مجلة الرسالة/العدد 117/فن الحياة

مجلة الرسالة/العدد 117/فن الحياة

ملاحظات: بتاريخ: 30 - 09 - 1935



للأستاذ عبد الرحمن شكري

مقدمة:

إن للإنسان في الحياة نشوة كنشوة الفنان عند الصنع، أو كنشوة المطلع على الفن عند الاطلاع عليه، فإذا عدم هذه النشوة صعب عليه أن يسوغ الحياة وأن يلتذها، ولا يمنع عده الحياة فنا جميلا من نقدها أو الرغبة في إصلاحها، كما ينقد المطلع على الفن ما يشاهده من الفن؛ وكذلك لا تمنع الرغبة في إصلاح الحياة من النظر إليها كأنها ممثلة حسناء تمثل الخير والشر فلا يكرها من أجل تمثيلها الشر، وهذا خير من أن يظل يبكي ويندب لأن نمر الشر الذي في كل نفس لم يتحول هرة وديعة كالتي تراها في المنازل، وهو لو تحول ما تجاوز أصله ولا فصيلته، إذ النمر والهرة من فصيلة واحدة

(الناظم)

أيا حسن هذا العيش لو كان قصة ... يُسُرُّ بها ساري الورى وهو يسمرُ

على ما بها من ضجة بين شقوة ... وكم عاشق للنقص يهوى ويُنكر

فليت الفتى يبدو له صرف عيشه ... كعيش غريبٍ قصةً تُتَدَبَّرُ

ويا رُبَّ مأساة إذا ما بدت له ... تُمَثَّلً إنْ يحزن لها فهو يصبر

وفي فنها ملهى وحسن وسلوة ... لولا فنون العيش ما كان يُعذَر

وإن كان رب الناس يقضي اقتتالهم ... فما شأن مثلى وهو أعلى وأقدَر

وما قَصَّرَت بي رغبةُ عن محاسن ... أريدها لها عيشاً سوى العيش يُقْدَر

حياة كحسناء المسارح شرها ... إذا ما حكته عاد بالفن يبهر

ممثلة حسناء كم مثلت أًذى ... وغدراً أجادت فنها وهي تغدر

فما زادها إلا بهاءً وحظوةً ... لدى عاشقيها وهي بالفن تأسر

تَمَلَّيْتَهاَ لما ولعتَ بفنها ... ولولاه تُزْرِي بالحياة فَتَكْدُر

حنانيك إن العيش فن فلا تُرَع ... وإن ناب خطب فهو مَحْكَي ومَخْبَر

تُعَانُ بهذا الرأي إن كنت قادراً ... وأن أمكن الإصلاح لم تَكُ تُقْصِر

يمثل كلُّ دوره في حياته ... فإنْ راق فن فهو شأوُ ومَظْهر أ َإِنْ في النفس لم يُمْس هِرَّةً ... تظل على الأسقام تبكي وتسخر

وما نَمِرُ عن هِرَّةٍ بِمبُاَعَدٍ ... ويطغي وديعُ حين يبغي ويقدِرُ

عبد الرحمن شكري