العقد الفريد (1953)/الجزء الأول/كتاب اللؤلؤة في السلطان/فرش الكتاب


فرش الكتاب

السلطان زمام الأمور، ونظام الحقوق ، وقوام الحدود والقطب الذي عليه مدار [الدين و1] الدنيا . وهو حمى الله في بلاده واله الممدود على عباده ، به تيمتنع حريمهم ، و ينتصر مظلومهم ، وينقمع ظالمهم ، ويأمن خائفهم .

للحكماء

قالت الحكماء : إمام عادل ، خير من مطر وابل . وإمام شوم ، خير من فنة تدوم . ولا الله بالسلطان أكثر مما يزع بالقرآن .

وقال وهب بن منبه : فيا أنزل الله على نبيه داود عليه السلام : إني أنا الله مالك الملوك ، قلوب الملوك بيدي . فمن كان لى على طاعة جعلت الملوك عليهم رحمة ، ومن كان لى على معصية جعلت الملوك عليهم نقمة . الحق على من ولده الله أزمة حكمه ، وملك أمور خلقه ، وآختصه ياحمانه ، ومكان له في سلطانه ، أن يكون من الاهتمام بمصالح رعته ، والاعتناء بمرافقتي أهل طاعته ، بحيث وضعه الله من الكرامة ، وأجرى عليه من أسباب السعادة قال الله عز وجل : ﴿ٱلَّذِينَ إِن مَّكَّنَّٰهُمْ فِى ٱلْأَرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلْأُمُورِ.

للنبي صلى الله عليه وسلم

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : عدل ساعة في حكومة خير من عبادة ستين سنة. وقال صلى الله عليه وسلم . كلكم راع ، وكل راع مسئول عن رعيته .

وقال الشاعر :

فكلكم راع ونحن رعية
وكل يُلاقي2 ربه فيحاسبه

ومن شأن الرعية قلة الرضى عن الأئمة ، وتحجر العذر عليهم3 ، وإلزامُ اللائمة لهم ورب ملوم لاذنب له . ولا سبيل إلى السلامة من السنة العامة إذ كان رضي جملتها وموافق جماعتها من العجز الذي لا يدرك والهتنيع الذي لا يملك ( ولكل حصته من العدل ، ومنزلته من الحكم . فمن حق الإمام على رعيته أن يقضى عليهم بالأغلب من فعله والأعم من حكمه ، ومن حق الرعية على إمامها حسن القبول لظاهر طاعتها وإضرابه صفح عن مكاشفتها ، كما قال زیاد لما قدم العراق واليا عليها : أيها الناس ، قد كانت بيني وبينكم إتحن ، جعلت ذلك دبر أذني وتحت قدمی ، فمن كان محمد فايزدة في إحسانه ، ومن كان مسيئا فلينزع عن إساءته . إني لو علمت أن أحدكم قد قتله المال من بوضى لم أكشن له قناعا ولم أهيك له ستر أ حتى بیدی صفحه لي .

لابن عمر

وقال عبد الله بن عمر : إذا كان الإمام عادلا فله الأجر وعليك الشكر ، وإذا كان الإمام جائرا فله الوزير وعليك الصبر .)

لكعب الأحبار

وقال كعب الأحبار : مثل الإسلام والسلطان والناس : مثل الفسطاط والعمود والأوتاد. فالفسطاط الإسلام، والعمود السلطان، والأوتاد الناس. ولا يصلح بعضهم إلا ببعض. وقال الأفوه الأودي:

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا سراة إذا جهّالهم سادوا
والبيت لا يبتنى إلا له عمد
ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
وإن تجمّع أوتاد وأعمدة
يوما فقد بلغوا الأمر الذي كادوا


  1. التكملة من نهاية الأرب.
  2. في بعض الأصول «سیلقی»
  3. أي تضييق العذر عليهم.