شرح قطر الندى - ت: محمد محيي الدين عبد الحميد/المقدمة

​شرح قطر الندى وبل الصدى​ المؤلف ابن هشام الأنصاري
المقدمة
ملاحظات: الصفحات 4–5


 

بسم الله الرحمن الرحيم أحمد الله على جزيل نعمائه، وأشكره شكر المعترف بميننه وآلائه ، وأصلى وأسلم على صفوة أنبيائه ، وعلى آله وصحبه وأوليائه . و بعد ، فهذا كتاب شرح قطر الندى ، وبل الصدى» أحد تصانيف الإمام أبي محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام، الأنصارى المصرى ، المتوفى فى ذى القعدة من سنة ٧٦١ من الهجرة ، وهو أحد كتب العربية التي أوليت بها منذ الصغر ، وأحد الكتب التي كان لها في نشأتى العلمية أجمل الأثر؛ فالله يعلم أني انتفعت به في زمن الحداثة انتفاعاً كان له أثر جد واضح في ميولى ونزعاتى العلمية ، وأنني ما زلت أجد فى نفسى آثار هذا الانتفاع القديم عهده إلى اليوم ، وإن من علائم صدق هذه الدعوى ومطابقتها للحقيقة الواقعة أنك ولما رأيت امرأ من ذوى الرأى والمكانة سبقت له بالكتاب معرفة إلا وجدته كثير الإطراء له ، والثناء عليه ، والإشادة بذكره ، ووجدته مع شديد الأسف - يحمل على تخلية الشادين عنه وصدهم من الانتفاع به ، بما شَوَّة الناشرون من محاسنه حتى ظهر للناس في ترأى يلفت العيون عنه ، ويجا فى النفوس من الطمأنينة إليه ، وهذا ـ مع الألم الشديد ـ أمر لا يختص كتاباً من كتب أسلافنا ، ولا ينفرد به أثر من آثارهم النفيسة ، بل إنك لا تقع عينك - إلا فى القليل النادر - على كتاب من كتبهم قد عُنِي نَاثِيرُهُ بإخراجه على وجه بسرك إذا نظرت إليه ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ! . لذلك لم أجد بدا من القيام على هذا الكتاب : بضبط أمثلته وشواهده من القرآن الكريم والحديث النبوي والشعر العربى ، ثم بشرح أبياته شرحاً وسطاً بين الوجيز المخل والبسيط الليل ، مع إعراب الأبيات إعراباً كاملا ، وأديتُ ذلك كله بعبارة سهلة وأسلوب قريب المتناول ؛ إذ كان قصدى أن يتهمه المبتدئون في علم مقدمة العربية ومن في حكمهم ، وكان من أهم ما بعثني إلى هذا العمل الرغبة في أن أضم آمنة في إصلاح الجامع الأزهر بإصلاح ما يمكننى إصلاحه من المكتب التي تُدرس فيه ، فقد والله ، ساءني كما ساء كل محب للأزهر أن يُضْرب المثل في رداءة الطبع واختيار أدنى أنواع الورق بالكتب الأزهرية ، فيقال « هذه طبعة أزهرية ، ولا يكون اللكتاب عيب يزدريه بعض القراء من أجله إلا أن حروفه صغيرة ، أو أن ورقه أصفر ، أو نحو ذلك ورأيت – مع ذلك - كثيراً من أبنائنا من طلبة العلم في الأزهر تجارون - بالشكوى من كتب الدراسة ، من غير أن يكون لذلك سبب في نظرى غير رداحة الطبع وسوء الإخراج وقد جئت من ذلك كله - والحمد لله وحده - بما تقر بين أعين المطلعين عليه ، وترتاح له قلوب المنصفين من أهل العلم ، وسميت هذه التحقيقات ( سبيل الهدى ، بتحقيق شرح قطر الندى ) . فإن كنت قد بلغت ما أردت ، وكان هذا العرض الجميل باحثاً على الانتفاع بالكتاب ؛ فهذه رغبة طالما تمنيتها ، وإن تكن الأخرى فلله الأمر من قبل ومن بعد ، والله وحده المسئول أن يحسن جزاءنا ، إنه السميع المجيب . وأهتبل هذه الفرصة فأضرع إلى الله تعالى أن يتغمد برحمته ورضوانه والدى الذي دفعني إلى الحرص على تلقى المعلم وتحصيله ، ولم يدخر وسما في تحريضي على أن أجمل ذلك أبْلَغَ وكدى ، وأجمل ما أقضي الوقت فيه ، وعلى أستاذى وشيخى الذى تلقيت عليه هذا الكتاب فانتقمت بعلمه وخلقه وتدينه ، رضى الله عنهما ، وأجزل ثوابها ! هذا ، وقد اتفق أن نفدت جميع نسخ الكتاب ، ورغبت إلى المكتبة التجارية الكبرى فى إعادة طبعه ، فاغتنمت هذه الفرصة لأزيد في شرحى على الكتاب زيادات علمية هامة ، ولأجود ضبطه وتحقيقه ، وأنا أرجو أن يكتب تعالى هذا العمل في سجل الحسنات ؛ إنه ولى ذلك ؟ عمل قيم الدين عبد الحيد