الناسخ والمنسوخ/الصفحة الأولى


  • عن أبي عبد الرحمن قال : (مر علي رضي الله عنه على قاض فقال له أتعرف الناسخ من والمنسوخ قال لا قال هلكت وأهلكت) .
  • وعن سعيد بن أبي الحسن : أنه لقي أبا يحيى المعرف فقال له أعرفوني أعرفوني يا سعيد أني أنا هو قال ما عرفت أنك هو قال فإني أنا هو : مر بي علي رضي الله عنه وأنا أقض بالكوفة فقال لي : من أنت فقلت أنا أبو يحيى فقال لست بأبي يحيى ولكنك تقول أعرفوني أعرفوني ثم قال : هل علمت بالناسخ من المنسوخ قلت لا قال هلكت وأهلكت فما عدت بعد ذلك أقض على أحد أنافعك ذلك يا سعيد .
  • عن أبي جرير قال : سئل حذيفة عن شئ : فقال إنما يفتي أحد ثلاثة من عرف الناسخ والمنسوخ قالوا ومن يعرف ذلك قال عمر أو سلطان فلا يجد من ذلك بدا أو رجل متكلف .
  • عن الضحاك بن مزاحم قال : مر ابن عباس رضي الله عنهما بقاض يقضي فركضه برجله قال : أتدري ما الناسخ من المنسوخ قال : ومن يعرف الناسخ من المنسوخ قال : وما تدري ما الناسخ من المنسوخ قال : لا قال : هلكت وأهلكت والآثار في هذا الباب تكثر جدا وإنما أوردنا نبذة قليلة ليعلم منها شدة اعتناء الصحابة رضي الله عنهم بالناسخ والمنسوخ في كتاب الله وسنة رسول الله إذ شأنها واحد .
  • عن المقداد بن معد يكرب قال : قال رسول الله {ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ثلاثا ألا يوشك رجل يجلس على أريكته أي على سريره يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه} .

وقبل الشروع في المقصود لا بد من ذكر مقدمة تكون مدخلا إلى معرفة المطلوب يذكر فيها حقيقة النسخ ولوازمه وتوابعه .

إعلم أن النسخ له اشتقاق عند أرباب اللسان وحد عند أصحاب المعاني وشرائط عند العالمين بالأحكام .

أما أصله فالنسخ في اللغة عبارة عن إبطال شئ وإقامة آخر مقامة وقال أبو حاتم الأصل في النسخ هو أن يحول العسل في خلية والنحل في أخرى ومنه نسخ الكتاب , وفي الحديث ما من نبوة إلا وتنسخها فترة ثم إن النسخ في اللغة موضوع بإزاء معنين أحدهما الزوال على جهة الانعدام والثاني على جهة الانتقال .

أما النسخ بمعنى الإزالة فهو أيضا على نسخ إلى بدل نحو قولهم نسخ الشيب الشباب ونسخت الشمس الظل أي أذهبته وحلت محله ونسخ إلى غير بدل ورفع الحكم وإبطاله من غير أن يقيم له بدلا يقال نسخت الريح الديار أي أبطلتها وأزالتها وأما النسخ بمعنى النقل فهو من قولك نسخت الكتاب ما فيه وليس المراد به إعدام ما فيه ومنه قوله تعالى ﴿إِنَّا كُنَّا نَسۡتَنسِخُ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ۝٢٩ [الجاثية:29] 29 مكية 45 الجاثية يريد نقله إلى الصحف أو من الصحف إلى غيرها غير أن المعروف من النسخ في القرآن هو إبطال الحكم مع إثبات الخط وكذلك هو في السنة أو في الكتاب أن تكون الآية الناسخة والمنسوخة ثابتتين في التلاوة إلا أن المنسوخة لا يعمل بها مثل عدة المتوفى عنها زوجها كانت سنة لقوله ﴿يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرࣲ وَعَشۡرࣰاۖ [البقرة:234] 234 مدنية 2 البقرة . وأما حده فمنهم من قال أنه بيان انتهاء مدة العبادة وقيل انقضاء العبادة التي ظاهرها الدوام وقال بعضهم أنه رفع الحكم بعد ثبوته .

وأما شرائطه فمدارك معرفتها محصورة :

منها أن يكون النسخ بخطاب لأنه بموت المكلف ينقطع الحكم والموت مزيل للحكم لا ناسخ له .

ومنها أن يكون المنسوخ أيضا حكما شرعيا لأن الأمور العقلية التي مسندها البراءة الأهلية لم تنسخ وإنما ارتفعت بإيجاب العبادات .

