مجلة البيان للبرقوقي/العدد 38/مطبوعات جديدة

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 38/مطبوعات جديدة

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 1 - 1918



ماجدولين - ابن الرومي - ديوان رامي

1

ماجدولين

أهدى إلينا صديقنا الكاتب الأديب السيد مصطفى لطفي المنفلوطي نسخة من كتابه الذي أسماه ماجدولين أما السيد المنفلوطي ككاتب فسيفرد له البيان مقالاً على النحو الذي نحوناه في الكلام على أحمد لطفي السيد بك، وأما هذه ماجدولين فقد قلنا في العدد الماضي أنها للكاتب الفرنسي ألفونس كار واسمها الأصلي - تحت ظلال الزيزفون - أملاها على السيد حضرة صاحب العزة محمد فؤاد كمال بك ثم صاغها السيد هذه الصياغة التي هي آية في الإبداع بعد أن تصرف فيها بالحذق والزيادة حتى أصارها كأنها من وضعه لا من وضع ألفونس كار، وهذا ضرب من ضروب الترجمة يشبه لاقتباس، فنحث القراء على اقتناء هذه القصة الفلسفية المؤثرة التي هي من أبدع حسنات السيد - وثمنها 15 قرشاً صاغاً وهي تطلب من جميع المكاتب.

2

ديوان ابن الرومي

كان من أكبر أماني الأدباء والمتأدبين أن يطبع ديوان هذا الشاعر الكبير المنقطع النظير قبل أن تعبث يد العثّة بتلك النسخة الخطية الوحيدة الموجودة في دار الكتب السلطانية، فانتدب لهذا العمل العظيم وزير الكبير والعالم العامل حضرة صاحب المعالي أحمد حشمت باشا وزير المعارف الأسبق واستقل بطبع هذه الديوان على الرغم من الصعاب التي تكتنفه من نحو غلاء الورق وطول الديوان وسقم النسخة الخطية وكثرة التحريف الذي لحقها من جراء جهل النساخين، وأظهر منه اليوم جزءاً كبيراً يقع في نحو من ستمائة صفحة من قطع البيان مطبوعاً على ورق جيد صقيل أحسن طبع وأنظفه، وقد ضاعف إحسانه حفظه الله بأن شرح هذا الديوان وشكله شكلاً تاماً وعهد بذلك إلى حضرة الأستاذ الشيخ محمد شريف سليم أحد أساتذة اللغة العربية وناظر مدرسة المعلمين - دار العلوم - فوضع الأستاذ شرحاً كافلاً ببيان غامضه وحل مشكلة، ويظهر أن الأستاذ لقي من شرح ابن الرومي الأمرّين ووقع منه في كبد أيّ كبد ومن ثم انتشر عليه الأمر وذهب في أكثر شرحه مذهب ذلك الشيخ الذي أنشد قول العباس بن الأحنف:

قلبي إلى ما ضرني داعي ... يكثر أسقامي وأوجاعي

كيف احتراسي من عدوي إذا ... كان عدوي بين أضلاعي

إن دام لي هجرك يا مالكي ... أوشك أن ينعاني الناعي

فلما سمعها بكى، ثم قال: هذا شعر رجل جائع في جارية طباخة مليحة، فقيل له من أين قلت ذاك، قال لأنه بدأ فقال - قلبي إلى ما ضرني داعي - وكذلك الإنسان يدعوه قلبه وشهوته إلى ما ضره من الطعام والشراب فيأكله فتكثر علله وأوجاعه وهذا تعريض، ثم صرح فقال - كيف احتراسي. . . البيت - وليس للإنسان عدو بين أضلاعه إلى معدته فهي تتلف ماله وهي سبب أسقامه وهي مفتاح كل بلاء عليه، ثم قال - إن دام لي هجرك. . . البيت - فعلمت أن الطباخة كانت صديقته وأنها هجرته ففقدها وفقد الطعام فلو دام ذلك عليه لمات جوعاً ونعاه الناعي. . . . .

