن لم يفعل يدلّ على الجدب والناس يمتارون من المواضع البعيدة ذكره صاحب تحفة الغرائب.

البحرين


ناحية بين البصرة وعمان على ساحل البحر بها مغاص الدرّ ودرّه أحسن الأنواع وينتقل إليها قفل الصدف في كلّ سنة من مجمع البحرين يحمل الصدف بالدرّ بمجمع البحرين ويأتي إلى البحرين ويستوي خلقه هاهنا وإذا وصل قفل الصدف يهنىء الناس بعضهم بعضا وليس لأحد من الملوك مثل هذه الغلّة ومن سكن بالبحرين يعظم طحاله وينتفخ بطنه ولهذا قال الشاعر :

ومن سكن البحرين يعظم طحاله
ويعظم فيها بطنه وهو جائع

وبها نوع من البسر من شرب من نبيذه وعليه ثوب أبيض صبغه عرقه حتى كأنّه ثوب أحمر.

ينسب إليها القرامطة أبو سعيد وأبو طاهر خالفوا ملّة الإسلام وقتلوا الحجّاج ونهبوا سلب الكعبة وخروجهم سنة خمس وسبعين ومائتين في عهد المعتمد بن المتوكّل وقلعوا الحجر الأسود وأخذوه وبعث إليهم الخليفة العبّاس بن عمرو الغنوي في عسكر كثيف قتلوا الجميع وأسروا العبّاس ثمّ أطلقوه وحده حتى يخبر الناس بما جرى عليهم والحجر الأسود بقي عندهم سنين حتى اشتراه المطيع بالله بأربعة وعشرين ألف دينار وردّه إلى مكانه.

حكي أن بعض القرامطة قال لبعض علماء الإسلام : عجبت من عقولكم! بذلتم مالا كثيرا في هذا الحجر فما يؤمنكم انّا ما أمسكناه ورددنا إليكم غيره؟ فقال العالم : لنا في ذلك علامة وهي أنّه يطفو على الماء ولا يرسب!فألقمه الحجر.

بدر


موضع بين مكّة والمدينة بها الواقعة المباركة التي كانت بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمشركين وحضر فيها الملائكة والجنّ والانس والمسلمون كلّهم. وبها بئر ألقي فيها قتلى المشركين فدنا منها رسول الله عليه السلام وقال : يا عتبة يا شيبة هل وجدتم ما وعد ربّكم حقّا؟ فقيل : يا رسول الله هل يسمعون كلامنا؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : والذي نفسي بيده لستم بأسمع منهم إلّا أنّهم لا يقدرون على ردّ الجواب!

تبّت


بلاد متاخمة للصين من إحدى جهاته وللهند من أخرى مقدار مسافتها مسيرة شهر بها مدن وعمارات كثيرة ولها خواصّ عجيبة في هوائها ومائها وأرضها من سهلها وجبلها ولا تحصى عجائب أنهارها وثمارها وآبارها. وهي بلاد تقوى بها طبيعة الدم فلهذا الغالب على أهلها الفرح والسرور فلا يزال الإنسان بها ضاحكا فرحا لا يعرض له الهمّ والحزن ولا يكاد يرى بها شيخ حزين أو عجوز كئيبة بل الطرب في الشيوخ والكهول والشبّان عام حتى يرى ذلك في وجه بهائمهم أيضا وفي أهلها رقّة طبع وبشاشة وأريحيّة تبعث على كثرة استعمال الملاهي وأنواع الرقص حتى ان أحدهم لو مات لا يدخل أهله كثير حزن.

وبها معدن الكبريت الأحمر الذي في الدنيا قليل من ظفر به فقد ظفر بمراده.

وبها جبل السمّ وهو جبل من مرّ به يضيق نفسه فإمّا يموت أو يثقل لسانه.

وبها ظباء المسك وانّها في صورة ظباء بلادنا إلّا أن لها نابين كنابات الخنازير وسرّتها مسك ولكن مسك ظباء تبّت أحسن أنواع المسك لأن ظباءها ترعى السنبل وأهل تبت لا يتعرّضون للمسك حتى ترميه الغزال وذلك أنّه يجتمع الدم في سرّتها مثل الخراج فإذا تمّ ذلك الخراج تأخذ الغزال شبه الحكّة فإذا رأت حجرا حادّا تحكّ به سرّتها والدم ينفجر منها والغزال تجد بذلك لذّة فتحكّ حتى تنصب المادة كلّها من السرّة وتقع على ذلك الحجر وأهل تبت يتبعون مراعيها فإذا وجدوا تلك المادّة المنفجرة على الحجر أخذوها وأودعوها النوافج فإنّها أحسن أنواع المسك لبلوغ نضجه وإن ذلك يكون عند ملوكهم يتهادون به قلّ ما يقع منه بيد التجّار.

وبها فارة المسك وهي دويبة تصاد وتشدّ سرّتها شدّا وثيقا فيجتمع فيها الدم ثمّ يذبحونها ويقوّرون سرّتها ويدفنونها في وسط الشعير أيّاما فيجمد الدم فيها فيصير مسكا ذكيّا بعدما كان نتن الرائحة وهي أحسن أنواع المسك وأعزّها وأيضا في بيوتهم جرذان سود لها رائحة المسك ولا يحصل من سرّتها شيء ينتفع به.

وأهل تبت ترك من نسل يافث بن نوح عليه السلام وبها قوم من حمير من نسل من حملهم إليها في زمن التبابعة.


تكناباذ


ناحية من أعمال قندهار في جبالها حجر إذا ألقي على النار ونظر إليه شيء من الحيوان ينتفخ بدنه حتى يصير ضعف ما كان.

حكى لي الأمير حسام الدين أبو المؤيّد نعمان أن تلك الخاصيّة في المرة الأولى كراكب البحر فإنّه في المرّة الأولى يغشاه الدوار والغشيان وبعد ذلك لا يكون شيء من ذلك.

وقال الأمير أبو المؤيد : حضرت عند بعض الأمراء بتلك الديار فأحضر عندنا مجمرة عليها عود فرأيت وجه من كان قاعدا عندي انتفخ وشخصت عيناه وتغيّر عليه الحال وتهوّع فأمر أمّ المثوى بإزالة المجمرة متبسّما فرجع صاحبي إلى حاله! قلت له : ما الذي دهمك فإني رأيت منك على صفة كذا؟ فقال لي : وأنا أيضا رأيت منك مثل ما رأيت مني! فأخبرتنا أمّ المثوى أن هذا من خاصيّة هذا الحجر وأنا أردت أن أريكم شيئا عجيبا.


جاجلى


مدينة بأرض الهند حصينة جدّا على رأس جبل مشرف نصفها على البحر ونصفها على البرّ. قالوا : ما امتنع على الإسكندر شيء من بلاد الهند إلّا هذه المدينة.

قال مسعر بن المهلهل : أهل هذه المدينة كلّها من الكواكب يعظّمون قلب الأسد ولهم بيت رصد وحساب ومعرفة بعلم النجوم. وعمل الوهم في طباعهم إذا أرادوا حدوث حادث صرفوا همّتهم إليه وما زالوا به حتى حدث.

حكي أن بعض ملوكهم بعث إلى بعض الأكاسرة هدايا فيها صندوقان مقفّلان فلمّا فتحوهما كان في كلّ صندوق رجل قيل : من أنتما؟ قالا :نحن إذا أردنا شيئا صرفنا همّتنا إليه فيكون. فاستنكروا ذلك فقالا : إذا كان للملك عدوّ لا يندفع بالسيف فنحن نصرف همّتنا إليه فيموت! فقالوا لهما :اصرفا همّتكما إلى موتكما. قالا : اغلقوا علينا الباب. فأغلقوا ثمّ عادوا إليهما فوجدوهما ميتين فندموا على ذلك وعلموا أن قولهما صحيح.

وبهذه المدينة شجرة الدارصيني وهي شجر حرّ لا مالك له.

وأهل هذه المدينة لا يذبحون الحيوان ولا يأكلون السمك ومأكولهم البرّ والبيض.

جزيرة برطاييل


جزيرة قريبة من جزائر الزانج قال ابن الفقيه : سكّانها قوم وجوههم كالمجانّ المطرّقة وشعورهم كأذناب البراذين وبها الكركدن وبها جبال يسمع منها باللّيل صوت الطبل والدفّ والصياح المزعجة والبحريّون يقولون :إن الدجّال فيها ومنها يخرج.

وبها القرنفل ومنها يجلب وذلك أن التجّار ينزلون عليها ويضعون بضائعهم وأمتعتهم على الساحل ويعودون إلى مراكبهم ويلبثون فيها فإذا أصبحوا ذهبوا إلى أمتعتهم فيجدون إلى جانب كلّ شيء من البضاعة شيئا من القرنفل فإن رضيه أخذه وترك البضاعة وإن أخذوا البضاعة والقرنفل لم تقدر مراكبهم على السير حتى يردّوا أحدهما إلى مكانه وإن طلب أحدهم الزيادة فترك البضاعة والقرنفل فيزاد له فيه.

وحكى بعض التجّار أنّه صعد هذه الجزيرة فرأى فيها قوما مردا وجوههم كوجوه الأتراك وآذانهم مخرّمة ولهم شعورهم على زيّ النساء فغابوا عن بصره ثمّ إن التجّار بعد ذلك أقاموا يتردّدون إليها ويتركون البضائع على الساحل فلم يخرج إليهم شيء من القرنفل فعلموا أن ذلك بسبب نظرهم إليهم ثمّ عادوا بعد سنين إلى ما كانوا عليه.

ولباس هذا القوم ورق شجر يقال له اللوف يأكلون ثمرتها ويلبسون ورقها.

ويأكلون حيوانا يشبه السرطان وهذا الحيوان إذا أخرج إلى البرّ صار حجرا صلدا وهو مشهور يدخل في الاكحال ويأكلون السمك والموز والنارجيل والقرنفل وهذا القرنفل من أكله رطبا لا يهرم ولا يشيب شعره.


جزيرة جابة


جزيرة في بحر الهند فيها قوم شقر وجوههم على صدورهم. وبها جبل عليه نار عظيمة بالليل ودخان عظيم بالنهار ولا يقدر أحد على الدنو منه وبها العود والنارجيل والموز وقصب السكّر.

جزيرة سقطرى


جزيرة عظيمة فيها مدن وقرى توازي عدن يجلب منها الصبر ودم الأخوين. أمّا الصبر فصمغ شجرة لا توجد إلّا في هذه الجزيرة وكان أرسطاطاليس كاتب الإسكندر يوصيّه في أمر هذه الجزيرة لأجل هذا الصبر الذي فيه منافع كثيرة سيما في الايارجات فأرسل الإسكندر جمعا من اليونانيّين إلى هذه الجزيرة فغلبوا من كان فيها من الهند وسكنوها.

فلمّا مات الإسكندر وظهر المسيح عليه السلام تنصّروا وبقوا على التنصّر إلى هذا الوقت وهم نسل الحكماء اليونانيّين وليس في الدنيا والله أعلم قوم من نسل اليونانيّين يحفظون أنسابهم غير أولئك ولا يداخلون فيها غيرهم. وطول هذه الجزيرة نحو ثمانين فرسخا وفيها عشرة آلاف مقاتل نصارى.

جزيرة السّلامط


جزيرة في بحر الهند يجلب منها الصندل والسنبل والكافور. وبها مدن وقرى وزروع وثمار وفي بحرها سمكة إذا أدركت ثمار أشجار هذه الجزيرة تصعد السمكة أشجارها وتمصّ ثمارها مصّا ثمّ تسقط كالسكران فيأتي الناس يأخذونها. وحكى صاحب تحفة الغرائب : أن بهذه الجزيرة عينا فوّارة يفور الماء منها وينزل في ثقبة بقربها فما يبقى من الرشاشات على أطرافها ينعقد حجرا صلدا فما كان من الرشاشات في اليوم يصير حجرا أبيض وما كان في الليل يصير حجرا أسود.

جزيرة سيلان


جزيرة عظيمة بين الصين والهند. دورتها ثمانمائة فرسخ وسرنديب داخل فيها وبها قرى ومدن كثيرة وعدّة ملوك لا يدين بعضهم لبعض والبحر عندها يسمّى شلاهط ويجلب منها الأشياء العجيبة.

وبها الصندل والسنبل والدارصيني والقرنفل والبقم وسائر العقاقير وقد يوجد من العقاقير ما لا يوجد في غيرها وقيل : بها معادن الجواهر وانّها جزيرة كثيرة الخير.

جزيرة الشّجاع


جزيرة عامرة واسعة بها قرى ومدن وجبال وأشجار ولبلدانها أسوار عالية ظهر فيها شجاع عظيم يتلف مواشيهم وكان الناس منه في شدّة شديدة فجعلوا له كلّ يوم ثورين وظيفة ينصبونهما قريبا من موضعه وهو يقبل كالسحاب الأسود وعيناه تقدان كالبرق الخاطف والنار تخرج من فيه فيبلع الثورين ويرجع إلى مكانه وإن لم يفعلوا ذلك قصد بلادهم وأتلف من الناس والمواشي والمال ما شاء الله فشكا أهل هذه الجزيرة إلى الإسكندر فأمر بإحضار ثورين وسلخهما وحشا جلدهما زفتا وكبريتا وكلسا وزرنيخا وكلاليب حديد وجعلهما مكان الثورين على العادة فجاء الشجاع وابتلعهما واضطرم الكلس في جوفه وتعلّقت الكلاليب بأحشائه فرأوه ميتا فاتحا فاه ففرح الناس بموته.

جزيرة القصر


في بحر الهند ذكروا أن فيها قصرا أبيض يتراءى للمراكب فإذا رأوا ذلك تباشروا بالسلامة والربح. قيل : إنّه قصر شاهق لا يدرى ما في داخله وقيل : فيها أموات وعظام كثيرة وقيل : إن بعض ملوك العجم سار إليها فدخل القصر بأتباعه فوقع عليهم النوم وخدرت أجسامهم فبادر بعضهم إلى المراكب وهلك الباقون.

وحكي أن ذا القرنين رأى في بعض الجزائر أمّة رؤوسهم رؤوس الكلاب وأنيابهم خارجة من فيهم. خرجوا إلى مراكب ذي القرنين وحاربوها فرأى نورا ساطعا فإذا هو قصر مبنيّ من البلور الصافي وهؤلاء يخرجون منه فأراد النزول عليه فمنعه بهرام الفيلسوف الهندي وعرّفه ان من دخل هذا القصر يقع عليه النوم والغشي ولا يستطيع الخروج فيظفر به هؤلاء والبحر لا تحصى عجائبه.

الحجاز


حاجز بين اليمن والشام وهو مسيرة شهر قاعدتها مكّة حرسها الله تعالى لا يستوطنها مشرك ولا ذميّ كانت تقام للعرب بها أسواق في الجاهليّة كلّ سنة فاجتمع بها قبائلهم يتفاخرون ويذكرون مناقب آبائهم وما كان لهم من الأيّام ويتناشدون أشعارهم التي أحدثوا.

وكانت العرب إذا أرادت الحجّ أقامت بسوق عكاظ شهر شوال ثمّ تنتقل إلى سوق مجنّة فتقيم فيه عشرين يوما من ذي القعدة ثمّ تنتقل إلى سوق ذي المجار فتقيم فيه إلى الحجّ والعرب اجتمعوا في هذه المواسم فإذا رجعوا إلى قومهم ذكروا لقومهم ما رأوا وما سمعوا.

