رسالة ابن فضلان (ت. سامي الدهان) /عند الخزر

ملاحظات: مطبوعات المجمع العلمي العربي - دمشق (1959)، الصفحات 167––


 
[ الخزر ]

۲۳

فأما١ ملك الخزر، واسمه٢ خاقان ، فإنه لا يظهر إلا في كل [ أربعة أشهر متنزها ]٣، ويقال له خاقان الكبير ، ويقال لخليفته خاقان به ، وهو الذي يقود الجيوش ويسوسها٤ ويدبر أمر المملكة ويقوم بها ويظهر ويغزو. وله تذعن الملوك الذين يصاقبونه ٥. ويدخل في كل يوم إلى خاقان الأكبر متواضعاً يظهر الأخبات والسكينة ولا يدخل عليه إلا حافياً A AGUARD رحلة ابن فضلان - عند الخزر ۱۷۰ MINALTABI KOMORAMME Hella و بیده حطب ، فإذا سلّم عليه أوقد بين يديه ذلك الحطب ، فإذا فرغ من الوقود ، جلس مع الملك على سريره عن يمينه . ويخلفه رجل يقال له کندر (۱) خاقان ، ويخلف هذا أيضاً رجل يقال له جاوشيغر (٢) ورسم الملك الأكبر (۳) أن لا يجلس للناس ، ولا يكلمهم ، ولا يدخل عليه أحد غير من ذكرنا . والولايات في الحل والعقد والعقوبات وتدبير المملكة على خليفته خاقان به ورسم . الملك الأكبر إذا مات أن يُبنى له دار كبيرة (4) فيها عشرون ينتا ، ويحفر له في كل بيت منها قبر، وتكسر الحجارة حتى تصير مثل الكحل ؛ وتفرش فيه ، وتطرح النورة فوق ذلك ) . وتحت الدار نهر ؛ والنهر (۱) نهر كبير يجري ، ويجعلون القبر فوق ذلك النهر ، ويقولون : «حتى لا يصل إليه شيطان ولا إنسان ولا دود ولا هوام ». وإذا دفن ضُرِبَتْ أَعناق الذين يدفنونه حتى لا يدرى أين قبره من (۱) انظر حدود العالم ، طبعة مينورسكي ، امدن ۱۹۳۷ ، ص ٣٠٣ - ٠٣٢٤ (۲) في بعض المصادر : « جاويشعر » وكلمة جاويش تركية معروفة - انظر دوزي تكملة معاجم العرب ، ودائرة المعارف الاسلامية ٠٨٦٤/١ (۳) في نشرة فرمان : « الملك الأعظم الأكبر » . (1) يترجم ها فرمان بالقصر « a Palatinum . (0) النورة : في الأصل حجر الكلس ، وقيل إنها عربية وقيل معربة . (٦) وردت هذه الجملة كذلك في الأصل . وأورد المستشرق الروسي ١٦٨ رواية أخرى في بعض النسخ هذا نصها : « وتحت الدار نهر والنبر كبير يجري فوقه ، ويجعلون ذلك القبر بينها » مخطوطات ياقوت الأخرى : « ويجعلون النهر فوق ذلك القبر » . وفي بعض رحلة ابن فضلان - عند الخزر ۱۷۱ تلك البيوت . ويسمّى قبره الجنّة . ويقولون : « قد دخل الجنة» ، وتفرش البيوت كلها بالديباج المنسوج بالذهب . ورسم م ملك الخزر أن يكون له خمس وعشرون امرأة ، كل امرأة منهن ابنة (۱) ملك من الملوك الذين يحاذونه ، يأخذها طوعاً أو كرها . وله من الجواري السراري لفراشه ستون ، ما منهن إلا فائقة الجمال . وكل واحدة من الحرائر (۲) والسراري في قصر مفرد (۳)، لها قبة منشاة بالساج) ، وحول كل قبة مضرب () ، ولكل واحدة منهن خادم يحجبها . فإذا أراد أن يطأ بمضهن بعث إلى الخادم الذي يحجبها فيوافي بها في أسرع من لمح البصر حتى (٦) يجعلها في فراشه . ويقف الخادم على باب قبة الملك ، فإذا وطئها أخذ بيدها وانصرف، ولم يتركها بعد ذلك لحظة واحدة . وإذا ركب هذا الملك الكبير ركب سائر الجيوش اركوبه ، ويكون بينه وبين المواكب ميل ، فلا يراه أحد من رعيته إلا خر لوجهه ساجداً له لا يرفع رأسه حتى يجوزه . (۱) في نسخة فرهن عن الخزر : « بنت » . (۲) في نسخة فر من : « من الجوار والبراري ) . (۳) في طبعة فرمت : و قصر منفرد » . (٤) الساج : شجر يعظم جداً ، لا يبيت إلا يبلاد الهند ، وخشبه أسود رزين لاتكاد الأرض تبليه ، جمعه سیجان ، الواحدة مساحة . . (0) المغرب : الساحة والمكان كما في معجم دوزي ، وقبل هو الفسطاط العظيم جمعه مضارب . (٦) في فرمان : « حتى يجعلونها » وهي خطاً . ۱۷۲ رحلة ابن فضلان - عند الخزر ومدة ملكهم أربعون سنة إذا جاوزها يوماً واحداً قتلته الرعية وخاصته ، وقالوا : « هذا قد نقص عقله واضطرب رأيه » . وإذا بعث سرية لم تول الدبر (۱) بوجه ولا سبب . فإن انهزمت قتل كل من ينصرف إليه منها ، فأما القواد وخليفته فمتى انهزموا أحضرهم وأحضر نساءهم وأولادهم فوهبهم بحضرتهم لغيرهم وهم ينظرون . وكذلك دوابهم ومتاعهم وسلاحهم ودورهم ، وربما قطع كل واحد منهم قطعتين وصليهم ، وربما علقهم بأعناقهم في الشجر ، وربما جعلهم إذا أحسن إليهم ساسة . ولملك الخزر مدينة عظيمة على « نهر إتل » ، وهي جانبان . في أحد الجانبين المسلمون ، وفي الجانب الآخر الملك وأصحابه . وعلى المسلمين غلمان الملك ) يقال له خز ، وهو مسلم . وأحكام المسلمين رجل من المقيمين في بلد الخزر والمختلفين إليهم في التجارات مردودة الى ذلك الغلام المسلم لا ينظر في أمورهم ولا يقضي بينهم غيره | ) (٢) رأي المستشرق في هذه الصيغة اقتباساً من القرآن الكريم : « ويولون الدبر » ٤٠/٠٤ من سورة الدبر . ونحن نرى في الجملة التالية : « بوجه ولا سبب » صيغة من صيغ ابن فضلان كورها في الرسالة بمواضع منها . (۳) يروي المستشرق الروسي نصأ من بعض المخطوطات عند فرمان : « رجل من أصحاب علمان الملك يقال له خزمة ، وأعلها أصوب من « خز » . (٤) هنا رأينا أن نقف عن النقل عن ياقوت ، لأن ما بعدها لا يشبه أسلوب ابن فضلان ، وفيه جملة مؤرخة بعام محدود هو سنة ٣١٠ ه ، وقد عرفنا أن صاحبنا غادرها قبل ذلك . فنحن لاترى رأى فرمن ووليدي ولا كو فافسكي في الحاقها بنص الخزر على أنها لابن فضلان . وان كنا نعتقد أن الفصل مايزال ناقصاً لم يتم ، ولكننا عملنا بالقول المشهور مالا يدرك كله لا يترك جله . الفهارس £ ۱ - فهرس الأعلام والقبائل والطوائف ۲ - فهرس المواضع والأماكن - فهرس الحضارة واللغة فهرس الكتب والمراجع فهرس محتويات هذه الطبعة



