مجلة الرسالة/العدد 1018/تعقيبات
مجلة الرسالة/العدد 1018/تعقيبات
للأستاذ أنور المعداوي
جان بول سارتر والشيوعية:
بالأمس كان جان بول سارتر زعيم الوجوديين في فرنسا خصماً للشيوعية؛ خصماً لا أحسبني غالياً إذا قلت إن الشيوعيين لم يلقوا لوطأته مثيلاً على طول ما تعرضوا له من حملات الخصوم. ذلك لأن سارتر كاتب أحدث من الدوي في العصر الذي نعيش به ما لم يحدثه كاتب آخر، حتى ليمكنك أن تقول إنه أكثر الكتاب المعاصرين شهرة وأوسعهم نفوذاً وأبعدهم تأثيراً في نفوس الجماهير! من هنا لم تستطع الشيوعية أن تتجاهل خطورته ولا أن تتغاضى عن خصومته فمضت تحاربه وتحارب أثاره بكل سلاح. . حاولت أن تغض من قدره كفيلسوف له في الفلسفة مذهب، وحاولت أن تقلل من أهميته كأديب له في الأدب طريقة، وحاولت أن تسخر من جهوده كإنسان له في المجتمع رسالة! قالت عن فلسفته في (الوجود والعدم) إنها فلسفة العدم ولا شئ سواه، وقالت عن أدبه إنه أدب الانحلال وإنه خطر على الحضارة، وقالت عن رسالته الاجتماعية إنها رسالة الأثرة والأنانية لأنها تحصر اهتمامها في الفرد دون أن تلتفت إلى المجموع؛ وخلاصة هذا كله إن سارتر كاتب يخون شرف الثقافة! قالت هذا وحاولت ذاك والهدف البعيد واضح ومقصود، وهو أن تثير في النفوس عاصفة من الشك وفي الأذهان زوبعة من القلق حول كل ما يدلي به زعيم الوجوديين من أراء وأفكار، حتى إذا ما نجحت في هذا الذي تهدف إليه فقد انهارت ثقة الناس في صدق ما يوجهه إلى الشيوعية من هجوم!!
ترى هل نجحت الشيوعية فيما قصدت إليه من وراء حملاتها على الوجودية وحققت هدفها المنشود؟ كلا! والسبب إنها تلجأ إلى المغالطة وتسرف في الادعاء حين تحاول النيل من زعيم الوجوديين على النحو الذي صورناه. . إن سارتر حين يدافع عن حرية الفرد في التفكير والتعبير واختيار لون الحياة الذي يريد، لا يدافع عن حرية فرد بعينه حتى يجوز للشيوعيين أن يتهموا أدبه بأنه أدب الذاتية والفردية. إنه يدافع عن حرية كل فرد ومعنى هذا إنه يدافع عن حرية المجموع؛ وفي ضوء هذه الحقيقة تتضح لك المغالطة التي تهدف إلى غرض معلوم! إن رأى سارتر الذي يؤمن به ولا يتحول عنه هو إن حق الفرد في ظل النظام الشيوعي مهدر وأن حريته ملغاة؛ حقه في أن يعيش على الوجه الذي يحب وحريته في أن يفكر ويعبر بالأسلوب الذي يشاء، لان الشيوعية قد رسمت خطوط اتجاه فكرية معينة ثم فرضتها فرضاً على الحياة العقلية والاجتماعية. . إلغاء لحرية مقررة وإهدار لحق مشروع، وهذا هو مبدأ الخلاف أو الجوهر الخصومة بينه وبين الشيوعيين!