عن ابن عبّاس رضي الله عنه ان وفد اياد قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال لهم : أيّكم يعرف قسّ بن ساعدة؟ قالوا : كلّنا نعرفه. قال : ما فعل؟ قالوا : هلك! فقال صلّى الله عليه وسلّم : ما أنساه بعكاظ في الشهر الحرام على حمل أورق وهو يخطب الناس ويقول : أيّها الناس اسمعوا وعوا من عاش مات ومن مات فات وكلّ ما هو آت آت إن في السماء لخبرا : سحائب تمور ونجوم تغور في فلك يدور. ويقسم قسّ قسما ان الله دينا هو أرضى من دينكم هذا! ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون؟

ارضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا فناموا؟ ثمّ قال : أيّكم يروي شعره؟ فقال أبو بكر : أنا أحفظه يا رسول الله ؛ فقال : هات فأنشد :

في الذّاهبين الأوّلين من القرون لنا بصائر
لمّا رأيت مواردا للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها تمضي الأكابر والأصاغر
أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر
لا يرجع الماضي ولا يبقى من الباقين غابر

قال ابن عبّاس رضي الله عنه : ذكر قسّ بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال : رحم الله قسّا إني لأرجو أن يأتي أمّة واحدة.

حكى رجل من ثقيف انّه رأى بسوق عكاظ رجلا قصير القامة على بعير في حجم شاة وهو يقول : أيّها الناس هل فيكم من يسوق لنا تسعا وتسعين ناقة ينطلق بها إلى أرض وبار فيؤدّيها إلى حماله صبار؟ قال : فاجتمع الناس عليه يتعجبون منه ومن كلامه وبعيره. فلمّا رأى ذلك عمد إلى بعيره وارتفع في الهواء ونحن ننظر إليه إلى أن غاب عن أعيننا.

ويكثر لأهل الحجاز الجذام لفرط الحرارة يحرق أخلاطهم فيغلب على مزاجهم السوداء سوى أهل مكّة فإن الله كفاهم ذلك.

وبها أشجار عجيبة كالدوم وهو شجر المقل قيل : إنّها شجر النارجيل في غير الحجاز والعنم ولها ثمرة طويلة حمراء تشبه أصابع العذارى والاسحل شجر المساويك والكنهبل والبشام ؛ قالوا : هو شجر البلسان بمصر والرتم والضال والسمر والسلع.

وبها جبل الحديد وهو في ديار بجيلة ويسمّى جبل الحديد إمّا لصلابة حجره أو لأنّه معدن الحديد.

أسرت بجيلة تأبّط شرّا فاحتال عليهم حيلة عجيبة وذاك أن تأبّط شرّا وعمرو بن برّاق والشّنفرى خرجوا يرون بجيلة فبدرت بهم بجيلة فابتدر ستّة عشر غلاما من سرعانهم وقعدوا على ماء لهم وأنذر تأبّط شرّا بخروج القوم لطلبة فشاور صاحبيه فرجعوا إلى قلّة هذا الجبل وإنّه شاهق مشمخّر وأقاموا حتى يضجر القوم وينصرفوا فلمّا كان اليوم الثالث قالا لتأبّط شرّا :رد بنا وإلّا هلكنا عطشا! فقال لهما : البثا هذا اليوم فما للقوم بعد اليوم مقام.

فأبيا وقالا له : هلكنا فرد بنا وفينا بقيّة. قال : اهبطا. فلمّا قربوا من الماء أصغى تأبّط شرّا وقال لصاحبيه : إني لأونس وحبيب قلوب الرصد على الماء! قالا : وجيب قلبك يا تأبّط! قال : كلّا ما وجب وما كان وجّابا ولكن رد يا عمرو واستنقض الموضع وعد إلينا. فورد وصدر ولم ير أحدا فقال :ما على الماء أحد. فقال تأبّط شرّا : بلى ولكنّك غير مطلوب. ثمّ قال : رد يا شنفرى واستنقض الموضع وعد. فورد الشنفرى وشرب وصدر وقال :ما رأيت على الماء أحدا.

قال تأبّط شرّا : بلى ما يريد القوم غيري! فسر يا شنفرى حتى تكون من خلفهم بحيث لا يرونك وأنت تراهم فإني سأرد فأؤخذ وأكون في أيديهم فابدلهم يا عمرو حتى يطمعوا فيك فإذا اشتدّوا عليك ليأخذوك وبعدوا عني فابدر يا شنفرى حلّ عني وموعدنا قلّة جبل الحديد حيث كنّا وورد تأبّط شرّا وشرب الماء فوثب عليه القوم وأخذوه وشدّوا وثاقه فقال تأبّط شرّا :يا بجيلة إنّكم لكرام فهل لكم أن تمنّوا عليّ بالفداء وعمرو بن برّاق فتى فهم وجميلها على أن تأسرونا أسر الفداء وتؤمنونا من القتل ونحن نحالفكم ونكون معكم على أعدائكم وينشر هذا من كرمكم بين أحياء العرب؟ قالوا : أين عمرو؟ قال : ها هو معي قد أخّره الظمأ وخلّفه الكلال!فلم يلبث حتى أشرف عمرو في اللّيل فصاح به تأبّط شرّا : يا عمرو إنّك لمجهود فهل لك أن تمكّن من نفسك قوما كراما يمنّون عليك بالفداء؟قال عمرو : أمّا دون أن أجرّب نفسي فلا. ثمّ عدا فلا ينبعث فقال تأبّط شرّا : يا بجيلة دونكم الرجل فإنّه لا بصر له على السعي وله ثلاث لم يطعم شيئا! فعدوا في أثره فأطمعهم عمرو عن نفسه حتى أبعدهم وخرج الشنفرى وحلّ تأبّط شرّا وخرجا يعدوان ويصيحان : يعاط يعاط! وهي شعار تأبّط شرّا فسمع عمرو أنّه نجا واستمرّ عدوا وفات أبصارهم واجتمعوا على قلّة الجبل ونجوا ثمّ عادوا إلى قومهم فقال تأبّط شرّا في تلك العدوة :

يا طول ليلك من همّ وإبراق
ومرّ طيف على الأهوال طرّاق
تسري على الأين والحبّاب مختفيا
أحبب بذلك من سار على ساق
لتقرعنّ عليّ السّنّ من ندم
إذا تذكّرن مني بعض أخلاق
نجوت فيها نجاتي من بجيلة إذ
رفعت للقوم يوم الرّوع أرفاقي
لمّا تنادوا فأغروا بي سراعهم
بالعيلتين لدى عمرو بن برّاق
لا شيء أسرع مني ليس ذا عذر
ولا جناح دوين الجوّ خفّاق
أو ذي حيود من الأروى بشاهقة
وأمّ خشف لدى شثّ وطبّاق
حتى نجوت ولمّا يأخذوا سلبي
بواله من قنيص الشّدّ غيداق
وقلّة كشباة الرّمح باسقة
ضحيانة في شهور الصّيف مخراق
بادرت قلّتها صحبي وقد لعبوا
حتى نميت إليها قبل إشراق
ولا أقول إذا ما خلّة صرمت :
يا ويح نفسي من جهدي وإشفاقي!
لكنّما عولي إن كنت ذا عول
على ضروب بحدّ السّيف سبّاق
سبّاق عادية فكّاك عانية
قطّاع أودية جوّاب آفاق!

وبها جبل رضوى وهو جبل منيف ذو شعاب وأودية يرى من البعد أخضر وبه مياه وأشجار كثيرة زعم الكيسانيّة أن محمّد بن الحنفيّة مقيم به وهو حيّ بين يدي أسد ونمر يحفظانه وعنده عينان نضّاختان تجريان بماء وعسل ويعود بعد الغيبة يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا وهو المهدي المنتظر وإنّما عوقب بهذا الحبس لخروجه على عبد الملك بن مروان وقلبه على يزيد بن معاوية وكان السيّد الحميري على هذا المذهب ويقول في أبيات :

ألا قل للوصيّ : فدتك نفسي!
أطلت بذلك الجبل المقاما

ومن جبل رضوى يقطع حجر المسنّ ويحمل إلى البلاد. وبها جبل السراة ؛ قال الحازمي : إنّها حاجزة بين تهامة واليمن وهي عظيمة الطول والعرض والامتداد ولهذا قال الشاعر :

سقوني وقالوا : لا تغنّ! ولو سقوا
جبال السّراة ما سقيت لغنّت

قال أبو عمرو بن العلاء : أفصح الناس أهل السروات أوّلها هذيل ثمّ بجيلة ثمّ الأزد أزد شنوءة. وإنّها كثيرة الأهل والعيون والأنهار والأشجار وبأسفلها أودية تنصبّ إلى البحر وكلّ هذه الجبال تنبت القرظ وفيها الأعناب وقصب السكر والاسحل وفيه معدن البرام يحمل منه إلى سائر البلاد.

وبها جبل قنا وهو جبل عظيم شامخ سكّانه بنو مرّة من فزارة.

وحظّ صاحبة قنا مشهور ؛ قال الشاعر :

أصبت ببرّة خيرا كثيرا
كأخت قنا به من شعر شاعر

وهو ما ذكر أن نصيبا الشاعر اجتاز بقنا ووقف على باب يستسقي فخرجت إليه جارية بلبن أو ماء وسقته وقالت له : شبّب بي! فقال لها :ما اسمك؟ قالت : هند. فأنشأ يقول :

أحبّ قنا من حبّ هند ولم أكن
أبالي أقربا زاده الله أم بعدا؟
أروني قنا أنظر إليه فإنّني
أحبّ قنا إنّي رأيت به هندا!

فشاع هذا الشعر وخطبت الجارية وأصابت خيرا بسبب شعر نصيب.

وبها جبل يسوم في بلاد هذيل قرب مكّة لا يكاد أحد يرتقيه ولا ينبت غير النبع والشوحط تأوي إليه قرود تفسد قصب السكّر في جبال السراة وأهل جبال السراة من تلك القرود في بلاء وشدّة عظيمة لا يمكنهم دفعها لأن مساكنها لا تنال.

وفي الأمثال : الله أعلم بمن حطّها عن رأس يسوم ؛ قيل : إن رجلا نذر ذبح شاة فمرّ بيسوم فرأى فيه راعيا فاشترى منه شاة وأنزلها من الجبل وأمر الراعي بذبحها وتفريقها عنه وولّى. فقيل له : إن الراعي يذبحها لنفسه! فقال : الله اعلم بمن حطّها عن رأس يسوم.

وبها عين ضارج عين في برية مهلكة بين اليمن والحجاز في موضع لا مطمع للماء فيه. حدّث إبراهيم بن إسحاق الموصلي أن قوما من اليمن أقبلوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فضلّوا الطريق ومكثوا ثلاثا لم يجدوا ماء وأيسوا من الحياة إذ أقبل راكب على بعير له وكان بعضهم ينشد :

ولمّا رأت أنّ الشّريعة همّها
وأنّ البياض من فرائصها دامي
تيمّمت العين التي عند ضارج
يفيء عليها الظّلّ عرمضها طامي

فقال الراكب : من قائل هذا الشعر؟ قالوا : امرؤ القيس. قال : والله ما كذب! هذا ضارج وأشار إليه فحثّوا على ركبهم فإذا ماء عذب وعليه العرمض والظلّ يفيء عليه فشربوا ريّهم وحملوا ما اكتفوا فلمّا أتوا رسول الله قالوا : يا رسول الله أحيانا الله ببيتين من شعر امرىء القيس وأنشدوا فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ذاك رجل مذكور في الدنيا شريف فيها منسيّ في الآخرة خامل فيها يجيء يوم القيامة ومعه لواء الشعراء إلى النار.

وبها عين المشقّق. المشقّق : اسم واد بالحجاز وكان به وشل يخرج منه ماء يروي الراكبين أو الثلاثة فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك : من سبقنا الليلة إليه فلا يستقينّ منه شيئا حتى نأتيه. فسبقه نفر من المنافقين فاستقوا ما فيه فلمّا أتاه النبيّ عليه السلام لم ير فيه شيئا فقال : أولم أنهكم أن تستقوا منه شيئا؟ ثمّ نزل فوضع يده تحت الوشل فجعل يصب في يده من الماء فنضحه به ومسحه بيده المباركة ودعا بما شاء أن يدعو ربّه فانخرق من الماء ما سمع له حسّ كحسّ الصواعق فشرب الناس واستقوا حاجتهم فقال صلّى الله عليه وسلّم : لئن بقيتم أو بقي أحد منكم ليسمعنّ بهذا الوادي وهو أخضر ما بين يديه وما خلفه. وكان كما قال صلّى الله عليه وسلّم.

الحجر


ديار ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام. قال الاصطخري : هي قرية من وادي القرى على يوم بين جبال بها كانت منازل ثمود الذين قال الله تعالى فيهم : وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين. قال : رأيتها بيوتا مثل بيوتنا في جبال تسمّى الاثالث وهي جبال إذا رآها الرائي من بعد ظنّها متّصلة فإذا توسّطها رأى كلّ قطعة منها منفردة بنفسها يطوف بكلّ قطعة منها الطائف وحواليها رمل لا يكاد يرتقى ذروتها. بها بئر ثمود التي كان شربها بين القوم وبين الناقة ولمّا سار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى تبوك أتى على منازل ثمود وأرى أصحابه الفجّ الذي كانت الناقة منه ترد الماء وأراهم ملتقى الفصيل في الجبل وقال عليه السلام لأصحابه : لا يدخلنّ أحدكم القرية ولا يشربن من مائها ولا يتوضّأ منه وما كان من عجين فاعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا ولا يخرج الليلة أحد إلّا مع صاحبه.

ففعل الناس ذلك إلّا رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لطلب بعير له والآخر لقضاء حاجته فالذي خرج لحاجته أصابه جنون والذي خرج لطلب البعير احتملته الريح. فأخبر بهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال :ألم أنهكم أن يخرج أحد إلّا مع صاحبه؟ فدعا لمن أصابه جنون فشفي وأمّا الذي احتملته الريح فأهدته طيّء إلى رسول الله عليه السلام بعد عوده إلى المدينة.

فأصبح الناس بالحجر ولا ماء معهم فشكوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدعا الله تعالى فأرسل سحابة فأمطرت حتى روي الناس.

خطّ


قرية باليمن يقال لها خطّ هجر تنسب إليها الرماح الخطّيّة وهي أحسن أنواع خفّة وصلابة وتثقيفا تحمل إليها من بلاد الهند والصنّاع بها يثقّفونها أحسن التثقيف.


خيبر


حصون على ثمانية برد من المدينة لمن أراد الشام ذات مزارع ونخيل كثيرة وهي موصوفة بكثرة الحمّى ولا تفارق الحمى أهلها. وكان أهلها يهودا يزعمون ان من أراد دخول خيبر على بابها يقف على أربعه وينهق نهيق الحمار عشر مرّات لا تضرّه حمّى خيبر ويسمّى ذلك تعشيرا والمعنى فيه أن الحمّى ولوع بالناس واني حمار. وحكى الهيثم بن عديّ ان عروة الصعاليك وأصحابه قصدوا خيبر يمتارون بها فلمّا وصلوا إلى بابها عشّروا خوفا من وباء خيبر وأبى عروة الصعاليك أن يعشّر وقال

وقالوا أجب وانهق لا يضرّك خيبر
وذلك من دين اليهود ولوع
لعمري إن عشّرت من خشية الرّدى
نهاق الحمير إنّني لجزوع
فكيف وقد ذكّيت واشتدّ جانبي
سليمى وعندي سامع ومطيع
لسان وسيف صارم وحفيظة
وراء كآراء الرّجال صروع
يخوّفني ريب المنون وقد مضى
لنا سلف قيس لنا وربيع

وحكي ان اعرابيّا قدم خيبر بعيال كثير فقال :

قلت لحمّى خيبر استعدّي
هناك عيالي فاجهدي وجدّي
وباكري بصالب وورد
أعانك الله على ذا الجند

فحمّ ومات وبقي عياله.