  1. أوردت نسختنا ثلاثة سطور عن الخزر ، ثم بترت و خرمت أوراقها بعدها. وكنا قدرنا ان النقص فيها كان بمقدار ورقة أو ورقتين فحسب، وعدنا الى ياقوت بمادة الخزر فاذا به يثبت عن ابن فضلان ثلاث صفحات قال إنه نقلها من رسالته. ولكن التحقيق الطويل ساقنا إلى أن النصف الأول منها ليس لابن فضلان، لأنه يقع في الاصطخرى ٢٢٠ - ٢٢٤ ، وفي ابن حوقل ۳۸۹/۲ فلعل ياقوت نقل عنها ، وأما النصف الثاني فلم نجده في هذين المصدرين، وانما انفرد به ياقوت ٤٣٨/٢، فأورد هذه السطور الثلاثة وتابع النقل عن ابن فضلان، فأثبتنا ذلك كله على أنه لابن فضلان برواية ياقوت، لأننا رأينا فيه نفس كاتبنا وألفاظه ولهذا ضممناه اليه وجعلتاه بين معقوفتين، كما شرحنا الأمر في المقدمة على تفصيل، وهكذا اتصلت سطور نسختنا بسطور ياقوت — وقد رأينا أخيراً بعد طبع هذه السطور أن وليدي فعل مثلا فعلنا في طبعته
  2. في ياقوت : « وأما ملك الخزر فاسمه خاقان وأنه » — وفي الاصطخرى ٢٢٤ : « فان عظيمهم يسمي خاقان خزر وهو أجل من ملك الخزر ، إلا أن ملك الخور هو الذي يقيمه ، واذا أرادوا أن يقيموا هذا الخاقان جاءوا به فيعنقونه بحريرة الخ » والتفصيل فيه هام يجدر الرجوع اليه، ويقول ان الخزر لا يشبهون الأتراك فهم سود الشعور.
  3. ناقص في نسختنا أخذناه عن ياقوت.
  4. في نسختنا : « الجيوش ويسوس » — في ياقوت : « الجيش ويسوسها » وهي أصح.
  5. صاقب : قارب ودنا — وفي الاصطخرى ٢٢٤ : فلا يراه أحد من الأتراك ومن يصاقبهم من أصناف الكفر الا انصرف ولم يقاتله تعظيماً له.. وهذا تقف النسخة وتنتهي. ومن هنا نبدأ بالنقل عن ياقوت حرفياً اتماماً للنص ٤٣٨/٢ — ٤٣٩ فنجعله بين هاتين المعقوفتين. وقد فعل مثلنا المستشرق الروسي فعلق على الخزر وأتبعه بابن فضلان من هذا المكان — انظر طبيعة كرفالفسكي ص ١٦٦ — ١٧١ و فعل قبله من هذا فر من حين طبع فصل الخزر عن ياقوت ، وقد رأينا أن وليدي فعل مثل ذلك.