مجلة البيان للبرقوقي/العدد 26/عالم العلم

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 26/عالم العلم

ملاحظات: بتاريخ: 30 - 4 - 1915



ضؤولة العقل في الأجسام الكبيرة - تحليل علمي جديد

قد تقع على صنف من الناس، ضخم البدن، متين الأعصاب موفور الصحة كان يظن فيه العقل الوافر ولكنك تعجب لسخفه ورعونته وضؤولة عقله، ثم تعجب أشد العجب لتناقض المثل السائر القائل (العقل السليم في الجسم السليم) بإزاء هذه المشاهدات، والحقيقة أن ضخام الجسم هم غالباً فقراء العقول، وقد كشف العلم عن خافية هذه المسألة، وحللها تحليلاً علمياً مقبولاً.

يقول الدكتور مرسيير - وهو من أكبر الأطباء الثقاة في الأمراض العقلية - أن النقص العقلي ينشأ دائماً من وقوف نماء المخ بغتة، وهذا إما أن يكون راجعاً إلى استعداد طبيعي أو أن يكون أثر حادث خارجي، ولكي نظفر بعقول قوية يجب أن نعمل على تغذية الجسم تغذية كافية لكي لا يتلف المخ من الفقر البدني، ثم يجب أن نعمل تضطرد العناية بالجسم في كل أدوار العمر، فإذا انقطعت هذه العناية أجلاً معيناً فقد تمضي الحياة دون أن يرجع للمخ شيء من القوة، لأن اكتمال العقول هو نتيجة اكتمال المخ في سن معينة قد تختلف باختلاف الناس والأوساط والتربية والوراثة ولكن من المؤكد أن المخ إذا استكمل نموه واتخذ شكلاً ثابتاً وحجماً ووزناً ثابتين بدأ العقل يستكمل ثم تتسع حدوده باطراد العمر وتتم قواه.

ونمو المخ محدود مهما بلغ من الكبر وذلك بخلاف الجسم إذ لا حد لنموه، وهذه هي المسألة التي حلها العلم (إذا كانت وسائل التغذية في بدء تكوين الجسم مقصورة على البدن وحده ظل المخ فقيراً في نموه، وإذا تحولت كلها إلى إمداد المخ نما الجسم نمواً ضعيفاً، وقد تجد إنساناً معتدل الجسم صغير العقل، وذلك لأن تغذية بدنه كانت قليلة وآخر كبير الجسم وصغير العقل أيضاً، وذلك لأن كل الغذاء تحول إلى بدنه فافتقر المخ وآخر معتدل البدن وعقله كبير وهذا كان لمخه كل وسائل التغذية الصالحة، فضخامة البدن فوق المعتاد إنما تجور على المخ.

غرائب العمران

لعل أغرب مملكة في العالم جمهورية جبل (أثوس) تلك الجمهورية الهادئة الساكنة التي يزيد عدد سكانها عن ستة آلاف نفس كلهم رهبان من رعايا الكنيسة، وأغرب ما في أمر هؤلاء المعتزلة أنهم يقيمون حراساً على حدود مملكتهم حتى لا تخطو امرأة إلى أرضهم فتفسد عليهم طقوسهم وآدابهم وطهارة أنظمتهم، وأغرب من هذا كله أنهم يحرمون، على أنفسهم اقتناء الحيوانات الإناث وليس عندهم إلا الذكور من كل حيوان أو طير داجن.

وعاصمة هذه المملكة الصغيرة قرية (كرياس) تبعد قليلاً عن مدينة سالونيك وفي العاصمة ينعقد برلمان الجمهورية وأعضاؤه أربعة وعشرون راهباً ينتخبون من بين الستة آلاف، ورئيس البرلمان راهب ينتخب كل أربع سنوات، وللرئيس أربعة وزراء من الرهبان يسيطرون معه على شؤون المملكة ويديرون الحكومة تحت إشراف البرلمان.

ولم تكن الاضطرابات التي وقعت أخيراً في البلقان لتنتهي إلى هؤلاء المترهبين المنقطعين عن الإنسانية الصاخبة المزدحمة، وكل ما اتصل بهم أنهم خرجوا من سلطة الأتراك إلى سلطة اليونان. . . ولعل هذا المجتمع الغريب أبدع مثال للعصور الوسطى في هذا العصر.

