مجلة الرسالة/العدد 1009/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 1009/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 03 - 11 - 1952


َرِيدُ الأَدَبِي

حديث لا يستدل به

يقول الأستاذ الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين (الأهرام

27101952): (في سنن أبي داود من حديث عائشة أن أختها

أسماء دخلت على النبي وعليها ثياب

رقاق، فأعرض عنها وقال: يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض

لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفه).

قال الحافظ المنذري: فيه حديث منقطع وخالد بن دريك لم يدرك عائشة. وقال القرطبي: فيه انقطاع. وقال الكوثري: في سنده سعيد بن بشر وهو ضعيف، وفيه أيضا عنعنة بغض المدلسين. ولو صح لكان ترك عائشة العمل به علة قادحة تمنع من الأخذ به عند جمهور السلف، لأنه صح عنها تفسير (الأدناء) في الآية الكريمة، بإبداء عين واحدة وستر سائر الوجه، كما صح مثل ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وعبيدة السلماني - وارث علوم علي ابن أبي طالب وابن مسعود، والذي كان يخضع لعلمه وفهمه مثل القاضي شريح الذي استمر على قضاء الكوفة ستين سنة من عهد عمر - رضي الله عنهم. . ويقول عبيدة هذا أخذ جمهور السلف.

واحتج الأستاذ الأكبر بحديث في تفسير جرير. وليس كل خبر في تفسير الطبري بصحيح. فمن المقرر أن المؤلفين السالفين إذا رووا خبراً وذكرواً رجاله سقطت التبعة عنهم بذكر رواته. وعلى العلماء نقد رجاله والاحتجاج به إذا سلموا من الجرح، وطرحه ومنع الأخذ به إذا لم يسلموا من ذلك.

محمد محمد الحيدري

جلوب والجيش العربي وحرب فلسطين

اطلعت على الكلمة الأستاذ الفاضل عبد القادر رشيد الناصري المنشورة ف عدد 1005 من الرسالة الغراء، وبما أني أعتبر نفسي من جنود العرب الأحرار الذين شهد معركة فلسطين واطلعوا على مؤامرات جلوب، فإنني أرى من واجبي أن ألبي نداء الأستاذ الناصري وأعلق على كلمته بالكلمة التالية:

دأب الجنرال جلوب على الإدلاء بتصريحات عسكرية إلى المراسلين الأجانب فقط، وذلك لتضليل الرأي العالمي وطمس الحقيقة عن أعين الغرب. ولطالما زعم وافترى أن الجيش العربي كان قليل العدد ضعيف العدة، مع أن الجيش كان عشرة آلاف مقاتل، يملكون من الأسلحة والذخائر ما نريد على ما كان بحيازة الجيش اليهودي بأسره. والجنرال جلوب كقطب كبير من أقطاب الاستعمال في العالم العربي لا يجرؤ على ذكر العوامل التي دفعته إلى رفع علم الهجوم والسير في طليعة الجيش العربي عندما زحف إلى الرطبة وبغداد وطعن الجيش العراقي من الخلف عام 1941، في حين أنه قبع في قيادته بعمان وأحجم حتى عن زيارة جبهات القتال في معركة فلطين إلا بعد انتهاء الحرب وتوقيع الهدنة المشؤومة، ثم لا نسمع منه أبدا أي تعليق على الخسائر التي مني بها الجيش العربي الذي - بحسب ادعائه - تحمل العبء وحده، مع أن الحقيقة الثابتة أن 60 % من خسائر الجيش العربي وقعت في منطقة القدس التي كان لي شرف إدارة الحرب فيها بكتيبة واحدة بغير إرادة جلوب، مما أدى إلى انتصارنا على اليهود وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية، في حين أن بين كتائب الجيش كلها لم تخسر سوى40 % من الإصابات، والسبب واضح جلي، وهو أن قادتها كانوا من الضباط الإنجليز الذين نفذوا أوامر جلوب ولم يشتركوا بكتائبهم في حرب جدية في أية معركة.

أما المدفعية التي يتحدث عنها جلوب في تصريحه، فقد كانت

قوية في الجيش العربي، ولم يكن لدى اليهود مدفع واحد حتى

وقوع الهدنة الأولى؛ غير أن هذه المدفعية كانت تحت قيادة

مساعدة (لاش) الذي حال دون اشتراكها معنا في المعركة

لاحتلال المناطق اليهودية من القدس الجديدة، مما أدى إلى استنجاديباللواء مصطفى راغب قائد الجيش العراقي في

فلسطين فزارني في قيادتي بالقدس في 881948، ووعد

بتزويدي بالمدفعية اللازمة مع لواء مشاة كامل لاحتلال القدس

الجديدة، ولكنه لم يتمكن - لأسباب سياسة - من تحقيق وعده.