رحا بطان


موضع بالحجاز زعم تأبّط شرّا انّه لقي الغول هناك ليلا وجرى بينه وبينها محاربة وفي الأخير قتلها وحمل رأسها إلى الحيّ وعرضها عليهم حتى عرفوا شدّة جأشه وقوّة جنانه وهو يقول :

ألا من مبلغ فتيان فهم
بما لاقيت عند رحا بطان
فإني قد لقيت الغول تهوي
بسهب كالصّحيفة صحصحان
فقلت لها : كلانا نضو دهر
أخو سفر فخلّي لي مكاني
فشدّت شدّة نحوي فأهوى
لها كفّي بمصقول يمان
فأضربها بلا دهش فخرّت
صريعا لليدين وللجران
فقالت : عد! فقلت لها : رويدا
مكانك إنّني ثبت الجنان
فلم أنفكّ متّكئا لديها
لأنظر مصبحا ماذا أتاني
إذا عينان في رأس قبيح
كرأس الهرّ مشقوق اللّسان
وساقا مخدج وشواة كلب
وثوب من عباء أو شنان


زغر


قرية بينها وبين بيت المقدس ثلاثة أيّام في طرف البحيرة المنتنة وزغر اسم بنت لوط عليه السلام نزلت بهذه القرية فسميّت باسمها وهي في واد وخم رديّ في أشأم بقعة يسكنها أهلها بحبّ الوطن ويهيج بهم الوباء في بعض الأعوام فيفني جلّهم.

بها عين زغر وهي العين التي ذكر أنّها تغور في آخر الزمان وغورها من اشراط الساعة جاء ذكرها في حديث الجسّاسة ؛ قال البشّاري : زغر قتّالة للغرباء من أبطأ عليه ملك الموت فليرحل إليها فإنّه يجده بها قاعدا بالرصد وأهلها سودان غلاظ ماؤها حميم وهواؤها جحيم إلّا أنّها البصرة الصغرى والمتجر المربح وهي من بقيّة مدائن قوم لوط وإنّما نجت لأن أهلها لم يكونوا آتين بالفاحشة.


زويلة


مدينة بإفريقية غير مسورة في أوّل حدود السودان ولأهلها خاصيّة عجيبة في معرفة آثار القدم ليس لغيرهم تلك الخاصّية حتى يعرفون أثر قدم الغريب والبلدي والرجل والمرأة واللّص والعبد الآبق والأمة والذي يتولّى احتراس المدينة يعمد إلى دابّة يشدّ عليها حزمة من جرائد النخل بحيث ينال سعفه الأرض ثمّ يدور به حول المدينة فإذا أصبح ركب ودار حول المدينة فإن رأى أثرا خارجا تبعه حتى أدركه أينما توجّه.

وقد بنى عبد الله المهدي جدّ خلفاء مصر إلى جانب زويلة مدينة أخرى سمّاها المهديّة بينهما غلوة سهم. كان يسكن هو وأهله بالمهدّية وأسكن العامّة في زويلة وكانت دكاكينهم وأموالهم بالمهدية وبزويلة مساكنهم فكانوا يدخلون بالنهار زويلة للمعيشة ويخرجون باللّيل إلى أهاليهم فقيل للمهدي : إن رعيتك في هذا في عناء! فقال : لكن أنا في راحة لأني بالليل أفرّق بينهم وبين أموالهم وبالنهار أفرّق بينهم وبين أهاليهم فآمن غائلتهم بالليل والنهار!

السّند


ناحية بين الهند وكرمان وسجستان ؛ قالوا : السند والهند كانا أخوين من ولد توقير بن يقطن بن حام بن نوح عليه السلام.

بها بيت الذهب ؛ قال مسعر بن مهلهل : مشيت إلى بيت الذهب المشهور بها فإذا هو من ذهب في صحراء يكون أربعة فراسخ لا يقع عليها الثلج ويثلج ما حولها وفي هذا البيت ترصد الكواكب وهو بيت تعظّمه الهند والمجوس وهذه الصحراء تعرف بصحراء زردشت نبيّ المجوس ويقول أهل تلك الناحية : متى يخرج منه إنسان يطلب دولة لم يغلب ولا يهزم له عسكر حيث أراد.

وحكي أن الإسكندر لمّا فتح تلك البلاد ودخل هذا البيت أعجبه فكتب إلى أرسطاطاليس وأطنب في وصف قبّة هذا البيت فأجابه أرسطو : إني رأيتك تتعجّب من قبّة عملها الآدميون وتدع التعجّب من هذه القبّة المرفوعة فوقك وما زينت به من الكواكب وأنوار الليل والنهار! وسأل عثمان بن عفّان عبد الله بن عامر عن السند فقال : ماؤها وشل وتمرها دقل ولصّها بطل! إن قلّ الجيش بها ضاعوا وإن كثروا جاعوا! فترك عثمان غزوها.

وبها نهر مهران وهو نهر عرضه كعرض دجلة أو أكثر يقبل من المشرق آخذا إلى الجنوب متوجّها نحو المغرب ويقع في بحر فارس أسفل السند ؛ قال الاصطخري : نهر مهران يخرج من ظهر جبل يخرج منه بعض أنهار جيحون ثمّ يظهر بناحية ملتان على حدّ سمندور ثمّ على المنصورة ثمّ يقع في البحر شرقي الدّيبل وهو نهر كبير عذب جدّا وان فيه تماسيح كما في نيل مصر وقيل : إن تماسيح نهر السند أصغر حجما وأقلّ فسادا. وجري نهر السند كجري نهر النيل يرتفع على وجه الأرض ثمّ ينصبّ فيزرع عليه كما يزرع بأرض مصر على النيل.

سومناة


بلدة مشهورة من بلاد الهند على ساحل البحر بحيث تغلبه أمواجه.

كان من عجائبها هيكل فيه صنم اسمه سومناة وكان الصنم واقفا في وسط هذا البيت لا بقائمة من أسفله تدعمه ولا بعلاقة من أعلاه تمسكه وكان أمر هذا الصنم عظيما عند الهند من رآه واقفا في الهواء تعجّب مسلما كان أو كافرا وكانت الهند يحجّون إليه كلّ ليلة خسوف يجتمع عنده ما يزيد على مائة ألف إنسان وتزعم الهند أن الأرواح إذا فارقت الأجساد اجتمعت إليه وهو ينشئها في من شاء كما هو مذهب أهل التناسخ وان المدّ والجزر عبادة البحر له. وكانوا يحملون إليه من الهدايا كلّ شيء نفيس وكان له من الوقوف ما يزيد على عشرة آلاف قرية.

ولهم نهر يعظّمونه بينه وبين سومناة مائتا فرسخ يحمل ماؤها إلى سومناة كلّ يوم ويغسل به البيت وكانت سدنته ألف رجل من البراهمة لعبادته وخدمة الوفود وخمسمائة أمة يغنين ويرقصن على باب الصنم وكلّ هؤلاء كانت أرزاقهم من أوفاف الصنم وأمّا البيت فكان مبنيّا على ستّ وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص وكانت قبّة الصنم مظلمة وضوءها كان من قناديل الجوهر الفائق وعنده سلسلة ذهب وزنها مائتا منّ كلّما مضت طائفة من الليل حركت السلسلة فتصوت الأجراس فتقوم طائفة من البراهمة للعبادة.

حكي أن السلطان يمين الدولة محمود بن سبكتكين لمّا غزا بلاد الهند سعى سعيا بليغا في فتح سومناة وتخريبها طمعا بدخول الهند في الإسلام فوصل إليها منتصف ذي القعدة سنة ستّ عشرة وأربعمائة فقاتل الهنود عليها أشدّ القتال وكان الهند يدخلون على سومناة ويبكون ويتضرّعون ثمّ يخرجون إلى القتال فقوتلوا حتى استوعبهم الفناء وزاد عدد القتلى على خمسين ألفا فرأى السلطان ذلك الصنم وأعجبه أمره وأمر بنهب سلبه وأخذ خزانته فوجدوا أصناما كثيرة من الذهب والفضّة وستورا مرصعة بالجواهر كلّ واحد منها بعث عظيم من عظماء الهند. وكانت قيمة ما في بيوت الأصنام أكثر من عشرين ألف دينار.

ثمّ قال السلطان لأصحابه : ماذا تقولون في أمر هذا الصنم ووقوفه في الهواء بلاد عماد وعلاقة؟ فقال بعضهم : إنّه علّق بعلاقة وأخفيت العلاقة عن النظر فأمر السلطان شخصا أن يذهب إليه برمح ويدور به حول الصنم وأعلاه وأسفله ففعل وما منع الرمح شيء. وقال بعض الحاضرين : إني أظنّ أن القبّة من حجر المغناطيس والصنم من الحديد والصانع بالغ في تدقيق صنعته وراعى تكافؤ قوّة المغناطيس من الجوانب بحيث لا تزيد قوّة جانب على الجانب الآخر فوقف الصنم في الوسط فوافقه قوم وخالفه آخرون. فقال للسلطان : ائذن لي برفع حجرين من رأس القبّة ليظهر ذلك فأذن له فلمّا رفع حجرين اعوجّ الصنم ومال إلى أحد الجوانب فلم يزل يرفع الأحجار والصنم ينزل حتى وقع على الأرض.

صنف


موضع بالهند أو الصين ينسب إليه العود الصّنفي وهو أردأ أصناف العود ليس بينه وبين الحطب إلّا فرق يسير.

صيمور


مدينة بأرض الهند قريبة بناحية السند لأهلها حظّ وافر في الجمال والملاحة لكونهم متولدين من الترك والهند وهم مسلمون ونصارى ويهود ومجوس.

ويخرج إليها تجارات الترك وينسب إليها العود الصّيموري.

بها بيت الصيمور وهو هيكل على رأس عقبة عظيمة عندهم ولها سدنة وفيها أصنام من الفيروزج والبيجاذق يعظّمونها.

وفي المدينة مساجد وبيع وكنائس وبيت النار وكفّارها لا يذبحون الحيوان ولا يأكلون اللحم ولا السمك ولا البيض وفيهم من يأكل المتردّية والنطيحة دون ما مات حتف أنفه. أخبر بذلك كلّه مسعر بن مهلهل صاحب عجائب البلدان وانّه كان سياحا دار البلاد وأخبر بعجائبها.

الطايف


بليدة على طرف واد بينها وبين مكّة اثنا عشر فرسخا طيبة الهواء شمالية ربّما يجمد الماء بها في الشتاء. قال الأصمعي : دخلت الطائف وكأني أبشّر وقلبي ينضح بالسرور ولم أجد لذلك سببا إلّا انفساح جوّها وطيب نسيمها.

بها جبل عروان يسكنه قبائل هذيل وليس بالحجاز موضع أبرد من هذا الجبل ولهذا اعتدال هواء الطائف. ويجمد الماء به وليس في جميع الحجاز موضع يجمد الماء به إلّا جبل عروان. ويشقّ مدينة الطائف واد يجري بينها يشقّها وفيها مياه المدابغ التي يدبغ فيها الأديم والطير تصرع إذا مرّت بها من نتن رائحتها. وأديمها يحمل إلى سائر البلدان ليس في شيء من البلاد مثله. وفي أكنافها من الكروم والنخيل والموز وسائر الفواكه ومن العنب العدي ما لا يوجد في شيء من البلاد وأمّا زبيبها فيضرب بحسنه المثل.

بها وجّ الطائف وإنّها واد نهى النبيّ عن أخذ صيدها واختلاء حشيشها.

بها حجر اللات تحت منارة مسجدها وهو صخرة كان في قديم الزمان يجلس عليه رجل يلتّ السويق للحجيج فلمّا مات قال عمرو بن لحيّ : إنّه لم يمت لكن دخل في هذه الصخرة! وأمر قومه بعبادة تلك الصخرة وكان في اللات والعزّى شيطانان يكلّمان الناس فاتّخذت ثقيف اللات طاغوتا وبنت لها بيتا وعظّمته وطافت به وهي صخرة بيضاء مربّعة فلمّا أسلمت ثقيف بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا سفيان بن حرب ومغيرة بن شعبة فهدماه والحجر اليوم تحت منارة مسجد الطائف.

وبها كرم الرهط كرم كان لعمرو بن العاص معروشا على ألف ألف خشبة شري كلّ خشبة درهم فلمّا حجّ سليمان بن عبد الملك أحبّ أن ينظر إليه فلمّا رآه قال : ما رأيت لأحد مثله لو لا أن هذه الحرة في وسطه! قالوا : ليس بحرّة بل مسطاح الزبيب. وكان زبيبه جمع في وسطه ليجفّ فرآه من بعيد فظنّه حرّة.

وبها سجن عارم وهو الحبس الذي حبس فيه عبد الله بن الزبير محمّد ابن الحنفية يزوره الناس ويتبرّكون به سيّما الشيعة سيّما الكيسانيّة ؛ قال كثير يخاطب ابن الزبير :

يخبّر من لا قيت أنّك عائد
بل العائد المحبوس في سجن عارم
ومن يلق هذا الشّيخ بالخيف من منى
من النّاس يعلم أنّه غير ظالم
سميّ النبيّ المصطفى وابن عمّه
وفكّاك أغلال وقاضي مغارم
أبى هو لا يشري هدى بضلالة
ولا يتّقي في الله لومة لائم
فما نعمة الدّنيا بباق لأهله
ولا شدّة البلوى بضربة لازم

وينسب إليها الحجّاج بن يوسف الثقفي من فحول الرجال كان أوّل أمره معلّما لوشاقية سليمان بن نعيم وزير عبد الملك بن مروان وكان فصيحا شاطرا قال عبد الملك لوزيره : إني إذا ترحّلت يتخلّف مني أقوام أريد شخصا يمنع الناس عن التخلّف. فاختار الوزير الحجّاج لذلك فرأى في بعض الأيّام أن الخليفة قد رحل وتخلّف عنه قوم من أصحاب الوزير فأمرهم بالرحيل فامتنعوا وشتموه في أمّه وأخته فأخذ الحجّاج النار وأضرمها في رحل الوزير فانتهى الخبر إلى عبد الملك فأحضر الحجّاج وقال : لم أحرقت رحل الوزير؟

فقال : لأنّهم خالفوا أمرك! فقال للحجّاج : ما عليك لو فعلت ذلك بغير الحرق؟ فقال الحجّاج : وما عليك لو عوّضته من ذلك ولا يخالف أحد بعد هذا أمرك! فأعجب الخليفة كلامه وما زال يعلو أمره حتى ولي اليمن واليمامة ثمّ استعمل على العراق سنة خمس وسبعين. وكان أهل العراق كلّ من جاءهم واليا استخفّوا به وضحكوا منه وإذا صعد المنبر رموه بالحصاة ؛ فبعث عبد الملك إليهم الحجّاج فلمّا صعد المنبر متلثما وكان قصير القامة ضحكوا منه فعرف الحجّاج ذلك فأقبل عليهم وقال :

أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا
متى أضع العمامة تعرفوني

إن أمير المؤمنين نثل كنانته فوجدني أصلبها عودا فرماكم بي واني أرى رؤوسا دنا أوان حصادها وأنا الذي أحصدها. فدخل القوم منه رعب فما زال بهم حتى أراهم الكواكب بالنهار.

