الْيَوْمَ يَوْمُ مَصَارِعِ الشُّهَدَاءِ

الْيَوْمَ يَوْمُ مَصَارِعِ الشُّهَدَاءِ

​الْيَوْمَ يَوْمُ مَصَارِعِ الشُّهَدَاءِ​ المؤلف خليل مطران


الْيَوْمَ يَوْمُ مَصَارِعِ الشُّهَدَاءِ
هَلْ في جَوَانِبِهِ رَشَاشُ دَمَاءِ
للهِ غُيَّابٌ حضُورٌ في النُّهَى
مَاتُوا فَبَاتُوا أَخْلَدَ الأَحْياءِ
أَبْطَالُ تَفْدِيَةٍ لَقُوا جُهْدَ الأَذَى
في اللهِ وَامْتَنَعُوا مِنَ الإِيذاءِ
بُعَدَاءُ صِيتُ مَا تَوَخَّوْا شُهْرَةً
لَكِنْ قَضَوْا فِي ذِلَّةٍ وَعَنَاءِ
لَبِثُوا عَلَى إِيمَانِهِمْ وَيَدُ الرَّدَى
تَهْوِي بِتِلْكَ الأَرْؤُسِ الشَّمَّاءِ
سَلِمَتْ مَشِيئَتُهُمْ وَمَا فِيهِمْ سِوَى
مُتَقَطِّعِي الأَوْصَالِ وَالأَعْضَاءِ
صَبَرُوا عَلَى جَبَرُوتِ عَاتٍ قَاهِرٍ
سَاءَ النُّهَى وَالدِّينَ كُلَّ مَسَاءِ
مَا كَانَ دِقْلِتْيَانَ إِلاَّ طَاغِياً
مَلَكَ الرِّقَابَ بِغِلْظَةٍ وَجَفَاءِ
لاَنَتْ لَهُ الصُّمُّ الصِّلاَدُ وَلَمْ تَلِنْ
شَيْئاً قُلُوبُ الصَّفْوَةِ الفُضَلاَءِ
حَاشَا الْحَقِيقَةِ كَمْ مِثَالٍ لا تَرَى
إِلاَّ الْبَقَايَا مِنْهُ عَيْنُ الْرَّائِي
ظَلَّتْ حَنَايَاهُ وَإنْ حُطِمَتْ عَلَى
مَا كَانَ فِيهَا مِنْ تُقىً وَرَجَاءِ
إِنَّ الْعَقِيدَةَ نِعْمَةٌ عُلْوِيَّةٌ
تَصْفُو عَلَى الْنِّقَمَاتِ وَالأَرْزَاءِ
تَجْنِي فَخَاراً مِنْ إِهَانَاتِ الْعِدَى
وَتُصِيبُ إِعْزَازاً مِنَ الإِزرَاءِ
بِكْرُ بِأًوجِ الْحُسْنِ غَالٍ مَهْرُهَا
لاَ تُشْتَرَى بِأَيَاسِرِ الأَشْيَاءِ
تُزْرَى النَّفَائِسُ دُونَهَا وَلَربَّمَا
بَذَلَ النُّفُوسَ حَمَاتُهَا بِسَخَاءِ
أَليَوْمَ بَدْءُ الْعَامِ عَامِ النِّيلِ فِي
إِقْبَالِهِ المُتَجَدِّدِ الَّلأْلاَءِ
مَا انْفَكَّ فِي أَقْسَامِهِ وفُصُولِهِ
شَرَعاً وَفي الأَوْضَاعِ وَالأسْمَاءِ
قَدْ أُحْكِمَتْ في كُلِّهِ أَجْزَاؤُهُ
فَبَدَا تَمَامُ الْكُلِّ بِالأَجْزَاءِ
عَجَبٌ لِقَوْمٍ لاَتَنِي آثَارُهُمْ
هِيَ أَعْظَمُ الآثَارِ في الْغَبْرَاءِ
قُصَّتْ حَوَاشِيهِمْ وَقُلِّصَ ظِلُّهُمْ
إِلاَّ كِفَاحَ بَقِيَّةٍ لِبَقَاءِ
وَعَفَتْ مَعَاهِدُ بَطشِهِمْ أَوْ أَوْشَكَتْ
وَهَوَتْ صُرُوحُ العِزَّةِ الْقَعْساءِ
إِلاَّ نِظَاماً فَصَّلُوهُ لِعَامِهِمْ
فَلَقَدْ أَقَامَ كَأَصْلِهِ المُتَنَائِي
كَمْ دَوْلَةٌ دَالَتْ بِمصْرَ وَحُكْمُهُ
مُتَوَارَثٌ عَنْ أَقْدَمِ الآباءِ
وَإذَا بَنَى الأَقْوَامَ فِكْراً صَالِحاً
فَالْفِكْرُ يَثْبُتُ بَعْدَ كُلِّ بِنَاءِ
أمهيئي هَذَا المقَامَ وَمُبْدِعِي
هَذَا النِّظَامَ لِحِكْمَةٍ غَرَّاءِ
إنْ أَرْجُ فَالإقْبَالُ مَا أَرْجُو لَكُمْ
وَإذَا دَعَوْتُ فَبِالرُّقِيِّ دُعَائِي