. فاستقال وعاد العراق.

ويتناسى جلوب مؤامراته التي كان يدبرها وينفذها (ميجر لوكث) ضد الجيش المصري في منطقة بيت لحم والخليل، وخطته الجهنمية للقضاء على القوات المصرية في الفلجة. إن لهذا القطب الاستعماري الحق في أن ينفذ أوامر حكومتهالصادرة إليه من لندن، ولكن الشيء العجيب حقا أن يخرج في عمان، وخاصة في الجيش العربي، بعد كل الذي وقع بسببه من كوارث في الماضي القريب!

عبد الله التل

حاكم القدس سابقاً

وعود الأمس. . ووعود اليوم

كم من وعود وعدها الفلاح في الماضي السنين، ولم يتحقق منها كثير ولا قليل!

كان نوابه يعدونه بمختلف الإصلاحات، ليظفروا بصوته، حتى إذا أخذوا مكانهم تحت قبة البرلمان لم يروه. . ولم يراهم!

وكانت الحكومات المتعاقبة، والوزارات المتتابعة، تعده بالكثير. . . فلطالما سمع أن الحكومة ستعمل على رفع مستوى المعيشة في القرى، والنهوض بالفلاح.

ولطالما سمع أن الحكومة ستعمل على تعميم مياه الشرب النقية في القرى. . . وأن الحكومةستعمل على تخفيف أعباء الضرائب عن كواهل الفلاحين!

وانقضت السنون والفلاح هو الفلاح. . والقرية هي القرية! الفلاح هو الفلاح، يعيش في ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج يده لم يكد يراها.

والقرية هي القرية، أهملت مرفقها، وعاشت عيشة البؤس والحرمان.

وإذا بكل تلك الوعود وعود عرقوب!!

هذا في العهد البائد، أما في العهد الجديد فقد أفاق الفلاح على دعوة الحرية، فإذا بالحال غير الحال، وإذا بأرضه تعود إليه، فيعود معها الخير واليمن. . وإذا بالملاك الذين كانوا يمتصون دما يهوون من فوق عروشهم أذلة صاغرين!

لقد وجد الفلاح من ينصفه، ويرد إليه حقه المسلوب. . فما أبعد الفرق بين وعود اليوم ووعود الأمس، التي لم تكن إلا كسراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاء لم يجده شيئاً.

عيسى متولي

تعقيب

في (البريد الأدبي) للرسالة الغراء في العدد (1005) كتب صديقنا الشاعر البغدادي الأستاذ عبد القادر رشيد الناصري كلمة يخطئ فيها لفظة (جرجر) في بيت الشاعر الأديب الفيتوري في قوله:

(نجرجر) خلفنا التاريخ أشلاءً وأكفاناً

ويشير إلى أن اللفظة تومئ إلى غير المعنى الذي أراده الأستاذ الفيتوري وهو الجذب والسحب؛ وإنما هي بمعنى الهدير يردده الفحل أو البعير. . الخ

وأقول: من المعلوم في نشوء اللغة وتطورها أن المفردات نشأت على هجاء واحد - أي على حرفين - محاكاة للطبيعة أوله متحرك وثانيه ساكن ثم جاء المصاعف الثلاثي والرباعي. وأنت تقول (صر) محاكاة لصوت صرار الليل. ولما كان الحرف الأخير على الوقف - أي ساكناً - لا يستبينه السامع بعد أو قرب؛ قلت: صر بتحريك الساكن الثاني في الأصل. ولما أردت أن تفهم السامع أن الصرار كان يكرر صوته ويرجعه ويردده مرة بعد مرة قلت: صرصر فأسكنت الراء الأولى على الأصل وضاعفت.

وعليه فلفظة (جرجر) في أصلها صحيحة على المعنى الذي أراده الشاعر وهو الجذب والسحب أو بمعنى أصح الجر المتكرر المتثاقل الطويل المبعدة.

ويقول الأستاذ الناقد في قول الفيتوري:

لقد عدنا. أجل عدنا. . ولكن عودة (المقصور) (وقد فتشت القواميس فلم أجد معنى لكلمة (المقصور)، فما معناها يا أستاذ؟).