ولمّا بنى واسط عدّ في حبسه ثلاثة وثلاثون ألف إنسان حبسوا بلا دم ولا تبعة ولا دين ومات في حبسه واحد وعشرون ألفا صبرا ومن قتله بالسيف فلا يعدّ ولا يحصى! وقال يوما على المنبر في خطبته :

أتطلبون مني عدلّ عمر ولستم كرعية عمر؟ وإنّما مثلي لمثلكم كثير لبئس المولى ولبئس العشير! وكان في مرض موته يقول :

يا ربّ قد زعم الأعداء واجتهدوا
أيمانهم أنّني من ساكني النّار
أيحلفون على عمياء؟ ويحهم
ما علمهم بعظيم العفو غفّار؟

وحكى عمر بن عبد العزيز أنّه رأى الحجّاج في المنام بعد مدّة من موته قال :فرأيته على شكل رماد على وجه الأرض فقلت له : أحجّاج؟ قال : نعم قلت : ما فعل الله بك؟ قال : قتلني بكلّ من قتلته مرّة مرّة وبسعيد بن جبير سبعين مرّة وأنا أرجو ما يرجوه الموحّدون!

وينسب إلى الطائف سعيد بن السائب كان من أولياء الله وعباد الله الصالحين نادر الوقت عديم النظير وكان الغالب عليه الخوف من الله تعالى لا يزال دمعه جاريا فعاتبه رجل على كثرة بكائه فقال له : إنّما ينبغي أن تعاتبني على تقصيري وتفريطي لا على بكائي!

وقال له صديق له : كيف أصبحت؟ قال : أصبحت أنتظر الموت على غير عدة! وقال سفيان الثوري : جلسنا يوما لحدّث ومعنا سعيد بن السائب وكان يبكي حتى رحمه الحاضرون فقلت له : يا سعيد لم تبكي وأنت تسمع حديث أهل الخير؟ فقال : يا سفيان ما ينفعني إذا ذكرت أهل الخير وأنا عنهم بمعزل؟


طيفند


قلعة في بلاد الهند منيعة، على قلّة جبل ليس لها إلّا مصعد واحد، وعلى رأس الجبل مياه ومزارع وما احتاجوا إليه، غزاها يمين الدولة محمود بن سبكتكين سنة أربع عشرة وأربعمائة، وحاصرها زمانا وضيّق على أهلها، وكان عليها خمسمائة قيل فطلبوا الأمان فآمنهم، وأقرّ صاحبها فيها على خراج، فأهدى صاحب القلعة إلى السلطان هدايا كثيرة، منها طائر على هيئة القمري، خاصيّته إذا أحضر الطعام وفيه سمّ دمعت عيناه وجرى منهما ماء وتحجّر، فإذا تحجّر سحق وجعل على الجراحات الواسعة الحمها، وهذا الطائر لا يوجد إلّا في ذلك الموضع ولا يتفرّج إلّا فيه.

عدن


مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن، سميّت بعدن بن سنان بن إبراهيم، عليه السلام، لا ماء بها ولا مرعى، شربهم من عين بينها وبين عدن مسيرة يوم، وكان عدن فضاء في وسط جبل على ساحل البحر، والفضاء يحيط به الجبل من جميع الجوانب، فقطع لها باب بالحديد في الجبل فصار طريقا إلى البرّ. وإنّها مرفأ مراكب الهند وبلدة التجار ومرابح الهند، فلهذا يجتمع إليها الناس ويحمل إليها متاع الهند والسند والصين والحبشة وفارس والعراق، وقال الاصطخري : بها مغاص اللؤلؤ. بها جبل النار وهو جبل أحمر اللّون جدّا في وسط البحر ؛ قالوا : هو الجبل الذي تخرج منه النار التي هي من اشراط الساعة، وسكّان عدن يزعمون أنّهم من نسل هارون، عليه السلام، وهم المربّون. وبها البئر المعطّلة التي ذكرها الله تعالى في القرآن. ومن حديثها أن قوم صالح، عليه السلام، بعد وفاته تفرّقوا بفلسطين، فلحقت فرقة منهم بعدن، وكانوا إذا حبس عنهم المطر عطشوا وحملوا الماء من أرض بعيدة، فأعطاهم الله بئرا فتعجّبوا بها وبنوا عليها أركانا على عدد القبائل، كان لكلّ قبيلة فيها دلو. وكان لهم ملك عادل يسوسهم، فلمّا مات حزنوا عليه فمثل لهم الشيطان صنما على صورة ذلك الملك، وكلّم القوم من جوف الصنم : إني ألبسني ربي ثوب الالهيّة والآن لا آكل ولا أشرب، وأخبركم بالغيوب فاعبدوني فإني أقربكم إلى ربكم زلفى! ثمّ كان الصنم يأمرهم وينهاهم فمال إلى عبادة الصنم جميعهم، فبعث الله إليهم نبيّا فكذّبوه، فقال لهم نبيّهم : إن لم تتركوا عبادة الصنم يغور ماء بئركم! فقتلوه فأصبحوا لم يجدوا في البئر قطرة ماء. فمضوا إلى الصنم فلم يكلّمهم الشيطان لمّا عاين نزول ملائكة العذاب، فأتتهم صيحة فأهلكوا، فأخبر الله تعالى عنهم وعن أمثالهم : وكأيّن من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطّلة وقصر مشيد. والقصر المشيد بحضر موت وقد مرّ ذكره، ويقال : إن سليمان بن داود، عليه السلام، حبس المردة مصفّدين في هذه البئر وهي محبسهم.

فاس


مدينة كبيرة مشهورة في بلاد بربر على برّ المغرب بين ثنيتين عظيمتين، والعمارة قد تصاعدت حتى بلغت مستواها، وقد تفجّرت كلّها عيونا تسيل إلى قرارة إلى نهر منبسط إلى الأرض ينساب إلى مروج خضر، وعليها داخل المدينة ستمائة رحى، ولها قهندز في أرفع موضع منها، ويسقيها نهر يسمّى المفروش. قال أبو عبيد البكري : فاس منقسمة قسمين، وهي مدينتان مسورتان، يقال لإحداهما عدوة القروبيين وللأخرى عدوة الأندلسيّين، وفي كلّ دار جدول ماء وعلى بابها رحى وبستان، وهي من أكثر بلاد المغرب ثمارا وخيرا وأكثر بلاد المغرب يهودا، منها يختلفون إلى سائر الآفاق، بها تفّاح حلو يعرف بالاطرابلسي حسن الطعم جدّا، يصلح بعدوة الأندلسيّين ولا يصلح بعدوة القروبيين، وسميذ عدوة الأندلسيّين أطيب من سميذ عدوة القروبيين، ورجال الأندلسيّين أشجع من رجال القروبيين، ونساؤهم أجمل، ورجال القروبيين أحمد من رجال الأندلسيّين ؛ قال إبراهيم الأصيلي :

دخلت فاسا وبي شوق إلى فاس
والجبن يأخذ بالعينين والرّاس
فلست أدخل فاسا ما حييت ولو
أعطيت فاسا وما فيها من النّاس


فيصور


بلاد بأرض الهند يجلب منها الكافور القيصوري وهو أحسن أنواعه. وذكروا أن الكافور يكثر في سنة فيها رعود وبروق ورجف وزلازل، وان قلّ ذلك كان نقصا في وجوده.

قبا


قرية على ميلين من مدينة رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم. بها مسجد التّقوى وهو المسجد الذي ذكره الله تعالى : لمسجد أسس على التقوى من أوّل يوم أحقّ أن تقوم فيه، فيه رجال يحبّون أن يتطهّروا، والله يحبّ المطّهّرين. ولمّا قدم رسول الله، عليه السلام، قبا مهاجرا يريد المدينة، أسّس هذا المسجد ووضع بيده الكريمة أوّل حجر في محرابه، ووضع أبو بكر، رضي الله عنه، حجرا، ثمّ أخذ الناس في البناء وهو عامر إلى زماننا هذا، وسئل أهله عن تطهّرهم فقالوا : إنّا نجمع بين الحجر والماء. وبها مسجد الضّرار ويتطوّع الناس بهدمه، وبها بئر غرس كان رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يستطيب ماءها وبصق فيها، وقال : إن فيها عينا من عيون الجنّة.


قزدار


ناحية بأرض الهند. قال أبو الحسن المتكلّم : كنت مجتازا بناحية قزدار، فدخلت قرية من قراه فرأيت شيخا خياطا في مسجد فأودعت ثيابي عنده ومضيت. ثمّ رجعت من الغد فرأيت باب المسجد مفتوحا والرزمة يشدّها في المحراب، فقلت : ما أجهل هذا الخيّاط! فقال : افتقدت منها شيئا؟ قلت : لا. قال : فما سؤالك؟ فأقبلت أخاصمه وهو يضحك. قال : أنتم نشأتم في بلاد الظلم، وتعوّدتم أخلاق الأراذل التي توجب السرقة والخيانة وانّها لا تعرف ههنا، ولو بقيت ثيابك في المحراب حتى بليت ما مسّها أحد! وإذا وجدنا شيئا من ذلك في مدد متطاولة نعلم أنّه كان من غريب اجتاز بنا، فنركب خلفه ولا يفوتنا، فندركه ونقتله. فسألت عن غيره سيرة أهل البلد فقال كما ذكره الخيّاط. وكانوا لا يغلقون الأبواب باللّيل، وما كان لأكثرهم أبواب بل شيء يردّ الوحش والكلاب.

قشمير


ناحية بأرض الهند متاخمة لقوم من الترك، فاختلط نسل الهند بالترك، فأهلها أكثر الناس ملاحة وحسنا. ويضرب بحسن نسائهم المثل، لهنّ قامات تامّة وصور مستوية وملاحة كثيرة وشعور طوال غلاظ، وهذه الناحية تحتوي على نحو ستّين ألفا من المدن والضياع، ولا سبيل إليها إلّا من جهة واحدة، ويغلق على جميعها باب واحد. وحواليها جبال شوامخ لا سبيل للوحش أن يتسلّق إليها فضلا عن الانس. وفيها أودية وعرة وأشجار ورياض وأنهار. قال مسعر بن مهلهل : شاهدتها وهي في غاية المنعة. ولأهلها أعياد في رؤوس الاهلة وفي نزول النيرين شرقهما، ولهم رصد كبير في بيت معمول من الحديد الصيني، لا يعمل فيه الزمان، ويعظّمون الثريا ولا يذبحون الحيوان ولا يأكلون البيض.

قمار


مدينة مشهورة بأرض الهند. قال ابن الفقيه : أهلها على خلاف سائر الهنود ولا يبيحون الزنا ويحرّمون الخمر، وملكها يعاقبهم على شرب الخمر، فيحمي الحديدة بالنار وتوضع على بدن الشارب ولا تترك إلى أن تبرد، فربّما يفضي إلى التلف! وينسب إليها العود القماري وهو أحسن أنواع العود.

كلبا


مدينة بأرض الهند ؛ قال في تحفة الغرائب : بها عمود من النحاس وعلى رأس العمود تمثال بطّة من النحاس، وبين يدي العمود عين. فإذا كان يوم عاشوراء في كلّ سنة ينشر البطّ جناحيه ويدخل منقاره العين ويعبّ ماءها، فيخرج من العمود ماء كثير يكفي لأهل المدينة سنتهم، والفاضل يجري إلى مزارعهم. كله مدينة عظيمة منيعة عالية السور في بلاد الهند كثيرة البساتين، بها اجتماع البراهمة حكماء الهند ؛ قال مسعر بن مهلهل : إنّها أوّل بلاد الهند ممّا يلي الصين، وانّها منتهى مسير المراكب إليها ولا يتهيّأ لها أن تجاوزها وإلّا غرقت. بها قلعة يضرب بها السيوف القلعيّة وهي الهنديّة العتيقة، لا تكون في سائر الدنيا إلّا في هذه القلعة، وملكها من قبل ملك الصين، وإليه قبلته وبيت عبادته ورسومه رسوم صاحب الصين، ويعتقدون أن طاعة ملك الصين عليهم مباركة ومخالفته شؤم، وبينه وبين الصين ثلاثمائة فرسخ.

كنزة وقرّان


موضعان باليمامة، بهما نخل كثير ومواش، قال أبو زياد الكلابي : نزل بهم رجل من بني عقيل كنيته أبو مسلم كان يصطاد الذئاب، قالوا له : إن ههنا ذئبا لقينا منه التباريح، إن أنت اصطدته فلك في كلّ غنم شاة! فنصب له الشبكة وحبله وجاء به يقوده، وقال : هذا ذئبكم فأعطوني ما شرطتم. فأبوا وقالوا : كل ذئبك! فشدّ في عنق الذئب قطعة حبل وخلّى سبيله وقال : ادركوا ذئبكم! فوثبوا عليه وأرادوا قتله، فقال : لا عليكم ان وفيتّم لي رددته! فخلّوه ليردّه، فذهب وهو يقول :

علّقت في الذّئب حبلا ثمّ قلت له
الحق بأهلك واسلم أيّها الذّئب!
إن كنت من أهل قرّان فعد لهم
أو أهل كنزة فاذهب غير مطلوب
المخلفين لما قالوا وما وعدوا
وكلّ ما يلفظ الإنسان مكتوب
سألته في خلاء : كيف عيشته؟
فقال : ماض على الأعداء مرهوب
لي الفصيل من البعران آكله
وإن أصادفه طفلا فهو مصقوب
والنّخل أفسده ما دام ذا رطب
وإن شتوت ففي شاء الأعاريب
يا أبا مسلم أحسن في أسيركم
فإنّني في يديك اليوم مجنوب


كولم


مدينة عظيمة بأرض الهند، قال مسعر بن مهلهل : دخلت كولم وما رأيت بها بيت عبادة ولا صنما وأهلها يختارون ملكا من الصين، إذا مات ملكهم. وليس للهند طبيب إلّا في هذه المدينة، عماراتهم عجيبة، أساطين بيوتهم من خرز أصلاب السمك، ولا يأكلون السمك ولا يذبحون الحيوان، ويأكلون الميتة، وتعمل بها غضائر تباع في بلادنا على انّه صيني وليس كذلك، لأن طين الصين أصلب من طين كولم وأصبر على النار، وغضائر كولم لونها أدكن وغضائر الصين أبيض وغيره من الألوان. بها منابت الساج المفرط الطول ربّما جاوز مائة ذراع وأكثر. وبها البقم والخيزران والقنا بها كثير جدّا، وبها الراوند وهو قرع ينبت هناك، ورقه الساذج الهندي العزيز الوجود لأجل أدوية العين، ويحمل إليها أصناف العود والكافور واللبان، والعود يجلب من جزائر خلف خطّ الاستواء، لم يصل إلى منابته أحد ولا يدرى كيف شجره، وإنّما الماء يأتي به إلى جانب الشمال. وبها معدن الكبريت الأصفر ومعدن النحاس ينعقد دخانه توتياء جيّدا.

