الآراء والمعتقدات (1926)/الخلاصة


الخلاصة


إن من أهم المسائل الأساسية التي أشرنا اليها في أوائل هذا الكتاب هو البحث الكيفية التي يؤمن بها أول العقول الراجحة في كل جيل بمعتقدات لا يؤيدها دليل ، ولو كان أمر المعتقد إراديا عقليا كما جاء في رسائل علم النفس سابقا لا مست الحاجة الى طرق باب ذلك البحث ، غير أن تحليل العناصر التي يقوم عليها المعتقد وثبوت كونه غير شعوري قائماً على مبادىء دينية عاطفية مستقلة عن العقل والإدارة قد فتح بابا جديداً للدرس والتنقيب .

وإذا لم يكن العقل منشأ المعتقد فأنه لقادر على المجادلة في أمره واكتشاف ما فيه من خطا وضلال ، ومع ذلك نسأل لماذا . المعتقد على الناس على رغم مناقضته لأكثر الأدلة وضوحا والمعقولات جلاء ؟ وقد أجبنا عن هذا السؤال عند ما بحثنا عن تأثير بعض العوامل – أي النفوذ والتوكيد والتكرار والتلقين والعدوى – في ميدان اللاشعور ، فهذه العوامل التي لا سلطان للعقل عليها تؤثر حتى في العقل وتمنعه من الاعتراف بالبديهيات .

وقد اثبتنا قدرة هذه المؤثرات على تكوين المعتقدات ببياننا عملها في أعرق الناس عاما ، اذ رأينا كثيراً من علماء الطبيعة الماهرين يفحصون فحصا تجربيا أشعة تكونت في مخيلتهم بفعل التلقين وشاهدنا علماء اعضاء المجمع العلمي يعرضون مبلما وافراً جائزة لمكتشف تلك الأشعة التي لم تلبث أن ظهر بطلانها حينما تخلص بعض الخبراء من ربقة التلقين فصاروا لا يرون طيفة ، وقد أوردنا عليه كثيراً من الامثلة

والفرق الوحيد بين المعتقد العلمي الناشىء عن تلك المؤثرات والمعتقدات الدينية والسياسية والروحانية الصادرة عنها أيضا هو أن الخطأ في المسائل العامية يزول سريعا يحاول المعرفة مكان المعتقد مع أن الاختبار والعقـل والتجارب تبقى لا عمل لها إزاء المبادىء العاطفية والدينية .

ثم حققنا أنه لاحد للسذاجة وسرعة التصديق في ميدان المعتقدات الروحانية وأنه لا فرق في ذلك بين العالم والجاهل ، وأرجو أن أكون - بأثباتي كيف يؤمن أصحاب النفوس العالية بمتقدات لا فرق بينها وبين اساطير الأولين – قدرت على إيضاح حال روحية لم تشرحها رسائل علم النفس حتى الآن .

وهكذا توصلت الى ناموس فلسفى مهم وهو أن مبادئنا تشتق من أنواع المنطق المختلفة لا . مصدر عقلى مشترك ، فمن تغلب أحد هذه الأنواع على الأخرى أو من تصادمها ظهرت اكبر حوادث التاريخ .

وريثما يكتشف العلم حقائق الكون الثابتة المسترة خلف ظواهر الأمور يجب علينا أن نكتفى بالحقائق التي تستمرتها نفوسنا الآن . فكل ما نعرفه حتى الوقت الحاضر هو أننا مسيرون بثلاث حقائق « أعنى : الحقائق العاطفية والحقائق الدينية والحقائق العقلية » وأنه لا قياس مشترك بين هذه الحقائق الصادرة عن انواع المنطق المختلفة .

تم