قوة العالم على تغيير العالم

نحن لا نزال نئن تحت ثقل المدنية ولا نزال نتسخط ونرجو أن لا يطول للإنسانية هذا العمر المحزون المبدد المضيع - بلى. لم يستطع العلم إلى الآن أن يخفف من آلام الناس ولكن لا يجعلنا نيأس ولا يوقع في قلوبنا الشك في مستقبل النوع. ومهما يكن من نقص الإنسانية فإن العلم كفيل بأن يمشي بالناس إلى الكمال.

لما اخترع أديسون - العالم الكهربائي الكبير - آلة الفوتوغراف تنبأ نبوءات علمية لم يصدقها الناس يومذاك ولكنه آخذ الآن في تحقيق نبوءاته وقد اخترع أخيراً (التليسكريب) وهو مخترع يجمع بين التلفون والفونوغراف في آلة واحدة، ومزية هذا الاكتشاف الحديث أن طرق المعاهدات والتوصيات التجارية وغير التجارية اللفظية الكلامية ستتغير وتتبدل فإن هذه الآلة ستقلل من أكاذيب الناس ووعودهم وعقودهم وعهودهم اللفظية الفارغة الباطلة، فإذا أراد تاجر أن يقاضي عملاءه المماطلين الكثيري الوعود استطاع ذلك بأن يجمع أحاديثهم التي دارت بينه وبينهم في هذا التليفون الفونوغرافي فيأخذها إلى المحكمة وهو رابح القضية لا محالة إذا كان الفونوغراف أصدق شاهد.

هذا وقد تنبأ أديسون بأن العلم سيزيد خصوبة الأرض، وأن الناس سيستخدمون النيتروجين في التسميد وسيولدون الكهرباء من الهواء لاستغلال الطبيعة استغلالاً نافعاً، فلم يمض زمن قليل حتى نحقق كل ما قال، فإن هذه الوسائل العلمية الآن مستعملة في بلاد السويد فهناك يزرعون على الطرق العلمية ويستغلون بالعلم.

قال أديسون الآن صرنا بفضل العلم ذوي حواس خمس حقيقة، ولكنا سنتابع الارتقاء حتى نصير ذوي ثمان حواس! وهذه النبوءة ولا ريب محققة على مدى الأيام.

أغرب علاج. . لو صح

نرجو من قرائنا ومن الأطباء أن يجربوا العلاج الآتي ويكتبوا إلينا بنتائجه، لأنه لو صح لكان أغرب علاج عرف إلى الآن. . لقد استعصى الروماتيزم على الأطباء ولكن عالماً أميركياً قال أخيراً بعلاج جربه فصح، ذلك أنه تعاطي مقداراً من الجبير مذوباً في الماء، وإليك ما قال.

كنت أشكو الروماتيزم وقد أيست من أشافي الأطباء فخطر لي يوماً أن أتناول ملعقة من الجبير مذوبة في قدح من الماء فوجدت الألم قد خف كثيراً، ثم كررت هذا الدواء فزالت عوارض الروماتيزم تماماً، ولما كنت أنقطع عن اتخاذ الجير كانت تعاودني بعض الآلام فكنت أعاود استعمال الجير.

البيوت المتحركة

لعلنا سنذلل سيئات المدن، ونقتل أخطار ازدحامها - نعم ونتغلب على الأمراض التي تتولد من الزحام وضخامة الأبنية في المدن الغاصة الكبيرة الآهلة، فقد توفق أحد الفرنسيين إلى ابتناء شكل من البيوت يتحرك ويدور حول نفسه فيستقبل الشمس أيا ما اتجهت فقد وجدوا أن أغلب أمراضنا تفتك بنا لأن النور والهواء لا يدخلان بيوتنا فهذا النوع الجديد سيكون كزهرة عباد الشمس يستقبلها في كل ناحية تتولى إليها.

لماذا نعطس؟

هل من فائدة للعطاس؟ هذا هو السؤال الذي قد لا يجيب عليه كثيرون، لأنهم يجهلون التداوي بالعلاج الطبيعي، فالعطاس علاج للبرد فإن العطسة الواحدة ليست إلا هزة تعم الجسم كله ولا تقتصر على الأنف والرأس وحدهما، وفي أثر هذه الهزة ينبعث الدم بقوة في جميع شرايين البدن وبذلك تتغلب حرارة الهزة على تأثير البرد الدفين في أثناء الجسم، ونحن لا نعطس بأنوفنا إذ كانت رجة العطس تبتدئ في داخل الجسم وتنتهي إلى الأنف فتخرج هذا الصوت العنيف، وإذا مللت العطس وأردت أن تنتهي منه فتنفس بقوة مرتين أو ثلاثة فيزول العطس.