مدينة يثرب


هي مدينة الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، وهي في حرّة سبخة مقدار نصف مكّة. من خصائصها أن من دخلها يشمّ رائحة الطيب، وللعطر فيها فضل رائحة لم توجد في غيرها، وأهلها أحسن الناس صوتا. قيل لبعض المدنيّين :ما بالكم أنتم أطيب الناس صوتا؟ فقال : مثلنا كالعيدان خلت أجوافنا فطاب صوتنا. بها التمر الصّيحاني لم يوجد في غيرها من البلاد. وبها حبّ البان يحمل منها إلى سائر البلاد. وعن ابن عبّاس ان النبيّ، عليه السلام، حين عزم الهجرة قال : اللهمّ إنّك قد أخرجتني من أحبّ أرضك إليّ فأنزلني أحبّ أرضك إليك! فأنزله المدينة. ورأى النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، بلال بن حمامة وقد هاجر فاجتوى المدينة وهو يقول :

ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة
بفخّ وحولي إذخر وجليل؟
وهل أردن يوما مياه مجنّة؟
وهل يبدون لي شامة وطفيل؟

فقال، صلّى الله عليه وسلّم : خفت يا ابن السوداء! ثمّ قال : اللهمّ حبّب إلينا المدينة كما حبّبت مكّة وأشدّ، وصحّحها وبارك لنا في صاعها ومدّها، وانقل حمّاها إلى خيبر والجحفة. وعن أبي هريرة أن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، قال : إن إبراهيم عبد الله وخليله وأنا عبد الله ورسوله، وان إبراهيم حرّم مكّة واني حرّمت المدينة ما بين لابتيها عضاهها وصيدها، لا يحمل فيها سلاح لقتال ولا تقطع منها شجرة إلّا لعلف البعير. وعن أبي هريرة عن النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم : من صبر على لأواء المدينة وشدّتها كنت له يوم القيامة شفيعا أو شهيدا. والمدينة مسوّرة، ومسجد النبيّ، عليه السلام، في وسطها وقبره في شرقي المسجد، وبجنبه قبر أبي بكر وبجنب قبر أبي بكر قبر عمر. وكتب الوليد بن عبد الملك إلى صاحب الروم يطلب منه صنّاعا لعمارة مسجد رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فبعث إليه أربعين رجلا من صنّاع الروم وأربعين من صنّاع القبط، ووجّه معهم أربعين ألف مثقال ذهبا وأحمالا من الفسيفساء. فجاء الصنّاع وخمّروا النورة سنة للفسيفساء، وجعلوا أساسها بالحجارة، وجعلوا أسطوانات المسجد من حجارة مدوّرة في وسطها أعمدة حديد، وركّبوها بالرصاص، وجعلوا سقفها منقّشة مزوّقة بالذهب، وجعلوا بلاط المحراب مذهبا، وجعلوا وجه الحائط القبلي من داخله بازار رخام من أساسه إلى قدر قامة، وفي وسط المحراب مرآة مربعة ذكروا أنّها كانت لعائشة، والمنبر كان للنبي قد غشي بمنبر آخر، وقال، عليه السلام : ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنّة. بها بئر بضاعة. روي أن النبيّ، عليه السلام، توضّأ بمائها في دلو وردّ الدلو إلى البئر، وشرب من مائها وبصق فيها، وكان إذا مرض المريض في أيّامه يقول : اغسلوه بماء بضاعة، فإذا غسل فكأنّما أنشط من عقال. وقالت أسماء بنت أبي بكر : كنّا نغسل المرضى من بئر بضاعة ثلاثة أيّام فيعافون. بها بئر ذروان، ويقال لها بئر كملى هي البئر المشهورة.

عن ابن عبّاس :طبّ رسول الله ، حتى مرض مرضا شديدا، فبينا هو بين النائم واليقظان رأى ملكين أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : ما وجعه؟ فقال : طبّ! قال : من طبّه؟ قال لبيد بن الأعصم اليهودي. قال : وأين طبّه؟ قال : في كربة تحت صخرة في بئر كملى، وهي بئر ذروان. فانتبه النبيّ، ، وحفظ كلام الملكين، فبعث عليّا وعمّارا مع جمع من الصحابة إلى البئر فنزحوا ماءها حتى انتهوا إلى الصخرة فقلبوها ووجدوا الكربة تحتها، وفيها وتر فيها إحدى عشرة عقدة، فأحرقوا الكربة بما فيها فزال عنه، عليه السلام، ما كان به وكأنّه أنشط من عقال. فأنزل الله تعالى عليه المعوّذتين إحدى عشرة آية على عدد عقده. بها بئر عروة، تنسب إلى عروة بن الزّبير ؛ قال الزبير بن بكّار : ماء هذه البئر من مرّ بالعقيق يأخذه هدية لأهله، ورأيت أبي يأمر به فيغلى ثمّ يأخذه في قوارير يهديه إلى الرشيد وهو بالرقّة، وقال السري بن عبد الرحمن الأنصاري :

كفّنوني إن متّ في درع أروى
واجعلوا لي من بئر عروة مائي
سخنة في الشّتاء باردة الصّيف
سراج في اللّيلة الظّلماء

وأهل المدينة الأنصار، عليهمالرحمة والرضوان، ان الله تعالى أكثر من الثناء عليهم في القرآن.

وقد خصّ بعضهم بخاصيّة لم توجد في غيرهم، منهم حميّ الدّبر وهو عاصم بن الأفلح، رضوان الله عليه، استشهد وأراد المشركون أن يمثّلوا به فبعث الله الزنابير أحاطت به ومنعت المشركين الوصول إليه.

ومنهم بليع الأرض وهو حبيب بن ثابت، رضوان الله عليه، صلبه المشركون فبعث رسول الله من يأخذه ويدفنه، فأخذوه وقبل دفنه فقدوه وبلعته الأرض. ومنهم غسيل الملائكة وهو حنظلة بن راهب، رضوان الله عليه، استشهد يوم أحد فبعث الله تعالى فوجا من الملائكة، رفعوه من بين القتلى وغسلوه فسمّي غسيل الملائكة. ومنهم ذو الشهادتين وهو خزيمة بن ثابت، رضوان الله عليه، اشترى رسول الله، فرسا من أعرابي، والاعرابي أنكر الشراء، فقال رسول الله عم : إني اشتريت منك! فقال الاعرابي : من يشهد بذلك؟ فقال خزيمة بن ثابت : إني أشهد أن رسول الله، ، اشترى منك. فقال له رسول الله، عليه السلام : كيف تشهد وما كنت حاضرا؟ فقال : يا رسول الله إني أصدّقك في أخبار السموات والاخبار عن الله تعالى فما أصدقك في شراء فرس! فأمر الله تعالى نبيّه عم أن يجعل شهادته مكان شهادتين.

ومنهم من اهتزّ العرش لموته وهو سعد بن معاذ، رضوان الله عليه، سيّد الأوس ؛ قال رسول الله، : اهتزّ العرش لموت سعد ابن معاذ.


المشقّر


حصن بين نجران والبحرين على تلّ عال، يقال انّه من بناء طسم، يقال له فجّ بني تميم لأن المكعبر عامل كسرى غدر بني تميم فيه، وسببه أن وهرز عامل كسرى على اليمن بعث أموالا وطرفا إلى كسرى، فلمّا كانت ببلاد بني تميم وثبوا عليها وأخذوها ؛ فأخبر كسرى بذلك فأراد أن يبعث إليهم جيشا، فأخبر أن بلادهم بلاد سوء قليلة الماء.

فأشير إليه بأن يرسل إلى عامله بالبحرين أن يقتلهم، وكانت تميم تصير إلى هجر للميرة، فأمر العامل أن ينادي : لا تطلق الميرة إلّا لبني تميم! فأقبل إليه خلق كثير فأمرهم بدخول المشقّر، وأخذ الميرة والخروج من باب آخر، فيدخل قوم بعد قوم فيقتلهم حتى قتلوا عن آخرهم، وبعث بذراريهم في السفن إلى فارس.

مغمّس


موضع بين مكة والطائف به قبر أبي رغال، مرّ به النبيّ صلعم فأمر برجمه، فصار ذلك سنّة من مرّ به يرجمه. قيل : إن أبا رغال اسمه زيد بن محلف، كان ملكا بالطائف يظلم رعيته، فمرّ بامرأة ترضع يتيما بلبن ما عز لها، فأخذ الماعز منها فبقي اليتيم بلا لبن فمات، وكانت سنة مجدبة فرماه الله تعالى بقارعة أهلكته.

وقيل : إن أبرهة بن الصبّاح لمّا عزم هدم الكعبة مرّ بالطائف بجنوده وفيو له، فأخرج إليه أبو ممنعود الثقفي في رجال ثقيف سامعين مطيعين، فطلب أبرهة منهم دليلا يدلّه على مكّة، فبعثوا معه رجلا يقال له أبو رغال حتى نزل المغمّس، فمات أبو رغال هناك، فرجم العرب قبره ؛ وفيه قال جرير ابن الخطفى :

إذا مات الفرزدق فارجموه
كما ترمون قبر أبي رغال


مراكش


مدينة من أعظم مدن بلاد المغرب، واليوم سرير ملك بني عبد المؤمن، وهي في البرّ الأعظم، بينها وبين البحر عشرة أيّام في وسط بلاد البربر. وإنّها كثيرة الجنان والبساتين ويخرق خارجها الخلجان والسواقي، ويأتيها الارزاق من الأقطار والبوادي، مع ما فيها من جني الأشجار والكروم التي يتحدّث بطيبها في الآفاق. والمدينة ذات قصور ومبان محكمة.

بها بستان عبد المؤمن بن عليّ أبي الخلفاء، وهو بستان طوله ثلاثة فراسخ، وكان ماؤه من الآبار فجلب إليها ماء من أعماق تسير تسقي بساتين لها. وحكى أبو الربيع سليمان الملتاني ان دورة مرّاكش أربعون ميلا.

ينسب إليها الشيخ الصالح سني بن عبد الله المراكشي، وكان شيخا مستجاب الدعوة، ذكر أن القطر حبس عنهم في ولاية يعقوب بن يوسف فقال : ادع الله تعالى ان يسقينا. فقال الشيخ : ابعث إليّ خمسين ألف دينار حتى أدعو الله تعالى أن يسقيكم في أيّ وقت شئتم! فبعث إليه ذلك، ففرّقها على المحاويج، ودعا فجاءهم غبث مدرار أيّاما، فقالوا له : كفينا ادع الله أن يقطعه! فقال : ابعث إليّ خمسين ألف دينار حتى أدعو الله أن يقطعه. ففعل ذلك ففرّق المال على المحاويج، ودعا الله تعالى فقطعه. والله الموفق.


مكة


هي البلد الأمين الذي شرّفه الله تعالى وعظّمه وخصّه بالقسم وبدعاء الخليل عم : ربّ اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات. واجعله مثابة للناس، وأمنا للخائف، وقبلة للعباد، ومنشأ لرسول الله صلعم.

وعن رسول الله عم : من صبر على حرّ مكّة ساعة تباعدت عنه جهنم مسيرة عام، وتقرّبت منه الجنّة مائتي عام! إنّها لم تحلّ لأحد كان قبلي، ولا تحلّ لأحد كان بعدي، وما أحلّت لي إلّا ساعة من نهار، ثمّ هي حرام لا يعضد شجرها ويحتشّ خلاها ولا يلتقط ضالتها إلّا لمنشد.

وعن ابن عبّاس : ما أعلم على الأرض مدينة يرفع فيها حسنة مائة إلّا مكّة، ويكتب لمن صلّى ركعة مائة ركعة إلّا مكّة، ويكتب لمن نظر إلى بعض بنيانها عبادة الدهر إلّا مكّة، ويكتب لمن يتصدّق بدرهم ألف درهم إلّا مكّة!

وهي مدينة في واد والجبال مشرفة عليها من جوانبها، وبناؤها حجارة سود ملس وبيض أيضا. وهي طبقات مبيّضة نظيفة حارّة في الصيف جدّا، إلّا أن ليلها طيّب وعرضها سعة الوادي وماؤها من السماء، ليس بها نهر ولا بئر يشرب ماؤها، وليس بجميع مكّة شجر مثمر، فإذا جزت الحرم فهناك عيون وآبار ومزارع ونخيل، وميرتها تحمل إليها من غيرها بدعاء الخليل، عليه السلام : ربّنا إني أسكنت من ذرّيتي بواد غير ذي زرع، إلى قوله من الثمرات.

وأمّا الحرم فله حدود مضروبة بالمنار قديمة، بيّنها الخليل عم وحدّه عشرة أميال في مسيرة يوم، وما زالت قريش تعرفها في الجاهليّة والإسلام.

فلمّا بعث رسول الله صلعم أقرّ قريشا على ما عرفوه، فما كان دون المنار لا يحلّ صيده ولا يختلى خشيشه، ولا يقطع شجره ولا ينفّر طيره، ولا يترك الكافر فيه. ومن عجيب خواص الحرم ان الذئب يتبع الظبي، فإذا دخل الحرم كفّ عنه!

وأمّا المسجد الحرام فأوّل من بناه عمر بن الخطّاب في ولايته، والناس ضيّقوا على الكعبة، وألصقوا دورهم بها فقال عمر : إن الكعبة بيت الله ولا بدّ لها من فناء. فاشترى تلك الدور وزادها فيه واتّخذ للمسجد جدارا نحو القامة، ثمّ زاد عثمان فيه، ثمّ زاد عبد الله بن الزبير في اتقانه، وجعل فيها عمدا من الرخام وزاد في أبوابه وحسنه. ثمّ زاد عبد الملك بن مروان في ارتفاع حيطانها وحمل السّواري إليها من مصر في الماء إلى جدّة، ومن جدّة إلى مكّة على العجل، وأمر الحجّاج فكساها الديباج، ثمّ الوليد بن عبد الملك زاد في حلى البيت لمّا فتح بلاد الأندلس، فوجد بطليطلة مائدة سليمان عم كانت من ذهب ولها أطواق من الياقوت والزبرجد، فضرب منها حلى الكعبة والميزاب، فالأولى المنصور وابنه المهدي زادوا في اتقان المسجد وتحسين هيئته، والآن طول المسجد الحرام ثلاثمائة ذراع وسبعون ذراعا، وعرضه ثلاثمائة ذراع وخمس عشرة ذراعا، وجميع أعمدة المسجد أربعمائة وأربعة وثلاثون عمودا، وأمّا الكعبة زادها الله شرفا فإنّها بيت الله الحرام. إن أوّل ما خلق الله تعالى في الأرض مكان الكعبة، ثمّ دحا الأرض من تحتها، فهي سرة الأرض ووسط الدنيا وأمّ القرى ؛ قال وهب : لمّا أهبط آدم عم من الجنّة حزن واشتدّ بكاؤه، فعزّاه الله بخيمة من خيامها وجعلها موضع الكعبة، وكانت ياقوتة حمراء، وقيل درّة مجوّفة من جواهر الجنّة، ثمّ رفعت بموت آدم عم فجعل بنوه مكانها بيتا من حجارة فهدم بالطوفان وبقي على ذلك ألفي سنة، حتى أمر الله تعالى خليله ببنائه، فجاءت السكينة كأنّها سحابة فيها رأس يتكلّم، فبنى الخليل وإسمعيل، عليهما السلام، على ما ظلّلته.

