شرح الحديثين في فضائل فاطمة/الديباجة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد. فيقول العبد الأثيم والفاني الرميم محمد بن محمد كريم أنه قد عرض عليَّ جناب عالي الجناب وزبدة الأحباب ونخبة الأنجاب الأخ الأولى الآقا ميرزا علي رضا حفظه الله تعالى ابن المرحوم المبرور والعالم النقاد الآقا ميرزا عبد الجواد الولياني رحمة الله عليه حديثين شريفين صعبين مستصعبين من فضائل سيدة النساء وآية الله في الدنيا ونور الله في الآخرة والأولى فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وذكر أن جناب الأخ الصفي المؤتمن والولي المؤمن الممتحن صاحب المحامد في السر والعلن الحاج محمد حسن أيده الله ابن المرحوم الزكي الحاج محمد علي القاساني رحمه الله. طلب مني شرحهما وكنت مشتغلاً بتصانيف وتأليفات مع ما بي من اختلال الحال وتشتت الخيال وتفرق البال لما يكون الأعلم به الرب المتعال ومع ذلك لم أكن متمكناً من إجابة مسؤوله وايتاء مأموله مع أن الحديثين من الأحاديث الصعبة المستعصبة التي قال مولانا أبو جعفر عليه السلام لجابر: يا جابر؛ حديثنا صعب مستصعب، أمرد ذكوان، وعر أجرد، ولا يحتمله والله إلا نبي مرسل أو ملك مقرب أو مؤمن امتحن، فإذا ورد عليك شيء يا جابر من أمرنا فلان له قلبك فاحمد الله، وإن أنكرته فرده إلينا أهل البيت. لا تقل كيف جاء هذا وكيف كان وكيف هو فإن هذا والله الشرك بالله العلي العظيم. انتهى

ولا يمكن شرحهما على ما ينبغي في الطروس وتبيانهما في الدروس مع أن معرفتهما خاصة مبتنية على معرفة علوم كثيرة منها علم القضاء والقدر والبداء والعود والحكمة الإلهية بالمعنى الأخص والحكمة الطبيعية وعلم الفلسفة وعلم الضم والاستنتاج وعلم التقارب والتباعد، وتحتاج معرفة هذه العلوم إلى علوم أخر من باب المقدمة أخاف أن تستوعر من ذكرها القلوب وتستوحش النفوس كما استوحشوا من ذكر أبي (أعلى الله مقامه) بعض العلوم التي تبتني معرفة معراج النبي (صلى الله عليه وآله) والمعاد على معرفتها لأن الخلق جهال ضعفاء ومع ذلك أن يُحمدوا أو ينسبون أنفسهم إلى العلم، ويهوون أن يصدقوا، ولذلك هم محرومون عن أكثر العلوم فإذا صدقوا العالم بعلمه يلزمهم الإقرار بجهلهم فينكرون عليه كبراً وعدواناً وهم غافلون عن أن إنكار الجاهل على العالم لا يزيد العالم إلا عزَّا، ويلزم الجاهل ذلة، وبالجملة كتمان العلم في الصدور أولى من بثه في السطور، ومع ذلك كله فإني قد أجبت طلبته تعظيماً لشأنه وتأدية لحق أخوته ولكني أعتذر إليه من بيان المطالب على التفصيل فإنه غير ميسر لنا في هذا الزمان والدهر الخوان وللحيطان آذان، وكذلك أعتذر من توضيح البيان والشرح بالفارسية فإن بيان المسائل الحكمية سيما المعارف الإلهية باللسان العجمي في غاية الصعوبة مع أنه لا يمكن أداء حق البيان بهذا اللسان الألكن، ويصعب معه الاستشهاد بالآيات والأخبار، ويبقى أغلب المطالب بلا برهان فإن الإنسان إن روى الآثار على ما وردت لا يكاد يفهم العجمي الجاهل بالعربية معناها وإن فسرها يطول به المقال، وإن روى ترجمتها ربما تختفي بعض نكات البيان، ولذلك كتبت هذا الشرح بالعربية، ولكني أجهد في أن أوضح المطلب بقدر الإمكان، وأختار الألفاظ المتداولة في اللسان حتى يعرف المراد كل من له أدنى قريحة، قم أنه سلمه الله روى الحديثين من ناسخ التواريخ، وهو قد روى الأول منهما من مجالس الصدوق، والثاني من تفسير الفرات، ولعدم كون مصنفه من أهل الأخبار والآثار وإن كان عارفاً بالتواريخ حافظاً للأشعار؛ لا يكاد يعتمد الفقهاء على روايته إلا ما صح عندهم سنده، فلذلك أنا أروي الأول من المجالس، والثاني من البحار لأنه ليس عندي تفسير الفرات، وإن كان في موضع منهما اختلاف بين الكتب التي هما فيها أشير إلى محل الاختلاف ولا بد من أن أقدم بياناً لاستيناس النفوس الوحشية واستعداد القلوب النافرة لفهم المطالب فإن حكمة آل محمد عليهم السلام بعيدة عند الأذهان غريبة عند أهل الظاهر العارين من الإيقان، وربما يسمعون شيئاً من أهل العرفان فينكرون عليهم من غير إنصاف لمحض الاعتساف مع أن شأن من يدعي التشيع التصديق لآل محمد الأطهار عليهم السلام مخازن علم الجبار والتسليم للأخبار والقبول من حملة الآثار، ولكن العيون رمدة والعقول سفيهة قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد.


عَلَيَّ نَحْتُ المَعَانِي مِنْ مَعَادِنِهَا * وَمَا عَلَيَّ إِذَا لَمْ يَفْهَمِ البَقَرُ


وهذا أبان الشروع في المقصود وتوكلي على الله الودود.