مجلة البيان للبرقوقي/العدد 32/تفاريق

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 32/تفاريق

ملاحظات: بتاريخ: 20 - 2 - 1917



غرامات الحروب

الحرب لعبة غاية الثمن، باهظة القيمة، وأغرب ما يذهب في سبيلها ما يسمونه غرامة الحرب، إذ لا يكفي المنهزم نكبة هزيمته، والنفوس التي ذهبت فدى لفكرة وهمية قامت برأس ملك أو برلماني أو جماعة من السياسيين، والملايين المنثورة التي خرجت من الجيوب لتدخل رصاصاً وقنابل وقذائف في جسوم القطعان الإنسانية المسوقة إلى المجزرة، بل ترى سنن الحرب تطالبه بعد كل ذلك بالغرامة، وشروط الصلح تلزمه المكافأة للغالب، والجائزة للمنتصر، فهو على حد المثل العلمي السائر موت وخراب ديار.

ولا أدري ماذا كان يقول أجدادنا الذين شهدوا الملايين العديدة التي ذهبت في حرب القرم أو الحروب النابولونية، إذا هم علموا أن كل ما ضاع في تلك الحرب يكفي إنجلترة في هذه الحرب أسبوعين لا غير، وإن جميع الملايين من الجنيهات التي صرفتها بريطانيا في حربها مع البوير لا تعدو أن تبلغ قيمة فاتورة واحدة من الفواتير التي يعمل حسابها لسبعة أسابيع فقط.

ولقد كان من ارتفاع ثمن هذه اللعبة الخطرة في العصر الأخير، إن ارتفع أيضاً ثمن الغرامة التي يدفعها المغلوب في ميدان هذه اللعبة.

ولعل القراء يذكرون أن الحرب السبعينية قررت الغرامة على فرنسا، وقد ظن الناس إذ ذاك أن مقدار هذه الغرامة كان قاسياً باهظاً ظالماً، إذ طالبتها بروسيا، بعد تسليم الألزاس واللورين، بغرامة مقدارها خمسة بليونات من الفرنكات فوق البيعة وإن يظل الجنود البروسيون محتلين الأرض الفرنسية حتى يومذاك إن فرنسا لن تستطيع ـن تفيه إلا بعد عشرين عاماً على الأقل. وإنها ستضطر كذلك إلى البقاء تحت قبضة الغالب. ولكن العالم لم يلبث أن أخذته الدهشة الكبرى إ رأى أن فرنسا استطاعت أن تدفع آخر فرنك وتجلي عن أرضها آخر جندي ألماني، في خلال سبعة أعوام. ولكن هذه الغرامة العظيمة، وإن كان حمل زنتها من الذهب يستلزم ثلاثين كتيبة من الجنود، أو ثلاثين طابوراً لا تزال أقل مقداراً مما تنفقه الدول المتحاربة اليوم في إثني عشر يوماً!!

على أنه لم تدفع أمة قبلها غرامة مثلها. فإن روسيا لما انتصرت على تركيا منذ أربعين سنة، قدرت النفقات التي صرفتها في سبيل هذا الإنتصار مائة وخمسة وأربعين مليوناً من الجنيهات، ولكنها لم تطالب تركيا إلا بغرامة قيمتها 32 مليوناً وهو وإن كان مبلغاً صغيراً كما يظن، يؤلف تسعة أكوام من الأوراق ذات الخمسة جنيهات، وكل كوم منها أطول من برج لندن.

أما الغرامة التي دفعتها النمسا عندما انتصرت عليها بروسيا عام 1866فلم تبلغ أكثر من ثلاثة ملايين، والغرامة التي دفعتها الصين لليابان فكانت 35 مليوناً وقد دفع آخر قسط منها بشيك واحد، ولعله أكبر شيكات الأرض إلى اليوم، إذ كان مقداره 11. 0080887 جنيهاً و15 شلناً وتسعة بنسات هذه غرامات الماضي، فماذا تظن أن ستكون غرامة هذه الحرب، وماذا تتوقع المقدار الملائم لها، إذا علمت أن مقدار النفقات التي سينفقها الحلفاء إذا ظلت الحرب ثلاث سنين ما يربي على عشرة بليونات من الجنيهات وهو مبلغ يتطلب لجره ثلاثة آلاف قطار من القطارات السريعة.

