مجلة الرسالة/العدد 1001/رسالة الشعر

مجلة الرسالة/العدد 1001/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 08 - 09 - 1952



أنا والحياة

للأستاذ حسين عبد الفتاح سويفي

أي شيء يا حياتي فيك يدعو للحياة؟

كل شيء فيك يهتاج بكائي وشكاتي

مل جفني من دموعي وشكا من عبراتي

كل شيء في حياتي غارق في الظلمات

ألسنا الوضاء معنى لم يلج في خطراتي

أي شيء يا حياتي فيك يدعو للحياة؟!

هذه النار التي تسري بروحي ودمائي

والأعاصير التي قد عكرت صفو هنائي

والأحاسيس التي تعشق دمعي وبكائي

والتعلات التي كانت عزائي ورجائي

والأماني التي لم تغنني أي غناء

كلها مجتمعات عجلت يوم فنائي

من أنا هذه الدنيا؟ أنا طير غريب

ضل في البيد فلا مأوى ولا عش قريب

بين جنبي جراح ليس يشفيها طبيب

وفؤاد ظامئ اللهفة موصول الوجيب

لم أجد في الكون قلبا عاطفا بين القلوب

لهف نفسي لحبيب مخلص - أي حبيب

ظامئ الروح ولكن أين كأسي وشرابي؟

أين آمالي. وأوهامي. وأحلام شبابي؟

أين حلو الصفو ما بين رفاق وصحاب؟

أين ما أملت من تلك الأماني العذاب؟ لم أنل غير عنائي وشقائي وعذابي

واجتراري الليل يمضي بين سهد وانتخاب

ها هي الآلام تدعوني فعذار يا رفاقي

هل رأيتم كيف يسقيني من الآلام ساق؟

هل رأيتم كشرابي؟ أنه مر المذاق

من مزيج اليأس والحرمان والدمع المراق

وسعار اللهفة الظمأى ونيران المآقي

أيها الآلام كفي بلغت روحي التراقي

من أنا في هذه الدنيا؟ أنا العاني الشريد

أنا من قد مل العيش في هذا الوجود

أنا من قد عاش في الأسر وفي ظل القيود

أنا من قد عاف طعم الذل في أرض العبيد

ثائر النفس على كل قديم وجديد

إنني أجهل نفسي. لست أدري ما أريد؟!

فاضت الكأس فخلوني أبث الطرس وجدي

لم يعد ينفع صبري. ولا يغني التحدي

قد قطعت العمر والأيام في أخذ ورد

وطموح في الأماني لانهيار وترد

وشكاة من حياتي وزماني المستبد

مل من شجوى صحابي وحملت الهم وحدي

يا ربيع العمر ماذا فيك من روح الربيع

هذه شمس حياتي قد حبت قبل الطلوع

يحجب الأنوار عن عيني سحاب من دموعي

ودخان من قنوط ثائر بين ضلوعي

كلما أوقدت شمعي أطفأ الدهر شموعي يا ربيع العمر كم ذا فيك من يأس مريع

هل رأيتم مثل صبري في الورى صبرا عجيبا

أكتم الأشجان في نفسي وأخفيها ضروبا

ثم أبدو بين صحبي مرحا طلقا طروبا

أمسك القلب على الوجد وأخشى أن يذوبا

وأداري اللوعة الكبرى ولا أشكو لغوبا

إن أكن أذنبت فهل لي أن أتوبا

حسين عبد الفتاح سويفي