التحفة المكتبية لتقريب اللغة العربية/خاتمة تتعلق بالخط والاملاء وحسن القراءة

التحفة المكتبية لتقريب اللغة العربية المؤلف رفاعة رافع الطهطاوي

خاتمة تتعلق بالخط والاملاء وحسن القراءة



خاتمة


تتعلق بالخط والإملاء وحسن القراءة

قد سبق أول الكتاب في تعريف النحو بأنه علم يعرف به تصحيح الكلام العربي قراءة وكتابة وقد ذكرنا من القواعد ما يفيد ضبط اللسان في التكلم بالكلام معرباً صحيحاً الا ان للخط مدخلا في حسن الرسم والتلاوة على موجب قواعد الخظ مع ما يضاف إلى ذلك من معرفة الوقف والابتداء بهمز الوصل وهمز القطع مما يحتاج إلى معرفته الطالب وبدونه لا يحسن القارى النطق وهذا هو موضوع هذه الخاتمة الحسنة والمبادى بخوايتمها

الخط هو تصوير اللفظ بالحروف الهجائية المسماة حروف المبانى وهذه الحروف التي أولها الألف وآخرها الياء لها أسماء ومسميات فمسمى الباء مثلاً ب ومسمى الجيم ج وهكذا فنكتب الألفاظ بمسميات الحروف كزيد مثلاً يكتب بمسميات الزاي والياء والدال وهي ز ي د

ولما كان الخط مبنيا على الوقف والابتداء وعلى وصل الحروف وفصلها وجب تقسيم هذه الخاتمة إلى ثلاثة مسائل أصلية بمعرفتها ينصحح رسم الكلمات على الطرف الفصيحة لانه كما جعلوا في الالفاظ فصيحا وافصح جعلوا في الكتابة النائبة عنها مثل ذلك كما سيأتي

المسئلة الأولى في الوقف وكتابة الموقوف عليه الوقف قطع النطق عند آخر الكلمة فان كانت مختومة بتاء التأنيث الساكنة لم تغير في الوقف نحو قامت وقعدت وان كانت تاء التأنيث متحركة فاما ان تكون الكلمة جمع مؤنث سالماً أولا فان كانت جمع مؤنث سالما فالأفصح الوقف بالتاء وبعضهم يقف بالهاء فيقولون دفن البنات من المكرمات وان لم تكن جميع مؤنث سالما فالأفصح الوقف يا بدال التاء هاء تقول هذه رحمة وهذه نعمه وبعضهم يقف بالتاء سمع بعضهم يقول يا أهل سورة البقرت فقال بعض من سمعه والله ما احفظ منها آيت بسكون التاء في البقرة وآية ومثل الوقف يصر تصوير الرسم

ويوقف على الاسم المنصوب بالألف ويكتب آخره بها نحو رأيت زيداً ورجلاً وقاضياً وتسمى ألف الاطلاق وانما تقف ربيعة في بعض لغاتها على المنصُوب بحذف الألف كما قال شاعرهم:

إلا حبّذا غنم وحسن حديثها
لقد تركت قلبي بها هائما دنف

بسكون الفاءِ وليس الوقف والرسم بالحذف عند هذه القبيلة لغة عمومية بل ينطق بها بعضهم على هذا الوجه فهم كغيرهم في الوقف على المنصوب بالألف

ويوقف بالألف إيضاً على النتهى بنون التوكيد الخفيفة الواقعة بعد الفتحة كقوله تعالى لنشفعن وليكونن قال الشاعر: ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا. ومحل كتابة النون الخفيفة بالألف عند امن اللبس أما خيف اللبس لم تعتبر حالة الوقف نحو لا تضربن زيداً واضرب عمراً فتكتب بالنون لئلا يلتبس أمر الواحِد أو نهيه بأمر الاثنين أو نهيهما في الخط فتكتب النون ألفا في تلك الأمثلة على حسب الوقف ويصح كتابتها نونا حسب اللفظ وكذلك إذا الجزائية فيوقف عليها بالألف فان كانت ناصبة كتبت بالنون أو غير ناصبة كتبت بالألف تبعا للوقف.

