الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية/كتاب الطلاق
► كتاب الخلع | كتاب الطلاق | كتاب الرجعة ◄ |
ويصح الطلاق من الزوج وعن الإمام أحمد رواية: ومن العبد، الصبي، والمجنون، وسيدهما، والذي يجب أن يسوى في هذا الباب بين العقد والفسخ فكل من ملك العقد عليه فإن هذا قياس هذه الرواية، وهو موجب شهادة الأصول ويندرج في هذا الوصي المزوج والأولياء إذا زوجوا المجنون فإنا إذا جوزنا للولي في إحدى الروايتين استيفاء القصاص وجوزنا له الكتابة والعتق لمصلحة وجوزنا له المقابلة في البيع وفسخه لمصلحة فقد أقمناه مقام نفسه وكذلك الحاكم الذي له التزويج وهذا فيمن يملك جنس النكاح، ولا يقع طلاق السكران، ولو بسكر محرم، وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها أبو بكر، ونقل الميموني عن أحمد الرجوع عما سواها فقال: كنت أقول يقع طلاق السكران حتى تبينت، فغلب على أنه لا يقع وقصد إزالة العقل بلا سبب شرعي محرم، ولو ادعى الزوج أنه حين الطلاق زائل العقل لمرض أو غشي. قال أبو العباس: أفتيت أنه إذا كان هناك سبب يمكن صدقه فالقول قوله مع يمينه ويجب على الزوج أمر زوجته بالصلاة فإن لم تصل وجب عليه فراقها في الصحيح. وقال أبو العباس: في موضع آخر إذا دعيت إلى الصلاة وامتنعت انفسخ نكاحها في أحد قولي العلماء ولا ينفسخ في الآخر إذ ليس كل من وجب عليه فراقها ينفسخ نكاحها بلا فعله فإن كان عاجزا عن طلاقها لثقل مهرها كان مسيئا بتزوجه بمن لا تصلي وعلى هذا الوجه فيتوب إلى الله تعالى من ذلك وينوي أنه إذا قدر على أكثر من ذلك فعله
ولا يقع طلاق المكره والإكراه يحصل إما بالتهديد أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد. ` وقال أبو العباس: في موضع آخر كونه يغلب على ظنه تحقق تهديده ليس بجيد بل الصواب أنه لو استوى الطرفان لكان إكراها وأما إن خاف وقوع التهديد وغلب على ظنه عدمه فهو محتمل في كلام أحمد وغيره ولو أراد للكره وإيقاع الطلاق وتكلم به وقع وهو رواية حكاها أبو الخطاب في الانتصار وإن سحره ليطلق فإكراه. وقال أبو العباس: تأملت المذهب فوجدت الإكراه يختلف باختلاف المكره عليه فليس الإكراه المعتبر في كلمة الكفر كالإكراه المعتبر في الهبة ونحوها فإن أحمد قد نص في غير موضع على أن الإكراه على الكفر لا يكون إلا بتعذيب من ضرب أو قيد ولا يكون الكلام إكراها. وقد نص على أن المرأة لو وهبت زوجها صداقها أو مسكنها فلها أن ترجع بناء على أنها لا تهب له إلا إذا خافت أن يطلقها أو يسيء عشرتها فجعل خوف الطلاق أو سوء العشرة إكراها في الهبة ولفظه في موضع آخر ؛ لأنه أكرهها ومثل هذا لا يكون إكراها على الكفر فإن الأسير إذا خشي من الكفار أن لا يزوجوه وأن يحولوا بينه وبين امرأته لم يبح له التكلم بكلمة الكفر ومثل هذا لو كان له عند رجل حق من دين أو وديعة فقال لا أعطيك حتى تبيعني أو تهبني فقال مالك هو إكراه وهو قياس قول أحمد ومنصوصه في مسألة ما إذا منعها حقها لتختلع منه. وقال القاضي تبعا للحنفية والشافعية ليس إكراها وكلام أحمد في وجوب طلاق الزوجة بأمر الأب مقيد بصلاح الأب. والطلاق في زمن الحيض محرم لاقتضاء النهي الفساد ولأنه خلاف ما أمر الله به وإن طلقها في طهر أصابها فيه حرم ولا يقع ويقع من ثلاث مجموعة أو مفرقة بعد