مجلة الرسالة/العدد 10/التجديد في الأدب

مجلة الرسالة/العدد 10/التجديد في الأدب

ملاحظات: بتاريخ: 01 - 06 - 1933



حول مقال الأستاذ أحمد أمين

للدكتور عبد الوهاب عزام

قرأت المقال الثاني الذي تكلم فيه الأستاذ عن (التجديد في العبارة) فرضيت آراء وأنكرت أخرى.

وأول ما آخذ على المقال أنه لم يحكم تحديده فالقارئ يحس أن كاتبه أراد أن يعالج التجديد في المعنى والعبارة معاً.

يقول الأستاذ في مستهل مقاله (واليوم أعرض لضرب آخر من ضروب التجديد وهو التجديد في العبارة. وأعني بالعبارة الجملة التي يؤدى بها المعنى على اختلاف ألوانها من حقيقة ومجاز وتشبيه واستعارة وكناية.) ولست أدري كيف يكون التجديد في التعبير الحقيقي؟ الحقيقة لفظ مستعمل فيما وضع له. فإذا أتفق معنى لشاعر في الجاهلية فأداه بألفاظ حقيقية ثم وقع المعنى بعينه لشاعر معاصر فأراد الإبانة عنه بلفظ حقيقي لم يمكن التجديد في الأداء إلا بالإسهاب أو الإيجاز وليس هذا ما يريده الأستاذ، أو بإيثار لفظ حقيقي على آخر مثله وهذا يرجع إلى بحث الألفاظ الذي فرغنا منه في مناقشة المقال الأول، إذا أراد شاعر معاصر أن يبين بألفاظ لا تجّوز فيه عن قول القتال الكلابي:

ولما رأيت أنني قد قتلته ... ندمت عليه أي ساعة مندم

لم يستطع هذا تغييراً يلائم العصر الحاضر، ولم يواته إلا أن يضع أبصرت مكان رأيت أو أسفت موضع ندمت أو يقدم أو يؤخر في الكلمات. وليس هذا هو التجديد في العبارة الذي عناه الأستاذ. أي تجديد في العبارة يستطيعه قائل يريد أن يترجم عن هذا المعنى.

يقيم الرجال الأغنياء بأرضهم ... وترمى النوى بالمقترين المراميا

إنما يمكن التغيير في المجازات والكنايات والتشبيه والتمثيل مما يمكن فيه تأدية المعنى الواحد بطرق مختلفة، وتصوير الحقيقة الواحدة بصور شتى وألوان عدة تنجلي فيها أثر الخيال والمعايش المختلفة، والأزمان والبلدان المتباينة. وهو موضوع لا يغني فيه الإجمال ولا غنى به عن التفصيل:

1. بعض المجازات والكنايات جرت مجرى الحقائق حتى نسي أصلها أو كاد. ولا يدرك فيها التجوز أو الكناية إلا بالبحث والرجوع بالكلمات إلى أقدم أصولها المعروفة. وذلك مثل أسبل المطر، فلان زميل فلان. وأرهقه العمل، وراض نفسه على الأمر، ودهماء الناس، وأمثال هذا مما شاع استعماله حتى ساوى مجازه الحقيقة أو غلب عليها فلم يبق المعنى الحقيقي شاهداً بأصل الاستعمال ودالاً على التجوز في غيره، كما يعرف التجوز في قولنا زلّ في رأيه، وزرع المودة في قلبه، وسمع زئير الحرب، ببقاء هذه الألفاظ معروفة ذائعة الاستعمال في معانيها المحسوسة. وحكم هذا المجاز حكم الحقيقة لا تجديد فيه ولا تغيير على الأسلوب الذي يريده الأستاذ أحمد أمين.

