الصارم المنكي في الرد على السبكي/الباب الثالث
الباب الثالث
فيما ورد في السفر إلى زيارته ﷺ صريحا وبيان أن ذلك لم يزل قديما وحديثا
قال المعترض
وممن روى ذلك عنه من الصحابة بلال بن رباح مؤذن رسول الله ﷺ سافر من الشام إلى المدينة لزيارة قبره ﷺ. روينا ذلك بإسناد جيد إليه وهو نص في الباب، وممن ذكره الحافظ أبو القاسم بن عساكر بالإسناد الذي سنذكره، وذكر الحافظ أبو محمد عبد الغني المقدسي في الكمال في ترجمة بلال فقال: ولم يؤذن لأحد بعد النبي ﷺ فيما روي إلا مرة واحدة في قدمة قدمها المدينة لزيارة قبر النبي ﷺ طلب إليه الصحابة ذلك فأذن ولم يتم الأذان، وقيل إنه أذن لأبي بكر الصديق رضي الله عنه في خلافته، وممن ذكر ذلك أيضا الحافظ أبو الحجاج المزي، وها أنا أذكر إسناد ابن عساكر في ذلك: أنبأنا عبد المؤمن بن خلف وعلي بن محمد بن هارون وغيرهما قال: أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن مميل الشيرازي إذنا، أنبأنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أنبأنا أبو القاسم زهران بن طاهر، أنبأنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو أحمد محمد بمن محمد أنبأنا أبو الحسن محمد بن الفيض الغسائي بدمشق، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء، حدثني أبي محمد بن سليمان عن ابيه سليمان بن بلال، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: لما دخل 1 عمر بن الخطاب رضي الله عنه فتح بيت المقدس وصار إلى الجابية سأله بلال أن يقره بالشام ففعل ذلك، فقال: وأخي أبو رويحة الذي آخى بيني وبينه رسول الله ﷺ، فنزل ( داريا ) في خولان فأقبل هو وأخوه إلى قوم من خولان فقال لهم: قد أتيناكم خاطبين، وقد كنا كافرين فهدانا الله، ومملوكين فأعتقنا الله، وفقيرين فأغنانا الله، فإن تزوجونا فالحمد لله وإن تردونا فلا حول ولا قوة إلا بالله، فزوجهما.
ثم إن بلالا رأى في منامه النبي ﷺ وهو يقول له: ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني يا بلال، فانتبه حزنا وجلا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي ﷺ فجعل يبكي عنده ويمزغ وجه عليه، فأقبل الحسن والحسن فجعل يضمهما ويقبلهما، فقالا له: يا بلال نشتهي نسمع أذانك الذي كنت تؤذن به لرسول الله ﷺ في المسجد، ففعل، فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف فيه، فلما أن قال: الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة، فلما أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله ازداد رجتها، فلما أن قال: أشهد أن محمدا رسول الله خرجن العواتق من خدورهن وقالوا بعث رسول الله، فما رؤي يوما أكثر باكيا ولا باكية بالمدينة بعد رسول الله ﷺ من ذلك اليوم، كذا ذكره ابن عساكر في ترجمة بلال.
وذكره أيضا في ترجمة إبراهيم بسند آخر إلى محمد بن الفيض، أنبأنا جماعة عن جماعة، عن ابن عساكر قال:: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني، حدثنا عبد العزيز بن أحمد حدثنا تمام بن محمد، حدثنا محمد بن سليمان، حدثنا محمد بن الفيض فذكره سواء إلا أنه أسقط منه من فتح بيت المقدس وقال: آخى بيني وبينه ولم يقل خاطبين، أبو رويحة اسمه عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي، وفي الطبقات 2 أن مؤاخاته لبلال لم يثبتها محمد بن عمرو أثبتها ابن إسحاق وغيره واختار أنس أن يجعل ديوانه معه فضمه عمر إليه وضم ديوان الحبشة إلى خثعم لمكان بلال منهم، وسليمان بن بلال بن أبي الدرداء روى عن جدته وأبيه بلال، روى عنه ابنه محمد وأيوب بن مدرك الحنفي، وذكر له ابن عساكر حديثا، ولم يذكر فيه تجريحا، وابنه محمد بن سليمان بن بلال ذكره مسلم في الكنى وأبو بشر الدولابي والحاكم أبو أحمد وابن عساكر، كنيته أبو سليمان.
قال ابن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال: ما بحديثه بأس، وابنه إبراهيم بن محمد بن سليمان أبو إسحاق ذكره الحاكم أبو أحمد وقال: كناه لنا محمد بن الفيض. وذكر ابن عساكر وذكر حديثه، ثم قال: ابن الفيض توفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، ومحمد بن الفيض بن محمد بن الفيض أبو الحسن الغساني الدمشقي، روى عن خلائق، وروى عنه جماعة منهم أبو أحمد بن عدي وأبو أحمد الحاكم وأبو بكر بن المقري في معجمه، وذكره ابن زبر وابن عساكر في التاريخ توفي سنة خمس عشرة وثلاثمائة ومولده سنة تسع عشر ومائتين، ومدار هذا الإسناد عليه، فلا حاجة إلى النظر في الإسنادين اللذين رواهما ابن عساكر بهما، وإن كان رجالهما معروفين مشهورين. وليس اعتمادنا في الاستدلال بهذا الحديث على رؤيا المنام فقط، بل على فعل بلال وهو صحابي لا سيما في خلافة عمر رضي الله عنه والصحابة متوافرون، ولا يخفى عنهم هذه القصة، ومنام بلال ورؤياه للنبي الذي لا يتمثل به الشيطان، وليس فيه ما يخالف ما ثبت في اليقظة فيتأكد به فعل الصحابي، انتهى ما ذكره المعترض.
والجواب أن يقال: هذا الأثر المذكور عن بلال ليس بصحيح عنه ولو كان صحيحا عنه لم يكن فيه دليل على محل النزاع، وقول ( المعترض ) إن إسناده جيد خطأ منه، وكذلك قوله إنه نص في الباب، وقد ذكر هذا الأثر الحاكم أبو أحمد محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري الحافظ في الجزء الخامس من فوائده، ومن طريقه ذكره ابن عساكر في ترجمة بلال، وهو أثر غريب منكر وإسناده مجهول وفيه انقطاع، وقد انفرد به محمد بن الفيض الغساني 3 عن إبراهيم بنمحمد بن سليمان بن بلال 4 عن أبيه 5 عن جده. وإبراهيم بن محمد هذا شيخ لم يعرف بثقة وأمانة ولا ضبط وعدالة، بل هو مجهول غير معروف بالنقل ولا مشهور بالرواية، ولم يرو عنه غير محمد بن الفيض، روى عنه هذا الأثر المنكر، ولما ذكره الحاكم أبو أحمد في الكنى قال: كناه لنا أبو الحسن محمد بن الفيض الغسائي الدمشقي، وأخبرنا عنه بحديث ولم يذكره، وأشار إلى هذا الخبر الذي رواه ( بكماله ) من طريقه في غير الكنى، وروى بعضه في الكنى في ترجمة أبي رويحة، وقد (رحل) أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان ومحمد بن مسلم بن وارة ويعقوب بن سفيان الفسوي وغيرهم من الحفاظ إلى دمشق، وكان هذا الشيخ موجودا في ذلك الوقت ولم يرو عنه أحد منهم، وهو من ولد أبي الدرداء.