لقد أخرج سارتر للناس يوماً نظرية في الأدب هي نظرية (الالتزام) وخلاصتها إن الأدب يجب أن يكون صورة صادقة للجو الذي يحيط به، أن يكون مرآة صافية للمجتمع الذي ينتسب إليه؛ أن يكون لساناً معبراً للجيل الذي يعيش فيه. . . وهذه هي التبعة التي يجب أن يتحملها الأدب وهو عنها مسؤول. على الأديب أن يتصل بما حوله اتصالاً كاملاً حتى لا يكون بمعزل عما يعانيه مجتمعه من مشكلات، سواء أكانت مشكلات اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية. عليه أن يشارك بقلمه في رسم صورة أمينة لتلك المشكلات وعليه أن يشارك برأيه في كل ما تحتاج إليه من حلول، وهذا هو التزام الأدب وهذه هي رسالة الأديب! إن سارتر ينكر أدب الأبراج العاجية أو هذا الأدب الذي لا يعبر عن أحزان الناس وأفراح الناس، وحاجة كل فرد إلى أن يعيش حر الرأي وحر العقيدة وحر الحياة. . ترى هل تستطيع أن تهضم بعد هذا كله قول الشيوعيين بأن رسالة سارتر هي رسالة الأثرة والأنانية، لأنها تحصر اهتمامها في الفرد دون أن نلتفت إلى المجموع، وأنه تبعاً لذلك كاتب منحرف ضال يخون شرف الثقافة؟! يوم أن طلع سارتر على القراء بنظرية الالتزام في الأدب هتف الشيوعيين: إذا كانت هذه هي أهداف سارتر وهي نفس أهدافنا فلماذا لا ينضم إلى الحزب الشيوعي فيريح ويستريح؟! قالوها ونسوا أن زعيم الوجوديين قد طالب في نظريته الالتزامية بحرية الفرد كاتباً وبحريته قارئاً وهو يحدد رسالة الكتاب والقراء. . إن الكاتب في رأي سارتر يجب أن يكون حراً فيما يكتب، وأن القارئ يجب أن يكون حراً فيما يقرأ، وبهذا وحده يتاح للأدب أن يكون ملتزماً حين يعبر عن مشكلات المجتمع وحين يبحث لهذه المشكلات عن علاج. وما دامت الشيوعية في رأيه لا تتيح للكاتب والقارئ مثل هذه الحرية فما أبعد الشقة بينها وبينه وما أعمق هوة الخلاف، بل ما أعجب هذا المنطق الذي يخاطبه به الشيوعيين!!
في سبيل حرية الفرد خاصم سارتر الشيوعية بالأمس فاتهمته بأن هذه الخصومة لم تكن ثمرة العقيدة ولا وليدة الإيمان، وإنما كانت إرضاء خالصاً وامتثالاً صادقاً لاتجاهات السياسة الأمريكية؛ هذه السياسة التي تساعد كل استعمار على استعباد الأحرار. . تهمة عجيبة قد تجوز على الذين لا يفرقون في القضايا المنطقية بين كذب النتائج وصدقالمقدمات: سارتر ليس شيوعياً، والشيوعية الروسية ضد الرأسمالية الأمريكية، وإذن فسارتر أمريكي العواطف بلا جدال! هذه القضية المنطقية تصح وتستساغ إذا صحت هذه القضية الأخرى واستساغتها الأذهان: أنت لست غنياً، والغنى كما لابد أنتعرف ضد الفقر، وإذن فأنت فقير بلا مراء! ونترك هذا الاتهام (المنطقي) لنقول ونحن نعني ما نقول: إن سارتر الذي هاجم الشيوعية من أجل حرية الفرد قد هاجم من أجل هذه الحرية نفسها (عدالة) الأمريكيين. . عدالة الأمريكيين في معاملة الزنوج وتعريضهم لكل مظهر من مظاهر الهوان!!