لدخول واحدة. قال أبو العباس: ولا أعلم أحدا فرق بين الصورتين والرجعية لا يلحقها الطلاق وإن كانت في العدة بناء على أن إرسال طلاقه على الرجعية في عدتها قبل أن يراجعها محرم ولو قال: أنت طالق في آخر طهرك ولم يطأ فيه فهو مباح إلا على رواية: القروء الأطهار وقاله جمهور أصحابنا وقال الجعد تبعا للقاضي في المجرد هو بدعة ومن حلف بالطلاق كاذبا يعلم كذب نفسه لا تطلق زوجته ولا يلزمه كفارة يمين ولو قال رجل: امرأة فلان طالق فقال ثلاثا فهذه تشبه ما لو قال لي عليك ألف فقال صحاح وفيه وجهان وهذا أصله في الكلام من اثنين إذا أتى الثاني بالصفة ونحوها هل يكون متمما للأول ؟ وعقد النية في الطلاق على مذهب الإمام أحمد أنها إن أسقطت شيئا من الطلاق لم تقبل مثل قوله أنت طالق ثلاثا وقال نويت إلا واحدة فإنه لا يقبل رواية واحدة وإن لم تسقط من الطلاق وإنما عدل به من حال إلى حال مثل أن ينوي من وثاق وعقال ودخول الدار إلى سنة ونحو ذلك فهذا على روايتين: إحداهما: يقبل كما لو قال: أنت طالق، أنت طالق. وقال: نويت بالثانية التأكيد فإنه يقبل منه رواية واحدة، وأنت طالق، ومطلقة، وما شاكل ذلك من الصيغ هي إنشاء من حيث إنها هي إثبات للحكم وشهادتهم وهي إخبار لدلالتها على المعنى الذي في النفس ومن أشهد عليه بطلاق ثلاث ثم أفتى بأنه لا شيء عليه لم يؤاخذ بإقراره لمعرفة أن مستنده في إقراره ذلك مما يجهله وإذا صرف الزوج لفظه إلى ممكن يتخرج أن يقبل قوله إذا كان عدلا كما قاله أحمد فيمن أخبرت أنها نكحت من أصابها وفي المخبر بالثمن إذا ادعى الغلط على رواية. ولو قيل بمثل هذا في المخبرة بحيضها إذا علق الطلاق به يتوجه وذلك لأن المخبر إذا خالف خبره الأصل اعتبر فيه العدالة.
ولا يقع الطلاق بالكناية إلا بنية إلا مع قرينة إرادة الطلاق فإذا قرن الكنايات بلفظ يدل على أحكام الطلاق مثل أن يقول: فسخت النكاح وقطعت الزوجية ورفعت العلاقة بيني وبين زوجتي وقال الغزالي في المستصفى في ضمن مسألة القياس يقع الطلاق بالكناية حتى ينويه. قال أبو العباس: هذا عندي ضعيف على المذاهب كلها فإنهم مهدوا في كتاب الوقف أنه إذا قرن بالكناية بعض أحكامه صارت كالصريح ويجب أن يفرق بين قول الزوج لست لي بامرأة وما أنت لي بامرأة وبين قوله ليس لي امرأة وبين قوله إذا قيل له لك امرأة فقال لا فإن الفرق ثابت بينهما وصفا وعددا إذ الأول نفي لنكاحها ونفي النكاح عنها كإثبات طلاقها ويكون إنشاء ويكون إخبارا بخلاف نفي المنكوحات عموما فإنه لا يستعمل إلا إخبارا وفي المغني والكافي وغيرهما أنه لو باع زوجته لا يقع به طلاق وقال ابن عقيل وعندي أنه كناية. قال أبو العباس: وهذا متوجه إذا قصد الخلع لا بيع الرقبة. قال القاضي: إن قال لها: اختاري نفسك، فذكرت أنها اختارت نفسها، فأنكر الزوج فالقول قوله ؛ لأن الاختيار مما يمكنها إقامة البينة عليه فلا يقبل قوله في اختيارها. قال أبو العباس: يتوجه أن يقبل قولها كالوكيل على ما ذكره أصحابنا في أن الوكيل يقبل قوله في كل تصرف وكل فيه ولو ادعى الزوج أنه رجع قبل إيقاع الوكيل لم يقبل قوله إلا ببينة نص عليه الإمام أحمد في رواية أبي الحارث ذكره القاضي في المجرد وإذا قال لزوجته إن أبرأتيني فأنت طالق فقالت أبرأك الله مما تدعي النساء على الرجال إذا كانت رشيدة.