فلو كان من أهل الحديث أو كان عنده علم أو له رواية لرووا عنه وسمعوا منه. وقد كان أبو حاتم الرازي من أحرص الناس على لقاء الشيوخ، كما ذكر ذلك عن نفسه، وقد كتب بعضهم عن إبراهيم بن هشام بن يحيى ( بن يحيى ) الغساني الدمشقي، كما روى عنه يعقوب الفسوي والحسن بن سفيان وجماعة من أهل الحديث وإبراهيم بن هشام في طبقة إبراهيم بن محمد بن سليمان كانا جميعا في وقت واحد ووفاتهما متقاربة. وقد علم أن إبراهيم بن هشام شيخ متهم بالكذب لا يعرف الحديث ولا يدريه ولا يحتج بروايته 6، وقد روى عنه غير واحد من أهل الحديث من الرحالة وغيرهم ولم يرو أحد منهم عن إبراهيم بن محمد. فلو كان من أهل النقل والرواية أو عنده علم أو حديث لأخذوا عنه وسمعوا منه كما أخذوا عن إبراهيم بن هشام، فلما لم يرووا عنه بل تركوه وأعرضوا عنه مع حرصهم على لقاء الشيوخ وشدة اعتنائهم بالرواية دل على أنه عندهم أسوأ حالا من إبراهيم بن هشام. وقد ذكر أبو حاتم الرازي وغيره عن إبراهيم بن هشام ما يدل على أنه لا يعي الحديث، وقال ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل 7: سمعت أبي يقول: قلت لأبي زرعة: لم لا تحدث عن إبراهيم بن هشام بن يحيى ( بن يحيى ) قال: ذهبت إلى قريته، وأخرج إلي كتابا زعم أنه سمعه من سعيد بن عبد العزيز، فنظرت فيه، فإذا فيه أحاديث ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة وعن ابن شوذب وعن يحيى بن أبي عمرو الشيباني، فنظر إلى حديث فاستحسنته من حديث ليث بن سعيد عن عقيل فقلت له اذكر هذا فقال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ليث بن سعد عن عقيل بالكسر. ورأيت في كتابه أحاديث عن سويد بن عبد العزيز عن مغيرة وحصين، وقد قلبها على سعيد بن عبد العزيز، وأظنه لم يطلب العلم وهو كذاب. قال: فقلت هذه أحاديث سويد بن عبدالعزيز، قال: فقال: صدقت نعم، حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن سويد قال ابن أبي حاتم: ذكرت لعلي بن الحسين بن الجنيد بعض هذا الكلام عن أبي، فقال: صدق أبو حاتم ينبغي أن لا يحدث عنه.
قلت: وإبراهيم بن هشام هذا هو صاحب حديث أبي ذر 8 الطويل تفرد به عن أبيه عن جده، وقد رواه أبو القاسم الطبراني وأبو حاتم بن حبان البستي في كتاب الأنواع والتقاسيم من حديث مجموع من أحاديث كثيرة بعضها في الصحاح وبعضها في المساند والسنن، وبعضها لا أصل له.
وقد ذكر ابن أبي حاتم إبراهيم بن هشام في كتاب الجرح والتعديل 9، وذكر عنه ما حكيناه، ولم يذكر إبراهيم بن محمد بن سليمان فيه ولم يرو عنه أحد ممن رحل من الحفاظ وأهل الحديث، ولم يأخذ عنه من أهل بلده غير محمد بن الفيض، وروى عنه هذا الخبر الذي لم يتابع عليه، فعلم أنه ليس بمحل للرواية عنه.
ونحن نطالب هذا المعترض الذي يتكلم بلا علم فنقول له: لم قلت إن هذا الأثر الذي تفرد به إبراهيم بن محمد إسناده جيد، ومن قال هذا قبلك، ومن وثق إبراهيم بن محمد هذا أو احتج بروايته أو أثنى عليه من أهل العلم والحديث؟ والمحتج بالحديث عليه أن يبين صحة إسناده ودلالته على مطلوبه، وأنت لم تذكر في إبراهيم المتفرد بهذا الخبر شيئا يقتضي الاحتجاج بروايته والرجوع إلى قبول خبره، فقولك فيما تفرد به ولم يتابع عليه " إن إسناده جيد " دعوى مجردة مقابلة بالمنع والرد وعدم القبول. والله أعلم..
وأما محمد بن سليمان بن بلال والد إبراهيم، فإنه شيخ قليل الحديث لم يشتهر من حاله ما يوجب قبول أخباره، وقد ذكره البخاري في تاريخه 10، وذكر له حديثا يرويه عن أمه عن جدتها، رواه عن هشام بن عمار، وهو الذي أشار إليه أبو حاتم، وأما أبو سليمان بن بلال فإنه رجل غير معروف، بل هو مجهول الحال قليل الرواية، لم يشتهر بحمل العلم ونقله، ولم يوثقه أحد من الأئمة فيما علمناه ولم يذكر له البخاري ترجمة في كتابه، وكذلك ابن أبي حاتم، ولا يعرف له سماع من أم الدرداء. ونحن نطالب المستدل بروايته والمحتج بخبره فنقول له: من وثقه من الأئمة واحتج بحديثه من الحفاظ أو أثنى عليه من العلماء حتى يصار إلى روايته ويحتج بخبره ويعتمد على نقله؟
والحاصل أن مثل هذا الإسناد لا يصلح الاعتماد عليه ولا يرجع عند التنازع إليه عند أحد من أئمة هذا الشأن، مع أن المعترض لم يذكر شيئا في محل النزاع أمثل منه ولا اعتمد على شيء في المسألة أقرب منه، ولهذا زعم أنه نص في الباب، وهو مع هذا ليس بثابت ولا صحيح، ولو كان ثابتا لم يكن فيه حجة على محل النزاع فإن الذي فيه أن يلالا ركب راحلته وقصد المدينة، وقاصد المدينة قد يقصد المسجد وحده وقد يقصد القبر وحده، وقد يقصدهما جميعا، وليس في الخبر أنه قصد مجرد القبر.