(وبعد) فماذا تقول لو أعطيت بنساً واحداً من كل جنيه منها؟؟

مقياس جديد للأمانة

خطر لإحدى المجلات النيويوركية أن تعلم مقدار إحساس الأمانة في نفوس أهل الولايات المتحدة. فاخترعت طريقة تعد من أبدع ما تخيل المتخيلون. وذلك أنها أرسلت مائة خطاب، كل خطاب منها يحتوي ورقة من ذات الريال الواحد، واختارت لهذه المائة رسالة طوائف معينة من الناس وأعدت لكل طائفة خمسة خطابات، ثم أرسلت الرسائل جميعاً إليهم، بحيث تدل المرسل إليهم أن الرسائل قد وقعت إليهم خطأً واتفاقاً، وكانت تريد أن تعلم كم شخص سيرد الرسالة التي أرسلت إليهم غلطاً، فكانت النتيجة إن 60 في المائة هم الذين ثارت في نفوسهم الأمانة، وبلغ منهم الوفاء أن ردوا الرسائل إليها.

وإليك البيان: ـ

قائمة النساء

5 نسوة من ذوات البسطة في العيش 4 نسوة هن اللاتي رددن

5 ممثلات 3

5 من العاملات على التايبرريتر 3 5 مدرسات 4

من أصحاب المحلات التجارية الناجحة 5

5 من نساء مختلفات 3

5 من فتيات المصانع 3

5 من الطبيبات 3

5 من المشتغلات بالمحاماة 3

5 من المراضع 3

فتكون النتيجة أن 33 امرأة هن الأمينات من 50 امرأة

الرجال الذين ردوا لم يردوا

خمسة رجال من ذوي البسطة في العيش 3 2

خمسة من المحامين 4 1

خمسة من الأغنياء 4 1

خمسة خمارين أو أصحاب حانات 1 4

خمسة من المرشحين (بالكسر) 3 2

خمسة من أعضاء البرلمان 3 2

خمسة من الصحفيين 4 1

خمسة من الأطباء 2 3

خمسة من الشرطة 3 2

خمسة من الممثلين 4 1

حقائق غريبة عن الإنسان والبيض

قد دلت الأبحاث الأخيرة على أن ألفاً من البيض ومائتي بيضة تحتوي جميع العناصر الكيماوية الموجودة في الإنسان الذي يزن مائة وخمسين رطلاً، وهو الوزن المتوسط للرجل الكامل، ولكن هذا ليس معناه أنك إذا صنعت قرصاً من 1200 بيضة، أحدثت بذلك إنساناً، ولكنا نريد بذلك أن العناصر الكيماوية الموجودة في ذلك القرص تعادل قيمة الموجود منها في الإنسان. فإذا أصر إنسان على أن لا يأكل في حياته إلا البيض استطاع أن يحصل منه على الأحماض الكيماوية المطلوبة للحياة ولكن الجهاز الهضمي لا يستطيع أن يهضم طعاماً كهذا دائماً، ولذلك لا يلبث أن يتعثر هذا الإنسان في المرض، ولا يني أن يموت، إذا لم يتغير هذا الطعام.

وإذا تحول الإنسان سائلاً، أمكن لك أن تظفر منه بنحو 3630 قدماً مكعباً من غاز الإستصباح والهيدروجين، أو ما يكفي لأن يملأ بالوناً يحمل 155 رطلاً.

وإذا أمكنك أن تستخرج كل عنصر من العناصر الموجودة في الجسم الإنساني. استطعت أن تظفر منه بحديد يكفي لصنع عدة من المسامير الكبيرة الحجم، وشحم يصلح لصنع 14 رطلاً من الشمع. ومن الرصاص ما تستطيع أن تخرج به 9360 قلماً من الرصاص أو 65 قاروصة - والقاروصة اثنا عشر دوزينة - ومن الفوسفور ما يفي لعمل 820 ألفاً من أعواد الكبريت، وفوق ذلك تجد عشرين ملعقة من الملح وخمسين رأساً من السكر و42 لتراً من الماء. وكذلك تعلم أن الجسم البشري ليس إلا معملاً كيماوياً كبيراً. ولكن 120 بيضة تكفل هذا المقدار، وبعد فإذا علمت أن الدول بحاجة شديدة اليوم إلى الحديد والرصاص والفوسفور والشحم وجميع هذه الأصناف، فأنت ولا ريب ترى أن تستخرجها من البيض - على ارتفاع أثمان البيض في هذه الأيام - خيراً من أن تستخرجها من الناس، أليس كذلك؟؟