وأمَّا الاسم النقوص أي الذي آخره ياء مكسور ما قبلها فان كان منوناً فالأفصح الوقف عليه رفعاً وجرا بالحذف كقوله تعالى ﴿ وما لهم من دونه من وال ومالهم من دونه واق ﴾ وان كان غير منون فالأفصح الوقف عليه رفعاً وجراً بالاثبات كقوله تعالى وهو الكبير المتعالى على قراءة ابن كثير حيث وقف بالياء على الوجه الافصح ويجوز الوقف عليه بالحذف كما وقف الجمهور عليه بذلك والقراءة سنة متبعة ليس مرجعها الرأى.

فإذا كان المنقوص منصوباً وجب في الوقف اثبات يائه فان كان منونا بدل من تنوينه ألف كقوله تعالى ربنا اننا سمعناً منادياً ابدل من تنونيه ألفاً كقوله تعالى حتى إذا بلغت التراقي ومثل الوقف يكون الرسم.

وترسم الألف ياء أن تجاوزت ثلاثة أحرف في الفعل والاسم نحو اشترى والمصطفى أو كانت منقلبة عن ياء نحو رمى وهدى والفتى والهدى وأن كانت ثالثة منقلبة عن واو كتبت ألفا دعا وعفا والعصا

وكيفّية تمييز ذوات الواو من ذوات الياء في الأفعال عند خفاء الاصل أن تصل الفعل بتاء المتكلم أو المخاطب فما ظهر فهو اصله تقول في رمى وهدى رميت وهديت وفي دعا وعفا دعوْت وعفوت.

وفي الأسماء عند الخفاء أيضاً ان تثنيها فتقول في الفتى والمعدى الفتيان والمعديان وفي العصَا والقفا العصوان والقفوان فما ظهر في التثنية فهو الأصل قال الشاطبي:

وتثنية الأسماء تكشفها وإنْ
رددت إليك الفعل صادفت منهلا

وقال الحريري

إذا الفِعْلُ يوماً غُمّ عنْكَ هجـاؤه
فألحِقْ بهِ تاء الخِطابِ ولا تقِفْ
فإنْ ترَ قبْلَ التّاء ياءً فكَتْبُهُ
بياءٍ وإلا فهْوَ يُكتَبُ بالألِفْ

المسئلة الثالثة في همزات الوصل هي التي تثبت في الابتداء وتحذف في الوصل والكلام على الهمزة في ثلاثة مباحث

المبحث الأول في ضبط مواضعها فنقول من المعلوم أن الكلمة أما اسم أو فعل أو حرف فأما الاسم فتكون همزته همزة وصل في مواقع آحدهما أسماء غير مصَادر وهي عشرة محفوظة اسم انت ابن اينم ابنة امرؤ امرأة اثنان اثنتان ايمن الله في القسم ثانيها تثنية السبعة الأول إذ هي تابعة لها في الحكم وهي اسمان استان ابنان ابنمان ابنتان امرآن امرأتان ثالثها الأفعال الماضية الخماسية والسداسية نحو انطلق واستخرج رابعها مصادر هذه الأفعال نحو الانطلاق والاستخراج رابعها مصادر هذه الأفعال نحو انطلق واستخرج خامسها همزة فعل الأمر ما عدا الرباعي منه نحو اضرب وانطلق واستخرج سادسها همزة ال نحو الرجل والغلام وما عدا هذه الستة همزته همزة قطع ويمكن أيضاً جعلها في خمسة مواضع أحدها المضارع نحو أعوذ بالله واستغفر الله وأحمد الله ثانيها الماضى الثلاثي أو الرباعي نحو أخذ وأكل وأخرج وأعطى ثالثها فعل الأمر من الرباعي نحو يا زيداً أكرم عمراً واجب دعوته رابعها جميع الأسماء غير مصادر الفعل الخماسي والسداسي وغير الأسماء العشرة السابقة خامسها همزات جميع الحروف ما عدا ال نحو ام وان واو

المبحث الثاني في حركة همزة الوصل من همزات الوصل ما يحرك بالكسرة في الأكثر أو بالضم في لغة ضعيفة وهي اسم ومنها ما يحرك بالفتح وهو همزة لام التعريف ومنها ما يحرك بالفتح في الأفصيح.

