مجلة الرسالة/العدد 140/أحلام ورموز:
مجلة الرسالة/العدد 140/أحلام ورموز:
أنا قبر
بقلم السيد زكي المحاسني
يا حبيبي حبي يضيق كلاماً ... ليت أني أُبينُه أنغاما
نغماً تفهم الجوارحُ منه ... ويريح العذاب والآلاما
أنت أُغرودة على الدهر تعلو ... عن سماع يغدو ذووه رغاما
أنت لحن سمعتُه فرماني ... ضائع الرُّشد حائراً مستهاما
ربما قد شككْتُ في صدق عيني ... فحسبت الذي رأيت مناما
كيف فرَّت حقيقةٌ من يد الحِ ... سِّ فصارت في مزعمي أوهاما
أأنا ذاك أم أُعيد وجودي ... بعدما كنتُ في فنائي رماما
أغلِق الكُوةَ المنيرة واملأ ... ني ظلاماً حتى أصير ظلاما
علني أسترد صورةَ ما فا ... ت وعلِّي أرُدُّها أحلاما
ها هو السبح يدَّني من أمامي ... واجماً وجهه يلوح كهاما
جللت منكبيه بردةُ بؤس ... جعلتْها الأسفارُ تبدو قتاما
مَدَّ لي كفَّهُ الهزيلةَ والرج ... فةُ في ثغره وقال: سلاما
لم أكد أهتدي إليه فأرجع ... تُ الخوالي إليَّ عاماً فعاما
ثم لَّما عرفتُه غاب عني ... وكفاني ولو يزورُ لماما
رُدَّ ضوْئِي واحملْ إليهِ حياتي ... واسقِني في سُلوِّ همي مُداما
داوني مثلما يداوَى عليل ... خاف أهلوه أن يموتَ سَقاما
أغْدُ بي في الرياضِ واقصص حديثاً ... أتّخِذْ منه سَلوةً وجَماما
أنا أهوى الحياةَ من كلِّ آتٍ ... وأُرَجّي من البقاء دَواما
إحتَفْر هُوَّةً وأنْزلْ إليها ... ذِكرياتي وأردُم عليها رِجاما
وكأني أَمُرُّ يوماً عليها ... فتنادي: ألا رعيت ذِماما
فأُبَكّي لها وأسفح دمعي ... فتُبلُّ الدموعُ منها أُواما
أنا قبرٌ وفيّ مَيْتٌ توارى ... وبكائي عليَّ كان