كتاب الأم/باب السلف والمراد به السلم/السلف في الجبن رطبا ويابسا
[قال الشافعي]: رحمه الله والسلف في الجبن رطبا طريا كالسلف في اللبن لا يجوز إلا بأن يشرط صفة جبن يومه أو يقول جبنا رطبا طريا؛ لأن الطراء منه معروف والغاب منه مفارق للطري فالطراء فيه صفة يحاط بها، ولا خير في أن يقول غاب؛ لأنه يقول إذا زايل الطراء كان غابا، وإذا مرت له أيام كان غابا ومرور الأيام نقص له كما كثرة الحموضة نقص في اللبن لا يجوز أن يقال غاب؛ لأنه لا ينفصل أول ما يدخل في الغبوب من المنزلة التي بعدها فيكون مضبوطا بصفة والجواب: فيه كالجواب في حموضة اللبن، ولا خير في السلف فيه إلا بوزن فأما بعدد فلا خير فيه؛ لأنه لا يختلف فلا يقف البائع، ولا المشتري منه على حد معروف ويشترط فيه جبن ماعز أو جبن ضائن أو جبن بقر كما وصفنا في اللبن وهما سواء في هذا المعنى.
قال: والجبن الرطب لبن يطرح فيه الأنافح فيتميز ماؤه ويعزل خاثر لبنه فيعصر فإذا سلف فيه رطبا فلا أبالي، أسمى صغارا أم كبارا ويجوز إذا وقع عليه اسم الجبن.
قال: ولا بأس بالسلف في الجبن اليابس وزنا وعلى ما وصفت من جبن ضائن أو بقر فأما الإبل فلا أحسبها يكون لها جبن ويسميه جبن بلد من البلدان؛ لأن جبن البلدان يختلف وهو أحب إلي لو قال ما جبن منذ شهر أو منذ كذا أو جبن عامه إذا كان هذا يعرف؛ لأنه قد يكون إذا دخل في حد اليبس أثقل منه إذا تطاول جفوفه.
قال: ولو ترك هذا لم يفسده؛ لأنا نجيز مثل هذا في اللحم واللحم حين يسلخ أثقل منه بعد ساعة من جفوفه والثمر في أول ما ييبس يكاد يكون أقل نقصانا منه بعد شهر أو أكثر، ولا يجوز إلا أن يقال جبن غير قديم فكل ما أتاه به فقال أهل العلم به ليس يقع على هذا اسم قديم أخذه، وإن كان بعضه أطرى من بعض؛ لأن. السلف أقل ما يقع عليه اسم الطراءة والمسلف متطوع بما هو أكثر منه، ولا خير في أن يقول جبن عتيق، ولا قديم؛ لأن أقل ما يقع عليه اسم العتيق والقديم غير محدود وكذلك آخره غير محدود وكل ما تقدم في اسم العتيق فازدادت الليالي مرورا عليه كان نقصا له كما وصفنا قبله في حموضة اللبن وكل ما كان عيبا في الجبن عند أهل العلم به من إفراط ملح أو حموضة طعم أو غيره، لم يلزم المشتري.