خيانة لشرف الثقافة. . ومن الخيانة لشرف الثقافة أيضاً أن يتحول سارتر عن موقفه بالأمس ليكون نصيراً للحزب الشيوعي الفرنسي في هذه الأيام! تحول عن موقفه لأنه لا يريد أن يتحول عن مبادئه؛ مبادئه التي فرضت عليه أن يدافع عن حرية الفرد ولو كانت حرية الخصوم. . لقد وقف زعيم الوجوديين إلى جانب الشيوعيين في فرنسا حين تعرضوا لألوان متعددة من التعسف وضروب مختلفة من الاضطهاد، تمثلت في اعتقال زعمائهم تارة وتفتيش دورهم تارة أخرى ومصادرة آرائهم تارة ثالثة! ومع هذا كله يغالط أنصار الشيوعية محاولين أن يوهموا الناس بأن سارتر اليوم قد أفاق؛ قد استيقظ من سبات عميق؛ قد أمن بعد كفر واهتدى بعد ضلال؛ قد حافظ على شرف الثقافة بعد أن خانها بالأمس خيانة منقطعة النظير. . قالوها حين دافع في فرنسا عن حرية كل فرد في الأُسرة الشيوعية وحين دافع في فينا عن حرية كل فرد في الأُسرة الإنسانية، هناك حيث وقف في مؤتمر الشعوب ليزلزل بكلماته أفكار دعاة الحرب الأمريكيين!!
إن جان بول سارتر لم يخن شرف الثقافة، وإنما الذي خان هذا الشرف هم هؤلاء الذين يشوهون الحقائق، ويضللون القراء!!
فرانسوا مورياك وجائزة نوبل:
في مثل هذا اليوم من العام الماضي وفي مجلة (الكتاب)، كتبنا مقالاً عن (الأثر الفني بين الفهم والتذوق) وردت فيه هذه الكلمات:
(هل قرأت قصة لفرانسوا مورياك؟ إنها قصة لا تطالعك بتلك الطاقة القصصية الضخمة التي تطالعك بها آثار كاتب مثل دستويفسكي أو بلزاك، ولا بذلك التصميم الفني الدقيق الذي يشير إلى قدرة الملكة القاصة على السير بخط الاتجاه التفكيري في طريق مرسوم، ولا بذلك (الفهم) الواسع الذي يحيط بصور الحياة ليفرغها بعد ذلك في إطار. . ليس فيها شئ من هذا كله، ولكن فيها الفنان الذي يعيش في موضوع قصته؛ يعيش فيه بكل جوارحه وكل عواطفه وكل همسة روح تخفق بين حناياه. إنه القصاص الذي (يتذوق) الحياة في لحظاتها النفسية النادرة، التي لا يفطن إليها غير أصحاب الوعي العميق!
هناك لحظة من تلك اللحظات النادرة التي أشرت إليها في قصة مورياك؛ وقبل أن أقف بك عند تلك اللحظة ألخص لك موضوع القصة بصراعها النفسي في كلمات، لأن موضوعها هو موضوع العلاقة (الخالدة) بين كل أم وكل زوجة ابن، تحتدم في أعماقهما المعركة حول الرجل الذي تربطه بالأولى روابط البنوة وتصله بالثانية صلات الزوجية؛ هذا الرجل الذي يقف بين (العدوتين) موقف الحائر المتردد الذي تتعرض حياته في كل وقت لهبوب العواصف والأعاصير، وتنقضي حين تنقضي وهي نهب مشاع للمتاعب والآلام. . الابن هنا وهو فرنان كازيناف، رجل ضعيف العزم مسلوب الإرادة يعطف على زوجته ولكنه لا يستطيع أن يجهر بهذا العطف، خوفاً من الأم التي بقيت له بعد وفاة أبيه وطبعته منذ صباه الباكر بطابع الخضوع والرهبة؛ فهو لا يستطيع أن يجادل ولا يعترض ولا أن يقف في وجهها عندما تتعقد الأمور! والأم كازيناف، امرأة تحب ابنها برغم قسوتها عليه، وما كانت قسوتها تلك إلا نتيجة لهذا الحب الذي تريد به الأمومة أن تملك وأن تحكم وأن تستأثر، وألا يشاركها في هذه العاطفة المتأججة نحو ابنها إنسان! والزوجة هي ماتيلد كازيناف، فتاة لقيت من ظلم الحماة وإهمال الزوج وقسوة الحياة ما ينوء به الطوق ويرفض معه الصبر وتخور منه العزائم. . ومع ذلك فقد صبرت، واحتملت، ولفيت متاعب العيش بالرضا القانع والصبر الجميل!
