مجلة الرسالة/العدد 1005/طيف الهجرة
مجلة الرسالة/العدد 1005/طيف الهجرة
للدكتور زكي المحاسني
سكنوا الديار وبغتة برحوا ... والنور يسطع حيثما نزحوا
ذهبوا مع الريح الغداة وما ... عادوا فليت بوصلهم سمحوا
أترى على يطحائهم بطلا ... متلثما وكأنه شبح
ماجت عليه البيد في نفر ... جابوا الرمال وبالسرى سبحوا
غنوا فرد القفر لحنهمو ... فحداؤهم بالبيد منطرح
قف بي على آثارهم فهمو ... شغلوا الفؤاد وبالهوى جرحوا
شاق الأولى قبلنا طلل ... وقفوا عليه ودمعهم سفحوا
بأبي المهاجر وهو ذو فرح ... يسري؛ وكل مهاجرة ترح
من فارق الطغيان حق له ... أن يستخف فؤاده المرح
ورعاه نجم منذ مولده ... هو نجمه ذاك الذي لمحوا
آكام يثرب ضاحكته دجى ... فلأهلها بطلوعه فرح
تركوا الغبوق لبشر طلعته ... وبوجهه دون الطلى اصطبحوا
أمهاجراً والبغي يتبعه ... وصاحبه الأبرار ما رزحوا
من كان للفتح المبين سما ... لم يثنه الأعداء أن فدحوا
يا صاحب الصديق وارفة ... ذكراك، منها القلب منشرح
عادت، وهب العرب من رمم ... ولعودة الأمجاد فد طمحوا
كان الطغاة بأرضهم فجلوا ... متعسفين وفي الهدى جمحوا
لا تدعهم يوما إلى خجل ... فيما بغوا، لا يخجل الوقح
ويحا صلاح الدين هل رجعت ... حرب الفرنج وهل بها لفحوا
خدعوا الشعوب بسلمهم ولكم ... غالوا السلام وباسمه ذبحوا
إنا جنحنا للوفاء وهم ... لريائهم ومطالهم جنحوا
نصراً رسول الله إن لنا ... قوما لكل جليلة كدحوا
صبروا على مر الخطوب وفي ... يوم الوغى أرواحهم منحو مرت بي الذكرى كطيف هوى ... والذكريات مرورها ملح
فطرقت باب الوالهين وبي ... شجن يناديهم فهل فتحوا
أسمعتم بأحبتي هتفوا ... ويذكرهم في حيهم صدحوا
روحي تطيف بأفقهم ولها ... عبر الفضا والغيب منسرح
نار تسعرني وتبردها ... أنفاسهم هلا بها نفحوا
إن عزني الكتمان بعد همو ... فأخو الهدى المشبوب مفتضح
أنبت في الشكوى فحق لهم ... هجري فليت على النوى صفحوا
زكي المحاسني