مجلة الرسالة/العدد 124/كلمة وكليمة

مجلة الرسالة/العدد 124/كَلِمة وكُلَيمة

ملاحظات: بتاريخ: 18 - 11 - 1935


6 - كَلِمة وكُلَيمة

للأستاذ مصطفى صادق الرافعي

أصوبُ الصوابِ عند المأفون غلطةُ تجلِبُ له الشهرة.

يرى المغرورُ أنه كالمسجد، إذا هدمه الناسُ بقيت أطلاله تصلي وتسلم على نفسها. . . .

عقلُ النملة يصوِّرُ لها ظلام الليل جيشاً من النمل قد ملأ العالم. . . . . . . . . . . . . .

تعدُّدُ الأحزاب في أُمة تحتاج إلى الحرية، كتعدد الأنبياء في أمة تحتاج إلى العقيدة؛ إذا وجد فيها نبيان كان اتفاقهما معاً دليلاً على كذبهما معاً، وكان أقل ما في اختلافهما أنه دليل على كذب أحدهما.

إنما أضعفَ السياسيين في الشرق أن ربحهم وخسارتهم من (الوظائف) لا غير.

من مصائب هذا الشرق أن الخصامَ السياسيَّ فيه لا يدلُّ على سياسة. . . تَبَرَأ متبوعٌ من تابع فاختصما، فكانا كرجُل وحذائه؛ يقول الرجل: أنا خلعتُ الحذاء، ويقول الحذاء: بل أنا خلعت الرجل. . . إذا كانت المشكلةُ بين الذئب والحَمَل، فلن يكون حلها إلا من أحد اثنين: إما لحم الخروف، أو عصا الراعي. . .

كلُّ دجال له أساليبُه التي صار بها دجالاً، وليس للمنخدعين إلا أسلوبٌ واحد في الغفلة؛ وشرٌّ من الشرِّ تعدُّدُه. . .

إذا اصطنعتَ سفيهاً يُسافِهُ عنك، فاحذَرْه لليوم الذي لا يكون فيه سفيها إلا عليك.

من أحْسَنَ تملُّق المرأة أحسنَ إخضاعها لا تملُّقَها.

ما رأيت امرأةً حمقاءَ إلا كان حمقُها من سخفه كأنه امرأةٌ أخرى حمقاء. . .

إذا أحببت ففكر في البغض لعله يكون، وإذا أبغضتَ ففكر في الحب لعله يعود؛ بهذا وهذا تكون دائماً محباً وإن أبغضت.

ما أعجبَ تناقُض المرأة! هي تريد أن تستقلَّ فتخرجَ عن طاعة الرجل، وهي لا تسعد إلا حين تجد رجلاً تشعر من حبه بوجوب طاعته.

من بلاءِ الحب أنه ينزِّه جمالَ المحبوب عن كل عيبٍ وكل نقص؛ ولكنه بذلك يدفع طبيعةَ العاشق إلى البحث عن كل نقص وكل عيب في أعمال المعشوق.

قاعدةُ الرجل مع المرأة التي يحبها أن تنتصر إرادته وإن ذلت كبرياؤه؛ وقاعدة المرأة مع الرجل أن تنتصر كبرياؤها وإن ذلت إرادتُها.

سؤال فيه جوابه: لماذا يكون حَقدُ المرأة الخائبةٍ في حبها حقداً شديداً على الرجل الذي أحبته حتى كأنه حقدُ أمٍ على قاتل أطفالها. . .؟

المرأةُ التي لا زوج لها منفيةٌ وإن كانت في دارها، لأن وطن قلبها الرجل.

إذا استسلمت المرأةُ لمحبها ظنت الحبَّ قد ابتدأ، وعلِمَهُ الرجلُ قد ابتدأ ينتهي. . . أذاك فرقُ ما بينهما في الحب أم فرقُ ما بينهما في الظلم؟

ما أعجبَ هذا! أرادت حبيبةٌ ظريفةٌ أن تكون مرةً سخيفة عند محبها، فلم تستطع أن تكون سخيفة إلا كما يحب.

ما هو السُّلوان في الحب؟ هو رجوعُ العقل من سَفَره الخياليّ في جسم المحبوب.

الرذيلة الصريحةُ رذيلةٌ واحدة، ولكن الفضيلةَ الكاذبةَ رذيلتان.

يرى الملحدون أن من حقهم أن يعملوا في النفس الإنسانية كما يعمل أهل الدين؛ فهل من حق أصابع الرجلين أن تمشي على البِيَانة كأصابع اليدين؟

لكل إنسان عقلٌ تحكمه الغريزة، وحقيقةُ الدين أن يكون للغريزة عقلٌ يحكمها.

إذا جئتَ بالنكتة وبالغتَ فيها، كنت كمن أضاء المصباح وأطفأه حين أضاء.

(طنطا)

مصطفى صادق الرافعي