وتمضي القصة في طريقها لتصور لك أدوار الصراع؛ الصراع الذي انتهى بموت الزوجة بعد عملية وضع قوضت من الجسد المنهار آخر حصن من حصون المقاومة أو آخر معقل من معاقل الكفاح؛ الكفاح ضد قسوة البشر ووطأة الحياة! ولقد ماتت وحيدة؛ لا همسة عطف من الابن، ولا نظرة رثاء من الأم، ولا موعد لقاء مع رحمة القدر. . وحين انتهى كل شئ، وسكنت كل حركة، ودفنت في تراب الموت كل خصومة، استطاع فرنان كازيناف أن يصعد إلى حجرة الشهيدة، وأن يحس لذع الندم، وأن يوجه إلى أُمه كلمة عتاب!!
ويا لها من لحظة تلك التي يصور فيها مورياك موقف الزوج النادم أمام الجثة المسجاة. . إنها اللحظة النادرة من لحظات (التذوق) العميق لمشهد من مشاهد الحياة منعكساً على صفحة النفس والشعور. لقد وقف فرنان أمام جثة الشهيد وكأنه يقف أمام قديس يعترف له بما جنت يداه، بما اقترف من إثم، بما حمل من ذنوب. . رباه! من أغمض عينيه كل تلك الأعوام فلم ير هذا الجمال؟ ومن أغلق قلبه كل تلك السنين فلم ينعم بهذا الصفاء؟ وهذا الطهر، وهذا الصبر، وهذا الإيمان؛ هذه القيم الإنسانية من حال بينه وبينها حتى لكأنه يبصرها لأول مرة، ويستشعرها لأول مرة، وينكشف له منها في لحظة عابرة ما غاب عنه فيما مر من أيام دنياه؟! آه لو يستطيع أن يفعل شيئاً لهذا الجسد؛ الجسد الذي احترق في موقد العذاب، وتألم، وحمل من الشقاء فوق ما يحمل طوق الأحياء؟ شيئاً ولو كان صغيراً ضئيلاً لا قيمة له، يشعره بأنه قدم إليه في رحاب العدم ما عجز عن أن يقدمه في رحاب الحياة؟! إنه يريد الآن أن يعبر للجسد المسجى عن عطفه؛ عطفه الذي لم يستطع أن يعبر عنه في يوم من الأيام! ولقد قدر له أن يعبر عن هذا العطف حين خطر (لذبابة هائمة أن تستقر على الوجه النبيل). . لقد انتفض كالمصعوق ليرد العدوان الآثم عن تلك البقعة (الآمنة)! البقعة التي يجب ألا (تقلقها) بعد الآن هجمات المعتدين!!
هذا هو الأثر الفني بين الفهم والتذوق ممثلاً في قصة فنية. . إن مورياك في هذه القصة كما قلنا لك، لا يطالعك بذلك (الفهم) الواسع الذي يحيط بصور الحياة ليفرغها بعد ذلك في إطار، ولكنه يطالعك بذلك (التذوق) للحياة في لحظاتها النفسية التي لا يفطن إليها غير أصحاب الوعي العميق! تلك اللقطة النادرة في جملة عابرة؛ اللقطة المتمثلة في تصوير الندم والشعور به، وفي الإيحاء بالذنب والتكفير عنه؛ وتلك الزاوية الفريدة التي أختارها ليركز فيها ذلك الإيحاء بكلمات قليلة موجزة قوامها (الذبابة التي استقرت على الوجه النبيل). . كل هذه القيم التعبيرية التي ارتفعت بالمشهد النفسي إلى آفاق متسامية من الفن، تستطيع أن تختصرها في معنى واحد هو المحور الكبير الذي ندور حوله منذ البداية، ونعني به (التذوق الشعوري) الكامل في الأثر الفني حين يتحول إلى تجربة داخلية كاملة في النفس الإنسانية!) هذا هو ما قلناه عن مورياك في عام 1951، وها نحن نعيده اليوم لأن الكاتب الفرنسي قد ظفر بجائزة نوبل للأدب عن عام 1952، ولأن الأكاديمية الملكية السويدية قد خصته بهذه الجائزة (لما يمتاز به أدبه من تحليل عميق للنفس، ولما يتسم به فنه القصصي من قدرة على التعبير عن الحياة الإنسانية). إنك حين ترجع إلى هذا الميزان الذي أقمناه لفن مورياك ونحن نتحدث عن الأثر الفني بين الفهم والتذوق، ثم تعود إلى هذا الميزان الآخر الذي أقامته له الأكاديمية الملكية السويدية وهي في معرض التقدير والتبرير، لا تكاد تجد فارقاً بين الميزانين إلا في الألفاظ المعبرة تبعاً لاختلاف الصور وتنوع الأساليب!