2. وأما المجازات التي يظهر فيها التجوز، ويبين فيها التخيل فبعضها يخترعه الكاتب البليغ الذي يحس في نفسه المقدرة على تصريف الكلام وخلق العبارات. وهذا مأخوذ من عقل الكاتب، أو المتكلم وإحساسه وعلمه كما يسمي الجمل سفينة الصحراء ويسمي الرجل الجريء أسداً وذئباً الخ. وكما يسمى أحدنا الغواصة مثلاً نسر الماء، ومنطاد زبلين حوت الهواء، ويقول عن خبر فظيع جاءه بالتلغراف: هذه إحدى صواعق البرق، ويشبه الرجل العليم بأخبار العالم وأحواله بالراديو الخ. وينبغي ألا ننسى أن علم الإنسان وعقله ليسا مقصورين على البيئة التي يعيش فيها بل من هذه البيئة ومما رأى أو سمع عن بلادٍ غابرة أو حاضرة، وأمم ذاهبة أو قائمة. فقد يسوغ للكاتب المصري أن يستمد مثلاً أو تشبيهاً مما يعرف عن أمم الإسكيمو أو مما عرف عن الأمة المصرية القديمة أو الأمة العربية قبل الإسلام، أو من خرافات اليونان الأقدمين. فإذا قال عن رأي سيئ يظهر بمظاهر مختلفة أنه غول متلونة أو عن فكرة سخيفة في نفس باردة أنها كواحد من همج الإسكيمو يقطن بيتاً من الثلج لم يكن لأحد أن يقول له: أنك لم ترى الغول ولا عاشرت الإسكيمو فينبغي أن يكون بيانك خالياً من التشبيه بهما. وإنما شرط هذا أن يكون مصدر المجاز أو التمثيل معروفاً لا يقف بالقارئ عند غموض أو إغراب.

وضرب من المجازات وما إليها ينشا هذه النشأة ثم يذيع وتتداوله الأجيال حتى يصير مظهراً لبيان الأمة وخيالها لا لخيال كاتب أو متكلم كالذي ورثناه في لغتنا عن بلغاء العربية في الجاهلية والإسلام.

وهذا جدير بالاستعمال، فكل كاتب أو متكلم أن يتوسل به إلى البيان وإن كان مصدره غريباً غير مألوف، بل ينبغي المحافظة عليه بما يبين عن تاريخ الأمة وحياتها في طور من أطوارها.

فلا عيب أن يقول القائل: أخذه برّمته، وترك حبله على غاربه، وما له خف ولا حافر، ورموا عن قوس واحدة، وأعطى القوس باريها، وألقى عصاه، والقافلة تسير والكلاب تنبح، كالمستجير من الرمضاء بالنار، كمهدي التمر إلى هجر، أعقد من ذنب الضب، أعدى من الشنفري، مرق مروق السهم، أختلط الحابل بالنابل، أهدى من القطى، وهلم جرا.

ولغات الأمم الأخرى حفظت كثيراً من عاداتها وتاريخها ولست أضرب مثلاً باللغة الفارسية أو التركية أو الأردية فهي لغات شرقية لا تصلح حجة في هذا العصر، ولكن أضرب مثلاً من اللغة الإنكليزية والفرنسية: يقال في الإنكليزية لمن يبالغ في كلامه: (ينزع في القوس الطويلة) ولمن يخير بين أمور عدة: (عنده أوتار لقوس واحدة) وهذه العبارة الأخيرة في اللغة الفرنسية أيضاً. ويقال في الإنكليزية في تقدير المسافة: (على رمية سهم) كما يقال في العربية (مقدار غلوة). ويقال في الفرنسية لمن يتوسل إلى غايته بكل وسيلة: (يبري سهاماً من كل خشب). وأمثال هذا كثير. فما منع الإنكليز والفرنسيين استبدالهم بالأقواس والسهام آلات الحرب الحديثة منذ مئات السنين، أن يبقوا على العبارات التي حدثت في عهد الأقواس والسهام.