باب ما يختلف به عدد الطلاق
وإذا قال الزوج يلزمني الطلاق وله أكثر من زوجة فإن كان هناك نية أو سبب يقتضي التعميم أو التخصيص عمل به ومع فقد النية والسبب فالتحقيق أن هذه المسألة مبنية على الروايتين في وقوع الثلاث بذلك على الزوجة الواحدة لأن الاستغراق في الطلاق يكون تارة في نفسه وتارة في محله وقد فرق بينهما بأن عموم المصدر لأفراده أقوى من عمومه المأكول والمشروب إذا كان عاما فلا يلزم من عمومه لأفراده وأنواعه عمومه لمفعولاته. وقوى أبو العباس: في موضع آخر وقوع الطلاق لجميع الزوجات دون وقوع الثلاث بالزوجة الواحدة وفرق بأن وقوع الثلاث بالواحدة محرم بخلاف المتعددات وإذا قلنا بالعموم فلا كلام وإن لم نقل به فهل تتعين واحدة بالقرعة أو يخرج بتعيينه على روايتين. والفصل بين المستثنى والمستثنى منه بكلام الغير والسكوت لا يكون فصلا مانعا من صحة الاستثناء، والاستثناء والشرط إذا كان سؤال ساير أثر، وكل هذا يؤيد الرواية الأخرى وهو أنهما ما داما في ذلك الكلام فله أن يلحق به ما يغيره فيكون اتصال الكلام الواحد كاتصال القبول والإيجاب ولا يشترط الاستثناء والشرط والعطف المغير والاستثناء بالمشيئة حيث يوثر في ذلك فلا بد أن يسمع نفسه إذا لفظ به. قال أبو العباس: تأملت نصوص كلام الإمام أحمد فوجدته يأمر باعتزال الرجل زوجته في كل يمين حلف الرجل عليها بالطلاق وهو لا يدري أبار هو فيها أو حانث حتى يستيقن أنه بار، فإن لم يعلم أنه بار في وقت وشك في وقت اعتزلها وقت الشك نص على فروع هذا الأصل في مواضع: إذا قال لامرأته إن كنت حاملا فأنت طالق. فإنه نص على أنه يعتزلها حتى تتبين أنها ليست بحامل ولم يذكر القاضي خلافا في أنه يمنع من وطئها قبل الاستبراء إن كان قد وطئها قبل اليمين وتلخص من كلام القاضي أنها إذا لم تحض ولم يظهر بها حمل فهل يحكم ببراءة الرحم بحيث يجوز وطؤها ويتبين أن الطلاق لم يقع بمضي تسعة أشهر أو ثلاثة أشهر على وجهين وهذا إنما هو في حق من تحيض وتحمل وأما الآيسة والصغيرة فإن الواجب أن يستبرآ بمثل الحيضة وهو ثلاثة أشهر أو شهر واحد على ما فيه من الخلاف أو يقال يجوز وطء هذه قبل الاستبراء إلا أن تكون حاملا هذا هو الصواب وكل موضع يكون الشرط أمرا عدميا يتبين فيما بعد مثل أن يقول إن لم يقدم زيد أو إن لا يقدم في هذا الشهر ونحو ذلك فلا يجوز الوطء حتى يتبين. ومنها إذا وكل وكيلا في طلاق زوجته فإنه يعتزلها حتى يدري ما فعل وحمله القاضي على الاستحباب والوجوب متوجه. ومنها إذا قال: أنت طالق ليلة القدر فإنه يعتزلها إذا دخل العشر الأواخر لإمكان أن تكون ليلة القدر أول ليلة وحمله القاضي على المنع. ومنها إذا قال: أنت طالق قبل موتي بشهر فإنه يعتزلها أبدا وحمله القاضي على الاستحباب. ومنها مسألة إن كان هذا الطائر غرابا فامرأتي طالق ثلاثا قال آخر: إن لم يكن غرابا فامرأتي طالق ثلاثا وطار ولم يعلم ما هو فإنهما يعتزلان نساءهما حتى يتيقنا وحمله القاضي على الاستحباب وما كان من هذه الشروط مما يئسا من استبانته ففيه مع العلم وقوعه ذكر القاضي في مسألة الطائر أن ظاهر كلام أحمد إيقاع الحنث وتعليل القاضي في مسألة أنت طالق إن شاء الله صريح في ذلك فإنه جعل الشرط الذي لا يعلم بمنزلة عدم الاشتراط وهذا ظاهر في قول أحمد أنت طالق إن شاء فلان فلو لم يشأ تطلق لأن مشيئة العباد ومشيئة الله لا تدرك مغيبة عنه فإن هذا يقتضي أن كل شرط مغيب لا يدرك يقع الطلاق المعلق به. وعلى هذا من حلف ليدخلن الجنة يحنث لأنه مغيب لا يدرك لكن كلام الإمام أحمد في أكثر المواضع إنما فيه الأمر بالاعتزال فقط وهذا فقه حسن فإن الحلف بالطلاق محمول على الحلف بالله ولو حلف بالله على أمر وهو لا يعلم أنه صادق في يمينه كان آثما بذلك وإن لم يتيقن أنه كاذب فكذلك يمين الطلاق وأشد. وقد نص على أنه إذا شك هل طلق أم لا أنه لا يقع به الطلاق ولم يتعرض للاعتزال فينتظر هل يؤمر باعتزال هنا أم يفرق بأن هذا لم يحلف يمينا فهو بمنزلة من شك هل حلف أم لا ؟ قال في " المحرر ": وتمام التورع في الشك قطعه برجعة أو عقد إن أمكن وإلا ففرقة متيقنة بأن يقول: إن لم يكن طلقت فهي طالق وقال القاضي: أما في الورع فإن كان يعلم من نفسه أنه متى طلق فإنما يطلق واحدة لاعتقاده أن الزيادة عليها بدعة ألزم نفسه طلقة وراجعها فإن كان الطلاق قد وجد فقد راجع وإن لم يكن قد وجد منه فما ضره وإن كان يعلم من نفسه أنه متى طلق فإنما يطلق ثلاثا ألزم نفسه ثلاثا ومعناه أنه يوقع عدد الطلقات الثلاث فتحل لغيره من الأزواج ظاهرا وباطنا. قال أبو العباس: وما يدل على أنه متى أوقع الشك في وقوع الطلاق فالأولى استيفاء النكاح بل يكره أو يحرم إيقاعه لأجل الشك إن الطلاق بغيض إلى الرحمن حبيب إلى الشيطان ويدل عليه قصة هاروت وماروت، وأيضا فإن النكاح دوامه آكد من ابتدائه كالصلاة وإذا شك في الصلاة هل أحدث أم لا لم يستحب له أن ينصرف عنها بالشك بنص الحديث لما فيه من إبطال الصلاة بالشك فكذلك إبطال النكاح بل الصلاة إذا أبطلها أمكن ابتداؤها بخلاف النكاح، وإن طلق واحدة من نسائه معينة ثم نسيها أو مبهمة غير معينة أخرجت بالقرعة على الصحيح
باب تعلق الطلاق بالشروط
والمعلق من الطلاق على شرط إيقاع له عند الشرط ولهذا يقول بعض الفقهاء إن التعليق يصير إيقاعا في ثاني الحال ويقول بعضهم إنه متهيئ لأن يصير إيقاعا وإذا علق الطلاق بالنكاح فالمذهب المنصوص أنه لا يصح ولو قال على مذهب مالك إذ هو التزام لمذهب معين وذلك لا يلزم وهذا إذا لم تكن الزوجة حال التعليق في نكاحه فإن كانت في نكاحه حينئذ وعلق طلاقها على طلاق يوجد. فنص أحمد في رواية ابن منصور وغيره على أنه يصح هذا التعليق وحكاه القاضي في " المجرد " عن أبي بكر ورجحه ابن عقيل لأن التعليق هنا في نكاح. ومن أصلنا أن الصفة المطلقة تتناول جميع الأنكحة بإطلاقها وتقيد الصفة فيها فكيف إذا اقترنت بنكاح معين ولو قال كما وتعليق النذر بالملك، مثل إن رزقني الله مالا فلله علي أن أتصدق به أو شيء منه فيصح اتفاقا وقد دل عليه قوله تعالى: { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن } الآية. وتعليق العتق بالملك صحيح وهو المذهب المنصوص عن أحمد. والخلال وصاحبه لا يحكيان في ذلك خلافا وابن حامد والقاضي يحكيان روايتين. قال: جمهور أصحابنا إذا قال المعلق عجلت ما علقته لم يتعجل وفيما قالوه نظر فإنه يملك تعجيل الدين المؤجل. وحقوق الله تعالى وحقوق العباد في الجملة سواء تأجلت شرعا أو شرطا. ولو قيل زنت امرأتك أو خرجت من الدار فغضب وقال فهي طالق لم تطلق، وأفتى به ابن عقيل وهو قول عطاء بن أبي رباح وقريب منه ما ذكره ابن أبي موسى، وخالف فيه القاضي إذا قال لامرأته أنت طالق أن دخلت الدار بفتح الهمزة إنها لا تطلق إذا لم تكن دخلت لأنه إنما طلقها لعلة فلا يثبت الطلاق بدونها ومن هذا الباب ما يسأل عنه كثير مثل أن يعتقد أن غيره أخذ ماله فيحلف ليردنه أو يقول إن لم يرده فامرأتي طالق ثم تبين أنه لم يأخذه أو يقول ليحضرن زيد ثم يتبين موته أو لتعطيني من الدراهم التي معك ولا دراهم معه. ثم هذا قسمان: الأول: منه ما يتبين حصول غرضه بدون الفعل المحلوف عليه مثل ما إذا ظن أنها سرقت له مالا فيحلف ليردنه فوجدها لم تسرقه. والثاني: ما لم يحصل معه غرضه مثل أن يحلف ليعطيني ألف درهم من هذا الكيس فيتبين أنه ليس فيه دراهم. فالقسم الأول يظهر فيه جدا أنه لا يحنث لأن مقصوده لتردنه إن كنت أخذته وهذا الشرط وإن لم يذكر في اللفظ فهو قطع. والثاني: فإنه وإن لم يحصل فيه غرضه لكن لا غرض له مع وجود المحلوف عليه فيصير كأنه لم يحلف عليه وفي الأول يحصل غرضه منه فيصير أنه بر بالفعل. ولو قال أنت طالق اليوم إذا جاء غدا وأنا من أهل الطلاق. قال أبو العباس: فإنه يقع الطلاق على ما رأيته لأنه ما جعل هذا شرطا يتعلق وقوع الطلاق به فهو كما لو قال أنت طالق قبل موتي بشهر فإنه لم يجعل موته شرطا يقع به الطلاق عليها قبل شهر وإنما رتبه فوقع على ما رتب ومن علق الطلاق على شرط أو التزمه لا يقصد بذلك إلا الحض أو المنع فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث وإن أراد الجزاء بتعليقه طلقت كره الشرط أولا، وكذا الحلف بعتق وظهار وتحريم وعليه يدل كلام أحمد في نذر الحج والغصب.
