مجلة الرسالة/العدد 1017/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 1017/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 29 - 12 - 1952



باكستان لا غير

قرأت في عدد الرسالة (1015) كلمة قيمة للأديب الباكستاني محمد كاظم سباق. يذكر فيها أن الأدباء والكاتبين ليسوا على رأي واحد في جواز تحلية كلمة (باكستان) بالألف واللام فيقال (الباكستان) أو امتناع هذه التحلية فيقال باكستان لا غير، وذكر أن قواعد النحو العربي تمنع صرف هذا الاسم للعلمية والعجمية، وبناءا على هذا لا يجوز عربية أن يرفع بأل. ثم طلب في ختام كلمته إلى أحد أساطين النحو في بلاد العروبة أن يفصل في هذه المسألة بحكم قاطع يرفع هذا الخلاف، حتى تكون باكستان محل وفاق لفظا، كما هي في حقيقتها محل اتفاق وائتلاف. هذا ويسرني أن أجيب الأديب الباكستاني عما طلب. فقد راجعت كتب النحو المعول عليها قديما وحديثا مثل شرح الرضى على كافية ابن الحاجب، وشرح ابن يعيش على مفصل الزمخشري، وشرح السريافي على كتاب سيبويه وغيرها من كتب القواعد، فلم أجد أحد من علماء العربية أجاز إدخال (أل) على مثل هذا العلم من الكلمات التي نطق بها العرب على لفظها الأعجمي. والمراد بالأعجمي ما خالف لغة العرب لا خصوص اللفظ الفارسي. سواء في هذا أعلام النواحي وأعلام البلاد أو غيرها. من ذلك أذربيجان وخرا سان وسجستان وجرجان وأصبهان وتركستان. فهذه كلمات وأمثالها يمتنع تعريفها بالألف واللام لأنها معارف بالعلمية ولا يجتمع في الكلمة معرفان. إذا تقرر هذا علمنا أن باكستان بدون أل هو الصواب ليس غير.

عبد الحميد عنتر

النهلست ليست الفوضى

جاء في مقال الدكتور عمر حليق المنشور في العدد 1014 من (الرسالة) الغراء ما يلي:

(. . . ومن هنا يفسر علماء النفس الاجتماعي تقبل العقلية الروسية للمبدأ الفوضوي (النهلستي). . .)

أما أي الكلمتين أصح، الفوضي أم الفوضوي، فنترك البت في ذلك للعلامة اللغوي الأستاذ أحمد حسن الزيات. ولكني وددت أن الفت نظر الدكتور إلى أن الفوضوي غير النهلستي.

وما دمنا نبحث بحثا علميا فينبغي ألا نخلط بين كلمتين، تكون كل منها مذهبا سياسيا لوحده، كان له أنصاره ومشايعوه، وأعداؤه ومناهضوه.

فكلمة الفوضوي مأخوذة من المذهب المسمى في اللغة وقد عرفه قاموس لاروس بما ترجمته:

(نظام سياسي واجتماعي ينمو فيه الفرد بحرية متحررا من كل وصاية أو حكومية؛ أو هي حالة شعب لا رئيس له، وحيث السلطة الحكومية مغلولة أو معطلة أو هو اضطراب وفوضى.)

وجاء في هذا القاموس تعريفا لكلمة النهلستية ما ترجمته:

(إن الكلمة مأخوذة من اللاتينية التي تعني التلاشي والعدم وإلغاء كل شيء. وإنكار كل اعتقاد. . .)

وكذلك ورد في قصة الكاتب الروسي تورنجنيف (الآباء والبنون) التي نقلتها إلى العربية الأستاذ ذا النون أيوب، شبه هذا التعريف، أنقله كما ورد في النسخة الفرنسية ممزوجا بالحوار:

' ' , ,

'

وعرف كلمة أنها رأي أو نظرية الفوضويين فما رأي البحاثة الدكتور عمر حليق؟

أكرم فاضل

(الرسالة) الاسم المقصور الرباعي الساكن الثاني كفوضي ينسب إليه بحذف الألف أو بقلبها واو.

طه حسين بين الأدب والسياسة:

قرأنا تحت عنوان (طه حسين بين الأدب والسياسة) بالعدد الرقيم 1015 من الرسالة ما كتبه الأديب عبد اللطيف فايد معقبا على ما كتبه كاتب من الكتاب في صحيفة المصري مفتريا على الحقائق عن علم وعمد، ثم تعليقكم كذلك وقد دافعتم عن الحق وأنصفتم مستحق الإنصاف.