لست أقول ينبغي أن نلزم العبارات القديمة ونأبى كل عبارة حديثة فلا أحد يستطيع أن يحول بين الناس وبين الإبانة عما في أنفسهم بوسائل مشتقة من حياتهم ولكني أخشى أن تكون الدعوة إلى الجديد دعوة إلى هجر القديم، ونحن في هذا العصر، عصر الفتن أحوج ما نكون إلى التمسك بالقديم، والاستمساك دون التهافت في التقليد، والضلال بين القديم والجديد. ومن يمعن النظر في صحفنا ومنشآت طلبتنا يعرف كيف تركنا كثيراً من عباراتنا الجيدة الموروثة إلى عبارات غثة ضعيفة لا تكاد تبين عما وراءها.

ثم يتكلم الأستاذ عن مسايرة الأدب الغربي للزمن ووقوف الأدب العربي، فيقول: (ذلك بأن الأدب الغربي ساير الزمان وأعترف بكل ما حدث فيه وأستمد منه، على حين أن الأدب العربي الحديث أغمض عينيه عن كل ما كان، ولم يعترف بوجوده الخ).

ولو رددنا الأمور إلى نصابها وتجاوزنا ظواهر الأمور إلى بواطنها ما رأينا في هذا قصور الأدب العربي، ولا عجز أدباء العربية بل عرفنا فيه قصورنا في العلوم والفنون الحديثة أو حداثة عهدنا بها. الأدب ترجمان الحياة العامة فهو لا يتناول مسائل علم واصطلاحاته حتى تشيع أوليات هذا العلم بين الأمة شيوعا يدخل مصطلحاته في لغةالتخاطب0 ولا ينبغي للأديب أن يدخل في الأدب المسائل العلمية أو الأسماء التي لا تزال مقصورة على العلماء المختصين بها. فإذا جاوزتهم إلى جمهور الأمة ودخلت في لغة الكلام ساغ للأديب أن يتناولها. في الكيمياء، مثلاً، مسائل عويصة لا يعرفها إلا علماء الكيمياء فهذه المسائل ستبقى وقفاً على العلماء مخبوءة بين أجهزة الكيمياء، ولن تخرج إلى لغة الخطاب العامة فتدخل في الأدب إلا أن تصير الأمة أو جمهورها من علماء الكيمياء. وهناك مسائل من أوليات هذا العلم كصفات الأحماض وتأثير بعض العناصر في بعض.

وهذه تدخل في اللغة العامة وتتهيأ للدخول في الأدب حين يشيع في الأمة علمها فلا يختص بها الكيميائيون. ومن أجل هذا تجد طلاب الفلسفة أو الطب أو النحو يتفكهون بتشبيهات من هذه العلوم لا يفقهها غيرهم إذ شاع علمها بينهم وصلحت للدخول في لغة تخاطبهم. وإذا رجعنا إلى تاريخ الأدب العربي عرفنا أن اصطلاحات الفلسفة والمنطق وغيرهما لم تدخل في الأدب أول عهد المسلمين بهذه العلوم. ثم شاعت بعض قضاياها واصطلاحاتها فساغ لأبي نؤاس وأمثاله أن ينظموها في شعرهم. كما قال أبو نؤاس:

تأملُ العينُ منها ... محاسناً ليس تنفد

فبعضها (يتناهى) ... وبعضها (يتولد)

فالتناهي والتولد من اصطلاحات الفلاسفة، وكما قال البحتري:

وكأن الزمان أصبح (محمولاً) ... هواه مع الأخس الأخس

فهو فيما أظن يشير إلى قول المنطقيين إن النتيجة تتبع أخس المقدمتين. وكقول المعري:

طرق العلى مجهولة فكأنها ... (صم العدائد) ما لها (أجذار)

أدخل في شعره من أسماء الحساب العدد الأصم والجذر وكقول الفارابي في اصطلاحات الهندسة:

وهل نحن إلا خطوط وقعن ... على كرةٍ وقع مستوفز

محيط السماوات أولى بنا ... فماذا التنازع في المركز؟ وقد يكفي في هذا أن تشيع القضية العلمية بين المتأدبين من الأمة ولا ينتظر بها أن تشيع بين الجمهور. ولا يتسع المجال للإفاضة في البيان هنا.