وقوله: هو يهودي إن فعلت كذا، والطلاق يلزمني ونحوه يمين باتفاق العقلاء والفقهاء والأمم ويتوجه إذا حلف ليفعلن كذا أن مطلقه يوجب فعل المحلوف عليه على الفور ما لم تكن قرينة تقتضي التأخير لأن الأيمان كالأمر في الشريعة بخلاف قوله { لتدخلن المسجد الحرام } وقوله { بلى وربي لتبعثن } فإن مقصوده الخبر لا الحض، وقد يجاب عن هذا بأن الفور ما جاء من جهة اللفظ بل من جهة حكم الأمر. قال أبو العباس: سئلت عمن قال الطلاق يلزمني ما دام فلان في هذا البلد فأجبت أنه إن قصد به الطلاق إلى حين خروجه فقد وقع ولغا التوقيت، وهذا هو الوضع اللغوي وإن قصد أنت طالق إن دام فلان فإن خرج عقب اليمين لم يحنث وإلا حنث وهذا نظير أنت طالق إلى شهر. قال أبو الحسن التميمي سئلت عن رجل له أربع نسوة قال لواحدة منهن وهو مواجه لها: من بدأت بطلاقها منكن فعبدي حر، وقال للثانية: إن طلقتك فعبدان حران وقال للثالثة: إن طلقتك فثلاث من عبيدي أحرار وقال إن طلقت الرابعة فأربعة من عبيدي أحرار ثم طلقهن كم يعتق عليه. قال: فأجبت على ما حضر من الحساب أنه يعتق عليه بطلاقه لهن عشرة أعبد. قال أبو العباس: هذه المسألة لم تجمع الصفات في عين واحدة ولكن طلاق كل واحدة صفة على انفرادها وهذا اللفظ إذا كان قد طلقهن متفرقات فالمتوجه أن يعتق عشرة أعبد كما قال أبو الحسن وإن طلقهن بكلمة واحدة توجه أن يعتق ثلاثة عشر عبدا وأصح الطرق في الاكتفاء ببعض الصفة أن الصفة إن كانت حضا ومنعا أو تصديقا أو كذبا فهي كاليمين وإلا فهي علة محضة فلا بد من وجودها بكمالها.
قال أبو العباس: سئلت عمن قال لامرأته أنت طالق ثلاثا غير اليوم قال فقلت ظاهره وقوع الطلاق في الغد لكن كثيرا ما يعني به سوى هذا الزمان وهو الذي عناه الحالف فإنه كما لو قال أنت طالق في وقت آخر وعلى غير هذه الحال أو في سوى هذه المدة ونوى التأخير فإن عين وقتا بعينه مثل وقت مرض أو فقر أو غلاء أو رخص ونحو ذلك تقيد به وإن لم ينو شيئا فهو كما لو قال أنت طالق في زمان متراخ عن هذا الوقت فيشبه الحين إلا أن المغايرة قد يراد بها المغايرة الزمانية وقد يراد بها المغايرة الحالية والذي عناه الحالف ليس معينا فهو مطلق فمتى تغيرت الحال تغيرا يناسب الطلاق وقع وإن قال أنت طالق في أول شهر كذا طلقت بدخوله وقاله أصحابنا وكذا في غرته ورأسه واستقباله وإذا قال: أنت طالق مع موتي أو مع موتك فليس هذا بشيء، نقله مهنا عن الإمام أحمد وجزم به الأصحاب. ولكن يتوجه على قول ابن حامد أن تطلق لأن صفة الطلاق والبينونة إذا وجدت في زمن واحد وقع الطلاق، ولعل ابن حامد يفرق بأن وقوع الطلاق مع البينونة له فائدة وهو التحريم أو نقص العدد بخلاف البينونة بالموت.