وشيخ الإسلام إنما ذكر الخلاف بين العلماء في جواب السؤال الذي سئل عنه فيمن قصد مجرد القبر، ولهذا قال في رده على بعض من اعترض عليه من المالكية فيقال لفظ الجواب: أما من سافر لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين، فهل يجوز له قصر الصلاة على قولين معروفين. وقوله: من سافر لمجرد زيارة قبور الأنبياء احتراز عن السفر المشروع كالسفر إلى زيارة قبر النبي ﷺ إذا سافر السفر المشروع، فسافر إلى مسجده وصلى فيه وصلى عليه وسلم ( عليه ) ودعا وأثنى كما يحبه الله ورسوله، فهذا سفر مشروع مستحب باتفاق المسلمين وليس فيه نزاع فإن هذا لم يسافر لمجرد زيارة القبور.
وقال أيضا: الناس أقسام منهم من يقصد السفر الشرعي إلى مسجده ثم قال إذا صار في مسجده فعل في مسجده المجاور لبيته الذي فيه قبره ما هو مشروع، فهذا سفر مجمع على استحبابه وقصر الصلاة فيه ومنهم من لا يقصد إلا مجرد القبر ولا يقصد الصلاة في المسجد، ولا يصلي فيه، فهذا لا ريب أنه ليس بمشروع، ومنهم من يقصد هذا وهذا، فهذا لم يذكر في الجواب إنما ذكر في الجواب من لم يسافر إلا لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين.
ومن الناس من لا يقصد إلا القبر لكن إذا أتى المسجد صلى فيه، فهذا أيضا يثاب على ( ما ) فعله من المشروع كالصلاة في المسجد والصلاة على النبي والسلام عليه ونحو ذلك من الدعاء والثناء عليه ومحبته وموالاته والشهادة له بالرسالة والبلاغ وسؤال الله الوسيلة له ونحو ذلك مما هو من حقوقه المشروعة في مسجده بأبي هو وأمي ﷺ.
ومن الناس من لا يتصور ما هو الممكن المشروع من الزيارة حتى يرى المسجد والحجرة بل يسمع لفظ زيارة قبره فيظن ذلك كما هو المعروف المعهود من زيارة القبور أنه يصل إلى القبر ويجلس عنده ويفعل ما يفعل من زيارة شرعية أو بدعية، فإذا رأى المسجد والحجرة تبين له إن لا سبيل لأحد أن يزور قبره كالزيارة المعهودة عند قبر غيره، وإنما يمكن الوصول إلى مسجده والصلاة فيه، وفعل ما يشرع للزائر في المسجد، لا في الحجرة عند القبر بخلاف قبر غيره. انتهى كلامه.
فقد تبين أن شيخ الإسلام إنما ذكر الخلاف في الجواب فيمن قصد مجرد القبر، فأما من قصد الزيارة وغيرها كالصلاة في المسجد فلم يذكر فيه نزاعا، فليس فيما روى عن بلال حجة عليه، فإنه يحتمل أن يكون قصد الصلاة في المسجد وزيارة القبر معا ولا يعلم أنه قصد مجرد القبر ولم يقصد المسجد إلا بإخباره عن نفسه بذلك، فإن القصد محله القلب، ولا سبيل لنا ( إلى ) الاطلاع عليه إلا بخبر من قام به، وبلال لم يخبر عن نفسه بأنه قصد مجرد زيارة القبر. وإنما في الأثر المروي عنه أنه ركب راحلته وقصد المدينة، وليس في ذلك دليل على أنه جرد النية للقبر ( فقط ) ولو فرض أنه لم يقصد إلا القبر فقط ولم يقصد الصلاة والسلام في المسجد كان ذلك على سبيل الاجتهاد منه، وكان ممن يحتج لفعله. وقد علم أن النبي ﷺ قال: « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى » ولم ينقل عن أحد من أصحاب النبي ﷺ لا من الخلفاء الراشدين ولا من غيرهم مثل هذا الذي روي عن بلال، وقد قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }
والذي يظهر أن ما نقل عن بلال في هذا ليس بصحيح عنه، بل بعض ألفاظ الخبر يشهد ببطلانه عنه، وقد ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا قدم من سفر أتى قبر النبي ﷺ فقال: « السلام عليك يا رسول الله السلام عليكم يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه » وهذا صحيح ثابت عن ابن عمر، بل هو مجمع على صحته عنه، وليس فيه شد رحل ولا إعمال مطي، ومع هذا فقد قال ابن ابن أخيه الإمام الحافظ الفقيه أحد الأعلام أبو عثمان عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني: ما نعلم أحد من أصحاب النبي ﷺ ( فعل ) ذلك إلا ابن عمر، هكذا ذكره عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن عبيد الله بن عمر. وقد كان عبيد الله من سادات أهل المدينة وأشراف قريش فضلا وعلما وعبادة وحفظا وإتقانا، بل هو أحفظ آل عمر في زمانه وأثبتهم وأعلمهم، وقد قال ما قال فيما كان ابن عمر يفعله، مع أن مالكا وغيره من العلماء صاروا إلى ما روي عن ابن عمر في ذلك.
فإذا كان هذا قول عبيد الله بن عمر فيما روي عن ابن عمر في ذلك، مع أنه أقرب بكثير مما روي عن بلال، فإن الذي فيه مجرد السلام عند القدوم من السفر، وليس فيه شد رحل ولا إعمال مطي ولا غير ذلك مما روي عن بلال، فكيف يقال فيما روي عن بلال من فعله المتضمن شد الرحال وإعمال المطي وغير ذلك مما ينقل عن غيره عن أصحاب النبي ﷺ والتابعين لهم بإحسان. والله أعلم.
قال المعترض
وقد استفاض عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يبرد البرد من الشام يقول له: سلم (لي) على رسول الله ﷺ وممن ذكر ذلك ابن الجوزي، ونقلته من خطه في كتاب: مثير العزم الساكن، وقد ضبطه بإسكان الياء الموحدة وكسر الراء المخففة، وهو كذلك يقال: أبرد فهو مبرد.
وذكر ( أيضا ) الإمام أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي عاصم ( النبيل ) ووفاته سنة سبع وثمانين ومائتين في مناسك له لطيفة جردها من الأسانيد ملتزما فيها الثبوت قال فيها: وكان عمر بن عبد العزيز يبعث بالرسول قاصدا من الشام إلى المدينة ليقرئ النبي ﷺ السلام ثم يرجع، وهذه المناسك رواية شيخنا الدمياطي.