ومع ذلك فإن هناك ضجة في فرنسا حول هذه الجائزة الضخمة التي ظفر بها مورياك؛ ضجة يثيرها خصوم الكاتب الفرنسي من الأدباء والنقاد: يقول الوجوديون إنه كاتب (ذاتي) ولم يكن في يوم من الأيام من الكتاب (الملتزمين)! ويقول الشيوعيون إنه كاتب (رجعي) ولم يكن في يوم من الأيام من الكتاب (التقدميين)!
ويقول فريق ثالث غير هؤلاء وأولئك إنه كاتب (متأمل) وليس بالكاتب (المفكر)! ولهذه الأسباب مجتمعة ومتفرقة يتهم مورياك ويعترض عليه ويثار من حوله الغبار، أما أنهكاتب ذاتي فهذا حق لا مراء فيه وإنه ليعترف بهذه الذاتية، وأما أنه رجعي فحق آخر لا يحتمل الجدل وإن لم يشأ هو أن يعترف به لأنه خصم للشيوعية، وحين نصل إلى المرحلة الثالثة من مراحل الاتهام لا نجد فيها شيئاً من التجني والمغالاة. ولكن هذا كله لا يبرر هذه الضجة التي يقصد منها أن الرجل ليس أهلاً لهذا التقدير. . لقد كان أندريه جيد يلتقي معه في كثير من هذه الخصائص التي يسلكونها في عداد المآخذ والعيوب: كان من أدباء الخواطر والتأملات ولم يكن من أصحاب المذاهب والأفكار، وكان من الكتاب الذاتيين الذين يدورون بأدبهم حول المشكلات الفردية ثم لا يطيقون الوقوف عند مشكلات المجتمع العام، ومع هذا فلم يلق جيد شيئاً من الاعتراض يوم أن ظفر بمثل هذه الجائزة الضخمة التي ظفر بها مورياك! لقد عالج مورياك فيما عالج من فنون الأدب نظم الشعر وكتابة القصة وانضم آخر الأمر إلى زمرة النقاد، ولكن ملكته الناقدة لم تكن في قوة ملكته الشاعرة أو ملكته القاصة حين توزن المواهب والملكات. . . ولعل القراء يذكرون تلك القصة الطريفة التي قصصناها عليهم يوماً في (الرسالة)، حين عمد أديبان فرنسيان ناشئان إلى طبع ديوان من نظمهما ثم نسباه إلى الشاعر الفرنسي رامبو، حتى يضمن كلاهما للديوان شيئاً من الرواج والانتشار! لقد جازت الخدعة يومئذ على (الناقد) مورياك فكتب صفحة كاملة في (الفيجارو) يتحدث فيها عن إعجابه البالغ بفن الشاعر الفرنسي العظيم، على الرغم مما أثاره الكاتب السيريالي أندريه بريتون حول هذا الديوان من شكوك. . ولقد انتهت المعركة بين مورياك وبريتون حين تطوع الأدبيان الناشئان برفع النقاب عن وجه الحقيقة، وحسبهما أن الديوان قد نفدت طبعته أكثر من مرة، وأنهما قد أصبحا في منزلة أرتير رامبو وذلك بشهادة الكاتب الكبير!
أنور المعداوي