وأمّا صفة الكعبة فإنّها في وسط المسجد مربع الشكل، بابه مرتفع على الأرض قدر قامة، عليه مصراعان ملبّسان بصفائح الفضّة طليت بالذهب، وطول الكعبة أربعة وعشرون ذراعا وشبر، وعرضها ثلاثة وعشرون ذراعا وشبر، وذرع دور الحجر خمسة وعشرون ذراعا، وارتفاع الكعبة سبعة وعشرون ذراعا.

والحجر من جهة الشام يصبّ فيه الميزاب، وقد ألبست حيطان الحجر مع أرضه الرخام، وارتفاعه حقو، وحول البيت شاذروان مجصّص ارتفاعه ذراع في عرض مثله، وقاية للبيت من السيل. والباب في وجهها الشرقي على قدر قامة من الأرض، طوله ستّة أذرع وعشر أصابع، وعرضه ثلاثة أذرع وثماني عشرة إصبعا. والحجر الأسود على رأس صخرتين، وقد نحت من الصخر مقدار ما دخل فيه الحجر. والحجر الأسود حالك على الركن الشرقي عند الباب في الزاوية، وهو على مقدار رأس إنسان، وذكر بعض المكيّين حديثا رفعوا على مشايخهم انّهم نظروا إلى الحجر الأسود عند عمارة ابن الزبير البيت، فقدروا طوله ثلاثة أذرع وهو ناصح البياض إلّا وجهه الظاهر، وارتفاع الحجر من الأرض ذراعان وثلث ذراع، وما بين الحجر والباب الملتزم، سمّي بذلك لالتزامه الدعاء. كانت العرب في الجاهليّة تتحالف هناك، فمن دعا على ظالم هناك أو حلف اثما عجّلت عقوبته، وداخل البيت في الحائط الغربي الجزعة، على ستّة أذرع من قاع البيت، وهي سوداء مخطّطة ببياض طولها اثنا عشر في مثل ذلك، وحولها طوق من ذهب عرضه ثلاث أصابع، ذكر أن النبي عم جعلها على حاجبه الأيمن.

والميزاب متوسّط على جدار الكعبة بارز عنه قدر أربعة أذرع، وسعته وارتفاع حيطانه كلّ واحد ثماني أصابع، وباطنه صفائح الذهب، والبيت مستّر بالديباج ظاهره وباطنه، ويجدّد لباسه كلّ سنة عند الموسم. فإذا كثرت الكسوة خفّف عنه وأخذها سدنة البيت، وهم بنو شيبة. وهذه صفة الكعبة والمسجد الحرام حولها، ومكّة حول المسجد، والحرم حول مكّة، والأرض حول الحرم هكذا.

روي عن النبيّ عم ان الله تعالى قد وعد هذا البيت أن يحجّه في كلّ سنة ستمائة ألف، فإن نقصوا كمّلهم بالملائكة، وان الكعبة كالعروس المزفوفة، وكلّ من حجّها متعلّق بأستارها يسعون معها حتى تدخل الجنّة فيدخلون معها. وعن عليّ : ان الله تعالى قال للملائكة : إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها؟ فغضب عليهم وأعرض عنهم. فطافوا بعرش الله سبعا كما يطوف الناس بالبيت اليوم يسترضونه، يقولون : لبيك اللهمّ لبيك! ربّنا معذرة إليك! نستغفرك ونتوب إليك! فرضي عنهم وقال :ابنوا في الأرض بيتا يطوف به عبادي، من غضبت عليه أرضى عنه كما رضيت عنكم.

وأمّا خصائص البيت وعجائبه فإن أبرهة بن الصبّاح قصده وأراد هدمه، فأهلكه الله تعالى بطير أبابيل. وذكر أن أساف بن عمرو ونائلة بنت سهيل زنيا في الكعبة، فمسخهما الله تعالى حجرين نصب أحدهما على الصّفا والآخر على المروة ليعتبر بهما الناس. فلمّا طال مكثهما وعبدت الأصنام، عبدا معها إلى أن كسرهما رسول الله فيهما كسر من الأصنام.

ومن عجائب البيت أن لا يسقط عليه حمام إلّا إذا كان عليلا، وإذا حاذى الكعبة عرقة من طير تفرّقت فرقتين ولم يعلها طائر منها. وإذا أصاب المطر أحد جوانبها يكون الخصب في تلك السنة في ذلك الجانب، فإذا عمّ المطر جميع الجوانب عمّ الخصب جميع الجوانب، ومن سنّة أهل مكّة ان من علا الكعبة من عبيدهم يعتقونه، وفي مكّة من الصلحاء من لم يدخل الكعبة تعظيما لها.

وعن يزيد بن معاوية : ان الكعبة كانت على بناء الخليل عم إلى أن بلغ النبيّ صلعم خمسا وثلاثين سنة، فجاءها سيل عظيم هدمها، فاستأنفوا عمارتها، وقريش ما وجدوا عندهم مالا لعمارة الكعبة إلى أن رمى البحر بسفينة إلى جدّة، فتحطّمت فأخذوا خشبها واستعانوا بها على عمارتها، فلمّا انتهوا إلى موضع الركن اختصموا وأراد كلّ قوم أن يكونوا هم الذين يضعونه في موضعه، وتفاقم الأمر بينهم حتى تناصفوا على أن يجعلوا ذلك لأوّل طالع، فطلع عليهم النبيّ صلعم فاحتكموا إليه فقال : هلموا ثوبا! فأتي به فوضع الركن فيه ثمّ قال : لتأخذ كلّ قبيلة بناحية من الثوب، ففعلوا ذلك حتى إذا رفعوه إلى موضعه أخذ النبيّ عم الحجر بيده ووضع في الركن.

وعن عائشة قالت : سألت رسول الله صلعم عن الحجر أمن البيت هو؟ قال : نعم. قلت : فما بالهم لم يدخلوه في البيت؟ فقال، صلّى الله عليه وسلّم : إن قومك قصرت بهم النفقة. قلت : فما شأن بابه مرتفعا؟ قال : فعلوا ذلك ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا، ولولا أن قومك حديثو عهد بالجاهليّة أخاف أن تنكر قلوبهم لنظرت اني أدخل الحجر في البيت. فأدخل عبد الله بن الزبير عشرة من الصحابة حتى سمعوا منها ذلك، ثمّ هدم البيت وبناها على ما حكت عائشة. فلمّا قتل الحجّاج ابن الزبير ردّها على ما كان، وأخذ بقيّة الأحجار وسدّ بها الغربي ورصّف الباقي في البيت، فهي الآن على بناء الحجّاج.

وأمّا الحجر الأسود فجاء في الخبر انّه ياقوتة من يواقيت الجنّة، وانّه يبعث يوم القيامة وله عينان ولسان يشهد لمن استلمه بحقّ وصدق.

روي أن عمر بن الخطّاب قبّله وبكى حتى علا نشيجه، فالتفت فرأى عليّا فقال : يا أبا الحسن ههنا تسكب العبرات، واعلم انّه حجر لا يضرّ ولا ينفع! ولولا اني رأيت رسول الله صلعم يقبّله ما قبّلته! فقال عليّ : بلى هو يضرّ وينفع يا عمر، لأن الله تعالى لمّا أخذ الميثاق على الذرية كتب عليهم كتابا وألقمه هذا الحجر، فهو يشهد للمؤمن بالوفاء وعلى الكافر بالجحود، وذلك قول الناس عند الاستلام : اللهمّ إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك.

قال عبد الله بن عبّاس : ليس في الأرض شيء من الجنّة إلّا الركن الأسود والمقام، فإنّهما جوهرتان من جواهر الجنّة ولولا مسّهما من أهل الشرك ما مسّهما ذو عاهة إلّا شفاه الله تعالى. ولم يزل هذا الحجر محترما في الجاهليّة والإسلام يقبّلونه إلى أن دخلت القرامطة مكّة سنة سبع عشرة وثلاثمائة عنوة، فنهبوها وقتلوا الحجّاج وأخذوا سلب البيت وقلعوا الحجر الأسود، وحملوه إلى الاحساء من أرض البحرين حتى توسّط فيه الشريف أبو عليّ عمر بن يحيى العلوي، بين الخليفة المطيع لله وبين القرامطة، سنة خمس وثلاثين فأخذوا مالا عظيما وردّوه. فجاءوا به إلى الكوفة وعلّقوه على الأسطوانة السابعة من أساطين الجامع ثمّ حملوه على مكانه.

وحكي أن رجلا من القرامطة قال لبعض علماء الكوفة وقد رآه يقبّل الحجر ويتمسّح به : ما يؤمنكم انّا غيّبنا ذلك الحجر وجئنا بمثله؟ فقال : ان لنا فيه علامة وهي انّا إذا طرحناه في الماء يطفو، فجاءوا بماء وألقي فيه فطفا.

وأمّا المقام فإنّه الحجر الذي وقف عليه الخليل عم حين أذّن في الناس بالحجّ. وذرع المقام ذراع وهو مربع سعة أعلاه أربع عشرة إصبعا في مثلها، ومن أسفله مثل ذلك، وفي طرفيه طوق من ذهب وما بين الطرفين بارز لا ذهب عليه، طوله من نواحيه كلّها تسع أصابع وعرضه عشر أصابع، وعرضه من نواحيه إحدى وعشرون إصبعا، والقدمان داخلتان في الحجر سبع أصابع، وبين القدمين من الحجر إصبعان، ووسطه قد استدقّ من التمسّح.

وهو في حوض مربّع حوله رصاص، وعليه صندوق ساج، في طرفه سلسلتان يقفل عليهما قفلان.

قال عبد الله بن شعيب بن شيبة : ذهبنا نرفع المقام في عهد المهدي فانثلم وهو حجر رخو، فخشينا أن يتفتّت، فكتبنا به إلى المهدي فبعث إلينا ألف دينار فصببناها في أسفله وأعلاه، وهو الذي عليه اليوم.

وبها جبل أبي قبيس، وهو جبل مطلّ على مكّة تزعم العوامّ ان من أكل عليه الرأس المشوي يأمن من وجع الرأس، وكثير من الناس يفعلون ذلك، والله أعلم بصحّته.

وبها الصّفا والمروة وهما جبلان ببطحاء مكّة. قيل : ان الصفا اسم رجل والمروة اسم امرأة زنيا في الكعبة فمسخهما الله تعالى حجرا، فوضعا كلّ واحد على الجبل المسمّى باسمه لاعتبار الناس. وجاء في الحديث : ان الدابّة التي هي من اشراط الساعة تخرج من الصفا، وكان عبد الله بن عبّاس يضرب عصاه على الصفا ويقول : إن الدابّة لتسمع قرع عصاي هذا.

والواقف على الصفا يكون بحذاء الحجر الأسود، والمروة تقابل الصفا.

وبها جبل ثور أطحل، وهو جبل مبارك بقرب مكّة، يقصده الناس لزيارة الغار الذي كان فيه النبيّ صلعم مع أبي بكر، حين خرج من مكّة مهاجرا. وقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز : إذ أخرجه الذين كفروا (الآية) يزوره الناس متبرّكين به.

وبها ثبير، وهو جبل عظيم بقرب منى، يقصده الناس زائرين متبرّكين به لأنّه أهبط عليه الكبش الذي جعله الله فداء لإسمعيل عم وكان قرنه معلّقا على باب الكعبة إلى وقت الغرق قبل المبعث بخمس سنين. رآه كثير من الصحابة ثمّ ضاع بخراب الكعبة بالغرق. وتقول العرب : أشرق ثبير كيما نغير، إذا أرادوا استعجال الفجر.

وبها جبل حراء وهو جبل مبارك على ثلاثة أميال من مكّة، يقصده الناس زائرين. وكان النبيّ عم قبل أن يأتيه الوحي حبّب إليه الخلوة، وكان يأتي غارا فيه. وأتاه جبرائيل عم في ذلك الغار، وذكر ان النبيّ صلعم ارتقى ذروته ومعه نفر من أصحابه فتحرّك فقال عليه السلام : اسكن حرا فما عليك إلّا نبيّ أو صدّيق أو شهيد! فسكن.

وبها قد قد، وهو من الجبال التي لا يوصل إلى ذروتها، وفيه معدن البرام يحمل إلى سائر بلاد الدنيا.

وبها بئر زمزم وهي البئر المشهورة المباركة بقرب الكعبة ؛ قال مجاهد : ماء زمزم إن شربت منه تريد شفاء شفاك الله، وان شربته لظمإ أرواك الله، وان شربته لجوع أشبعك الله.

قال محمّد بن أحمد الهمذاني : كان ذرع زمزم من أعلاها إلى أسفلها أربعين ذراعا، وفي قعرها ثلاث عيون : عين حذاء الركن الأسود، وأخرى حذاء أبي قبيس، وقلّ ماؤها في سنة ثلاث وعشرين ومائتين، فحفروا فيها تسعة أذرع فزاد ماؤها، ثمّ جاء الله تعالى بالأمطار والسيول في سنة خمس وعشرين ومائتين فكثر ماؤها، وذرعها من رأسها إلى الجبل المنقور فيه إحدى عشرة ذراعا وهو مطويّ، والباقي وهو تسع وعشرون ذراعا منقور في الحجر، وذرع تدويرها إحدى عشرة ذراعا، وسعة فمها ثلاث أذرع وثلثا ذراع، وعليها ميلان ساج مربعة فيها اثنتا عشرة بكرة يستقى عليها. وأوّل من عمل الرخام عليها وفرش به أرضها المنصور. وعلى زمزم قبّة مبنيّة في وسط الحرم عند باب الطواف تجاه باب الكعبة.

في الخبر : ان الخليل عم ترك إسمعيل وأمّه عند الكعبة وكرّ راجعا. قالت له هاجر : إلى من تكلنا؟ قال : إلى الله. قالت : حسبنا الله! فأقامت عند ولدها حتى نفد ماؤها فأدركتها الحنّة على ولدها، فتركت إسمعيل بموضعه وارتقت إلى الصفا تنظر هل ترى عينا أو شخصا، فلم تر شيئا فدعت ربّها واستسقته، ثمّ نزلت حتى أتت المروة ففعلت مثل ذلك، ثمّ سمعت صوت السباع فخشيت على ولدها، فأسرعت نحو إسمعيل فوجدته يفحص الماء من عين قد انفجرت من تحت خدّه، وقيل بل من تحت عقبه. فلمّا رأت هاجر الماء يسري جعلت تحوّطه بالتراب لئلّا يسيل. قيل : لو لم تفعل ذلك لكان عينا جارية. قالوا : وتطاولت الأيّام على ذلك حتى عفتها السيول والأمطار ولم يبق لها أثر.

وعن عليّ، كرّم الله وجهه : ان عبد المطلب بينا هو نائم في الحجر إذ أمر بحفر زمزم. قال : وما زمزم؟ قالوا : لا تنزف ولا تهدم يسقي الحجيج الأعظم عند نقرة الغراب الأعصم. فغدا عبد المطّلب ومعه الحرث ابنه، فوجد الغراب ينقر بين أساف ونائلة، فحفر هناك، فلمّا بدا الطيّ كبّر، فاستشركه قريش وقالوا : انّه بئر أبينا إسمعيل ولنا فيه حقّ! فتحاكموا إلى كاهنة بني سعد باشراف الشام وساروا حتى إذا كانوا ببعض الطريق نفد ماؤهم وظمئوا وأيقنوا بالهلاك، فانفجرت من تحت خفّ عبد المطّلب عين ماء فشربوا منها وعاشوا. وقالوا : قد والله قضي لك علينا لا نخاصمك فيها أبدا، إن الذي سقاك الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم! فانصرفوا فحفر عبد المطّلب زمزم، فوجد فيها غزالين من ذهب وأسيافا قلعيّة كانت جرهم دفنتها فيها وقت خروجهم من مكّة، فضرب الغزالين بباب الكعبة وأقام سقاية الحاج بمكّة، والله الموفق.