ولو علق الطلاق على صفات ثلاث فاجتمعن في عين واحدة لا تطلق إلا طلقة واحدة لأنه الأظهر في مراد الحالف، والعرف يقتضيه إلا أن ينوي خلافه، ونص الإمام أحمد في رواية ابن منصور فيمن قال لامرأته أنت طالق طلقة إن ولدت ذكرا أو طلقتين إن ولدت أنثى فولدت ذكرا وأنثى أنه على ما نوى إنما أراد ولادة واحدة. وأنكر قول سفيان أنه يقع عليها بالأول ما علق به وتبين بالثاني ولا تطلق به قال أصحابنا إذا قال: أنت طالق وعبدي حر إن شاء زيد لم يقع إلا بمشيئة زيد لها إذ لم ينو غيره ويتوجه أن تعود المشيئة إليهما إما جميعا وإما مطلقا بحيث لو شاء أحدهما وقع ما شاء وكذلك نظيرها في الخلع أنتما طالقان ونظيره أن يقول والله لا مؤمن ولا كافر فكن إن شاء الله الجميع فينتفي الشرط ولم يفعل جميع المحلوف عليه فيحنث. قال القاضي في الجامع: فإن قال: أنت طالق إن لم يشأ زيد فقد علق الطلاق بصفة هي عدم المشيئة فمتى لم يشأ وقع الطلاق لوجود شرطه وهو عدم المشيئة من جهته. قال أبو العباس: والقياس أنها لا تطلق حتى تفوت المشيئة إلا أن تكون نية أو قرينة تقتضي الفورية وإذا قال لزوجته: أنت طالق إن شاء الله أنه لا يقع به الطلاق عند أكثر العلماء وإن قصد أنه يقع به الطلاق وقال إن شاء الله تثبيتا لذلك وتأكيدا لإيقاعه وقع عند أكثر العلماء ومن العلماء من قال لا يقع مطلقا ومنهم من قال يقع مطلقا وهذا التفصيل الذي ذكرناه هو الصواب وتعليق إن كان تعليقا محضا ليس فيه تحقيق خبر ولا حض على فعل كقوله إن طلعت الشمس فهذا يفيد فيه الاستثناء ويتوجه أن يخرج على قول أصحابنا هل هذا يمين أم لا ؟.
ومن هذا الباب توقيته بحادث يتعلق بالطلاق معه غرض كقوله إن مات أباك فأنت طالق أو إن مات أبي هذا فأنت طالق ونحو هذا. وقياس المذهب أن الاستثناء لا يؤثر في مثل هذا فإنه لا يحلف عليه بالله، والطلاق فرع اليمين بالله وإن كان المحلوف عليه أو الشرط خبرا عن مستقبل لا طلبا كقوله ليقدمن الحاج أو السلطان فهو كاليمين ينفع فيه الاستثناء وإن كان الشرط أمرا عدميا كقوله: إن لم أفعل كذا فأنت طالق إن شاء الله تعالى، فينبغي أن يكون كالثبوت كما في اليمين بالله ويفيد الاستثناء في النذر كما في لأتصدقن إن شاء الله لأنه يمين ويفيد الاستثناء في الحرام والظهار وهو المنصوص عن أحمد فيهما. وللعلماء في الاستثناء النافع قولان أحدهما: لا ينفعه حتى ينويه قبل فراغ المستثنى منه وهو قول الشافعي والقاضي أبي يعلى ومن تبعه. والثاني: ينفعه وإن لم يرده إلا بعد الفراغ حتى لو قال له بعض الحاضرين قل إن شاء الله نفعه وهذا هو مذهب أحمد الذي يدل عليه كلامه وعليه متقدمو أصحابه واختيار أبي محمد وغيره وهو مذهب مالك وهو الصواب ولا يعتبر قصد الاستثناء فلو سبق على لسانه عادة أو أتى به تبركا رفع حكم اليمين وكذا قوله إن أراد الله وقصد بالإرادة مشيئته لا محبته وأمره ومن شك في الاستثناء وكان من عادته الاستثناء فهو كما لو علم أنه استثنى كالمستحاضة تعمل بالعادة والتمييز ولم تجلس أقل الحيض والأصل وجوب العبادة في ذمتها. قال في " المحرر ": إذا قال إذا طلقتك فأنت طالق أو فعبدي حر لم يحنث في يمينه إلا بتطليق ينجزه أو يعلقه بعدهما بشرط فيؤاخذ. وقال أبو العباس: يتوجه إذا كان الطلاق المعلق قبل عقد هذه الصفة أو معها معلقا بفعله، فعله باختياره أن يكون فعله له تطليقا وأن التطليق يفتقر إلى أن تكون الصفة من فعله أيضا فإذا علقه بفعل غيره ولم يأمره بالفعل لم يكن تطليقا وإلا حلف لا يطلق فجعل أمرها بيدها أو خيرها فطلقت نفسها فالمتوجه أن تخرج على الروايتين في تنصيف الصداق إن قلنا يتنصف جعلناه تطليقا وإن قلنا يسقط لم نجعله تطليقا وإنما هو تمكين من التطليق وإذا قال إذا طلقتك أو إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا فتعليقه