مجلة الرسالة/العدد 140/نظرية النسبية الخصوصية

مجلة الرسالة/العدد 140/نظرية النسبية الخصوصية

مجلة الرسالة - العدد 140
نظرية النسبية الخصوصية
ملاحظات: بتاريخ: 09 - 03 - 1936



البحث الثالث

مبادئ الميكانيكا الحديثة

للدكتور إسماعيل أحمد أدهم

عضو أكاديمية العلوم الروسية

- 6 -

القيمة التفاضلية في الهندسة الأوقليدية لخط تعينها المعادلة:

خ ف2=خ ك1 + خ ى1 + خ ز1 معادلة (1)

وهذه القيمة التفاضلية تتغير في كون (الزمان - المكان) أعني في عالم مينقوفسكي إلى ما تعنيه المعادلة:

خ ف2=خ ك1 - خ ى1 - خ ن1 + ن خ ت1 معادلة (2)

وهذه المعادلة تقابل كمية ثابتة (ث) التي هي نتيجة لمعادلة التقلص التي كشف عنها لورانتز

- 7 -

قلنا في البحث الأول عن الزمان ونسبيته إن اينشتين غير موضوع الهندسة من الأشكال التي يرسمها انتشار النقط المادية إلى الأشكال التي يخطها انتشار الأمواج النورية. وهذه الحقيقة قامت عليها هندسة مينقوفسكي معتبرة طول جسم ما ضرباً من مباحث علم الحركة

في نظر هندسة مينقوفسكي أن المادة ليست إلا مجموعة متواليات الحوادث في نقطة واحدة. ومجموع توالي الحوادث في نقطة يشكل خطاً من خطوط عالم مينقوفسكي. وهذا الخط ينشأ داخل كون (الزمان - المكان) من تحرك نقطة (حادثة والقانون الذي يعّين طول خط يصل بين حادثتين الأولى مثل (أ) والثانية مثل (ب) تعينها المعادلة التفاضلية

ب

خ فمعادلة (1) إذ فيها (خ ف) العنصر التفاضلي الثاني للرقم الأول: وهذه المعادلة تجرنا إلى اعتبار المادة مجموعة الحادثات المنتظمة في حركتها في الفاصلة (خ ف)

لنتصور جزيئاً من المادة مستندا إلى نظام كونيّ، فهذا الجزيء المادي كل نقطة فيه تحتفظ بمكانها النسبي تجاه محورها، ويكون انطباقها على محورها في المكان مشفوعاً بانطباقها في الزمان، فكل نقطة في هذا الجزيء المادي تقع في نظام معين بالنسبة للكون المسند إليه بصورة ثابتة. وكل حركة في هذا الجزيء تتبع نظام الكون المنسوبة إليه، فحوادث الماضي والحاضر والمستقبل تحدث بدقة على خط النظام المسيطر الشامل للكون التي تحدث بالنسبة إليه الحوادث. فجزيء المادة، لما كانت الفاصلة (خ ف) تساوي المركز (م) كان:

خ ف2=ن2خ ت2 - خ ظ2 (معادلة رقم (1))

فلو أبدلنا الرمز (ت) الدال على الزمان في المعادلة السابقة إلى كان:

خ ف=ن خ (معادلة رقم (2))

ومن هذه المعادلة نستنتج أن:

ب ب

خ ف=نخ (معادلة رقم (3))

أأ

حيث أن الرمز (خ رمز لفاصلة الزمان الخصوصية بجزيء المادة المسند للنظام الكوني في صورة ثابتة

وإذا حولنا المعاني الرياضية التي في المعادلات السابقة إلى عبارات عادية أفادت مساواة خط جزيء المادة بحاصل ضرب سرعة النور في الزمان الخاص لهذا الجزيء المادي المسند للنظام المادي، أو بتعبير آخر أن العلاقة بين فاصلة الحوادث لعالم ما وسرعة النور توجد معنا الزمان الخاص بجزيء المادة؛ بمعنى أن قياس الزمن في جزيء مادي مسند إلى نظام كوني يكون بساعة أو كرونومتر مستندا إلى هذا النظام نفسه بصورة ثابتة

- 8 -

لنفرض نقطة مادية مثل (ق) فمبدأ الاستمرار يقرر أن هذه النقطة المادية تتحرك حركة مستقيمة منتظمة إذا لم يؤثر في حركتها مؤثر. ولنفرض حادثتين: الأولى مثل (أ) والثانية مثل (ب) في خط حركة النقطة المادية (ق)، ولنفرض أن الحادثة الأولى (أ) تسبق الحادثة الثانية (ب)، ولما كان هنالك خطوط المجال الانتشاري بين الحادثتين فأننا نرمز لمجموعها بالرمز (خ ص) ولواحدها بالرمز (خ). فلتعيين خط من هذه الخطوط نبدأ من عند الحادثة (أ) التي حدثت في النقطة (م)، ولنفرض أن هذا الخط مسنود بصورة ثابتة لنظام مثل (ظ) ومتحرك بالنسبة لآخر مثل (ظ1)، وإذا انتهينا بالخط عند الحادثة (ب) التي حدثت في النقطة (م1) حيث يقوم بها متحرك مثل (ق1) يتحرك من (م1) إلى (م)