وينسب إلى مكّة المهاجرون الذين أكثر الله تعالى عليهم من الثناء في كتابه المجيد، وخصّ بعضهم بمزيد فضيلة وهم المبشرة العشرة، ذكر أن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، قال : إنّهم في الجنّة وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة والزبير، وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجرّاح، رضوان الله عليهم أجمعين. ملتان هي آخر مدن الهند ممّا يلي الصين، مدينة عظيمة منيعة حصينة جليلة عند أهل الصين والهند، وانّها بيت حجّهم ودار عبادتهم كمكّة لنا. وأهلها مسلمون وكفّار. والمدينة في دولة المسلمين، وللكفّار بها القبّة العظمى والبدّ الأكبر، والجامع مصاقب لهذه القبّة، والإسلام بها ظاهر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شامل ؛ كلّ ذلك عن مسعر بن مهلهل.

وقال الاصطخري : مدينة حصينة منيعة، دار الملك ومجمع العسكر، والملك مسلم لا يدخل المدينة إلّا يوم الجمعة، يركب الفيل ويدخل المدينة لصلاة الجمعة.

بها صنم يعظّمه الهند ويحجّ إليه من أقصى بلاد الهند، ويتقرّب إليه كلّ سنة بأموال عظيمة، لينفق على بيت الصنم والمعتكفين منهم. وبيت الصنم قصر مبنيّ في أعمر موضع بين سوق العاجنين وسوق الصّفّارين، وفي وسط القصر قبّة فيها الصنم. قال مسعر بن مهلهل : سمك القبّد في الهواء ثلاثمائة ذراع، وطول الصنم عشرون ذراعا، وحول القبّة بيوت يسكنها خدم الصنم العاكفون عليه، وليس في ملتان عبّاد الصنم إلّا في هذا القصر.

وصورة الصنم إنسان جالس مربّعا على كرسي، وعيناه جوهرتان، وعلى رأسه إكليل ذهب، مادّ ذراعيه على ركبتيه، منهم من يقول من خشب، ومنهم من يقول من غير خشب، ألبس بدنه مثل جلد السختيان الأحمر، إلّا أن يديه لا تنكشفان وجعل أصابعه من يديه كالقابض أربعة في الحساب، وملك ملتان لا يبطل ذلك الصنم لأنّه يحمل إليه أموالا عظيمة يأخذها الملك، وينفق على سدنة الصنم شيئا معلوما. وإذا قصدهم الهند محاربين أخرج المسلمون الصنم ويظهرون كسره أو إحراقه فيرجعون عنهم. حكى ابن الفقيه أن رجلا من الهند أتى هذا الصنم، وقد اتّخذ لرأسه تاجا من القطن ملطخا بالقطران ولأصابعه كذلك، وأشعل النار فيها، ووقف بين يدي الصنم حتى احترق.

وينسب إليها هارون بن عبد الله مولى الأزد، كان شجاعا شاعرا، ولمّا حارب الهند المسلمين بالفيل لم يقف قدام الفيل شيء، وقد ربطوا في خرطومه سيفا هذاما طويلا ثقيلا، يضرب به يمينا وشمالا لا يرفعه فوق رأس الفيالين على ظهره ويضرب به، فوثب هارون وثبة أعجله بها عن الضرب ولزق بصدر الفيل، وتعلّق بأنيابه، فجال به الفيال جولة كاد يحطمه من شدّة ما جال به.


وكان هارون شديد الخلق رابط الجأش فاعتمد في تلك الحالة على نابيه، وأصلهما مجوّف، فانقلعا من أصلهما وأدبر الفيل وبقي النابان في يد هارون، وكان ذلك سبب هزيمة الهند، وغنم المسلمون، فقال هارون في ذلك :

مشيت إليه رادعا متمهّلا
وقد وصلوا خرطومه بحسام
فقلت لنفسي : إنّه الفيل ضاربا
بأبيض من ماء الحديد هذام
فإن تنكإي منه فعذرك واضح
لدى كلّ منخوب الفؤاد عبام
ولمّا رأيت السّيف في رأس هضبة
كما لاح برق من خلال غمام
فعافسته حتى لزقت بصدره
فلمّا هوى لازمت أيّ لزام
وعذت بنابيه وأدبر هاربا
وذلك من عادات كلّ محامي


مليبار


ناحية واسعة بأرض الهند تشتمل على مدن كثيرة، بها شجرة الفلفل وهي شجرة عالية لا يزول الماء من تحتها، وثمرتها عناقيد إذا ارتفعت الشمس واشتدّ حرّها تنضمّ على عناقيدها أوراقها، وإلّا أحرقتها الشمس قبل إدراكها، وشجر الفلفل مباح إذا هبّت الريح سقطت عناقيدها على وجه الماء، فيجمعها الناس، وكذلك تشنّجها، ويحمل الفلفل من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب، وأكثر الناس انتفاعا به الفرنج يحملونه في بحر الشام إلى أقصى المغرب.


منى


بلدة على فرسخ من مكّة طولها ميلان، وهي بين جبلين مطلّين عليها، بها مصانع وآبار وخانات وحوانيت تعمر أيّام الموسم، وتخلو بقيّة السنة إلّا ممّن يحفظها.

من عجائبها أن الجمار التي ترمى منذ حجّ الناس إلى زماننا هذا لا يظهر بها من غير أن تكسحها السيول أو يأخذها الناس، ولولا الآية الأعجوبة التي فيها لكان ذلك الموضع كالجبال الشاهقة.

وبها مسجد الخيف ومسجد الكبش، وقلّ أن يكون في الإسلام بلد إلّا ولأهله مضرب.


مندورفين


مدينة بأرض الهند ؛ قال مسعر بن مهلهل : بها غياض هي منابت القنا، ومنها يحمل الطباشير، والطباشير رماد هذا القنا، وذلك انّها إذا جفّت وهبّت بها الرياح احتكّ بعضها ببعض واشتدّت فيها الحرارة، فانقدحت فيها نار ربّما أحرقت مسافة خمسين فرسخا، فرماد هذا القنا هو الطباشير يحمل إلى سائر البلاد.


مندل


مدينة بأرض الهند يكثر بها العود حتى يقال للعود المندل، وليس هي منبته، فإن منابته لا يصل إليها أحد، قالوا : ان منابت العود جزائر وراء خطّ الاستواء ويأتي به الماء إلى جانب الشمال، فما انقلع رطبا فإذا أصابته ريح الشمال يبقى رطبا وهو الذي يقال له القامروني، وما جفّ ورمته يابسا فإنّه المندلي الثقيل المصمت، فإن رسب في الماء فهو غاية جدّا ليس فوقه خير منه.

المنصورة

مدينة مشهورة بأرض السند كثيرة الخير، بناها المنصور أبو جعفر الثاني من خلفاء بني العبّاس، وفيها ينزل الولاة، لها خليج من نهر مهران يحيط بالمدينة، وهي في وسطه كالجزيرة إلّا أنّها شديدة الحرّ كثيرة البقّ. بها ثمرتان لا توجدان في مدينة غيرها : إحداهما الليمو على قدر التفّاح، والأخرى الانبج على شبه الخوخ.

وأهل المدينة موافقون على أنّهم لا يشترون شيئا من المماليك السنديّة، وسببه أن بعض رؤسائها من آل مهلّب ربّى غلاما سنديّا، فلمّا بلغ رآه يوما مع زوجته فجبّه ثمّ عالجه حتى هدأ، وكان لمولاه ابنان : أحدهما بالغ، والآخر طفل، فأخذ الغلام الصبيّين وصعد بهما إلى أعالي سور الدار ثمّ قال لمولاه : والله لئن لم تجبّ نفسك الآن لأرمينّ بهما! فقال الرجل : الله الله فيّ وفي ولديّ! فقال : دع عنك هذا، والله ما هي إلّا نفس، وإني لأسمح بها من شربة ماء! وأهوى ليرمي بهما فأسرع الرجل وأخذ مدية وجبّ نفسه، فلمّا رأى الغلام ذلك رمى بالصبيّين وقال : فعلت بك ما فعلت بي وزيادة قتل الولدين. فقتل الغلام بأفظع العذاب وأخرج من المدينة جميع المماليك السندية، فكانوا يتداولون في البلاد ولا يرغب أحد بالثمن اليسير في شرائهم.

بها نهر مهران عرضه كعرض دجلة أو أكثر، يقبل من المشرق آخذا جهة الجنوب متوجها إلى المغرب حتى يقع في بحر فارس أسفل السند ؛ قال الاصطخري : مخرجه من ظهر جبل يخرج منه بعض أنهار جيحون، ويظهر بملتان على حدّ سمندور ثمّ على المنصورة، ثمّ يقع في البحر، وهو نهر كبير عذب جدّا يقال فيه تماسيح كما في النيل، وجريه مثل جريه، يرتفع على الأرض ثمّ ينصبّ ويزرع عليه مثل ما يزرع على النيل بأرض مصر.

وقال الجاحظ : ان تماسيح نهر مهران أصغر حجما من تماسيح النيل وأقلّ ضررا، وذكر أنّه يوجد في هذا النهر سبائك الذهب. والله الموفق.

مهيمة

قرية بين مكّة والمدينة على ميل من الأبواء. بها ماء مهيمة، وهو ماء ساكن لا يجري إذا شربته الإبل يأخذها الهيام، وهو حميّ الإبل، لا تعيش الإبل بها.

والقرية موبأة لفساد مائها.