وأرجو أن تسمحوا لي بأن أعلق على ما كتبه هذا الكاتب فأقول: إن هذا الكلام لم يكتب عن إيمان ولا اقتناع؛ ولا هو كتب كذلك عن جهل، بل كتبه عن علم وعمد بأنه يخالف الواقع وحقيقة الحال مخالفة صارخة، بل إن هذا الكلام قد كتب عن هوى آثم. فالذي يتصدى للكتابة في الصحف عن العلوم والفنون وعن الأدب والأدباء لا يمكن أن يجهل حقيقة طه حسين ولا أن يكون مقتنعا بمثل هذا الذي تضمنه المقال. وليس ذلك في مصر فحسب بل في الشرق كله. ولا تحسبنا مبالغين إذ نقول أنه ما من أديب أو ناقد اليوم في مشارق الأرض ومغاربها يجهل حقيقة طه حسين ويمكن أن ينساق إلى ما انساق إليه الكاتب فيصف الأستاذ العميد بمثل ما وصفه الكاتب. ورأيي أن المقال كان جديرا بأن يهدر جملة ولا يعلق عليه ولا يشار إلى كاتبه برغم أنكم صححتم الأوضاع واعترفتم لصاحب الفضل بفضله وسجلتم صفحة فخار مجيد لعميد الأدب، فاعتقادنا الكاتب بمقاله أراد شيئا غير ما تضمنته عباراته من كلمات ومعان، أراد به أن يثير معركة أدبية يكون هو بطلها! ولا عليه أن يكون ذلك على حساب رجل ظاهر الفضل كريم عف القلم عف اللسان. وثمة نفوس تستهويها الغاية ولا تعبأ بالوسيلة.

ألم يبلغ علم الكاتب أن طه حسين كان الكاتب المضطهد في عصر الملكية وأنه كان يسافر إلى الخارج فيحال بينه وبين العودة إلى الوطن وتشترط في سبيل عودته الشروط.

ألم يبلغه أن طه حسين كان يكتب في كبرى صحف مصر فتتدخل السراي - أو يتدخل أذنابها - ليحال بينهم وبين هذه الكتابة، وأن اللجان المختصة كان يقع اختيارها على كتبه لتقرأ أو تدرس في المدارس أو تكون محل تقدير فيتدخل كذلك ليحال دون هذا الاختيار أو يحال دون تنفيذ القرار؟

كان على الكاتب أن يتقي الله في الناس. فطه حسين مثل يحتذي في الإصرار على الحق والثبات على المبدأ والاعتزاز بالكرامة.

ولعل من اليسير أن يعلم الناس - فما بالنا بالأدباء والنقاد والكتاب - أن انضمام الدكتور إلى الوزارة الوفدية كان لها نصرا بل كان لها فخرا. وقد سعت إليه كل السعي وهو قد قبلها تحت تأثير فكرة واحدة هي تنفيذ السياسة التي يعتنقها في التعليم؛ وبرغم حرصه على تحقق فكرته ومنهاجه فإنه لم يسع إلى الوزارة أبدا. وقد كان بين أفراد قلائل لم يفسدهم الحكم ولا غير من طبعهم المنصب. وأخيرا لقد كان واحد اثنين أثنى على عملهما يوم أقيلت الوزارة الأستاذ الكبير الزيات: والزيات كما يعلم الناس يزن ألفاظه بميزان غاية في الدق وغاية في الحساسية وشهادته شهادة حق وعدل.

وبعد فهذا هو طه حسين كما هو وكما يعلمه الناس. . فليبحث كاتب المقال عن شيء آخر يلفت به نظر الناس إليه.

بالإسكندرية

محمود وصيف

الوجبة قديماً وحديثاً

الوجبة عند العرب: الأكلة ونحوها كل يوم وليلة. يقولون: أكل وجبة إذا أكل مرة واحدة في كل أربع وعشرين ساعة ولا يقولون أكل وجبتين أو ثلاث وجبات في اليوم. وأما الآن فتستعمل الوجبة في كل أكلة في أي وقت من أوقات الفطور أو الغداء أو العشاء فيقولون تناول وجبتين أو ثلاث وجبات في اليوم وتناول وجبة الفطور أو الغداء أو العشاء: وهذا الاستعمال صحيح وإن خالف الوضع العربي لأن العبرة بعلة التسمية؛ ألا ترى أن العرب سموا الأكلة الواحدة في كل أربع وعشرين ساعة وجبة لأنها قد وجبت أي حقت وثبتت ولزمت وحلت وجاء ميعادها وهم حددوه بيوم وليلة. ونحن سمينا الأكلة الواحدة كل ست ساعات مثلا وجبة لما سبق فالعلة واحدة وهي الوجوب أي حلول الميعاد، والخلاف محصور في التحديد والتعين وهذا لا يؤثر في صحة الاستعمال. ألا ترى أن (الحاجب) قديما هو بواب الملك أو الخليفة وكان موظفا كبيرا له شأنه، وهو الآن عبارة عن بواب لموظف كبير، وهو معدود من الخدم والسعاة! وعلة التسمية متوفرة وهي الحجابة والحراسة وإن تفاوتت اصطلاحا ولا معارضة في الاصطلاح الحديث خصوصا إذا كان لا ينافي الاصطلاح القديم.

علي حسن هلالي

بالمجمع اللغوي