وإذا فرض أنه كان خط حركة النقطتين المتحركتين (ق) و (ق1) منطبقين على بعضهما تمام الانطباق، وكانت النقطة المادية المتحركة المرموزة لها بالرمز (ق) منطبقة على النقطة (م)، والنقطة المتحركة (ق1) منطبقة على (م1) فخطوط الحركة بين هاتين ستكون مختلفة إذا ما تحركتا، وحركة (ق) تكون منتظمة وسيرها مستقيما، كما أن (ق1) تكتسب تعجيلا خلال حركتها من (م1) إلى (م)

فإذا فرض أن حدثت الحادثة (أ) في الآونة (ت1) والحادثة (ب) في الآونة (ت2) فستكون حركة كل من النقطتين الماديتين (ق)، (ق1) محصورة بين الأوانين (ت1) و (ت2) والنقطة المادية (ق1) تتخذ الوضع الذي تنم عنه الرموز الرياضية

ك + خ ك؛ ى + خ ى؛ ز + خ ز

في الآونات (ت1) و (ت خ) و (ت) فيكون معنا المعادلة:

خ=خ ت. . . . . . معادلة (1)

هذه المعادلة تعين خطوط حركة الحادثتين عند الانتقال من خط سير النقطة المادية (ق1) إلى خط سير النقطة المادية (ق) كما وأنها تعين أصغر أقواس الخطوط التي تربط النقطتين ببعض. والفاصلة (خ ف2) تعينها المعادلة

خ ف2=- خ ك2 - خ ى2 - خ ز2ن2خ ت2

فإذا ما حولنا الرمز (خ ف) إلى الرمز (ن خ ت) لنشأ معنا المعادلة:

خ ك 2 خ ي 2 خ ن2

خ ف2=ن2خ ت2 1 + +=ن2خ 2. . . . . . معادلة (1) خ تخ ت خ ت

فلو رمزنا بالرمز (س) إلى سرعة النقطة المادية المتحركة (ق1) في آوان الزمان (ت) كانت المعادلة الدالة عليه:

ن2خ 2=ن2خت2 (ا - س2ن2). . . . . . معادلة (2)

أو أن:

ا - س2ن2=1ث2. . . . . . معادلة (3)

فيكون معنا أن:

ن2خ ت2

ن2خ 2 =. . . . . . معادلة (4)

ث2

ومن هذه المعادلة نستنتج أن

خ تث. . . . . . معادلة (5)

ولو حولنا هذه العبارات الرياضية إلى عبارات عادية لأفادت أن خط العالم الواقع بين الحادثتين (أ) و (ب) والمنطبقة على خط حركة النقطة المادية (ق1) يكون زمانها بالنسبة لنظام مثل (ظ) تتحرك إزاءها حركة انتقالية مستقيمة أقل من مقدار الزمان بين الحادثتين. وكلما ازدادت سرعة النقطة المادية (ق) بالنسبة إلى النظام (ظ) أخذ الزمان في التقلص حتى يتساوى شطرا المعادلة رقم (5) فيكون معنا المعادلة:

بب

خ ت ث معادلة (6)

أأ

ولو حولنا هذه المعادلة هذه المعادلة إلى كلام عادي لأفادت أن النقطة المادية (ق1) في حركتها من (أ) إلى (ب) كلما أخذت في الانحراف عن خط سير الحركة المنتظمة المستقيمة كانت سرعتها بالنسبة إلى (ق) أكبر. ولما كانت الفترة الواقعة بين الآونتين (ت1) و (ت2) ثابتة لا تتغير فزمان النقطة (ق1) يتناقص بهذا المقدار ويكون الخط المنطبق على خط سير النقطة المادية المتحركة حركة مستقيمة منتظمة أطول خط بين هاتين النقطتين

- 9 -

من المعادلات التي سبق ذكرها نستنتج المبادئ الآتية:

أولاً: سرعة النور سرعة محدودة لا تتغير لا في المكان ولا في الزمان. وسرعتها مستقلة عن حركة مصدرها، وتنتشر في الفضاء وبين الأكوان بسرعة ثابتة

ثانيا: قوانين الميكانيكا الكلاسيكية (مبادئ نيوتن) لا تسري على حركة وسرعة النور والأمواج الكهربائية والإلكترو مغناطيسية، ولا على حركة وسرعة الحادثات التي تقرب في سرعتها من سرعة النور، وإنما يسري عليها قوانين اينشتين الميكانيكية

ثالثاً: ليس للزمان حقيقة منفصلة عن المكان بل كلاهما يتحدان في فاصلة واحدة هي الفرق بين مربع الفاصلة المكانية وحاصل ضرب سرعة النور بمربع الفاصلة الزمنية، وهذه الفاصلة هي الفاصلة المطلقة الوحيدة في عالم الحادثات

رابعاً: أطوال الأجسام تتبع حالات مشاهديها وتتغير تبع حركتهم وسكونهم فالأطوال نسبية للمشاهدين

خامساً: ليست المادة كما يعبر عنها العلم الطبيعي الكلاسيكي بأنها كل ما كان لها امتدادات ثلاثة في المكان، بل المادة مجموعة توالي الحادثات في نقطة واحدة، بمعنى أن العالم ليس إلا مجموعة من الحادثات، وتوالي عدد من هذه الحادثات في نقطة واحدة يلقي في روعنا معنى المادة

سادساً: الزمان الخاص بحادثة ما هو مجرد العلاقة بين فاصلة الحادثة وسرعة النور

سابعاً: الخط المستقيم الواصل بين حادثتين هو أطول خط بين هاتين الحادثتين

(تم البحث الثالث)

إسماعيل أحمد أدهم