نجران

من مخاليف اليمن من ناحية مكّة، بناها نجران بن زيدان بن سبا ابن يشجب، قال، صلّى الله عليه وسلّم : القرى المحفوظة أربع : مكّة والمدينة وإيليا ونجران، وما ( ۸۴ ) کېن من ليلة الا وينزل على نجران سبعون ألف ملکه يسلمون على الحساب الاخدود لا يعودون إليها أبدا، كان بها كعبة جران بناها عبد المدان ابن الريان للمتی مضاهاة للعبة وعموها وسموها صعبة جران وكان بها أساقفة مقيمون هم الذين جاءوا رسول الله صلعم للمباهلة ، قل هشام ابن أنخلي انها كانت قبة من أدم من ثلثماية جلد اذا جاء الخايف أمن أو نائب حاجة قتنيت حاجته أو مسترفد أرد وكانت القبض على نهر يستغل عشرة الاف دينار تستغرق القية جميعها، ينسب اليها عبد الله الناصر سید شهداء نجران قال محمد ابن الفني كان أهل نجران أهل الشرك وكان عندم ساحر يعتم صبيانهم الستر فنزل به رجل مسائي وابتنى خيمة بجنب قرية الساحر فجعل ال نجران يبعثون أولادهم إلى الساحر لتعلم الساحر وخیم غلام اسمه عبد الله وكان عمره على خيمة الرجل الصاش خاجبه عبادة الرجل فجعل بلس اليه ويسمع منه أمور الدين حتى أسلم وتعلم منه الشريعة والاسم الاعلم فقال له الرجل الصائ عرفت ألاسم الاعظم خاحفئ على نفسك وما أشن ان تفعل فجعل عبد ائل. إذا رأى أحدا من الحساب المعاشات يقول له ان دخلت في دين خلني أدعو الله يعافيك فيقول نعم فيدخل فیشنی حتی م بيبق بنجران أحد نو ضربة فرفع أمره إلى الملك فاحضره وقال أفسدت على أهل نجران وخافت دینی ودین ابائی لامتلن بك فقال عبد الله. أنت لا تقدر على ذن فجعل يلقيه من شافو فيقوم سليما ويرمية في ماء مغرق فيخرج سلبيا فقال له عبد الله لا تقدر على قتلى حتی تون بمن امنت به فوجد الله ودخل في دينه ثم ضربه بعصي كانت في يده قشنجسه تشنجة يسيرة فات عليها فلما رأی أهل نجران ذلك قالوا آمنا برب عبد الله حفر الملك أخدود وملاها حدنيا وأحترم فيه النار وأحضر القوم من رجع عن دينه ترنه ون القاه في النار فذلك قوله تعالى قتل أصحاب الاخدود وندر أن عبد الله بن النامي أخ في زمن عمر بن کتاب وأصبعه على شانه بما وضعها عليها حين قتله الندهة أرض واسعة بالسند بها خلق کثیر الا انهم كالت وبها خير واشر زروعهم الرز وبها الموز والعسل والنارجيل وبها ليل الغانج ذو السنامين وهذا الصنف من الايل لا يوجد الا هناك تجلب منها إلى خير أن سان وفارس تجعل فحلا للنوق العربية فتولد منهما الدخاني له الهند في بلاد واسعة كثيرة العجايب تتكون مسافتها ثلاثة أشهر في العطول بیستبون وشيرين في انعر و اكتر أرض الله جبلا وانهارا وقد اختتت ببریم النبات وجيب ليوان تحمل منها كل شوخة الى سبب البلاد مع أن استجار لا بتحلون الا ان اوايلها وأما أقصاها فقت ما يصل انبها اشل بلادنا لانم سقار أتنفس والمال، والهند والسند كانا أخوين من ولد توقیر بسن بقتلن بن حام بن نوح عم دم أعلى ملل مختلفة منهم من يقول باخائق دون آنتی و البراقة ومنهم من لا يقول بهما ومنهم من يعبد الصنم ومنئ من بعبد انغمر ومنم من بعبد النار ومن من ييج الزنا ، بها من المعدنيات بتواتر نفيسة ومن النبات أشياء غريبة ومن حيوانات حیوانات عجيبة ومن العبارة رفيعة قال أبو الصلع السندی بذكر بلاد الهند وما جبلب منها نقد انعست معاني وما ذلك بالامتل اذا ما مدح الهند وسم الهند في المقتل لترى أنها أرضر اذا القطر بسها ينزل يشير اندر والياقوت والحر من بيععلل منها المسک واتلافور والعنبر والمنسدل واصناف من الطبيب لیسنعمل من بنغسل وأنواع الاثاويه وجوز الطيب والسنبل ومنها ألعاب والسا ومنها العود والصندل وأن التوتيا نيسا متل بل الالوی ومنها الببر والتمر ومنها الغيل والحغفل ومنها الفرک والببغاء وأنثساوس ولوز ومنها شنکر ائران والساسم والفلفل سيوف ما لها مثل قد استغنتن عن العيقل وارم اذا ما غزت أعتز بها لحسفل فهل ينحت هذا الفصل الا الرجل الاخلل ومن جايب الهند جر مودی فانه يوجد بالليل ولا يوجد بالنهار بسر قل ولا بيكسره حجر، ومن عجايبها شتحجرة كسوس فأنها شجرة حلوة التمر تقع الإمام عليها وتأقل من ثمرتها فيغشي على الحمام فتاق الية تقصد لحام خان كان على غصن الشجرة أو شتيا د تقدر كية أن تقربها، ومن عجايبها البيش وهو نبت لا يوجد إلا بالهند سمے قتل ای حیوان بادل منه يموت وينولد خنه حيوان يقال له خارة البيش بؤل منه ولا بمنه وما ندر أن ملود الهند أذا أرادوا أنغدر بأحد عمده ای بواری أذا وندن ورشسوا من التبت تحننا مودن زمان هم تحت فراشهن زمان و تحت نیابین زمسان فر بعطعونین منه في اللبن حتي تنتمي لجارية أذا دبت تتناول منه ولا برفانه بعثوا بها مع الهدايا الي من أرادوا الغدر به من انلود انه اذا غشيه منت . وبها غنمه نها ست ألايا احداها على انسان المعهود وأنثانية على أندر وانتانتة والرابعة على الكتفين وسامسة والسادسة على الفخذين رايت واحدة منها تلت الى بلادنا ته وبن حیات اذا تسعت أنسسان يبقى دبي بشتوند على ثم ويلقونه في الماء والماء يذهب به أی ممتنع خيد مارستان وعلى المانت من ببترد الملسوعبين فياخذ ويعسجونم فيرجع بعد مدة 4 أماه، سالما، وبها نسير عظيم لجنة جدا قنوا أنه في بعتني جزايره اذا مات نتمن منقاره يبتخذ مرتبا برب الناس فيه في البحر وعلم ريشة يحذر زن الثعام بیسع واحدة استمالا تتبيرة جايينه مدينة إذا دخلها غريب لم يقدر على الجمعة أصم ولو أقام بها ما أقم فاذا خرج عنها زال عنه المانع ورجع إلى حاله ، قل حد حب ثقة الغرابيب بارش آئیند بحيرة مقدر عشيرة فراس في مثلها ماحا ينبع من أسفلها لا بأتین میںة من الانسبار في تلك الحيرة حيوانات على صورة الانسان اذا كان الليل خري منية عدد کتیر يلعبون على ساحل البحر وبرقصون ويحققون بالبيد بن وفيلم جوار محسناوات خرج من أي حيوانات على غير سورة الانسان عجيبة الاشكال والناس في الليلة الغمرات يقعدون من البعد وينشرون أنيم ولما كان النشار أنت ذن ارجون التي ورتا جام و بالغوا به أننثيرة ألوها وتروا ما فصل منهم على نساحتل وان موسسات منښم قد أخرجوة من الحيرة وسترو سواته بانتين والناس يدفنونه وما دام يبقى على الساحل لا يخرج من الماء احد البتة ، دل تماسشب جايب الاخبار باقصى بلاد أنهند أرض رملها مخلوط بانذهب وبها نوع من النمل علام في اسرع عددا من اللب وتلك الاردن شديدة شرارة جدا فاذا ارتفعت الشمس وأشتدت الحرارة تهرب النمل إلى أسراب تحت الارض وتختفي فيها الى أن انتسر سورة غر فتاتي انهند باندواب عند اختفساش النمل وجمل من في المشي تخسسانية أن يلحق بهم النمل فيالهم ، قل المسعودي بار الهند هيضل عظيم عندهم يقال له بلاذری لیس تهم هيكل أعظم منه له بلد قد وقف عليه وحوله انف شوة (* خنک الرسل وبيسمع { ۱۷ ) مقصورة شبه جوار موقوفة على أنعمنم من جاده زايا ومن جد جد له وادم في حبي خته شد وبات عند تاربة من جوارب. فرجع، بها بل قل ماحب تحفة الغرايب علي شذا جبل حورة أسحين خرج من مشمسة ما تمر بعم خبيتين عليهما شرب قريتين على كل سذقية غربية فوقعت بين أنقر بيتين ختومة خسروا فم أمتدت أنقع ماره فصلت المكسور نیرجع الى دند. نا اخد نیما . بنا به دبن وتشونبر علیم وثلهند فيه اعتقاد عنشیمے من مان من عشمتم يلفون عثامہ في هذا النمر ويقولون انها تساق في للته وبين سن المنبر سومناة مبينا فيست تحمل آخر يوم من، تمایہ أن سوسنن تيغسلوا به بيوت الاحنامه وغيرها بتبرون به، وبها عيين العقاب قال صاحب تحفة انعایب برح أنهند مبل شبه عين ماء أذا شرم أعقاب يأتي بنت أخر اخبا شخه العين وبغسله فينا ثم يستمعية في أنشمس دن ربشنا ينسانن عنبسة وبنيت نما ريش جديد وبزول عنها أنتمعن وتج الي انقوة والشباب ، حد ابہ دسر و جلی تسری انون وأن أن بارص البند "جبل خی، شد: جر مبنی انوا فبعت رجة إلى بلاد البند شيبانيه بحتية حدا أنذلام نخشب 2 ني انبهنا بيسي الجبل حث استمع ببعت المرأة فقال له هذا انه مرموز من كلام ياه أرادوا بالجبل أن جل أنعان وباشتشجية علم. ويتم تست ديدة علمه وبالحيود حيوة الاخرة فقال ضسرت سدن علم الهند الامسسب كما فدر يتب قريبة من مد اليمامة كثيرة أناخل قل ابن الان كن بها رجل من أناقة ببقال نده غرغوب فانه أخ له مستمها فقال له عرقوب أذ أسئلعت أخلى فلک نلعنا فلما أتلعن ذل دعيا حت نسبي بلانا فلما أبلت قل دعيها متن تي زعوا م حتى تصير بسرام کی تعمیر رنبا ثر نموا فلما أخسرت د انبها ثية نجدها فاز مت في الخلف قال الأصم وعدت وكان الهدف من سجية مواعيد عرقوب أخاه بیترب شه اليمامة ناحية بين أجاز واليمن أحسن بلاد الله واسترها خيرا وخه بينما كانت في قديم الزمان منزل سم وجديس وا من ود لاود بن أرم اب ذوذ بن سام بن نوح عم اقموا بانيمامة تدثروا بها وملح عليم رجل من نسم يقل له ملي بن احيب ش وفن جبرا شلوا جحم بينهم ما ننا حي اند امختتم اليه رجل وامرأة في مونود بينهما فقال أنزو اهد قنبس ابها تباشر a.h (* الخلف . {۱۹ کلام a5 (' جبة 6.» (" فاحملوا . . (u) الملكي اعليتها المهر كاملا ولم أصب منها بئانيلا الا ويندا جاشلا فافعل ما كنت فاعلا فقالت الزوجة واسمها هزيلة أيها الملك هذا ولدی جلنه تسعا ووضعتد دفعا وأرضعنة شبعا ولم انل منه نفعنا حتی أذا تمت فصاله واشتدت أوصاله أراد زوجی أخذه شرها وترضی ولی فقال الزوج اني بلنه قبل أن تحماهه وتفلت أمه قبل أن تكفله فقالت الزوجة أنه أيها الملك بله خقا وانا جلته تقلا ووضعة شهوة وأنا وضعته درها فلما رأی علیق متانة جمتها تحير ورای أن يجعل الغلام في جملة غلمانه حتى يتبين له الرأي فيه فقالت له فزيلند أتينا اخا لسم تجكم بيننا خأشهر حكيا في هزيلة شائسا ندمت وكم أندم وأق بعشرتي وأصبح بعلي في الحكومة نادم فلما سمع عليق ذلك غصب على نساء جديس وامي ان لا تزوج بر من نساء جديس حتی تدخل عليه فيكون هو مخترعها فلقوا من ذلك نه حتی تزوجت شقيرة بنت غفار أخت الأسود بن غفار سيد جديس فلما كانت ليلة الزفاف أخرجت لتعمل على الملك والقينات حولها يضربن معازفهن ويقلن أبدی بعليق وقومی دارک وبادره الحبيخ بأمر مجب فسوف تلقين الذي لم تنلي وما لب دونه من مهرب فادخلت على عملية فامتنعت عليه وكانت أيدة فاخترعها جديدة وأقماش فخرجت ودمها يسيل على قدميها بين باكية إلى أخيها وهو في جمع علیم لا احد ان من جديس اشکذا يفعل بالعروس فقال اخوها ما شانکا خانشأت تقول أجمل أن يوف الى فتياتم وانتم رجال فيكم عند الرمل أجمل تمشي في الدمام فتاتكم صبيحة زفت في العشاء إلى بعل فلو أننا كنا رجالا ونتم نساة للتالا تقر على النل فدبوا اليوم بالصوارم والقنا وكل حسام محدن الامر بالحقل ولا تجزعوا للعرب قومی خامسا بيقوم رجال الرجال على رجل فلما سمعت جديس تلك امتلات غيلا قال الاسود جدی با قوم أتبعوني اثاتی بر الحر فقال القوم أنا تک مطیعون قلي عرفت أن القوم اشتر متا عدد وددا فقال الاسود أني أرى أن أتخذ للملك طعاما فاذا حشروا انا اقوم الى الملك وكل واحد منكم الى رئيس من رؤسائه ونقتلع فصنع الاسود طعاما شانه : ( معابد ه ,متابه جنهما ه ( شفعا :.a.b (* خاملاa.b.c (۷ , غير و تقول خانه د ع ( ۸۹ )

وأمر أن يدخن فن واحد سیفه تحت الرمل مكان جلوسه فلما جاءتهم الملک وقومه وجلسوا لادن فتل الاسود الملک وقتل ك واحد منم شريف من أشراف قسم فلما فرغوا من شرعوا في بقايا نسمر فهرب واحد منكم أسمع رباح بن حتی حق عشان بن تبع لجميري وقال له عبيدك وزعينك قد اعتدی علينا جديس فقال له ما شأنك فرفع عقبنه ينشد أجبني الى قوم دعونا لغدر الى قتلهم فبمساكن الاجسي فانك لن تسمع بيوم ولن ترى يوم اباد لی حتما به أنخر أتيناهم في زرنا ونسعسألسنا علينا الملاء للروبل للسحر بصرنا نعوما بالعام وتعيسة ينازع فينا انثير وانذيب والنمر فدونکی قوم نیس تله فيهم ولا نجم منه حجاب د ستر جايه حسان ائي سواله ووعده بنصره ثم سار في جبونه أليم فصد:حجم واصطلمهم شهرب الاسود بن غفار باخته في نفر منهم وقتل أتبقية وسبام وينسب اليها زرقة أنيممة وأنها كانت ترى الشخص من مسيرة يوم وسيلة وما سار حشسان نحو جديس قال له رياس بن مرة أينا أمل أن لي أخنس مزوجة في جديس وأهمها أنزرت وانها زرقه ترى الشخص من مسيرة يوم وليلة أخاف أن تزنا فتنخر القوم بنا أحبابک نيقنعوا اغتسان الانين جسار وتستروا بها تتشبهوا على اليمامة وساروا بأنليل فقال الملك او في الليل أبتنس فقال نعم ان بعدها بالليل انفذ فيأمر الملك اجابه أن يفعلوا ذنك فلما دنوا من اليمامة تي نظين أنزرقاقانتت با ال جبس سارت انیس الشجيران وجاتكم اوایل خیل كبير فينبوعا فانشان تقول خذوا خذوا حذركم يا قوم ينفعكم فليس ما قد أری مل أمر تحت أن ارى شاتها من خلفيا بشر لامي أجتمع الأقوام وألسش - فلما دي حشان قائل نيسا ما ذا رابت قالت الشجر خلفهسا بشر فامر بقشع عينيها وصلبها على باب جو وكانت المدينة قبل شذا تستمی جوا نستاها نبع اليمامة وقال وستمین جوا باليمامة بعد ما ترضت عيون باليمامة سلا نزغت بها عينی فتاة بصيرة رعاها ولم أحفل بذئخ حفلا تربت جديا كالحديد محرحا وسقت نساء القوم سوة مجلا أدنت جديسا دبين نسم بفعلها ولم أن لولا نعلها ذا أفعلا وقلت خذيبها با جديس باختها وأنت تعر كنت في الظلم او فلا تلع جوا ما بقيت باسمها ونلنها تنتمي اليمامة مقبلا وينسب إليها مسيلمة الكتاب الذي يقال له رتن اليمامة اتمي النبوة في عهد رسول اللہ صلعم فطلبوا منه المعجزة فاخرج قارورة ضيفة الرأس فيها بيضة خان به بععنهم وهم بنو حنيفة أقل الناس عقلا فاستخف قومه واشاعوه وينو حنيفة أخذوا في الجاهلية صنما من العسل والسمن يعبدونه فاحم ابنهم في بعض السنين مجاعة فالوه فضحك على عقول الناس وقانوا فيه الميت حنيفة ربه زن النقشم وشجاعة م يحذروا من ربهم سوء العواقب والتباعد والبيضة إذا تردت في الت زماذا كنت فدخلها في القارورة تثمر صب الماء عليها فعادت الى حالها وكان مشهوره في السنة العاشرة من اشبهة جبرة وحي أنه ستبه إلى رسول اللہ صلعم من مسيلمة رسول الله ال محمد رسول الله سلام علیکن اما بعد فان أشرت في الامر معك وان ننا نعرف الأرض وتقریش نصفها نکن ريشا يعتدون راننده مع رسوئين نتنب انبه رسول الله صلعم بن محمد رسول الله إلى مسيلمة انذاب السلام على من أنبع الهدى أما بعد فان الارض الله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقيين شنل مسيلمة خالد بن ونيد في زمن الى بحره وحي أنه رای تامة مقصوصة لنا فقال لم تعذبون خلق الله لو أراد الله من الثير غير ائدیران ما خلق لها جناحا واتی حمت علیکم نفت جناح الطاير فقال بعضهم سل الله الذي أعنای اية البيض أن ينبت له جناح فقال أن سألت خانبت له جناحا فشار تؤمنون من قانوا نعم فقال إني أريد اناجی رني فأدخلوه معی هذا البيت حتی اخرجه وافي لجناح حتى يطير خلي بالحناير اخرج ريشا كان معه وأدخل في قصية كل ريشة مقلوعة ريشة ما كان معه فاخرجه وأرسله فطار فآمن به جمع كثيره وحي أنه قال في نيلة منكرة الرياح مظلمة أن الملك ينزل إلى الليلة ولاجنحة الملايكة صلصلة وخشخشة فلا يخرجن أحدكم فان من تأملهم اختفت بصره ثم أخذ صورة من اللاغد لها جناحان وذنب وشت فيها لجلاجل والخيوط العطوال فارسل تلك الصورة وتلتها الري والناس بالليل ببرون الصورة ويسمعون صوت للجلاجل ولا يرون لخيط فلما راو خلک دخلوا منازلهم خوفا من أن تختلف أبصارهم فصاح بهم مايبيع من دخل منزله فهو ان فاصبحوا متبقين على تعدديقه قال الهند ( 11 ) ببيضة قارور وراية شادن وتوصيل مفصوص من انشي جازف فلما سمع سورة وانذاربات قل وقد انترنت على مثلهاون والزارعات زرع فالحاصدات حصدا خالشاحنات نعنا فاخابرات خبزا خلاكلات اك؟ فقال بعد اهل الجون فل ولااريات خيبا، ومتا مع سورة الفيل قال قد انزنت على مثلها في الغيل وما أدري ما الفیل له ذنب نويل ومشفر تیل وان ذلك من خلق ربنا النبيل، وما سمع سورة الوتر قال قد انزلت على مثلا في أنا اعطیناک المواه فصل لربک وهاج أن شانیکی و اللاف، فسبحان من أشهر اعجاز القران خلو كن من عند غير الله للان مثل هذه