لَمْ تَقُمِ الْعِبْرةُ فِي حادِثٍ

لَمْ تَقُمِ الْعِبْرةُ فِي حادِثٍ

​لَمْ تَقُمِ الْعِبْرةُ فِي حادِثٍ​ المؤلف خليل مطران


لَمْ تَقُمِ الْعِبْرةُ فِي حادِثٍ
قيَامَها فِي موْتِكَ الْفَاجِعِ
بَعْدَ عِثَارٍ مِن ذُرَى حَالِقٍ
يَقِلُّ أَنْ يُوصَفَ بِالرَّافِعِ
عَثَرْتَ إِذْ نَجْمُكَ عَالٍ وَإِذْ
يَخْطُو مُجَارِيكَ خطى الظَّالِعِ
وَإِذْ يَرَى أَبْعَدَ مَجْدٍ عَلَى
أَدْنَى مَدىً مِنْ فِكْرِكَ الوَاسِعِ
فَنَالَكَ الْغَدْرُ بِأُلْعُوبَةٍ
لَمْ يَكُ مِنْهَا الحَذْرُ بِالْمَانعِ
وَزَارِعُ الآمَالِ فِي دَهْرِهِ
قَدْ يَحْصِدُ الخَيْبَة كَالزَّارعِ
لَشَدَّ مَا يُصْدَمُ وَهْمُ الفَتَى
بِنُكْرِ مَا يَلْقَاهُ فِي الوَاقِعِ
قَدِرْتَ إِذْ ضِعْتَ وَمَا يَقْدِرُ
المُنْفِسُ بِالْحَقِّ سِوَى الضَّالِعِ
يَا لَصَرِيعٍ بِيَدٍ خَالَهَا
مُقِيلَةً وَهْيَ يَدُ الصَّارِعِ
مَهَّدَ طُولَ السِّجْنِ فِي جِسْمِهِ
لِلدَّاءِ فَاسْتَعْصَى عَلَى النَّاجِعِ
فبَانَ عَنْ رَبْعٍ شَجٍ مُوحِشٍ
قَدْ كَانَ أُنْساً لِرِثَاءِ الرَّاقِعِ
وَعَيْلَةٍ أَضْحَتُ مِثَالاً لِمَا
يُغْضَى إِلَيْه نَكَدُ الطَّالِعِ
مِنْ غَادَةٍ سَالتْ غِوَاشُ الدُّجَى
بَيْنَ حَوَاشِي صُبْحِهَا السَّاطِعِ
وَحَذَّرَ الحُزْنُ أَخَادِيدَهِ
سَفْعاً بِذَاكَ الوَضحِ النَّاصِعِ
وَمِنْ بَناتٍ نَائِحَاتٍ بِمَا
يُذيبُ شَجْوَاً مُهْجَةَ السَّامِعِ
أَصْبَحْنَ لاَ يَنْظُرْنَ مِنْ حَسْرَةٍ
شَيْئاً بِغَيْرِ المَحْجِرِ الدْامِعِ
وَمِنْ وَحِيدٍ ناعِمٍ ظِفْرُهُ
لَيْسَ لِبُؤسٍ عَنْهُ مِنْ دَافِعِ
مَا ضرَّ لوْ بَلَّغَهُ الدَّهْرُ فِي
ظِلِّ أَبِيهِ زمَنَ اليَافِعِ
فَيَا فقِيداً سَيَلِي ثَأْرُهُ
مُلْحَقَةَ المَتْبُوعِ بِالتَّابِعِ
جَرَعْتَ فِي كأْسٍ مُرَارَاتَهَا
أَمَرَّ مَا فِي الكَأْسِ لِلجَّارِعِ
وَرُحْتَ مَظْلُوماً وَمَا كُنْتَ إِذْ
حَكَمْتَ بِالبَاغِي وَلاَ الطَّامِعِ
قَدْ أَنْجَعَ الضَّيْمُ مُلُوكاً وَمَا
كُنْتَ لِغَيْرِ الحَقِّ بِالْبَاضِعِ
وَلِّ وَكِلْنا لأَسىً لَيْسَ
بِالْمُغْنِي وَنوْح لَيْسَ بِالنَّافِعِ
أُعْذِرُ مَنْ يَبْكِي حبِيباً مَضَى
وَلَيْسَ بَعْدَ اليَوْمِ بِالراجِعِ