رياض الصالحين/الصفحة السادسة والثمانون


باب حفظ السر

قال اللَّه تعالى (الإسراء 34): {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً}.

685- وعن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ : (إن من أشر الناس عند اللَّه منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها) رَوَاهُ مُسلِمٌ.

686- وعن عبد اللَّه بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما أن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ حين تأيمت بنته حفصة قال: لقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر. قال: سأنظر في أمري. فلبثت ليالي ثم لقيني فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا. فلقيت أبا بكر الصديق رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر. فصمت أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ فلم يرجع إلي شيئاً! فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي ثم خطبها النبي فأنكحتها إياه. فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا فقلت: نعم. قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن النبي ذكرها فلم أكن لأفشي سر رَسُول اللَّهِ ولو تركها النبي لقبلتها> رَوَاهُ البُخَارِيُّ.

قوله: (تأيمت): أي صارت بلا زوج. وكان زوجها توفي رَضِيَ اللَّهُ عَنها.

(وجدت): غضبت.

687- وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: كن أزواج النبي عنده فأقبلت فاطمة رَضِيَ اللَّهُ عَنها تمشي ما تخطئ مشيتها من مشية رَسُول اللَّهِ شيئاً، فلما رآها رحب بها وقال: (مرحباً بابنتي) ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارها فبكت بكاءً شديداً، فلما رأى جزعها سارها الثانية فضحكت. فقلت لها: خصك رَسُول اللَّهِ من بين نسائه بالسرار ثم أنت تبكين فلما قام رَسُول اللَّهِ سألتها: ما قال لك رَسُول اللَّهِ قالت: ما كنت لأفشي على رَسُول اللَّهِ سره. فلما توفي رَسُول اللَّهِ قلت: عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما حدثتني ما قال لك رَسُول اللَّهِ فقالت: أما الآن فنعم: أما حين سارني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة أو مرتين وأنه عارضه الآن مرتين (وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي اللَّه واصبري فإنه نعم السلف أنا لك) فبكيت بكائي الذي رأيت، فلما رأى جزعي سارني الثانية فقال: (يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة ) فضحكت ضحكي الذي رأيت. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وهذا لفظ مسلم.

688- وعن ثابت عن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: أتى علي رَسُول اللَّهِ وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا فبعثني في حاجة فأبطأت على أمي. فلما جئت قالت: ما حبسك قلت: بعثني رَسُول اللَّهِ لحاجة. قالت: ما حاجته قلت: إنها سر. قالت: لا تخبرن بسر رَسُول اللَّهِ أحداً. قال أنس: والله لو حدثت به أحداً لحدثتك به يا ثابت. رَوَاهُ مُسلِمٌ، وروى البخاري بعضه مختصراً.

رياض الصالحين - كتاب الأدب

باب الحياء وفضله والحث على التخلق به | باب حفظ السر | باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد | باب المحافظة على ما اعتاده من الخير | باب استحباب طيبب الكلام وطلاقته الوجه عند اللقاء | باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه | باب إصغاء الجليس لحديث جليسه | باب الوعظ والأقتصاد فيه | باب الوقار والسكينة | باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم | باب إكرام الضيف | باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير | باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر | باب الإستخارة والمشاورة | باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض | باب استحباب تقديم اليمين في كل ماهو