مجلة البيان للبرقوقي/العدد 22/غرائب الأديان
مجلة البيان للبرقوقي/العدد 22/غرائب الأديان
لا تزال الهند مكثرة من كل شيء حتى من أديانها وعقائد سكانها ونحل أهليها، ومن أغرب ما أطلعنا عليه في كتب الأنتروبولوجيين من هذه الديانات ديانة أهل التودا ونحن هنا واصفون عجائب هذا الدين وغرائبه.
إن التودا كما وصفهم الدكتور ريفرس أحد العلماء الأثريين المشهورين، هم قبيل صغير لا يزيد أفراده عن أفف نفس قد اعتزلوا ضوضاء العالم وصخبه، وانتبذوا لهم مكاناً قصيا في جبال النلجيري جنوب الهند حيث يعيشون عيشة السكون والهدوء والأمان على ضفاف جدول هناك من الجداول النابعة في تلك الجبال، وهم لا يعبدون الآلهة، ولا يعرفون لهم رباً من الأرباب، وإنما كل دينهم يدور حول عبادة الجاموس ولذلك يحرمون ألبانها على أنفسهم ويعتقدون أن أقسى أنواع الويل وأغلظ ضروب العذاب والدمار تنزل ولا ريب بالرجل الذي يجرأ على ارتكاب هذا الإثم العظيم، وليس لهم ثمة معبد سوى مربط الجاموس وقسيسهم اللبان الذي يحتلها، وينقسم هذا المربط إلى حجرتين، إحداهما مقدسة حرام والأخرى محللة مباحة، وفي الأولى يضعون الأواني غير المقدسة يعدونها لوضع ألبان الجاموس بعد احتلاب أخلافها ولتحويلها إلى الزبدة والجبن، وفي الحجرة الأخرى يضعون الأواني غير المقدسة وهي التي يعدونها لوضع هذه الزبدة والجبن بعد نقلها من الأواني المقدسة وتراهم يراعون الدقة المتناهية في نقلها، ويفردون لذلك آنية مخصوصة في الدهليز الموصل بين الحجرتين. وتراهم ينقلونها بين إشاراتهم ورموزهم وأدعيتهم، وتهليلاتهم وتكبيراتهم، فإذا فرغوا من أداء هذه الشعائر، أصبحت الزبدة والجبن حلالاً طيباً للآكلين!!.