ومهما يكن الأمر فقد غلا الأستاذ إذ قال: (أما الأدب العربي فيحارب مترليوزا بقوس وسهم، ويضيء في أدبه سراجاً بزيت والناس قادمون على أن يغيروا المصباح الكهربائي بخير منه ويبكي الأطلال ولا أطلال، ويحن إلى سلع ولا سلع ويستطيب الخزامي والعرار ولا خزامي لدينا ولا عرار.) هل يستطيع أستاذنا أن يعرفنا بشاعر أو كاتب في مصر أو الشام والعراق يفعل هذا؟

ويقول الأستاذ: (وسبب آخر من أهم الأسباب في فقر الأدب العربي في التعبير. هو أن الأدب العربي الحديث أدب أرستقراطي لا أدب شعبي.) وأنا لا أخالف هذا الرأي في جملته ولكن لي فيه مآخذ.

(1) ليس حقاً أن أحاديث الخاصة من متعلمينا وتنادرهم وفكاهاتهم باللغة العامية. فأحاديث الخاصة من المتعلمين أقرب إلى لغة الكتابة من اللغة العامية. ومراقبة مجلس الأدباء والعلماء تشهد بما أقول.

وفي هذا نفسه بيان خير الوسائل إلى ما دعا إليه من (إزالة الحواجز القوية بين العامية والعربية على أي وجه يرضاه قادة الأمة.) وذلك أن قرب أحاديث الخاصة من لغة الكتابة يبين لنا الطريق التي ينبغي أن نسلكها لإزالة هذه الحواجز. فليس لنا من وسيلة إلا أن ترقى العامة حتى تستطيع أن تفهم عن الخاصة إذا حدثتها. فكلما شاع التعليم في الأمة ارتقت العامة إلى مستوى أقرب إلى لغة الأدب. ونحن اليوم سائرون في هذه السبيل وقد سمعت في السنين الأخيرة جماعة من العامة وأشباه العامة يخطبون ويتكلمون بلغة لا تخالف لغة الكتابة إلا قليلاً. وآلاف المتعلمين من طلاب مدارسنا وآلاف القارئين الذين يستطيعون مطالعة الصحف والكتب عاملون كل يوم للتقريب بين العامية والفصحى.

(2) ثم قد غلا الأستاذ حين قال: (وكل أمة قد كسبت من توحيد لغتها الكلامية والكتابية ما لا يقدر، فقد أصبح الشعب كله منتجاً أدباً وتعبيراً قوياً.) ليس في العالم شعب ينتج كله أدباً قوياً ولا يزال الخاصة من الأدباء هم منتجي الأدب وأئمته، بل أتفه الأدباء أقربهم إلى العامة. فلا يزال عند الأوربيين فوارق بين أدب العامة وأدب الخاصة وستبقى هذه الفوارق ما دام اختلاف العلماء والجهال في عقولهم ومشاعرهم. وكل الذي نبغيه أن يلتقي العامة والخاصة في مقدار من الأدب مشترك هو أعلى ما تسمو إليه العامة وأدنى ما تنزل إليه الخاصة. ولن يزول الفارق بين الأدبين أبداً.

وكيف يوفق الأستاذ بين دعوته إلى أن يساير الأدب العلم وتستحكم الصلة بين كلية الآداب وكلية العلوم وبين دعوته إلى توحيد الأدب والمساواة فيه بين الخاصة والعامة. أيمكن أن يكون جمهور الأمة آخذاً بحظه من كلية العلوم أيضاً.