ولسنا الآن على نية أن نتعقب هذه الهنوات التي يخطئها العد والتي لو عرضت على ابن الرومي وكان حياً لكان بطن الأرض أحب إليه من ظهرها ولكنا نذكر هنا مثالاً منها إلى أن يوفق الله بعض الأدباء فيستدرك على الكتاب الأخطاء التي جعلتنا نرحم الأستاذ ونرثي له وإن كان الأستاذ معذوراً في ذلك العذر كله لأنه لم يدفع إلى مضايق الشعر، ولا يفهم الشاعر عمرك الله إلا شاعر مثله والأستاذ ممن غذى بلبان الحقائق العلمية والقواعد الثابتة المقررة وعلى ذلك نشأ ثم توفر أخيراً على العمل الإداري وألف نظامه الحسي الواقعي فكيف وتلك حاله تراه ينساب مع مثل ابن الرومي ويستطيع أن يبعد معه في تصوراته الشعرية الخيالية - أما المثال الذي نذكره هنا ونجتزئ به الآن فهو البيت الذي حير الأستاذ وجعله في غماء من أمره وهو البيت الذي أقامه وأقعده وأتى به في كلمته الافتتاحية مثالاً من الأمثلة التي تعترضه في الديوان وتربكه ثم هو بحذقه يخرجها أحسن تخريج. . . وهو هذا البيت الذي جاء في وصف الموز.

يشهد الله إنه لطعام ... خرّ هيّ يغازل الحسناء

قال الأستاذ فكلمة (خرهي) بالخاء لا توجد في العربية وليست من المعرب ولا الدخيل فقلبتها على صور شتى من (خزهى) إلى (حرهى) إلى (جزهى) إلى (حرهى) وهلم جرا وصرت أراجع المعاجم فلم توافق قط صورة من هذه الصور صحة المعني إلى أن اهتديت إلى أنها (جرهى) نسبة إلى (جرهة) وهي البلحات وما أشبهها في قمع واحد ولا شك أن الموز كذلك، ثم أن مغازلة الموز الحسناء لا معنى له فيشبه أن تكون كلمة (يغازل) محرفة عن (يماثل) بظهور المماثلة بين الموز والحسناء في العذوبة والحلاوة وحسن اللون ولين الملمس وما أشبه ذلك، فصار البيت بعد هذا التصحيح.

يشهد الله أنه لطعام ... جرهى يماثل الحسناء

فأنت تراه هنا قد تعسف تعسفاً شديداً حتى عمى الأمر على القارئ وأدجنت سماء البيت مع أن البيت في أصله صحيح وكل ما هنالك أن الميم خرجت في الخط مخرج الهاء وصواب الكلمة - خرّمى يغازل الحسناء - والخرمية نسبة إلى بابك الخرمى الخارجي المشهور الذي قتل بعد ولادة ابن الرومي بقليل وهي كلمة فارسية معناها الفرح والسرور ويسمون نحلتهم لذلك دين الفرح، وقد لقيت الدولة العباسية من هذا الرجل عننا، وهم يبيحون النساء قاطبة لا فرق ثمة بين الأم والأخت والبنت، وتلك نزعة مجوسية وهي منشأ مذهبهم، فشبه ابن الرومي الموز بأنه طعام خرمى يستهوي الحسان ولا يتحرج من إثم شأن تلك الطائفة لأنه عند الشاعر من الفرح والسرور حتى عدا الظفر به فوزاً وعد فوته موتاً كما ذكر ذلك في هذه القصيدة وفيها من المبالغات شيء كثير، ألا ترى أن الشاعر قال (يشهد الله أنه لطعام الخ) فلم يشهد الله على أنه كذلك لولا أن الأمر أكبر من أن يكون وصفاً ساذجاً طبيعياً (جرهياً). . . . ولا يخفى أن تلك العبارة لا تقال إلا في الأمور العظيمة من حلال وحرام، وعندنا أن ابن الرومي قصد من الخرمية معنى أبعد من ذلك وأدق في الوصف وأبلغ في الإشارة وأشبه بابن الرومي الذي يحوم كثيراً في شعره حول الحاسة الجنسية ومتعلقاتها، وذلك المعنى يتعلق بصفة الموزة في شكلها وخلقتها. . . . وهذا من خبث ابن الرومي وفحشه وكم له من مثلها وأقبح منها تلميحاً وتصريحاً.