باطل ولا يقع سوى المنجزة وقال ابن شريح ينحسم باب الطلاق وما قاله محدث في الإسلام لم يفت به أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أحد من الأئمة الأربعة. وأنكر جمهور العلماء على من أفتى بها ومن قلد فيها شخصا وحلف بالطلاق بعد ذلك معتقدا أنه لا يقع عليه الطلاق بها لم يقع عليه طلاق في أظهر قولي العلماء كمن أوقعه فيمن يعتقدها أجنبية وكانت في الباطن امرأته فإنها لا تطلق على الصحيح وإن حلف على غيره ليكلمن فلانا ينبغي أن لا يبر إلا بالكلام الطيب كالكلام ونحوه دون السب ونحوه فإن اليمين في جانب النفي أعم من اللفظ اللغوي وفي جانب الإثبات أخص كما قلنا فيمن حلف ليتزوجن ونظائره فإنه لا يبر إلا بكمال المسمى ولو علق الطلاق على كلام زيد فهل كتابته أو رسالته الحاضرة كالإشارة فيجيء فيها الوجهان أو يحنث بكل حال. تردد فيه أبو العباس، قال: وأصل ذلك الوجهان انعقاد النكاح بكتابة القادر على النطق وإذا قال: إن عصيت أمري فأنت طالق ثم أمرها بشيء أمرا مطلقا فخالفت حنث وإن تركته ناسية أو جاهلة أو عاجزة ينبغي أن لا يحنث ؛ لأن هذا الترك ليس عصيانا وإن أمرها أمرا بين أنه ندب بأن يقول أنا آمرك بالخروج وأبيح لك القعود فلا حنث عليه لحمل اليمين على الأمر المطلق على مطلق الأمر والمندوب ليس مأمورا به أمرا مطلقا، وإنما هو مأمور به أمرا مقيدا ولو علق على خروجها بغير إذن ثم أذن لها مرة فخرجت أخرى بغير إذن طلقت وهو مذهب أحمد لأن خرجت نكرة في سياق الشرط وهي تقتضي العموم وإن أذن لها فقالت: لا أخرج ثم خرجت الخروج المأذون فيه. قال أبو العباس: سئلت عن هذه المسألة ويتوجه فيها أن لا يحنث لأن امتناعها من الخروج لا يخرج الإذن عن أن يكون إذنا لكن هو إذا قالت: لا أخرج فاطمأن إلى أنها لا تخرج فخرجت ولم تشعره بالخروج، فقد خرجت بلا علم ؛ والإذن علم وإباحة. ويقال أيضا: إنها ردت الإذن عليه فهو بمنزلة قوله أمرك بيدك إذا أردت ذلك وأصل هذا أن هذا الباب نوعان: توكيل وإباحة، فإذا قال له: بع هذا فقال لا أبيع. إن النفي يرد القبول في الوصية والموصي إليه لم يملكه بعد وإذا أباحه شيئا فقال: لا أقبل فهل له أخذه بعد ذلك ؟ فيه نظر ويتوجه أن الإنشاء كالخبر في التكرار. وظاهر كلام أبي العباس أن لتقضينه حقه في وقت عينه فأبرأه قبله لا يحنث وهو قول أبي حنيفة ومحمد وقول في مذهب أحمد وغيره.
باب جامع الأيمان
وإذا حلف على معين موصوف بصفة فبان موصوفا بغيرها كقوله: والله لا أكلم هذا الصبي فتبين شيخا أو لا أشرب من هذا الخمر فتبين خلا أو كان الحالف يعتقد أن المخاطب يفعل المحلوف عليه لاعتقاده أنه ممن لا يحالفه إذا أكد عليه ولا يحنثه أو لكون الزوجة قريبته وهو لا يختار تطليقها ثم تبين أنه كان غالطا في اعتقاده فهذه المسألة وشبهها فيها نزاع والأشبه أنه لا يقع كما لو لقي امرأة ظنها أجنبية فقال أنت طالق فتبين أنها امرأته فإنها لا تطلق على الصحيح إذ الاعتبار بما قصده في قلبه وهو قصد معينا موصوفا ليس هو هذا العين وكذا لا حنث عليه إذا حلف على غيره ليفعلنه فخالفه إذا قصد إكرامه لا إلزامه به لأنه كالأمر إذا فهم منه الإكرام لأن النبي ﷺ أمر أبا بكر بالوقوف في الصف ولم يقف. ويتوجه أن يفرق بين المخالفة في الذات والمخالفة في الصفات كما فرق بينهما في صحة العقد وفساده ولو حلف لا يدخل الدار فأدخل بعض جسده فهل يحنث ؟ على روايتين ويتوجه أن يفرق بين أن يكون المقصود تحريم البقعة على الرجل فيحنث بإدخال بعض جسده إلى بعضها لمباشرته بعض المحرم وبين أن يكون مقصوده التزامه بقعة فإذا أخرج بعضه لم يحنث كما في المعتكف ولو حلف لا آكل الربا، ولا أشرب الخمر، ولا أزني فشرب النبيذ المختلف فيه أو أقرض قرضا جر منفعة أو نكح بلا ولي ولا شهود فيحنث عندنا إن اعتقد التحريم أو لم يكن له اعتقاد وحددناه وإن اعتقد حله أو لم نحده ففي تحنيثه تردد ويتوجه أن يفرق بين ما يسوغ فيه الخلاف كالحيل الربوية وكمسألة النبيذ ولو حلف لا أشارك فلانا ففسخا الشركة وبقيت بينهما ديون مشتركة أو أعيان. قال: أفتيت أن اليمين تنحل بانفساخ عقد الشركة ومن حلف لا يشم وردا ولا بنفسجا فشم دهنهما أو ماء الورد حنث وقال القاضي لا يحنث. قال أبو العباس: ويتوجه أن يحنث بالماء دون الدهن وكذلك ماء اللبان والنيلوفر لأن الماء هو الحامل لرائحة الورد ورائحته فيه بخلاف الدهن فإنه مضاف إلى الورد ولا تظهر فيه الرائحة كثيرا وفي دخول الفاكهة اليابسة في مطلق الحلف على الفاكهة نظر، وكذلك استثنى أبو محمد بعض ثمر الشجر كالزيتون ومن حلف لا يدخل دار فلان فدخل دارا أوصى له بمنفعتها فهي كالمستأجرة وكذلك الموقوفة على عينه وإن كانت وقفا على الجنس فهي أقوى من المعارة لأن المنفعة مستحقة للجنس، ولا يدخل العقيق والسبح في مطلق الحلف على لبس الحلي إلا ممن عادته التحلي به وإذا زوج ابنته ثم قال: والله لا أزوجكها أو ما بقيت أزوجكها فهنا التزويج اسم للتسليم الذي هو الدخول. وكذلك في الإجارة ونحوها، ولو حلف لا يكلم فلانا حينا ولم ينو شيئا فهو ستة أشهر، نص عليه أحمد. وهذه المسألة تقتضي أصلا وهو أن اللفظ المطلق الذي له حد في العرف وقد علم أنه لم يزدد فيما يتناوله الاسم فإنه ينزل على ما وقع من استعمال الشرع وإن كان اتفاقيا كما يقوله في مواطن كثيرة وإذا حلف لا يفعل شيئا ففعله ناسيا ليمينه أو جاهلا بأنه المحلوف عليه فلا حنث عليه ولو في الطلاق والعتاق وغيرهما ويمينه باقية وهو رواية عن أحمد ورواتها بقدر رواة التفرقة ويدخل في هذا من فعله متأولا إما تقليدا لمن أفتاه أو مقلدا لعالم ميت مصيبا كان أو مخطئا ويدخل في هذا إذا خالع وفعل المحلوف عليه معتقدا أن الفعل بعد الخلع لم تتناوله يمينه أو فعل المحلوف عليه ناسيا أو جاهلا. وقد ظن طائفة من الفقهاء أنه إذا حلف بالطلاق على أمر معتقده كما حلف فتبين بخلافه أنه يحنث قولا واحدا وهذا خطأ بل الخلاف في مذهب أحمد ولو حلف على نفسه أو غيره ليفعلن شيئا فجهله أو نسيه فلا حنث عليه إذ لا فرق بين أن يتعذر المحلوف عليه لعدم العلم أو لعدم القدرة ويتوجه فيما إذا نسي اليمين بالكلية أن يقضي الفعل إن أمكن قضاؤه وإن لم يعلم المحلوف عليه بيمين الحالف فكالناسي ولو حلف لا يزوج بنته فزوجها الأبعد أو الحاكم حنث إن تسبب في التزويج وإن لم يتسبب فلا حنث إلا أنه تقتضي النية أو التسبب أن مقصوده أنه لا يمكنها من التزويج فإن قدر على ذلك فلم يمنعها حنث وإلا فلا وإن كان المقصود أنها لا تتزوج حنث بكل حال ولو حلف لا يعامل زيدا ولا يبيعه فعامل وكيله أو باعه حنث ومتى فعل المحلوف على تزويجه بنفسه أو وكيله حنث. قال في المجرد والفصول فإن كان بيد زوجته تمرة، فقال إن أكلتيها فأنت طالق وإن لم تأكليها فأنت طالق فأكلت بعضها حنث بناء على قولنا فيمن حلف أن لا يأكل هذا الرغيف فأكل بعضه. قال أبو العباس: ينبغي أن يقال في مثل هذه اليمين مثل قوله ففي مسألة السلم وهي إن نزلت أو صعدت أو أقمت في الماء أو خرجت أن يحنث بكل حال لمنعه لها من الأكل ومن تركه، فكأن الطلاق معلق بوجود الشيء وبعدمه فوجود بعضه وعدم البعض لا يخرج عن الصفتين كما إذا علق بحال الوجود فقط أو بحال العدم فقط.
الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية | |
---|---|
الطهارة | الصلاة | الجنائز | الزكاة | الصوم | الحج | البيع | السبق | الغصب | الوقف | الوصية | الفرائض | العتق | النكاح | الخلع | الطلاق | الرجعة | الظهار | اللعان | العدد | الرضاع | النفقات | الجنايات | الديات | الحدود | الجهاد | الأطعمة | الذكاة | الأيمان | القضاء | القاضي إلى القاضي | الشهادات | الإقرار |