أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين/ردة اليمن
ارتد قیس بن عبد يغوث بن مكْشوح باليمن ثانية لما بلغه وفاة رسول الله، مع أنه كان اشترك هو وفيروز وداذَوَيْه في قتل الأسود العَنْسي كما تقدم ذكره، فلما ارتد أراد التخلص من فيروز وداذويه فخدعهما ودعاهما إلى طعام صنعه لهما فدخل عليه داذويه فقتله، وأما فيروز فلا همّ بالدخول سمع امرأتين على سطحين تتحدثان فقالت إحداها: هذا مقتول کا قتل داذويه ففر إلى جبل خَوْلان وهم أخوال فيروز فامتنع بهم وكتب إلى أبي بكر يخبره وعمد قيس إلى تفريق الأبناء، فلما علم فيروز جد في حربه، وأرسل إلى بني عقيل بن ربيعة وإلى عك يستمدهم فمدوه بالرجال فخرج بهم ومن اجتمع عنده، فلقوا قيساً بالقرب من صنعاء فاقتتلوا قتالاً شديداً انهزم قيس وأصحابه. وبينما هم كذلك قدم عِكْرِمة ابن أبي جهل من مَهَرَة مع جيشه وقدم أيضاً المهاجر بن أبي أمية في جمع من مكة والطائف وبَجِيلة مع جَرِير إلى نجران فانضم إليه فروة بن مسيك المرادي فأقبل عمرو بن معدي كرب الذي كان قد ارتد حتى دخل على المهاجر من غير أمان فأوثقه المهاجر وأخذ قيسأ أيضأ فأوثقه وسيرها إلى أبي بكر فقال لقيس:
«یا قیس قتلت عباد الله واتخذت المرتدین وَلِيجَة1 من دون المؤمنين» فانتفى قيس من أن يكون قارف من داذويه شيئاً، وكان قتله سراً فتجافي له عن دمه.
وقال لعمرو بن معدي كرب:
«أما تستحي أنك كل يوم مهزوم أو مأسور. لو نصرت هذا الدين لرفعك الله».
فقال : لا جرم أقبلن ولا أعود فخلى أبو بكر سبيله.
ورجعا إلى عشائرهما فسار المهاجر من نَجْران2 والتقت الخيول على أصحاب العنسي فاستأمنوا فلم يؤمنهم وقتلهم بكل سبيل ثم سار إلى صنعاء فدخلها وكتب إلى أبي بكر بذلك.