وبالكسر في لغة ضعيفة وهو ايمن الله المستعمل في القسم في قولهم ايمن الله لا فعلن كذا وهو اسم مفرد مشتق من اليمن وهو البركة ومنها ما يحرك بالضم فقط وهو أمر الثلاثى إذا انضم ثالثة ضماً متأصلا نحو اقتل واكتب وادخل ودخل تحت قولنا متاصلا نحو قولك للمرأة اغزلا يا هند لان أصله اغزوى يا هند بضم الزاى وكسر الواو وفاسكنت الواو للاستثقال ثم حذفت لالتقاء الساكنين وكسرت الزاى لمناسبة الياء بدليل قولك للمذكر اغزيا زيد وخرج من هذا نحو قولك أمشوا فان همزية تكون بالكسر لان اصله امشيوا بكسر الشين وضم الياء فاسكنت الياء للاستثقال ثم حذفت لالتقاء الساكنين ثم ضمت الشين لتجانس الواو ولتسلم من القلب ياء ومنها ما يحرك بالكسر لا غير وهو الباقي نحو اعلم واسمع واضرب وما اشبه ذلك

المبحث الثالث في رسم الهمزة من حيث هي ثم ان الهمزة من حيث هي ان كانت في الأول تكتب بصورة الألف أبدا نحوا نصر وأضرب وأكرم وان كانت متوسّطة سَاكنة تكتب بحرف حركة ما قبلها نحو بأس وبؤس وبئس وان كانت متحركة وكان ما قبلها ساكنا تكتب بحرف حركتها نحو يسأل ويلؤم وان كانت متحركة وكان ما قبلها متحركاً أيضاً جاز ان تكتب بحرف حركتها أو حركة ما قبلها نحو لؤم فتكتب بالواو والألف وان وقعت متطرفة وسكن ما قبلها فلا تكتب بصورة حرف نحو جزء وبدء وشيء إلا إذا كانت منصوبة فتكتب الفا نحو جزا وشيئا وان وقع بعد الهمزة حرف مَد فلا تكتب بحرف المد نحو المآكل جمع ما كل وأمّا ماضى مهموز اللام المسند إلى المثنى فيكتب بالفين نحو قرأ أو يكتب مضارعه المرفوع بثبوت النون بألف واحدة نحو يقرآن وان حذفت النون كتب بألفين نحو لم يقرأا و لن يقرأا

المسئلة الثالثة في اتصال بعض حروف بما قبلها في الكتابة وذكر بعض حروف زائدة تكتب ولا تقرأ وذكر بعض حروف تحذف خطأ لا لفظاً.

تتصل ما الحرفية في الكتابة بنحو ان واين وبين وكل فتقول انما واينما وبينما وكلما فان كانت موصولة فلا تتصل بما قبلها فتقول اينما وعدتنيه وكل ما قلت لكم ونحو ذلك وتتصل ما بمن وعن نحو مما وعما والأصل من ما وعن ما وتتصل ان الناصبة للمضارع بلا نحو لئلا والاصل لان لا وتتصل إذ بظرف الزمان نحو حنيئذ ويومئذ ووقتئذ وساعتئذ والاصل حين اذ ويوم اذ الخ

وتزاد ألف في اخر الفعل الماضى والمضارع والأمر المسند إلى واو الجمع نحو ضربوا أو لم يضربوا واضربوا قياساً ومطرداً ولا تزاد الألف في مضارع الناقص المعتل بالواو وان كان مسند المفرد نحو زيد يدعو للفرق بين المفرد والجمع وتزاد الألف أيضاً جواز في اسم الفاعل الدال على الجمع نحو الزيدون ضاربوا القوم

وتزاد لام أيضاً في مثنى الذي والتي ومصغرهما نحو اللذان واللتان واللذيا واللتيا وتزاد الواو في آخر عمرو في حالتي الرفع والجر

وكذلك تحذف الألف وجوباً من هذا وهؤلاء وهكذا وذلك وأولئك ولكن ولا يجوز حذفها من هاذاك وتحذف جوازاً من ثلَث وثلثين ومن ملئكة وسموات وأما في هاأناذا فتكتب أما هنيذا واما هنذا جوازاً

ويجوز كتابة بعض الكلمات تبعاً لخط المصحف العثماني من الحيوة والصلوة والزكوة بالواو وتقرا بالألف كما يجوز حذف الألف خطا من إبرهيم و إسمعیل و إسحق وهرون وسليمن

وكذلك تحذف الهمزة وجوباً من البسملة الشريفة خاصة لكثرة الاستعمال.

ولا يجوز حذفها من اسم الله في غير البسملة يعنى بسم الله الرحمن الرحيم ويعوض عنها تطويل الباء.