ثم ذكر إسناد شيخه ( إلى ) ابن أبي عاصم وقال: فسفر بلال في زمن صدر الصحابة ورسول عمر بن عبد العزيز في زمن صدر التابعين من الشام إلى المدينة لم يكن إلا للزيارة والسلام على النبي ﷺ ولم يكن الباعث على السفر غير ذلك، لا من أمر الدنيا ولا من أمر الدين، لا من قصد المسجد، ولا من غيره، انتهى ملام المعترض.
والجواب من وجوه
أحدها: المطالبة بصحة الإسناد إلى عمر بن عبد العزيز، ولم يذكر المعترض الإسناد في ذلك إلى عمر لينظر فيه هل هو صحيح أم لا، وكأنه لم يظفر به، فإنه لو ظفر به ووقف عليه لبادر إلى ذكره ولو كان إسنادا ضعيفا، كما هي عادته وكما ذكر إسناد الأثر المروي عن بلال وإن كان غير صحيح.
الوجه الثاني: إن ما نقل عن عمر بن عبد العزيز من إيراده البريد من الشام قاصدا إلى المدينة لمجرد الزيارة ليس بصحيح عنه، بل في إسناده عنه ضعيف وانقطاع وأمثل ما روي عنه في ذلك ما ذكره البيهقي في كتاب شعب الإيمان فقال: حدثنا أبو سعيد بن أبي عمرو، أنبأنا أبو عبد الله الصفار، حدثنا ابن أبي الدنيا حدثنا إسحاق بن أبي حاتم المدائني، حدثنا ابن أبي فديك، عن رباح بن أبي بشير، عن يزيد بن أبي سعيد مولى المهري، قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز إذا كان خليفة بالشام، فلما ودعته قال: إن لي إليك حاجة إذا أتيت المدينة سترى قبر النبي ﷺ فأقرئه مني السلام.
هذا أجود ما روي عن عمر بن عبد العزيز في هذا الباب مع أن في ثبوته عنه نظرا فإن رباح بن أبي بشير شيخ مجهول 11 لم يرو عنه غير ابن أبي فيدك، ولو فرض أنه شيخ معروف ثقة، فليس في روايته ذكر إيراد البريد لمجرد الزيارة، وإنما فيها إرسال السلام مع بعض من قدم على عمر من أهل المدينة، فإن يزيد بن أبي سعيد مولى المهري هو من أهل المدينة، وكان قدم منها إلى الشام على عمر بن عبد العزيز، فلما ودعه وأرد الرجوع إلى بلده قال له عمر: سترى قبر النبي ﷺ فاقرئه مني السلام، وقد عرف أن شيخ الإسلام لم يذكر نزاعا في الجواب فيمن سافر إلى المدينة لحاجة وزار عند قدومه أو اجتمع في سفره قصد الزيارة مع قصد آخر. وإنما ذكر الخلاف فيمن قصد مجرد القبر، ويزيد بن أبي سعيد قصد الرجوع إلى بلده المدينة، وانضم إلى ذلك قصد آخر، وليس هذا محل النزاع، وإنما الخلاف في شد الرحل وأعمال المطي إلى مجرد زيارة القبور.
وقول المعترض: فسفر بلال في زمن صدر الصحابة ورسول عمر بن العبد العزيز في زمن صدر التابعين من الشام إلى المدينة لم يكن إلا للزيارة هو مجرد دعوى عرية عن الدليل فتقابل بالمنع والرد ( وعدم القبول ) بل إنما كان لها ولغيرها كما قد بينا ذلك والله أعلم.
فإن قيل: فقد ذكر البيهقي في آخر الأثر المذكور أن ( عمر ) كان يرد البريد، فإن فيه بعد قوله: فأقرئه مني السلام، قال محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، فحدث به عبد الله بن جعفر، فقال: أخبرني فلان أن عمر كان يبرد إليه البريد من الشام.
فالجواب: أن هذا ليس بصحيح بل ( هو ) ضعيف منقطع، وعبد الله بن جعفر محدث أبي فديك هو والد ابن المديني، وهو ضعيف غير محتج بخبره. قال يحيى بن معين: ليس بشيء 12، وقال النسائي: 13 متروك الحديث، والمخبر لعبد الله بن جعفر رجل مبهم وهو أسوأ حالا من المجهول.
فإن قيل: قد روى البيهقي نحو هذا من وجه آخر، فقال: حدثنا عبد الله بن يوسف الأصبهاني، أنبأنا إبراهيم بن فراس بمكة، حدثني محمد بن صالح الرازي، حدثنا زياد بن يحيى، عن حاتم بن وردان قال: كان عمر بن عبد العزيز يوجه بالبريد قاصدا إلى المدينة ليقرئ عنه النبي ﷺ السلام. كذا رواه في شعب الإيمان وهذه الرواية هي التي ذكرها المعترض من المناسك لابن أبي عاصم بلا سند.
والجواب: أن يقال هذه روية منقطعة غير ثابتة، وحاتم بن وردان 14 شيخ من أهل البصرة لم يلق عمر بن عبد العزيز ولم يدركه فروايته عنه مرسلة غير متصلة، وقد توفي عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة، وكانت وفاة حاتم بن وردان سنة أربع وثمانين ومائة وأكبر شيخ لحاتم، أيوب السختياني، وكانت وفاة أيوب سنة إحدى وثلاثين ومائة.
الوجه الثالث: إنه لو ثبت عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، أنه كان يبرد البريد من الشام قاصدا إلى المدينة لمجرد الزيارة والسلام كان في فعله ذلك من جملة المجتهدين، ومن المعلوم أنه رضي الله عنه أحد الخلفاء الراشدين ومن كبار الأئمة المجتهدين، فإذا قال قولا باجتهاده وفعل فعلا برأيه: فإن قام دليله وظهرت حجته تعين المصير إليه والاعتماد عليه، وإلا فهو ممن يحتج لقوله ويستدل لفعله، وقد قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } وقد ذكر فيما تقدم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يأتي إلى القبر للسلام عند القدوم من سفر، ومع هذا فقد قال عبيد الله بن عمر العمري الكبير الثقة (الثبت ): ما نعلم أحدا من أصحاب النبي ﷺ فعل ذل إلا ابن عمر.
