الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية/كتاب الفرائض

علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عباس البعلي الدمشقي الحنبلي
  ► كتاب الوصية كتاب الفرائض كتاب العتق ◄  


كتاب الفرائض


أسباب التوارث رحم ونكاح وولاء عتق إجماعا وذكر عند عدم ذلك كله موالاته ومعاقدته وإسلامه على يديه والتقاطه وكونهما من أهل الديوان وهو رواية عن الإمام أحمد ويرث مولى من أسفل عند عدم الورثة وقاله بعض العلماء فيتوجه إلى ذلك أنه ينفق على المنعم ومنقطع السبب عصبة عصبة أمه وإن عدمته فعصبتها وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار أبي بكر وقول ابن مسعود وغيره. ولا يرث غير ثلاث جدات أم الأم وأم الأب وأم أبي الأب وإن علون أمومة وأبوة إلا المدلية بغير وارث كأم أبي الأم وإذا استكملت الفروض المال سقطت العصبة ولو في الحمارية وهو مذهب الإمام أحمد ولو مات متوارثان وجهل أولهما موتا لم يرث بعضهم من بعض وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي والأمر بقتل مورثه لا يرثه ولو التقى عنه الضمان ولو تزوج في مرض موته مضارة لتنقيص إرث غيرها وأقرت به ورثته لأن له أن يوصي بالثلث ولو وصى بوصايا أجزاء وتزوجت المرأة بزوج يأبى أخذ النصف فهذا الموضع فيه نظر فإنه المفسدة في هذا هو المسلم من قريبه الكافر الذمي بخلاف العكس لئلا يمتنع قريبه من الإسلام ولوجود نظره ولا ينظروننا، والمرتد إن قتل في ردته أو مات عليها فماله لوارثه المسلم وهو رواية عن الإمام أحمد وهو المعروف عن الصحابة ولأن ردته كمرض موته والزنديق منافق يرث ويورث لأنه عليه السلام لم يأخذ من تركة منافق شيئا ولا جعله فيئا فعلم أن التوارث مداره على النظرة الظاهرة واسم الإسلام يجري عليه الظاهر إجماعا. إذا قال السيد لعبده: أنت حر مع موت أبيك ورثه لسبق الحرية الإرث وإن قال أنت حر عقب موته أو إذا مات أبوك فأنت حر فهذا يتخرج على وجهين بناء على أن الأهلية إذا حدثت مع الحكم هل يكفي ذلك أم لا بد من تقدمها.

فصل والإخوة لا يحجبون الأم من الثلث إلى السدس إلا إذا كانوا وارثين غير محجوبين بالأب فللأم في مثل أبوين وأخوين الثلث. والجد يسقط الإخوة من الأم إجماعا وكذا من الأبوين أو الأب وهي رواية عن الإمام أحمد واختارها بعض أصحابه وهو مذهب الصديق وغيره من الصحابة رضي الله عنهم ولو خلفت المرأة زوجا وبنتا وأما فهذه الفريضة تقسم على أحد عشر للبنت ستة أسهم وللزوج ثلاثة أسهم وللأم سهمان وهذا على قول من يقول بالرد كأبي حنيفة والإمام أحمد ومن لا يقول بالرد كمالك والشافعي ينقسم عندهم على اثني عشر سهما للبنت ستة أسهم وللزوج ثلاثة وللأم سهمان والباقي لبيت المال. قلت: أبو حنيفة لا يقول بالرد على الزوجين فللزوج عنده الربع والثلاثة أرباع الباقية تقسم أرباعا ثلاثة أرباعها للبنت وربعها للأم فتصح هذه المسألة عنده من ستة عشر للزوج أربعة وللبنت تسعة وللأم ثلاثة والله أعلم.

فصل ومن طلق امرأته في مرض موته يقصد حرمانها من الميراث ورثته إذا كان الطلاق رجعيا إجماعا وكذا إن كان بائنا عند جمهور أئمة الإسلام وقضى به عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولم يعرف أحد من الصحابة ذكر خلافا وإنما ظهر الخلاف في خلافة ابن الزبير وعلى قول الجمهور فهل تعتد عدة طلاق أو وفاة أو أطولهما فيها أقوال أظهرها الثالث وهل يكمل لها المهر فيه قولان أظهرهما أنه يكمل.

فصل ولو أقر واحد من الورثة بالولاء أو النسب والباقون لا صدقوه ولا كذبوه ثبت الولاء أو النسب وهذا ظاهر قول الإمام أحمد وظاهر الحديث فإن الإمام أحمد قال: إذا أقر وحده ولم يكن أحد يدفع قوله وعلى هذا فلو رد هذا النسب من له فيه حق قبل منه وارثا كان أو غير وارث على ظاهر كلامه ونكاح المريض في مرض الموت صحيح وترث المرأة في قولي جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ولا تستحق إلا مهر المثل لا الزيادة عليه بالاتفاق.