(وبعد) فإنا نكتفي بهذا الآن ولا بد لنا إن شاء الله من عودة نستقصي فيها هفوات الأستاذ - على أن الديوان خليق بأن يقتني وما على المتأدبين إلا أن يستقلوا بأذهانهم ولا يعتمدوا كثيراً على الشرح في تفهم معنى ابن الرومي - والكتاب يباع بعشرين قرشاً صاغاً وهو يطلب من جميع المكاتب.

3

ديوان رامي

نعرف من الأستاذ أحمد أفندي رامي خريج مدرسة المعلمين الناصرية وأحد أساتذة المدارس الأميرية اليوم شاعراً غزلاً مطبوعاً عذب الروح يأبى إلا أن يكون شاعراً من جميع نواحيه كأنه يجاري العباس بن الأحنف الشاعر الغزل الذي كان كله شعراً وظرفاً وطبعاً يتدفق، وقلباً من قلوب الطبيعة يخفق، فكأن الخنساء عنتهما إذ تقول في أخيها صخر:

جارى أباه فأقبلا وهما ... يتعاوران ملاءة الحضر

حتى إذا جد الجراء وقد ... لزّت هناك القدر بالقدر

وعلا هتاف الناس أيهما ... قال المجيب هناك لا أدري

برقت صحيفة وجه والده ... ومضى على غلوائه يجري

أولى فأولى أن يساويه ... لولا جلال السن والكبر

ومن ثم ترى الشاعر الشاب رامي لا يكاد يتصرف في شيء من معاني الشعر عدا الغزل وما ينظر إلى الغزل كما كان الشاعر الشيخ العباس بن الأحنف وإذا كان بعض النقدة يبهرجون شعر رامي لسهولته ولأنه خلاء من الجزالة والفخامة والعمق والروعة وكثير من المحسنات البيانية فقد كان بعض نقاد الشعر أزمان العباس بن الأحنف يستبردون شعره ولكن شعر ابن الأحنف عاش على الرغم من ذلك وسيعيش ما بقى محب في الأرض، وقد طبع اليوم الشاعر رامي ديوان شعره طبعاً نظيفاً حسناً على ورق جيد وجعل ثمنه خمسة قروش ويطلب من جميع المكاتب.

تصحيح الأغاني - تصحيح لسان العرب

أهدى إلينا أخيراً حضرة الفاضل الشيخ محمد عبد الجواد الأصمعي نسخة من تصحيح الأغاني وأخرى من تصحيح لسان العرب، أما الأول فإن الذين قرأوا كتاب الأغاني سواء أفي النسخة الأميرية أم النسخة الساسية، يعرفون أنه وقع فيه أغلاط مطبعية كثيرة جداً ولاسيما الساسية فرأى الأستاذ الأصمعي أن يطبع تصحيح الشيخ الشنقيطي الذي استدرك به أغلاط النسخة الأميرية ثم زاد الشيخ الأصمعي أن بين مع ذلك هذه الأغلاط عينها في النسخة الساسية - وبقي بعد ذلك ما تفردت به الساسية - وأما تصحيح لسان العرب فهو لحضرة صاحب العزة العالم الفاضل أحمد بك تيمور طبعه كذلك الأستاذ الأصمعي - فخليق بكل من يقتنى لسان العرب والأغاني أن يبادر باقتناء هذه الكتابين، وثمن كل منهما ستة قروش، ويطلبان من صاحبهما الأستاذ الأصمعي بمكتبة حضرة صاحب السعادة أحمد زكي باشا بباب الخلق بالقاهرة.

أغلاط مطبعية

وقع في هذا العدد أغلاط مطبعية يجمل بالقارئ الكريم أن يصححها هكذا، ففي صفحة 60 في أبيات المعري هو الدهر بفتح الراء والصواب ضم الراء وفيها أيضاً وضعت الدال من يعود في السطر الأول والصواب وضعها في أول السطر الثاني لأن في هذه الأبيات تدويراً وفي صفحة 64 فؤادي وصوابها فؤادك وفي صفحة 68 رفع العمل والصواب دفع العمل وفي صفحة 70 بالحذق وصوابها بالحذف وفي صحفة 71 هذه الديوان والصواب هذا الديوان وفي صفحة 72 (في بعض النسخ) لا شاعر إلا شاعر وعلى ذلك ممن نشأ وصوابها على ذلك نشأ وبظهور المماثلة وصوابها لظهور المماثلة.