وتحذف الهمزة قياسياً مطرداً من ابن إذا وقع بين علمين ويجوز حذف همزة الاستفهام من أول الكلمة المبدوءة بهمزة نحو انت ابن زيد أي انت ويجبب حذف همزة التعريف إذا دخلتها لام الجر نحوا انت قلت للناس اتخذوني.

ومتى أجتمع واو ان في وسط الكلمة وكانت الأولى منهما مضمومة جاز حذف الثانية قياساً نحو داود ويجوز أيضاً حذف واو رؤؤس جمع رأس فتقول رؤس ولا يجوز حذف واو فعُول الاجوف الواو مثل فؤون

ولنختم كتابا باعراب البسُملة الشريفة كما بدانا بها ليكون محبوك الطرفين فنذكر هنا في اعربها ما ذكره خاتمة المحتقين العلامة الشيخ حسن العطار في حاشيته على الأزهرية فنقول ثم الباء بسم الله إن كانت أصلية احتاجت لمتعلق تعلق به وهو ما فعل كأولف وهو مذهب الكوفيين قال ابن هشام وهو المشهور في التفاسير والأعاريب فالجملة فعلية وبسم ظرف لغو متعلق بالفعل والمجرور في محل نصب بذلك الفعل على المفعولية وقدره البصريون اسما فالجملة اسمية وهو أما مبتدأ واسم ظرف لغو متعلق به فحال المجرور نصب على المفعولية وقولهم المصدر لا يعمل محذوف خاص بغير الظرف لتوسعهم فيه والخبر محذوف والأصل ابتدائي بسم الله الخ كائن وأما خبر وبسم ظرف مستقر متعلق به فحل المجرور نصب على المفعولية أيضاً والأصل ابتداءى كائن بسم الله الخ فعلى كلا الاحتمالين المبتدأ وخبره محذوفان إلا ان بسم على الأول متعلق بالمبتدأ وعلى الثاني متعلق بالخبر وينبنى على الوجهين أن حذف المتعلق واجب على الثاني لعمومه دون الأول ورجح مذهب الكوفيين بقلة المحذوف لان المحذوف عليه كلمتان وعلى الثاني ثلاث كلمات وبان الأصل في العمل للافعال وبكثرة التصريح بالمتعلق فعلا كما في آية أقرا باسم ربك وحديث باسمك ربي وضعت جبنى

ثم ان كان المراد بلفظ الجلالة الذات إلا قدس فاصافة اسم إليه حقيقية وان اريد به اللفظ فالإضافة بيانية ويكون في ارجاع الضمير المستتر في الرحمن الرحيم له بمعنى الذات استخذاك والرحمن الرحيم نعتان واشتهر فيهما بحسب الإعراب تسعة أوجه جرهما ورفعهما ونصبهما ورفع الأول ونصب الثاني وبالعكس ورفع الثاني ونصبه مع جر الأوب ويمتنع منها جر الرحيم مع نصب الرحمن أو رفعه واعترض ذلك بجواز الأعتراض بين الصفته والموصوف كما في قوله تعالى ﴿ وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾ واجيب بأن المنع ليس من حيث الاعتراض بل من حيث أن في القطع ثم الاتباع رجوعاً للشيء بعد الانصراف عنه ومن حيث ان التابع أشد ارتباطاً به فكيف يؤخر عن المقطوع وجعل الرحمن نعتاً مبنى على أن كلا من الرحمن الرحيم صفة مشبهة وقيل أن الرحمن علم بدليل وقوعه في القرآن كثيراً متبوعاً لا تابعاً وجرى على هذا إلا علم وابن مالك وعلى هذا فيعرب بدلاً من لفظ الجلالة لا نعتاً والرحيم نعت له لا للجلالة إذ لا يتقدم البدل على النعت ويظهر أثر الخلاف في الجار للرحمن وما هو فعلى القول بأنه نعت يجرى فيه الخلاف في تابع المجرور في غير البدل هو مجرور بما جر المتبوع أو بنفس التبعية والأصح الأول وعلى القول بانه بدل يكون مجرورا بمحذوف مماثل للعامل في المتبوع لما تقرر ان البدل على بية تكرار العامل وعلى أحد الاوجه المقررة سابقاً من جعل كل من الرحمن الرحيم خبراً لمبتدأ محذوف فكل من الجملتين اعنى هو الرحمن هو الرحيم مستأنف استئنافاً نحويّاً أو بيانياً واقعاً عن جواب سؤال مقدر لكن هذا السؤال ليس القصد به طلب التعيين إذ المولى معلوم غير مجهول بل هو سؤال من يريد التلذذ بالجواب وتعظيم شأن المسئول عنه مع العلم به فان قلت قد تقرر ان الجمل بعد المعارف احوال ولفظ الجلالة اعرف المعارف فمقتضاه أن يكون كل من الجملتين حالا على هذه القاعدة فالجواب ان ذلك وان صح لفظا لكنه منع منه مانع معنوى لان الحال وصف لصاحبها قيد في عاملها والعامل فيهما على تقدير الحالية متعلق البسملة فكأنه يقول ابدأ باسم الله في حالة كونه رحمانا رحيما وليس المعنى على التقييد لان الملاحظ البداءة باسمه تعالى مطلقاً بدون التقييد بوصف من الأوصاف