وقال شيخ الإسلام في أثناء كلامه في الصلاة والسلام على النبي ﷺ في كل مكان: وأما السلام عليه عند القبر، فقد عرف أن الصحابة والتابعين المقيمين بالمدينة لم يكونوا يفعلونه، إذا دخلوا المسجد وخرجوا منه - إلى أن قال - ولهذا كان أكثر السلف لا يفرقون بين الغرباء وأهل المدينة، ولا بين حال السفر وغيره، فإن استحباب هذا لهؤلاء وكراهته لهؤلاء حكم شرعي يفتقر إلى دليل شرعي، ولا يمكن أحدا أن ينقل عن النبي ﷺ أنه شرع لأهل المدينة الإتيان عند الوداع للقبر وشرع لهم ولغيرهم ذلك عند القدوم من سفر وشرع للغرباء تكرير ذلك كلما دخلوا المسجد وخرجوا منه، ولم يشرع ذلك لأهل المدينة، فمثل هذه الشريعة ليس منقولا عن النبي ﷺ ولا عن خلفائه ولا هو معروف من عمل الصحابة، وإنما نقل عن ابن عمر السلام عند القدوم من السفر، وليس هذا من عمل الخلفاء وأكابر الصحابة، كما كان ابن عمر يتحرى الصلاة والنزول والمرور حيث حل ونزل وعبر في السفر، وجمهور الصحابة لم يكونوا يصنعون ذلك، بل ( أبوه ) عمر كان ينهي عن مثل ذلك، والله أعلم.
قال المعترض
وفي فتوح الشام أنه لما كان أبو عبيدة منازلا بيت المقدس أرسل كتابا إلى عمر مع ميسرة بن مسروق يستدعيه الحضور، فلما قدم ميسرة مدينة رسول الله ﷺ دخلها ليلا، ودخل المسجد وسلم على قبر النبي ﷺ وعلى قبر أبي بكر الصديق، وفيه أيضا أن عمر لما صالح أهل بيت المقدس وقدم عليه كعب الأحبار وأسلم وفرح عمر بإسلامه قال عمر ( له ): هل لك أن تسير معي إلى المدينة وتزور قبر النبي ﷺ وتتمتع بزيارته؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، أنا أفعل ذلك، ولما قدم عمر المدينة أول ما بدأ بالمسجد وسلم على رسول الله ﷺ. انتهى ما ذكره.
وهو مطالب أولا بيان صحته، وثانيا بيان دلالته على مطلوبه، ولا سبيل له إلى واحد من الأمرين.
ومن المعلوم أن هذا من الأكاذيب والموضوعات على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وفتوح الشام فيه كذب كثير، وهذا لا يخفى على آحاد طلبة العلم، ولكن شأن هذا المعترض الاحتجاج دائما بما يظنه موافقا لهواه ولو كان من المنخنقة والموقوذة والمتردية، وليس هذا شأن العلماء، بل المستدل بحديث أو أثر عليه أن يبين صحته ودلالته على مطلوبه، وهذا المنقول عن عمر رضي الله عنه لو كان ثابتا عنه،لم يكن فيه دليل على محل النزاع، وقد عرف أن شيخ الإسلام لا ينكر الزيارة على الوجه المشروع ولا يكرهها، ( بل يحض عليها ) ويندب إلى فعلها، والله الموفق للصواب.
ثم قال المعترض
وقد ذكر المؤرخون والمحدثون منهم أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب وأحمد بن يحيى البلاذري في تاريخ الأشراف وابن عبد ربه في العقد أن زياد بن أبيه أراد الحج فأتاه أبو بكرة وهو لا يكلمه فأخذ ابنه فأجلسه في حجرة ليخاطبه ويسمع زيادا فقال: إن أباك فعل وفعل وإنه يريد الحج، وأم حبيبة زوج النبي ﷺ هناك ( فإن ) أذنت له فأعظم بها مصيبة وخيانة لرسول الله، وإن هي حجبته فأعظم بها حجة عليه، فقال زياد: ما تدع النصيحة لأخيك، وترك الحج في تلك السنة، هكذا حكاها البلاذري.
وحكى ابن عبد البر ثلاثة أقوال:
أحدهما: أنه حج ولم يزر من أجل قول أبي بكرة.
والثاني: أنه دخل المدينة وأراد الدخول على أم حبيبة، فذكر قوله أبي بكرة فانصرف عن ذلك.
والثالث: أن أم حبيبة حجبته ولم تأذن له، والقصة على كل تقدير تشهد، لأن زيارة الحاج كانت معهودة من ذلك الوقت، وإلا فكان زياد يمكنه أن يحج من غير طريق المدينة، بل هي أقرب إليه لأنه كان بالعراق، والإتيان من العراق إلى مكة أقرب، ولكن كان إتيان المدينة عندهم أمرا لا يترك، انتهى ما ذكره.
فالجواب أن يقال
هذا من نمط ما قبله في الاحتجاج بما ليس بثابت عند العلماء وليس فيه دليل على المطلوب، بل هو على نقيض مراد المعترض أدل منه على مطلوبه. وهذه القصة المروية في أمر أبي بكرة وزياد مختلف فيها، وعلى كل تقدير فزياد بن أبيه ليس ممن يحتج بقوله ولا يعرج على فعله، وزيارة الحاج لم ينكرها الشيخ ولا كرهها، بل استحبها كغيره من العلماء وذكرها في مناسكه ومصنفاته وفتاويه. وقد قال في بعض مناسكه: باب زيارة قبر النبي ﷺ، ثم ذكر ما يقوله إذا دخل ( المسجد ) وقال: ثم يأتي قبر النبي ﷺ فيستقبل جدار القبر ولا يمسه ولا يقبله، ثم يقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا نبي الله وخيرته من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبين وقائد الغر المحجلين، ثم ذكر الكلام إلى آخره، وذكر السلام على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. فقد تبين أن الشيخ رحمه الله لم ينكر زيارة الحاج قبر النبي ﷺ حتى يشنع عليه بما لم يقله أو يضاف إليه ما لم يعتقده، وإنما ذكر نزاع العلماء في شد الرحال وإعمال المطي إلى مجرد زيارة القبور، ومال إلى النهي عن ذلك محتجا بما ثبت عن المصطفى ﷺ أنه قال: « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد » والله أعلم.
ثم قال المعترض: واختلف السلف في أن الأفضل البداءة بالمدينة قبل مكة أو بمكة قبل المدينة، قال: وممن نص على هذه المسألة وذكر الخلاف فيها الإمام أحمد في كتاب المناسك الكبير من تأليفه، ثم ذكر أن ابن ناصر رواها بإسناد له ذكره إلى عبد الله بن أحمد عن أبيه، وقال في هذه المناسك: سئل عمن يبدأ بالمدينة قبل مكة، فذكر بإسناده عن عبد الرحمن بن يزيد وعطاء ومجاهد قالوا: إذا أردت مكة فلا تبدأ بالمدينة وابدأ بمكة، فإذا قضيت حجتك فأمرر بالمدينة إن شئت.
قال: وذكر بإسناده عن الأسود قال: أحب أن يكون نفقتي وجهادي وسفري أن أبدأ بمكة. وعن إبراهيم النخي إذا أردت مكة فاجعل كل شيء لها تبعا، وعن مجاهد إذا أردت الحج أو العمرة فبدأ بمكة واجعل كل شيء لها تبعا، وعن إبراهيم قال: إذا حججت فابدأ بمكة ثم مر بالمدينة بعد.