(3) ثم الفكاهات والنوادر. يقول أستاذنا الفاضل. (حسبك دليلاً على ذلك أن النكت والنوادر، وهي من أهم أركان الأدب، لا تجد منها سائغاٍ في أدبنا العربي عشر معشار ما تجد في الأدب العامي. وإن النادرة تحكى بالعامية فنضحك إلى أقصى حد ثم تحكيها باللغة الفصحى فتخرج باردة تافهة)

نظر الأستاذ إلى هذه القضية من جانب واحد. والحق أن النكتة تبلغ مبلغها فيما وقعت فيه من حال وعبارة. فالذين يشهدون الواقعة المضحكة أو يسمعون الكلمة المضحكة أكثر ضحكاً لها ممن رويت لهم في غير أحوالها أو بغير ألفاظها، بل ينطق الرجل بالكلمة فيضحك لها الناس فإذا رواها غيره بلفظها في مثل حالها لا تبلغ من النفوس ما بلغته أول مرة لما فاتها من أثر القائل الأول. فإذا اختلفت العبارة فأحرى أن يختلف التأثير. فإذا ترجمت الفكاهة من لغة إلى أخرى ضاع أثرها كله أو بعضه وإذا نقلتها من عبارة إلى أخرى في لغة واحدة لم تبق على حالها الأول. فإن تكن النكت العامية تبرد إذا نقلت إلى العربية الفصحى فكم من نادرة فصيحة تموت إذا نقلت إلى العامية. وكثير من فكاهات الجاحظ و (كتاب الحمقى والمغفلين) لأبن الجوزي لا يمكن نقلها إلى العامية؛ فالفكاهات المتعلقة بالنحو والعروض والفقه ونحوها وكثير منها يضعف أثره وإن أمكن نقله. وإلا فكيف تترجم إلى العامية هذه العبارات:

قال رجل للحسن يا أبى سعيد. فقال كسب الدرانيق شغلك عن أن تقول يا أبا سعيد. وقدم رجل من النحويين رجلاً إلى السلطان في دين له عليه فقال أصلح الله الأمير لي عليه درهمان. قال خصمه: لا والله أيها الأمير إن هي إلا ثلاثة دراهم لكنه لظهور الإعراب ترك من حقه درهماً واعتبر كل ما في كتب الأدب من ملح تجد أكثرها يجري هذا المجرى.

ولا ريب أن لغة التخاطب ولغة الكتابة أو لسان العامة ولسان الخاصة كانا متقاربين في عهد الجاحظ ولم يكن بينهما ما بين الفصيحة والعامية اليوم. ولكن الفكاهات إذ ذاك كانت كما هي اليوم لا تصلح للنقل من لغة إلى أخرى. قال الجاحظ:

(ومتى سمعت حفظك الله بنادرة من كلام الإعراب فإياك وأن تحكيها إلا مع إعرابها ومخارج ألفاظها. فإنك إن غيرتها بأن تلحن في إعرابها وأخرجتها مخرج كلام المولدين والبلديين خرجت من تلك الحكاية وعليك فضل كبير. وكذلك إذا سمعت بنادرة من نوادر العوام وملحة من ملح الحشوة والطغام فإياك وأن تستعمل فيها الإعراب أو أن تتخير لها لفظاً حسناً الخ)

وكذلك يقول قدامة بن جعفر في كتاب نقد النثر: (وللفظ السخيف موضع آخر لا يجوز أن يستعمل فيه غيره. وهو حكاية النوادر والمضاحك وألفاظ السخفاء فإنه متى حكاها الإنسان بغير ما قالوه خرجت عن معنى ما أريد بها وبردت عند مستمعها).

(4) وبعد فلا ينبغي أن تسف لغة الآداب العالية إلى مستوى العامة بل يجب أن ترقى العامة إلى مستوى لغة الآداب أو ما يقرب منه. على أن هذا التباعد بين ما يسميه الأستاذ (الأدب الأرستقراطي) وما نسميه (الأدب الشعبي) مظهر واحد من مظاهر الاختلاف بين عامتنا وخاصتنا، بين الفريقين تفاوت عظيم في العقل والمعرفة والأزياء والمساكن وطرائق المعيشة. ولا بد من تقريب المسافة بين العامة والخاصة في هذا كله قبل أن يشتركا في لغة واحدة ويستمتعا بأدب واحد فإن الأدب الصحيح ترجمان معيشة الأمة.