كتاب الزهرة/الباب الخامس والتسعون ذكر من استدل بأشعاره على سوء اختياره
الباب الخامس والتسعون ذكرمن استدل بأشعاره على سوء اختياره
أول ما نذكره إن شاء الله في هذا الباب ما جاء في الشعر من معنى قبيح ولفظ غير عذب ولا فصيح.
قال امرؤ القيس:
وإن هذه لقناعة تدل على ضعة ورقاعة، لأن من اقتصر ورضي من المطالب بما يملأ به بطنه وأضرب عن المكارم صفحاً، فقد دل على نقصان همَّةٍ وإيضاع رتبة، وإن الشاعر ليهجو عدوه بما مدح هذا به نفسه فيكون بالغاً في ذمّه.
قال حسان بن ثابت:
على أن حسان بن ثابت لم يبلغ به في هجائه ما بلغه امرؤ القيس بنفسه في افتخاره لأن امرأ القيس قنع بالشبع والرِّي وحساناً هجاهم باقتصارهم على خزّ الثياب مع الطعام والشراب.
وقال امرؤ القيس:
وهذا ممَّا يعاب على قائله لأنه يدل على استحثاث شديد وذلك إما لعجز الفارس وإما لنقصان نفس الفرس.
وقال امرؤ القيس:
وهذا ممَّا يعاب عليه لأن كثرة شعر الناصية معدود في عيوب الخيل فكان السكوت عن ذكره أولى من الافتخار لها به. والذنب لا يسدّ الفرج إلاَّ من دبر وكان هذا حشو في الكلام لا عيب في ذكره.
وبلغني أن رجلاً جاء إلى بعض العلماء فقال له: إنِّي صنعتُ شعراً فأريد عرضه عليك فقال: هاته. فأنشأ يقول:
فقال: أحسنت ثمَّ ماذا؟ قال:
فازداد عقله واستضحك من شعره. وأنشدني بعض النحويين قال: أنشدني رجل لنفسه:
وقد ذكرنا في هذين الفصلين طرفاً من سوء الاختيار في نظم المعاني والألفاظ في الأشعار، ونحن - إن شاء الله - نذكر الآن في هذا الفصل الثالث طرفاً من الشعر الجيد الصنعة، الملحق بقائله ضرباً من الضعة فمن ذلك قول الفرزدق:
وبلغني أن عبد الملك قال له: لآخذنَّك باعترافك بالزنا على نفسك فقال: يا أمير المؤمنين يمنعك من ذلك أنه كتاب الله قال: وما هي؟ قال: والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون. فصفح عنه.
وقال آخر:
وقال براقة الهمداني:
هامش