وذكر الإمام أحمد أيضا بإسناده عن عدي بن ثابت أن نفرا من أصحاب رسول الله ﷺ كانوا يبدأون بالمدينة إذا حجوا يقولون: نهل من حيث أحرم رسول الله ﷺ. وذكر ابن أبي شيبة في مصنفه هذا الأثر أيضا، وذكر بإسناده عن علقمة والأسود وعمر بن ميمون أنهم بدأوا بالمدينة قبل مكة، ثم قال: وقال الموفق ابن قدامة: قال - يعني أحمد -: إذا حج الذي لم يحج فقط يعني من غير طريق الشام، لا يأخذ على طريق المدينة لأني أخاف أن يحدث به حدث فينبغي أن يقصد مكة من أقصد الطرق ولا يتشاغل بغيره، قال: وهذا في العمرة متجه، لأنه يمكنه فعلها متى وصل إلى مكة، وأما الحج فله وقت مخصوص، فإذا كان الوقت متسعا لم يفت عليه بمروره بالمدينة شيء، وممن نص على هذه المسألة من الأئمة أبو حنيفة، وقال: الأحسن أن يبدأ بمكة، روى ذلك الحسن بن زياد عنه 15، فيما حكاه أبو الليث السمرقندي، انتهى كلامه.
وهذا الذي ذكره في البداية بمكة ليس فيه ما يحصل مراده ومطلوبه. ثم قال: فانظر كلام السلف والخلف في إتيان المدينة، إما قبل مكة وإما بعدها، ومن أعظم ما تؤتى له المدينة الزيارة، ثم أخذ في الاستدلال على هذه الدعوى المجردة بما لا يصلح أن يكون شبه فقال: ألا ترى أن بيت المقدس لا يأتيه إلا القليل من الناس، وإن كان مشهودا له بالفضل والصلاة فيه مضاعفة، فتوفر الهمم خلفا عن سلف على إتيان المدينة إنما هو لأجل الزيارة، وإن اتفق معها قصد عبادات أخرى فهو مغمور بالنسبة إليها.
ولا يخفى على من له أدنى فهم ومعرفة بالمعلم أن ما زعمه المعترض من الحكم ودليله في هذا المحل دعوى مجردة عن دليل، فتقابل بالمنع وعدم القبول، وقد ذكر قريبا عن النفر عن أصحاب النبي ﷺ أنهم كانوا إذا حجوا يبدأون بالمدينة وأنهم عللوا ذلك بما زعمه وادعاه.
ثم ذكر المعترض في هذا المكان كلاما عليه فيه مؤاخذات ومناقشات يطول الكتاب بذكرها، ثم ذكر كلام الآجري في الشريعة وابن بطة في الإبانة المتضمن للرد على بعض الملحدة في إنكاره دفن أبي بكر وعمر مع النبي ﷺ واشتمل كلامهما على ذكر زيارة قبر النبي ﷺ فزعم المعترض أنه استفيد منه السفر للزيارة وأن ذلك لم يزل في السلف والخلف.
وهذا الذي زعمه غير مقبول منه وليس في كلامهما ذكر السفر للزيارة، وإنما فيه ذكر الزيارة فقط والسلام على النبي ﷺ وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وهذا المعترض لا يفرق بين السفر لزيارة القبور وبين زيارتها بلا سفر، بل كل منهما مندوب مستحب، والعلماء قد فرقوا بين الحكمين وميزوا بين المسألتين.
وابن بطة الذي ألزم المعترض كلامه ما لا يلزمه قد ذكر الزيارة وصفتها فيما حكاه عنه من العلم بأنه أحد القائلين بالنهي عن السفر إلى القبور. وقد ذكر ذلك في الإبانة الصغرى التي يذكر فيها جمل أقوال أهل السنة وما خالفها من البدع فقال: ومن البدع البناء على القبور وتجصيصها وشد الرحال إلى زيارتها، فابن بطة 16 يستحب الزيارة مع نهيه عن شد الرحل لمجردها، فعلم أنه يفرق بين السفر وبين الزيارة بلا سفر، لا كما زعمه المعترض.
ثم قال: قال القاضي عياض: قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه: مما لم يزل من شأن من حج المرور بالمدينة والقصد إلى الصلاة في مسجد رسول الله ﷺ والتبرك برؤية روضته ومنبره ومجلسه وملامس يديه ومواطئ قدميه والعمود الذي كان يستند إليه وينزل جبريل بالوحي فيه عليه وبمن عمره وقصده من الصحابة وأئمة المسلمين والاعتبار بذلك كله، ثم قال: وسنذكر في الباب الرابع من كلام العبدي المالكي في شرح الرسالة أن المشي إلى المدينة لزيارة قبر النبي ﷺ أفضل من الكعبة ومن بيت المقدس.
وقال في الباب الرابع: وقال العبدي في شرح الرسالة: وأما النذر بالمشي إلى المسجد الحرام والمشي إلى مكة فله أصل في الشرع وهو الحج والعمرة وإلى المدينة لزيارة قبر النبي ﷺ أفضل من الكعبة ومن بيت المقدس، وليس عنده حج ولا عمرة، فإذا نذر المشي إلى هذه الثلاث لزمه فالكعبة متفق عليها، ويختلف أصحابنا وغيرهم في المسجدين الآخرين.
قال المعترض: قلت: الخلاف الذي أشار إليه في نذر إتيان المسجدين لا في الزيارة. انتهى كلامه.
وهذا الذي حكاه عن هذا العبدي المالكي مكررا له في غير موضع من الكتاب راضيا به ومقررا له ومتبعا له بيان موضع الخلاف وأنه في إتيان المسجدين لا في الزيارة شيء لم يسبق قائله إليه ولم يتابعه أحد من العلماء عليه، بل قول القائل إن المشي إلى المدينة لمجرد زيارة القبر أفضل من الكعبة قول محدث في الإسلام مخالف لإجماع جميع العلماء الأعلام من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين المتقدمين منهم والمتأخرين، وذلك كاف في رده وظهور بطلانه والله أعلم.
ثم قال المعترض: وأكثر عبارات الفقهاء أصحاب المذاهب ممن حكينا كلامهم في باب الزيارة يقتضي استحباب السفر، هكذا قال، وذلك خطأ منه، فإن القول باستحباب الزيارة لا يقتضي استحباب السفر لها كما سيأتي بيان ذلك ( مستوفى ) إن شاء الله تعالى، والفقهاء الذي حكينا كلامهم في الزيارة متفقون على استحبابها مع أنه مختلفون في السفر لمجردها، فلو كان استحباب الزيارة مقتضيا لاستحباب السفر لم يقع بينهم نزاع في السفر لها.