ومنها أن لا يكون الحكم السابق مقيد بزمان مخصوص نحو قوله عليه الصلاة والسلام لا صلاة في الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس فإن الوقت الذي يجوز فيه أداء النوافل التي لا سبب لها مؤقتة فلا يكون نهيه عن هذه النوافل في الوقت المخصوص لما قبل ذلك من الجواز لأن التوقيت يمنع النسخ .

ومنها أن يكون الناسخ متراخيا عن المنسوخ وبيان النسخ منتهى الحكم لتبدل المصلحة على اختلاف الأزمنة كالطبيب ينهي عن الشيء في الصيف ثم يأمر به في الشتاء وذلك كالتوجه إلى بيت المقدس بمكة وهو اختيار اليهود وكإيجاب التصدق بالفضل عن الحاجة في الابتداء لنشاط القوم في الصفاء والوفاء وكتقدير الواجب بربع العشر الفاضل إلى الانتهاء تيسيرا للا داء وصيانة لأهل النسخ من الاباء .

  • فصل : أنكر اليهود النسخ وقالوا إنه يؤذن بالغلط والبراء وهم قد غلطوا لأن النسخ رفع عبادة قد علم الآمر أن بها خيرا ثم أن للتكليف بها غاية ينتهي إليها ثم يرفع الإيجاب والبراء هو الانتقال عن المأمور به بأمر حادث لا يعلم سابق ولا يمنع جواز النسخ عقلا لوجهين :

أحدهما لأن للآمر أن يأمر بما شاء .

وثانيهما أن النفس إذا مرنت على أمر ألفته فإذا نقلت عنه إلى غيره شق عليها لمكان الاعتياد المألوف فظهر منها بإذعان إلإنقياد لطاعة الأمر وقد وقع النسخ شرعا لأنه ثبت أن من دين آدم عليه السلام في طائفة من أولاده جواز نكاح الأخوات وذوات المحارم والعمل في يوم السبت ثم نسخ ذلك في شريعة الإسلام .

  • فصل : والنسخ إنما يقع في الأمر والنهي ولا يجوز أن يقع في الأخبار المحضة والاستثناء ليس بنسخ إنما يقع في الأمر من بعد بخلاف وقوع النسخ في الخبر المحصن وسمى بعضهم الاستثناء والتخصيص نسخا والفقهاء على خلاف ذلك .
  • فصل

وهو على ثلاثة أنواع :

  • نسخ الخط والحكم : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنا نقرأ سورة تعدل سورة التوبة ما احفظ منها إلا هذه الآية { لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ولو أن لهما ثالثا لابتغى إليه رابعا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب }
  • والثاني نسخ الخط دون الحكم : عن عمر رضي الله عنه قال كنا نقرأ { ألا ترغبوا الرغبة عنهما } بمعنى الإعراض عن آبائكم ومن ذلك { الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم } معناه المحصن والمحصنة
  • والثالث نسخ الحكم دون الخط : أوله أمر القبلة بأن المصلي يتوجه حيث شاء لقوله تعالى عز وجل﴿فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ [البقرة:115] 115 مدنية البقرة 2 فنسخ ذلك والتوجه إلى بيت المقدس بقوله عز وجل ﴿فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ [البقرة:144] 144 مكية البقرة 2 ونظائرها كثيرة سيأتي ذكرها في موضعه إن شاء الله .
الناسخ والمنسوخ (المخطوط)

مقدمة المؤلف | باب في مقدمة الناسخ والمنسوخ | فصل في السور التي لم يدخلها ناسخ ومنسوخ | باب قسمة السور التي فيها ناسخ وليس فيها منسوخ | باب قسمة السور التي دخلها الناسخ والمنسوخ | باب الاعراض عن المشركين | باب الناسخ والمنسوخ على نظم القرآن | تتمة باب الناسخ والمنسوخ على نظم القرآن (1) | تتمة باب الناسخ والمنسوخ على نظم القرآن (2) | تتمة باب الناسخ والمنسوخ على نظم القرآن (3) | الصفحة الاولى لمخطوطة الناسخ والمنسوخ | الصفحة الثانية لمخطوطة الناسخ والمنسوخ | الصفحة الثالثة لمخطوطة الناسخ والمنسوخ | الصفحة الرابعة لمخطوطة الناسخ والمنسوخ | الصفحة الخامسة لمخطوطة الناسخ والمنسوخ | الصفحة السادسة لمخطوطة الناسخ والمنسوخ | الصفحة السابعة لمخطوطة الناسخ والمنسوخ | الصفحة الثامنة لمخطوطة الناسخ والمنسوخ | الصفحة التاسعة لمخطوطة الناسخ والمنسوخ | الصفحة العاشرة لمخطوطة الناسخ والمنسوخ | الصفحة الحادية عشر لمخطوطة الناسخ والمنسوخ | ختم المخطوطة في نهاية كتاب الناسخ والمنسوخ