مجلة الرسالة/العدد 13/الكتب
مجلة الرسالة/العدد 13/الكتب
أهل الكهف
للدكتور علي مصطفى مشرفة
عزيزي الأستاذ توفيق الحكيم
لطالما تاقت نفسي إلى رؤية أدب عربي أجد فيه الغذاء الروحي واللذة الفكرية اللذين الفتهما فيما اطلع عليه عادة من الأدب. ومع إيماني باليوم الذي يرتفع فيه أدبنا إلى المستوى العالمي كنت اشعر بان هذا اليوم سيجيء بحكم طبيعة الأشياء متأخرا، فربما رآه أهل جيلي، وربما حبت به الظروف أبناء جيل قادم. فلما قرأت (أهل الكهف)، الذي تكرمت عليّ بنسخة منه، علمت علم اليقين ان اليوم الذي كنت أترقبه قد طلع وملأت شمسه الآفاق. تعلم أنني لست من الأدباء ولا من (المستأدبين)، وإنما نظرتي إلى الأدب، كنظرتي إلى غيره من نواحي الفن الإنساني: نظرة الرجل المثقف العادي يطلب الجمال والإلهام الصادق حيث يجدهما، كما يتطلب مستوى خاصا من التفكير المطلق المخلص فيه لوجه الحق حيث وجد. وفي رأيي ان (أهل الكهف) قد ارتفع من كل هذه النواحي إلى أسمى ما قرأته وان كانت لي ملاحظة على كتابك فربما كانت شيئا من التحديد في دائرة ما تناولته فيه من الموضوعات، فما كان أشوقني إلى رؤية بعض المسائل الاجتماعية مثلا تعالج بنفس القلم الذي صور لنا إيمان المسيحيين الأولين وقابل لنا بين الحقيقة والتاريخ! ولكن لعل ذلك شراهة مني، فالوليمة ولا شك فاخرة وان كانت تشحذ شهية أمثالي. لا تنتظر مني نقدا فنيا لروايتك التمثيلية فأشخاص الرواية كلهم أحياء يتحركون ويلمسون (ربما كان الملك أقل الشخصيات وضوحا ولعلك تريده عديم الشخصية) والمواقف على أشد ما تكون من التشويق والتأثير. وإلى حد ما، أستطيع أن أرى، ستكون روايتك ناجحة على المسرح إذا استطعت ان تجد لها ممثلين يفهمون أدوارهم فيها، وأظنها تكون ناجحة بدون ذلك. لم يبق عليَّ بعد هذا الا ان أشكرك على التحية التي انطوى عليها إرسالك نسخة من كتابك إليَّ، وأن أرجو ما انتظره لك من التوفيق والسلام.
النجوم في مسالكه تأليف الأستاذ جيمس جينز
وترجمة الدكتور أحمد عبد السلام الكرداني
كتاب جليل الموضوع لطيف الحجم أنيق الطبع كان محله من المكتبة العربية خاليا. وضعه السير جيمس جينز احد أساطين علم الفلك في العصر الحديث بأسلوبه المشرق وبيانه الرائع وعرضه الحقائق العلمية العويصة في معرض سهل المأخذ قريب التناول، وذلك ما انفرد به بين العلماء، وتميزت به كتبه بين الكتب. بسط المؤلف في هذا الكتاب (خلاصة ما انتهى إليه العلم الحديث في الكون ونظامه واصله ونشوئه، وتركيب أجسامه وذراته، وتولدها وانحلالها، وبحث مدى الكون من حيث هو محدود أو غير محدود ومتمدد أو منقبض، وعرج على الطاقة والإشعاع والنسبية، ثم بحث الحياة في عالمنا والعوالم الاخرى في الكون) واستوعب تفصيل هذه المباحث الطريفة في ثمانية فصول وأربعة ذيول. قرأها الدكتور أحمد عبد السلام الكرداني ناظر مدرسة القبة الثانوية (وهو في هذا الموضوع ثقة) فاعجب بمادته وطريقته فترجمه ترجمة أمينة رصينة. ولم يقف جهد الأستاذ المترجم عند أمانة النقل. وإنما تجاوزها إلى مسألتين خطيرتين هما تمصير الكتاب، وتحقيق المصطلحات، فمصَّر الكتاب بأن وضع للقارئ المصري مصورا للنجوم يبين ما يرى منها في القاهرة على الدوام او في بعض الأيام، كما وضع المؤلف مصوره مراعيا فيه موقع إنجلترا وحال القارئ فيها. وحقق المصطلحات بالرجوع إلى مظانها العربية ككتاب عجائب المخلوقات للقزويني ومحاضرات السنيور نللينو المستشرق الإيطالي، ثم جعل للكتاب لحقا يشتمل على فهرس أبجدي شامل لمواده، وقائمة بأسماء النجوم والسيارات باللغتين العربية والإنجليزية، وقائمة ثانية بالحروف العربية المقابلة للحروف اليونانية والرومانية، ثم قائمة ثالثة بالمصطلحات وما يقابلها بالإنجليزية، وأثر الجهد والعناية بادٍ في ترجمة الكتاب وتحقيقه وصوره وطبعه. وحسبه مزية أن يكون السير جيمس مؤلفه، والدكتور الكرداني مترجمه، ولجنة التأليف والترجمة ناشرته، ومطبعة دار الكتب المصرية طابعته.
أ. ح