قال: وحكاية الأعرابي المشهورة التي ذكرها المصنفون في مناسكهم وفي بعض طرقها أن الأعرابي ركب راحلته وانصرف وذلك يدل أنه كان مسافرا، والحكاية المذكورة ذكرها جماعة من الأئمة عن العتبي، واسمه محمد بن عبد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب، كان من أفصح الناس صاحب أخبار ورواية للأدب وحدث عن أبيه وسفيان بن عيينة، توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين، يكنى أبا عبد الرحمن. وذكرها ابن عساكر في تاريخه وابن الجوزي في مثير العزم الساكن وغيرهما بأسانيد إلى محمد بن حرب الهلالي قال: دخلت المدينة فأتيت قبر النبي ﷺ فزرته فجلست حذاءه فجاء أعرابي فزاره ثم قال: يا خير الرسل إن الله أنزل عليك كتابا صادقا قال فيه: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك إلى ربي ثم بكى وأنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ** فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ** فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم استغفر وانصرف، فرقدت فرأيت النبي ﷺ في نومي وهو يقول: الحق الرجل فبشره أن الله قد غفر له بشفاعتي، فاستيقظت فخرجت أطلبه فلم أجده.
قال: وقد نظم أبو الطيب أحمد بن عبد العزيز بن محمد المقدسي، وسأله بعضهم الزيادة على هذين البيتين وتضمينهما فقال، ورواها ابن عساكر عنه:
أقول والدمع من عيني منسجم ** لما رأيت جدار القبر يستلم
والناس يغشونه باك ومنقطع ** من المهابة أو داع فملتزم
فما تمالكت أن نأديت من حرق ** في الصدر كادت لها الأحشاء تضطرم
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ** فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ** فيه العفاف وفيه الجود والكرم
وفيه شمس التقى والدين قد غربت ** من بعد ما أشرقت من نوره الظلم
حاشى لوجهك أن يبلى وقد هُديت ** في الشرق والغرب من أنواره الأمم
وإن تمسك أيدي الترب لامسة ** وأنت بين السموات العلى علم
لقيت ربك والإسلام صارمه ** ماض وقد كان يحر الكفر يلتطم
فقمت فيه مقام المرسلين إلى ** أن عز فهو على الأديان يحتكم
لئن رأيناه قبرا إن باطنه ** لروضة من رياض الخلد تبتسم
طافت به من نواحيه ملائكة ** تغشاه في كل ما يوم وتزدحم
لو كنت أبصرت حيا لقلت له ** لا تمش إلا على خدي لك القدم
هدى به الله قوما قال قائلهم ** ببطن مكة لما ضمه الرجم
إن مات أحمد فالرحمن خالقه ** حي ونعبده ما أووق السلم
قال الجوهري: الرجم بالتحريك القبر، هذا آخر ما أورده المعترض في الباب الثالث، وهذه الحكاية التي ذكرها بعضهم يرويها عن العتبي بلا إسناد، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب الهلالي، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب عن أبي الحسن الزعفراني عن الأعرابي، وقد ذكرها البيهقي في كتاب شعب الإيمان بإسناد مظلم عن محمد بن روح بن يزيد بن البصري، حدثني أبو حرب الهلالي قال: حج أعرابي فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله ﷺ أناخ راحلته فعقلها، ثم دخل المسجد حتى أتى القبر، ثم ذكر نحو ما تقدم، وقد وضع لها بعض الكذابين إسنادا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما سيأتي ذكره.
وفي الجملة: ليست هذه الحكاية المنكورة عن الأعرابي مما يقوم به حجة وإسنادها مظلم مختلف ولفظها مختلف أيضا، ولو كانت ثابتة لم يكن فيها حجة على مطلوب المعترض، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية ولا الاعتماد على مثلها عند أهل العلم. وبالله التوفيق.
هامش
- ↑ الظاهر أنها (رحل ) وهو يقتضيه السياق ووقع نفس الخطأ في كتاب شفاء السقام للسبكي.
- ↑ انظر الطبقات 3/223.
- ↑ هو محمد بن الفيض بن محمد بن الفياض المحدث المعمر المسند أبو الحسن الغسائي الدمشقي، قال فيه الذهبي في السير 14/427 وهو صدوق إن شاء الله ما علمت فيه جرحا وانظر شذرات الذهب 2/271.
- ↑ انظر ترجمته في الميزان قال الذهبي: فيه جهالة حدث عنه محمد بن الفيض الغسائي، وذكره الحافظ ابن حجر في اللسان وذكر هذه القصة التي أخرجها ابن عساكر عنه في تاريخه وقال ابن حجر فيها: وهي قصة بينة الوضع. أ ه.
- ↑ ترجمته في الجرح والتعديل 7/267 قال فيه أبو حاتم: منكر الحديث، وانظر التاريخ الكبير1/98.
- ↑ انظر الجرح والتعديل 2/142-143.
- ↑ انظر الجرح والتعديل 2/143.
