علم النجوم وأصول الحركات السماوية/الغلاف


الفصل الثـاني

في أن السماء علي مثال الكرة ودورهـا بجميع ما فيهـا من الكواكب كدور الكرة،

انه لا اختلاف بين العلماء في ان السماء في مثال الكرة وانهـا تدور بجميع مـا فيهـا من الكواكب كدور الكرة علي قطبين ثابتين غير متحركين احدهـما في ناحية الشمال والاخر في ناحية الجنوب،

والدليل علي ذلك أن الكواكب جميعاً تبدوأ من المشرق فترتفع قليلاََ قليلاََ علي ترتيب واحد في حركاتها ومقادير أجرامهـا وأبعاد بعضهـا من بعض إلي أن تتوسط السماء ثم تنحدر هابطة نحو المغرب علي ذلك الترتيب والنظام وتري حركاتهـا في أستدارات متوازيات لا تختلف بسرعة ولا

أبطـاء كانهـا ثابتة ملتحمة في بسيط كرة تديرهـا جميعا دوراً واحداً *

وأوضح ما استدلوا به وأثبت في أفكارهم أن هــــيـــــة السمـاء كهـيـة الكرة مـا يري من دور الكواكب التي هي ظاهرة أبدأ فوق الارض في الأقاليم الشمالية مثل الجدي والفرقدين وبنـات نعش ومـا قرب من هذه الكواكب فانهـا تدور في دواير مواز بعضها لبعض كانهـا جميعاً تدور حول نقطة واحدة فما كان منهـا اقرب الي تلك النقطة فانه يدور في دايرة صغيرة وتري حركته بطية ومـا كان منها أكثر بعداً من تلك النقطة فأنه يدور في دايرة أكبر من دايرة الكوكب الاقرب وتري حركته أسرع من حركته علي قدر عظم دايرته وبعده من تلك النقطة ألي أن ينتهي البعد من تلك النقطة ألي الكواكب التي تغيب تحت الأرض فما كان من الكواكب التي تغيب أقرب إلي تلك النقطة كان مكثه علي الأرض ألي أن تغيب كثيراً ومكثه في الغيبوبة تحت الارض ألي أن يطلع قليلاً،

ومـا كان منها اكثر بعداً كان أقل لزمان ظهوره واكثر لزمان غيبوبته غير أن دورهـا جميعـاً مـا يغيب منها ومـا لا يغيب في زمان واحد وعلي موازاة لا يغادر بعضهـا بعضـاً كان الذي بديرهـا كرة واحدة فبأضطرار أن تكون تلك النقطة هي أحد قطبي الكرة، فهذا أوضح مـا أستدلوا به عللي أن المسـاء علي مثال الكرة ودورهـا كدور الكرة *

وبعد ذلك فلو كانت السمـاء مسطحة علي ما يقول بعض الناس لمـا كان يجب أن يكون بعد نواحي السمـاء مـنـا علي قدر واحد بـل كان يجب أن يكون أقرب مواضع السمـاء مـنـا مـا كان محـاذيـاً لرووسنـا وأمـا مـا جـاز ذلك ألي نواحي الافاق فكثير البعد وكان يجب أن يري الشمس والقمر وساير الكواكب عند طلوعهــا في المشرق صغاراً خفية لبعدهـا مـن أبصارنـا ثم لا تزال تعظم بحسب تقربهـا ألي وسط السمـاء لأنهـا تقرب من أبصارنـا ثم كذلك أيـضـاً تصغر في أنحدارهـا ألي الغروب فتنقص قليلاً قليلاً ألي أن تخفي عـن العين ثم تضمحل

ولسنا نري شيأ من ذلك ولكنا نري أقدارها عند طلوعها وعند توسطهـا السماء وعند غروبها علي أمر واحد *

بل نري مقاديرهـا في المشرق والمغرب أعظم منهـا وسط السمـاء ونري الشمس عـنـد غروبهـا أذا صار أول جرمها مع الأفق تغيب قليلاً قليلاً كان الأفـق يقطعهـا حـتي يغيب أخر جرمهـا وكذلك القمر وليس الذي نري من زيادة عظمهـا في المشرق والمغرب أنهـا هناك أقرب ألينـا منها أذا كانت وسط السمـاء ولكن البخار الذي يرتفع مـن الارض دايمـا أبدأ يعرض بين أبصارنا وبين الافاق فيريناهـا عظيمة لا سيما أذأ عرض في الهواء البخار الكثير الرطوبة الذي يكون في أيام الشتاء وبعقب المطر فأن الشمس والقمر يريان عند ذلك في وقت الطلوع والغروب عظيمين جداً، وكذلك لو أن انسانـا القي شبـا في قعر مـاء صاف لراه أكبر من مقداره الذي له بالحقيقة وكلمـا صفا المـاء وكثر عمقه كان أعظم لمـا يري في قعره ، فهذا سبب عظم الكواكب عند الافاق،