انتهى ولله الموفق للصّواب. وإليه المرجع والمآب. والحمد لله وحده. والصلاةُ على من لا نبىّ بَعْده.

تمت بحمد الله وعونه وحسن توفيقه في يوم الثلاثاء

المبارك سابع يوم من شهر جمادى

الأولى سنة ١٢٨٥ من هجرة خاتم

الأنبياء والمرسلين عليهم

أفضل الصلاة والسلام

وعلى آلهم وصحبهم

أجمعين

م
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي رفع درجة من أحبه والصلاة والسلام على من فتح ابواب الهدى وعلى طرقها نبه وأله الذين نصبوا قواعد الذين بالعوامل وعلى آصحابه المعربين عما انطوت عليه ضمائرهم التي هي على اظهار الحق من اعظم الدلائل وتوابعه الموشحين من عرفانه الشامل باجمل نطاق وتوابعهم المنعوتين بمكارم الأخلاق وبعد فيقول من برى قلم تصحيح الطبع في هذه الخطة الشريفة وقطه الفقير إلى مولاه أحمد العدوى ابن المرحوم الشيخ محمد قطه قد تم طبع هذا الكتاب الفاخر الذي هو في فن العربية الأول والآخر وقد طاب عبيره وحسن تعبيره ترى من حياض طروسه ماء الفصاحة مسلسلا وفي رياض سطوره لكل جميلة موئلا ولكل خميلة جدولاً فلا غروان غرد على افانينه طائر قلوب المتعلمين المعلمين فتلقاها عرابة العرب باليمين ويكيفها شرفاً إنها التحفة المكتبية وان حضرة الأمير مؤلفها نابغة هذا العصر في العلوم العربية وغير العربية ولم نزل شاكرين لأياديه متطفلين في مثل هذه التأليف الشريفة على موائد ناديه فإنه طالما قلد اجياد الديار المصرية بفرائد مؤلفاته وشيد اطواد العلوم العصرية بعوائد موصول مصنفاته فكان هذا التأليف غرفة من بحر عرفانه وفرصة انتهزها المستفيد لنحو بديع منطقه وبيانه وكان هذا التأليف بترتيب وضعه وجمعه والأمر بطبعه لنفع العُموم وعموم نفعه باشارة من سعادة نخبة امراء الديار المصرية وتحفة عظماء رجال الدولة الإسماعيلية الذي تباهى الوطن بوجود مثله وأقر الجميع بفضله ونبله والذي انجبت به هذه الديار وصار قطب المعارف والعلوم عليه في مهماتها المدار من لا يبارى عبقريه في ميدان الفخار ولا يشارك.

سعادة افندم على باشا مبارك فجاء هذا الكتاب في فنّه الطراز الأول وعليه في تسهيل التعليم والتعلم المعول آدم الله محيى موات المعارف ومجدد المحاسن واللمطائف حضرة خذيو مصر ونجله غرة جبين العصر وقد قال لسان حال التأليف مؤرخاً لرقيق طبعه مقتطفاً من رياضه الجنية ثمر طلعه

هذه ورق بانة
هيج الوحد سجعها
بأفانين ايْة
يبهر اللب رجعها
أم بهاء لتحفة
زين بالحسن وضعها
هي في النحو جوهر
مفرد الحسن جمعها
قد تحرت مذاهبا
دين ذى الحق شرعها
رفعة من رفاعة
وبه ازداد رفعها
ولقد قال أرخوا
تحفتى راق طبعها
٨٩٨ ٣٠١ ٨٧
سنة ١٣٨٦ هـ