- ↑ حديث أبي ذر طويل الذي أشار إليه الإمام ابن عبد الهادي هنا ساقه الحافظ ابن كثير في تفسيره في الكلام على قوله تعالى:{ ورسلا لم نقصصهم عليك من قبل }. قال: قال محمد بن الحسين الأجري حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الغفرياني إملاء في شهر رجب سنة سبع وتسعين ومائتين حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني حدثنا أبي عن جده عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر قال دخلت المسجد فإذا رسول الله ﷺ جالس وجده فجلس إليه فقلت يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة قال: " الصلاة خير موضوع فاستكثر أو استقل " قال: قلت يا رسول الله فأي الأعمال أفضل قال: " إيمان بالله وجهاد في سبيله " قلت يا رسول فأي المؤمنين أفضل؟ قال: " أحسنهم خلقا " قلت يا رسول الله فأي المسلمين أسلم قال: " من سلم الناس من لسانه ويده " قل يا رسول الله فأي الهجرة أفضل؟ قال: " من هجر السيئات " قلت يا رسول الله أي الصلاة أفضل؟ قال " طول القنوت " فقلت يا رسول الله فأي الصيام أفضل؟ قال: " فرض مجزي وعند الله أضعاف كثيرة " قلت يا رسول الله فأي الجهاد أفضل؟ قال: " من عقر جواده وأهريق دمه " قلت يا رسول الله فأي الرقاب أفضل؟ قال " أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها " قلت يا رسول الله فأي الصدقة أفضل؟ قال: " جهد من مقل وسر إلى فقير " قلت يا رسول الله فأي آية ما أنزل عليك أعظم؟ قال: " آية الكرسي كفضل الفلاة على الحقلة " قال قلت يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال: " مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا " قال: قلت يا رسول الله كم الرسل من ذلك؟ قال: " ثلاثمائة وثلاثة عشر جمع غفير كثير طيب " قلت فمن كان أولهم؟. قال "آدم " قلت: أنبي مرسل؟ قال: " نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وسواه قبيلا " ثم قال: يا أبا ذر " أربعة سريانيون آدم وشيث وخنوخ وهو إدريس وهو أول من خط بقلم ونوح، وأربعة من العرب هود وشعيب وصالح ونبيك يا أبا ذر وأول أنبياء بني إسرائيل موسى، وآخرهم عيسى وأول الرسل آدم وآخرهم محمد " قال: قلت: يا رسول الله كم كتاب أنزله الله؟ قال: " مائة كتاب وأربعة كتاب أنزل الله على ثيث خمسين صحيفة وعلى خنوخ ثلاثين صحيفة وعلى إبراهيم عشر صحائف وأنزل على موسى من قبل التوراة عشر صحائف وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، قال: قلت: يا رسول الله ما كانت صحف إبراهيم؟ قال: " كانت كلها يا أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر، وكان فيها أمثال وعلى العاقل أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يفكر في صنع الله، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب " وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه، حافظا للسانة، ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه " قال قلت: يا رسول الله فما كانت صحف موسى؟ قال: " كانت عبرا كلها عجت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح، وعجبت لمن أيقن بالحساب غداص ثم هو لا يعمل " قال قلت يا رسول الله فهل في يدينا شيء مما كان في أيدي إبراهيم وموسى وما أنزل الله عليك؟ قال: " نعم إقرأ يا أيا ذر " { قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى، إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى } قال قلت: يا رسول الله فأوصني قال: " أوصيك بتقوى الله فإنه رأس أمرك، قال قلت يا رسول الله زدني؟ قال: عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإن ذكر لك في السماء نور لك في الأرض، قال قلت يارسول الله زدني: قال: " عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي " قلت زدني قال: " عليك بالصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك " قلت زدني قال: " انظر إلى من هو تحتك ولا تنظر إلى من هو فوقك فإن أجدر لك أن لا تزدري نعمة الله عليك " قلت: زدني قال: أحبب المساكين فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك قلت زدني قال: " صل قرابتك وإن قطعوك " قلت: زدني قال: " قل الحق وإن كان مرا " زدي قال لا تخف في الله لومة لائم " قلت: زدني قال: بردك عن الناس ما تعرف من نفسك ولا تجد عليهم فيما تحب وكفى بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك أو تجد عليهم فيما تحب " ثم ضرب بيده صدري فقال: " يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق. هكذا ساقه ابن كثير في تفسيره عن طريق الآجري وكان قد ذكر قطعة منه قبل ذلك من طريق ابن مردويه ثم قال: وقد روى هذا الحديث بطوله الحافظ أبو حاتم بن حبان البستي في كتابه " الأنواع والتقاسيم " وقد سمه بالصحة وخالفه أبو الفرج بن الجوزي فذكر هذا الحديث في كتابه الموضوعات واتهم به إبراهيم بن هشام هذا ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل من أجل هذا الحديث. أه كلام الحافظ ابن كثير في تفسيره. وقال شيخه الحافظ الذهبي في ترجمة إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني " هو صاحب حديث أبي ذر الطويل انفرد به عن أبيه عن جده قال الطبراني لم يرو هذا عن يحيى إلا ولده وهم ثقات، وذكره ابن حبان في الثقات وأخرج حديث في الأنواع، وأما ابن أبي حاتم فقال: قلت لأبي لم لا تحدث عن إبراهيم بن هشام الغساني فقال: ذهبت إلى قريته " فساق الذهبي القصة التي بين إبراهيم بن هشام وبين أبي حاتم كما ساقها الحافظ بن عبد الهادي مؤلف الصارم المنكي وذكر الذهبي في ترجمة يحيى بن سعيد القرشي العبشمي السعدي وقيل السعدي أحد الضعفاء أنه روى عن ابن جريح عن عطاء عن عبيد بن عمر عن أبي ذر حديث الطويل وأن ابن حبان ذكر طرفا من روايته لهذا الحديث ثم قال: " وأشبه ما روى فيه حديث عبد الرحمن بن هشام بن يحيى الغساني عن أبيه عن جده عن أبي إدريس عن أبي ذر ثم قال الذهبي: " وكذا قال – أي ابن حبان – والصواب إبراهيم بن هشام أحد المتروكين الذين مشاهم ابن حبان فلم يصب " أ ه.
- ↑ 2/143
- ↑ 1/98
- ↑ الذي في الجرح والتعديل 3/490 رباح بن بشير أبو بشر روى عن يزيد بن أبي سعيد روى عنه ابن أبي فديك سمعت أبي يقول: هو مجهول، وانظر اللسان 2/442.
- ↑ انظر كلامه في الميزان.
- ↑ انظر الضعفاء والمتروكين ص148، رقم 346، وانظر ترجمته في التاريخ الكبير للبخاري 5/62 والصغير ص64 والجرح والتعديل 5/22 والمجروحين لابن حبان 2/14 والميزان 2/401 والكاشف 2/69 والمغني 1/334 واللسان 7/259 والتهذيب 5/174 وأحوال الرجال للجوزجاني ص110، رقم 175، قال الذهبي، متفق على ضعفه وقال ابن المديني، أبي ضعيف، وقال الجوزجاني واه.
- ↑ ترجمته في الجرح والتعديل 3/260، قال ابن معين ثقة وقال أبو حاتم: لا بأس به، مات سنة 184 كما في التقريب.
- ↑ انظر ترجمته في الضعفاء والمجروحين 35 والجرح والتعديل 3/15 وتاريخ بغداد 7/314 وميزان الاعتدال 1/491 واللسان 2/208 وشذرات الذهب 2/12 وأخبار القضاء 3/188 وسير أعلام النبلاء 9/543 وغيرها.
- ↑ انظر ترجمته في ميزان الاعتدال 3/15 ولسان الميزان 4/112-115 وسير أعلام النبلاء 16/529 وتاريخ بغداد 10/371 – 375 والعبر 3/35 وطبقات الحنابلة 2/114-153 وشذرات الذهب 3/122-124 وهو متكلم فيه وحديثه أنزل من الحسن
الصارم المنكي في الرد على السبكي للحافظ ابن عبد الهادي | |
---|---|
تقديم | مقدمة المؤلف | الباب الأول | الباب الثاني | الباب الثالث | الباب الرابع | الباب الخامس |